أشرقت الشمس مبدّدةً كلَّ ظلمة الليل، مُعلِنةً عن يومٍ جديد. لكن هذا اليوم كان مميزًا، لأنه يوم دخول أكاديمية القلب، اليوم الذي يحلم به الكثير من الأطفال وعامة الناس لتغيير مصيرهم وبلوغ مراتب عليا.
إلا أن الطريق لم يكن سهلاً؛ فبين ألف شخص لا يتأهل سوى عشرة فقط، وذلك بعد اجتيازهم اختبارات، حيث كان الاختبار الأول إظهار أساسياتهم في استخدام الأسلحة، يليه اختبار كتابي. قد تبدو هذه الاختبارات بسيطة في ظاهرها، لكنها في الحقيقة في غاية الصعوبة؛ فالمعرفة يسيطر عليها النبلاء ومهاراتهم. حتى لو تدرب المرء على السيف لسنوات، فإن غياب الموجه يجعل المرء يقع في أخطاء قاتلة في وضعياته وحركاته، لذلك لا ينجح إلا الموهوب القادر على اكتشاف أخطائه وتصحيحها بنفسه.
كانت مدينة القلب في ذلك الصباح تنبض بالحياة على غير عادتها؛ فقد اختفى الخوف الذي زرعه أريس سابقًا حين عمّت مذابحه الظلال، وحلَّ مكانه ضجيج يعكس الأمل والتطلّع. كان الباعة يصرخون بأعلى أصواتهم وهم يروّجون لبضائعهم الملونة، وروائح الطعام المتنوع ـ من الخبز الطازج إلى اللحم المشوي والتوابل النفاذة ـ تنتشر في الأجواء، تمتزج مع دخان المشاعل وأصوات المطارق القادمة من الورش.
مرتزقة يتقدمون بخطوات واثقة، ووجوههم الحادة تكشف عن خوضهم عشرات المعارك، بينما انتشر الجنود في الأزقة والساحات لتنظيم الحشود وحفظ النظام.
أما السيل المتدفق من الشباب والشابات فكان مشهدًا أخّاذًا؛ وجوه متحمسة وأعين متلألئة بالطموح، ملابس نظيفة ومرتبة تفوح منها رائحة الصابون والأقمشة الجديدة. ارتفعت أصوات ضحكات مترددة، همسات مشوبة بالخوف والفضول، وقلوب تخفق كطبول حرب معلنة بداية فصل جديد في حياتهم.
بين هذا السيل، كان هناك شاب ذو شعر رمادي وعيون بنفسجية، وعلى طرف فمه ندبة عمودية صغيرة تضفي على ملامحه هيبة غامضة. ارتدى قميصًا أبيض أظهر عضلاته المشدودة، وسروالًا أسود وحذاءً جلديًا لامعًا. كان يسير بهدوء، إحدى يديه في جيبه، وخطواته متزنة كمن لا يهتم بفوضى العالم من حوله. كان هذا أريس.
تمتم أريس لنفسه:
"هاه… ما زالت نفس المشاهد من حياتي السابقة…"
تذكر أنه في حياته السابقة، عندما دخل لأول مرة، كان يمتلك نفس تعبيرهم المليء بالتوقعات والأمل.
تمتم لنفسه وهو يواصل تقدمه:
"هم لم يتغيروا… لكن أنا لم أعد كما كنت."
تدفقت جموع الشباب من مدينة القلب ومن مختلف أنحاء إمبراطورية الشمس والممالك البشرية. أما بالنسبة لدول التحالف غير البشري ـ من الإلف والأقزام والأشباه ـ فقد جرى اختيار أفضل ممثليهم في أراضيهم، وأُرسلوا مع أبناء النبلاء. بطبيعة الحال، لم يُرسل أصحاب الدم الملكي، لكن في السنة القادمة ستُرسل أميرة الإلف شخصيًا.
حين دخل الجميع ساحة الأكاديمية، بدا المشهد ساحرًا؛ أشجار باسقة متناثرة على الأطراف، وأحواض زهور ملونة نشرت عطرها في الأجواء، فيما ارتفعت نافورة حجرية تتلألأ مياهها تحت ضوء الشمس. الطيور حطّت على الأغصان وهي تزقزق بألحان هادئة بدت كأنها ترحّب بالوافدين الجدد.
