قبل دقائق من دخول أريس، كان أعضاء عصابة حرباء مجتمعين في قاعة ضيقة تملؤها رائحة الدخان الكثيف والبيرة الرخيصة. كانوا يجلسون حول طاولة خشبية متصدعة، يتبادلون الضحكات العالية والحديث الفارغ بينما الأقداح تتصادم بأصوات مكتومة.

"يا رجل، متى سيسيطر الزعيم على المناطق التي كانت ملكًا لعصابة الدب البني؟"

قال أحدهم وهو يرفع كوبه بكسل.

"اصمت، ماذا تعرف أنت؟ الزعيم يترقب الوضع قبل أن تتحرك العصابات الأخرى."

رد الآخر بحدة، محاولًا أن يبدو أكثر ذكاءً مما هو عليه.

لكن الثالث قال بصوت مبحوح وقد بدت على وجهه لمحة خوف:

"أنا قلق مما حدث… هل هذه نهاية العالم؟"

"اخرس أيها الغبي! لا أريد تذكر تلك المشاهد!"

صرخ رابعهم وهو يضرب الطاولة بقبضته.

فجأة، دوّى صراخ قادم من الخارج، صرخة قصيرة لكنها حادة، تلاها صمت خانق. دقائق قليلة قبل أن يتسلل إلى المكان عبق معدني ثقيل، رائحة دماء طازجة تخترق أنوفهم كطعنة.

"ماذا يحدث في الخارج؟"

سأل أحدهم بارتباك، لكن ما تلقاه لم يكن جوابًا بل صمتًا مطبقًا، ثم فتح باب المدخل ببطء مريب.

تبادلوا النظرات، العرق البارد يسيل من جباههم، ولم يجرؤ أحد على الكلام. بدلاً من ذلك، سحبوا أسلحتهم المرتجفة وهجموا في نفس الوقت، فالغريزة أقوى من الخوف.

لكن في نهاية الممر وقف شخصٌ آخر… كان الحارسان قد سقطا بالفعل، جسداهما مرميان بلا حراك كدمى مقطوعة الخيوط. لم يحتاجوا إلى التفكير طويلًا؛ كلهم خمّنوا هويته. أليست عصابة الدب البني قد أُبيدت قبل ثلاثة أيام؟

كان أريس يراقبهم بهدوء، عيناه خلف القناع تلمعان كجمر خافت، بينما ثلاثون رجلاً يتدافعون نحوه كالجرذان الهائجة. لكنهم لم يكونوا سوى أناس عاديين.

بلمح البصر، أخرج سيفًا وخنجر الليل من مستودع النظام، وانطلق كإعصار من الفولاذ. حركته الأولى كانت قاطعة—حرفيًا—إذ اجتاح سيفه عنق أول رجل، لينفجر رأسه بعيدًا مثل ثمرة ناضجة مقطوعة. بلفّة جسد سريعة وقفزة قصيرة في الهواء، غرس خنجر الليل في رقبة آخر على يساره، فاندفعت الدماء من شريانه كنافورة، ترش وجه أريس وقناعه، لتلونه بالقرمزي الداكن.

"لا…!"

كان هذا صوتًا متوسلاً، تبعه على الفور تمزق لحم وصوت انكسار عظام. أحدهم حاول الهجوم من الخلف، لكن أريس استدار بركلة خاطفة ارتطمت بصدره، فطار الرجل كدمية قماشية واصطدم بالجدار، محدثًا صوت كسر عظم مقزز.

كان أريس مثل ذئب جائع اقتحم قطيعًا من الخراف. السيف والخنجر يرقصان في يديه، يقطعان ويغرسنان، بينما الدماء تتناثر كالأمطار. صرخات ممتزجة بالخوف واليأس ملأت القاعة، قبل أن تختنق في حناجر ممزقة.