بعدها تم توزيع الشباب على قاعات واسعة؛ كانت القاعة الرئيسية تتسع لمائة طالب دفعة واحدة، جدرانها عالية يتدلى منها مشاعل مضيئة، وأرضيتها من الرخام الأبيض المصقول الذي يعكس الضوء. مقاعد خشبية مصطفة بانتظام، ورائحة الورق الجديد والحبر تعبق في المكان، تملأ صدور الداخلين بشعور من الرهبة ممزوج بالحماس.
دخل مرقب الامتحان سريعًا، خطواته ثقيلة وواثقة، وصوته عميق وواضح:
"هدوء!"
كان واضحًا أنه فارس قوي على أقل تقدير من فارس أربع نجوم. صوته ملأ القاعة رغم أنه لم يستخدم مكبر صوت، بل تحدث بصوته الطبيعي. صمت الجميع ووجهوا أنظارهم نحوه.
كان المرقب رجلاً طويل القامة، مهيب الهيئة، يرتدي عباءة داكنة مزينة بخطوط ذهبية دقيقة، تلمع بخفة تحت ضوء المشاعل، ووجهه يحجب الكثير من التعبيرات لكنه يوحي بالقوة والسيطرة.
تابع:
"أول شيء: لن أقول كلمات طيبة، لأن هنا سيُستبعد خمسون فردًا على الأقل. ثانيًا: يمنع الغش، أي من يُكتشف سيخسر فرصته. "
ظل وجهه هادئًا بينما تحولت وجوه الطلاب إلى شحوب وغضب من طريقة مراقب لا يُبالي، ورفع إشارة إلى مساعده لتوزيع أوراق الاختبار.
عندما أخذ أريس ورقة الاختبار وقرأ محتواها، رفع شفتيه قليلًا:
"نفس ما كان من قبل…"
---
أكاديمية القلب – امتحان القبول الكتابي
الدفعة: المتقدمون الجدد
الزمن المخصص: ساعتان
الدرجة الكاملة: 100 نقطة
التعليمات:
1. أجب عن جميع الأسئلة بإجابات واضحة ومختصرة عند الحاجة، ومفصلة عند الطلب.
2. أظهر فهمك العميق للتاريخ، الاستراتيجيات، الأعراق، الفلسفة، والقتال.
الأسئلة
السؤال 1 – التاريخ (10 نقاط)
اشرح بإيجاز كيف انتهت حرب "القلب المظلم" قبل مئة عام، وما الدور الذي لعبته الإمبراطورية الشمسية في ذلك؟
السؤال 2 – الاستراتيجيات العسكرية (10 نقاط)
إذا وجدت نفسك قائدًا لمجموعة صغيرة محاصرة في وادٍ ضيق أمام جيش أكبر، أي خطة تتبنى لتقليل الخسائر وتحقيق النصر؟ فسّر إجابتك.
السؤال 3 – الأعراق والتحالفات (10 نقاط)
الإلف مشهورون بمهارتهم في السحر الطبيعي، والأقزام في الصناعة. بيّن كيف يمكن لجيش أن يستفيد من هذا التكامل في معركة.
السؤال 4 – الفيزياء القتالية (10 نقاط)
لماذا يُفضَّل توجيه ضربة السيف من الأسفل إلى الأعلى في قتال المدرعين؟ فسّر إجابتك مع ذكر مثال عملي.
السؤال 5 – التاريخ العسكري (10 نقاط)
من هو القائد الذي وحد الممالك البشرية لأول مرة، وما كان سلاحه المميز؟
السؤال 6 – الفلسفة (10 نقاط)
"القوة بلا حكمة طريق إلى الخراب." ناقش هذه المقولة باختصار مع إعطاء مثال تاريخي أو أسطوري.
السؤال 7 – الأخلاق والقوة (10 نقاط)
في رأيك، أيهما أخطر على الأمة: ساحر قوي بلا انضباط أخلاقي، أم قائد ضعيف لكن عادل؟ فسّر إجابتك.
السؤال 8 – القتال الحر (10 نقاط)
كيف تتخلص من خصم أقوى جسديًا منك في مواجهة مباشرة دون استخدام السحر؟ أعط مثالًا عمليًا واحدًا على الأقل.
السؤال 9 – التحمل والانضباط (10 نقاط)
اكتب وصفًا قصيرًا لكيفية إدارة طاقتك في قتال يدوم ساعة كاملة، مع مراعاة الغذاء، التنفس، وحركة الجسد.
السؤال 10 – التكتيك المتقدم (10 نقاط)
أمامك خصم مدرّع بالكامل، يحمل سيفًا ثقيلاً وبدرع يغطي جسده من الرأس حتى القدمين. في ساحة القتال لا تملك سوى سيفك العادي ودرع صغير، ولا يسمح لك باستخدام أي أسلحة أو أدوات إضافية.
ما الاستراتيجية الأدق لهزيمته بأقل جهد ممكن؟
---
لم يبدأ أحد كتابة حتي تكلم مرقب بهدوء .
" الاين يبدا اختبار الأول"
لكن لم يتسرع أحد بل جلس شباب وشابات في مقاعدهم الخشبية المصقولة، تتسارع أنفاس البعض بينما تتصبغ وجوههم بالاحمرار من الخوف والترقب. أصابعهم ترتجف قليلاً وهم يمسكون بالأقلام، والهواء في القاعة مشحون برائحة الورق الجديد والحبر، وحرارة المشاعل تعكس ضوءًا خافتًا على وجوههم المليئة بالقلق والحماس.
نظر بعضهم حوله، محاولةً قراءة وجوه زملائهم، بينما همس آخرون ببعض الكلمات المشوشة، متبادلين الأسئلة أو محاولة الاطمئنان. أريس جلس بهدوء، تنفسه منتظم، وعيناه تتحركان بسرعة بين الأسطر، متابعًا تفاصيل الاختبار بعين ناقدة، كان يعرف كل إجابة، وكل سؤال يقرأه يتبعه صوت القلم ورائحة الحبر التي بدأت تنتشر.
أحد الأطفال ضغط على شفتيه بإحكام، متوترًا من فكرة أنه قد يُستبعد، بينما شاب آخر جلس متمددًا قليلاً، يحاول تهدئة أعصابه عبر توجيه نفسه بالتفكير المنطقي، ومع ذلك كانت كفوفه متعرقة. بعض الأطفال رفعوا رؤوسهم ليلتقطوا نظرة على مرقب الامتحان، لكن ملامحه الهادئة والسيطرة التامة جعلت أي محاولة للغش مستحيلة، وصمت القاعة يثقل أجواء المكان.
بعضهم حاول التململ، هزّ ساقيه تحت الطاولة، أو جذب الهواء بعمق لتخفيف التوتر، بينما آخرون بدأوا بالكتابة بحذر شديد، كل حركة قلم تصدر صوتًا خافتًا يختلط بخفقان القلوب المتسارع. روائح مختلفة من عطر الأطفال، العرق البارد، وروائح القهوة التي تناولها بعضهم لإيقاظ أنفسهم امتزجت مع رائحة الحبر والورق، لتخلق إحساسًا بأن القاعة كلها على حافة الانفجار بين التركيز والرهبة.
في الزاوية، تمكن طفل صغير من إسقاط ورقته دون قصد، فتجمدت الأصوات لثوانٍ قبل أن يلتقطها بسرعة، بينما تابع مرقب الامتحان الوضع بعين دقيقة، لم يبدر منه أي رد فعل، لكن شعور الأطفال بالرقابة الصارمة جعل كل نفس يتوقف لحظة، وكأن مجرد نظرة منه يمكن أن تُنهي فرص أي طالب.
أريس استمر في كتابة إجابات أسئلته، أصابعه تتحرك بسلاسة على الورق، وابتسامة خفيفة لا تكاد تُرى تعبر عن ثقته المطلقة. كل إجابة كانت صحيحة ومفصلة، لحظ الجميع أن أريس كان سريع في كتابة اجابات حيث أن بعض اعتقده أنه يتفخر به، وبعض ما اعتقد أنه يمتلكه من معلومات أساسية.
كانت إجابات أريس على امتحان كالتالي:
السؤال 1: انتهت حرب "القلب المظلم" بسبب الحصار الاستراتيجي لعاصمة عشيرة الليل، ودور الإمبراطورية الشمسية كان توحيد الجيوش البشرية وتوفير الخطط الاستراتيجية والفرسان المدربين.