غرس سيفه في حلق رجل آخر، فاندفعت الدماء الساخنة كنافورة تغطي القناع باللون الأحمر القاني، حتى سالت قطرات على رقبته ويديه.

لم تستغرق المجزرة أكثر من ثلاث دقائق. حين توقف كل شيء، كان المكان جحيمًا صامتًا. الأرض غارقة في الدماء، الجثث مقطعة بطرق شنيعة؛ أذرع وأرجل مفصولة، أحشاء ملقاة على الأرض، والمادة البيضاء للدماغ متناثرة على الجدار بجوار طاولة محطمة وزجاجات بيرة مهشمة. اختلطت رائحة الحديد الثقيلة و دماء ساخنة مع البيرة الرخيصة، لتشكل خليطًا مقرفًا يغمر الهواء باليأس والرعب.

وقف أريس وسط هذا الخراب بهدوء، سيفه يقطر دمًا، وخنجره يلمع تحت ضوء المصابيح الخافتة.

ثم سمع خطوات ثقيلة قادمة من الدرج، خطوات ثابتة تحمل ثقة مختلفة. ظهر خمسة أشخاص: أربعة رجال عاديين، وجوههم متوترة، يتبعون شخصًا واحدًا مميزًا… قائد عصابة حرباء.

كان رجلًا في الثلاثين من عمره، طويل القامة، جسده نحيل لكنه متين. عيناه ضيقتان ببرود، ولحيته السوداء القصيرة تغطي فكه العريض. ارتدى رداءً أرجوانيًا داكنًا مطرزًا برموز غريبة، وعلى كتفيه وشاح أسود مهترئ. في يده اليمنى عصا سحرية سوداء، يلتف حولها نقش فضي يلمع بخفة. من حوله تسللت هالة باهتة من الطاقة السحرية، جعلت الهواء في القاعة أثقل، وكأن المكان كله يستعد للاشتعال.

عندما رأى أريس طرفًا آخر خمان انه مجرد ساحر الحلقة الأولى، وهذا ما لا يبحث عنه أريس، هل تعرف ماذا يعني شخص في الثلاثين ولم يخترق لي يصبح ساحر حلقتين ؟ يعني أنه بلا قيمة.

"هذا بلا قيمة يعني موت."

خرج صوت بارد من أريس وهو يهز رأسه بخيبة أمل.

كان خمسة في حيرة فجأة ليشعر أربعة بألم قطع في أنحاء أجسادهم تحت ضوء مصباح، ظهر خيوط دقيقة مثل شبكة عنكبوت قيدت الأربعة، وبحركة من أصابعه اشتدت الخيوط الممزقة في أجسادهم.

انفجر دماء ملطخة من زعيم عصابة حرباء، الذي كانت عيونه باردة تجاه أريس، وتحولت إلى خوف ورعب.

ارتجف جسده من الصدمة والخوف.

"كيف.. كيف ذلك؟"

لم يفهم كيف حدث ولم يستطع ملاحظة الخيوط السحرية، حيث أن الطرف الآخر لم يتلو تعويذة عندما استعمل خيوط سحرية.

"تريد أن تعرف؟"

صوت هامس مثل همس شيطان، لا، همسة شيطان أفضل من همس هذا الرجل بنسبة له .

قام بابتلع لعبه بصعوبة وعقله يتسابق بالأفكار، قتال أم هروب؟ كيف يستطيع القتال ضد مثل هذا الوحش؟ هروب الا أين ؟

"لماذا؟"

كانت هذه الكلمات خرجت من فمه.

"ماذا تقصد؟"

كان أريس يتصرف وكأنه لا يفهم، حيث أمل رأسه.

"لماذا هجمتم، لم نقبلك من قبل !"

صرخ زعيم عصابة حرباء بهستيرية.

"أوه، هل هذا ما تقصد؟"

أجاب أريس وهو يتظاهر بالتنوير.

"هل ستصدقني إذا قلت إنه وقع عليكم اختيار عشوائي بين تجمع العصابات؟"

اتسعت حدقة الزعيم وغضب امتلأ قلبه.

"هل تمزح معي؟"

"لا."

أجاب أريس وهو يهز رأسه.

"اللعنة عليك أيها الوحش!"

بسرعة رفع عصاه وبدأ في تلاوة تعويذة.

لم يقطعه أريس عن التلاوة بل على العكس، كان ينتظر، عيناه تتابع كل خيط سحري كمن يدرس حركة حشرة.

كان ينتظر إنهاءها من تعوذة بهدف تجربة قدرة جسد الفوضى ، قطع خيوط الطاقة السحرية من أجل تدمير هجوم عدو .

ظهرت كرة نارية أمام زعيم عصابة حرباء، كانت كبيرة بشكل مثير للسخرية، بحجم رأس بشري. عندما رآها أريس، ارتجف حاجباه.

"مات أيها الوحش!"

صرخ زعيم عصابة حرباء بغضب وهو يلقي الكرة النارية نحو أريس، كان يشعر أنه سوف يقضي عليه.

نظر أريس إلى الكرة النارية وفجأة تحولت في نظره إلى كرة من خيوط برتقالية تتجمع في عقدة في المنتصف.

رفع أريس سيفه وبحركة سريعة قطع الخيوط السحرية، واختفت الكرة النارية في مهب الرياح.

عندما رأى الزعيم هذا صدم، ومن شدة الصدمة وقع على الأرض حيث لم تستطع قدماه رفعه.

"هذا... هذا غير ممكن."

ارتجف صوته وجسده في نفس الوقت.

"هل هذا مستواك؟ فقط ضعيف؟ لا، إنه قمامة."

اقترب أريس من زعيم عصابة حرباء وقطع رأسه، فسقط يتدحرج على الأرض.

بعد ذلك قام أريس بقلب مبانٍ رأسًا على عقب، ليُعثر على ممتلكات عصابة حرباء الفقيرة: 10 عملات ذهبية، 100 عملة فضية، 1000 عملة نحاسية، وبعض الأسلحة والدروع.

إلا أنه وجد العديد من الكتب التي تحتوي على معلومات قيمة، وأعشاب سحرية منخفضة الدرجة، وأهم شيء: كتاب سحر يحتوي على عدة تعويذات مستوى صفر وثلاثة مستوى أول، وعصي سحرية، لكن أريس لا يحتاج لها من أجل إلقاء التعويذات، بسبب مهنة فارس سحري لم يعد بحاجة إلى إلقاء التعويذات، واكتشف ذلك فقط عندما استعمل تعويذة الخيوط السحرية من الدرجة الأولى.

"يبدو أنني يجب أن أفهم قدراتي أكثر."

قرر أريس، عندما يدخل الأكاديمية، سوف يضع تركيزه على التدريب وفهم قوته أكثر، كما يُقال: افهم نفسك ثم افهم أعداءك.

هكذا خرج أريس واستعد للرحيل، لكنه ترك علامة X مرسومة بالدم على جدار نظيف نسبيًا، واختفى في الظلام.

بعد 5 دقائق ظهرت عدة ظلال حول المباني، كانت خناجر خاصة بآرثر. بعد تلقيهم التقرير، توجهوا مباشرة نحو الموقع، لكن ما إن وصلوا، قبل أن يشموا رائحة الدماء، كان الجحيم أمامهم.

بسرعة بحثوا في المباني، لكن لم يجدوا شيئًا.

"يبدو أن الهدف رحل."

تكلم قائدهم ببعض الخوف من عقوبة آرثر، التي سوف تنزل عليهم، لكنهم لم يستطيعوا الهروب، لذلك يجب عليهم تقبل مصيرهم. باشرة اختفوا، عليهم أن يبلغوا عن ما حادث فقط.

2025/09/18 · 61 مشاهدة · 1162 كلمة
sir
نادي الروايات - 2025