السؤال 2: استخدام التضاريس للسيطرة على الممرات، توزيع القوات بشكل متدرج للانسحاب الآمن، استغلال المفاجآت والفخاخ لإرباك العدو، ثم هجوم منسق على الجوانب.
السؤال 3: الاستفادة من الإلف في الاستطلاع والهجمات بعيدة المدى بالسحر، والأقزام في توفير المعدات والدروع والأسلحة المحسّنة لجيش متوازن.
السؤال 4: توجيه ضربة من الأسفل إلى الأعلى يستهدف ثغرات الدرع عند المفاصل والرقبة، مثال: ضرب ذراع العدو أو مفصل الركبة لكسر توازنه.
السؤال 5: الإمبراطور مؤسس إلديران هو القائد الموحد للممالك البشرية، وسلاحه المميز كان الفأس المزدوجة "شمس الحرب".
السؤال 6: القوة بلا حكمة تؤدي للخراب، مثال: الملك درافوس الذي استعمل جيشه بلا حساب فانْهارت مملكته، الحكمة تحدد متى وكيف تُستعمل القوة.
السؤال 7: أخطر على الأمة هو الساحر القوي بلا أخلاق، لأن قوته الهائلة يمكن أن تدمر الأمة بسرعة، بينما القائد الضعيف العادل يمكن تعويض ضعفه بالتخطيط والتحالفات.
السؤال 8: استغلال سرعة الحركة ونقاط ضعف الخصم مثل المفاصل والأقدام، مثال: دفع محارب مدرع نحو جدار وضرب الركبة لكسر التوازن والسيطرة على القتال.
السؤال 9: إدارة الطاقة عبر تقسيم القتال لفترات قصيرة، تنفس منتظم، حركات اقتصادية لتجنب الإرهاق، طعام عالي الطاقة، ماء للشرب، التركيز على ضربات دقيقة للوفاء بالطاقة للضربات الحاسمة.
السؤال 10: استنزاف طاقة الخصم بالتحرك السريع حوله، استغلال ثغرات الدوران ورفع السيف، الهجوم على الأرجل والكتفين، الابتعاد قبل الرد، وضربة حاسمة مركزة على مفصل أو الركبة لإسقاطه.
مع كل إجابة، كانت وجوه الشباب تتغير، بعضهم يرفع حاجبيه ويفتح فمه من التعجب، بينما الآخرون يشعرون بمزيج من الخوف والاحترام. مرقب الامتحان تابع كل حركة، عيونه تتجول بين الطلاب وأوراقهم، لكنه أشار بصمت إلى أنه لم يرَ أحدًا يقترب من مستوى أريس، وكأن القاعة بأكملها توقفت لثوانٍ وهي تشهد عبقرية لا تقارن.
أريس انتهى من كتابة الإجابة الأخيرة، رفع رأسه بهدوء، وعيونه البنفسجية ترصد كل الطلاب المحيطين به، حيث شعروا أن وحشًا نظر مباشرة في أرواحهم. ارتجف جمع من شباب وشابات قليل، لحظ مرقب هذا، وزاد تقييمه لأريس.
رفع أريس يده وتكلم:
"انتهيت، هل يمكنني الخروج؟"
أومأ المراقب برأسه ليقوم أريس بتسليم ورقته والخروج، أما الشباب الذين اعتقدوا أن أريس كان يتفخر، فقد شعروا بخوف من نظرته وغرسوا رؤوسهم في أوراقهم.
وضع أريس ورقة الاختبار على مكتب المراقب، وبينما كان يستعد للخروج شعر أن هناك من ينظر إليه من الخلف. عندما استدار أريس رأى توأمين، فتى وفتاة، متشبهين جدًّا بشعرهم الأحمر الناري المميز وعيونهم البرتقالية، ينظران إليه.
ابتسم أريس قليلًا وخرج.
نظر التوأمان لبعضهما البعض، والخوف في عيونهم قد تحول قليلًا إلى إعجاب.
"وحش."
"وحش."
كانت هذه الكلمة تصف أريس، كان كلهم يمتلك قدرة غريبة هي "رؤية إسقاط كائنات".
وإسقاط أريس كان شيطانًا بأربعة وجوه بشعة و8 أذرع، كل واحدة تحمل سلاحًا، وبشرته حمراء دموية، حوله بحر من دماء وجثث.
وصفوه بشيطان، لكنه كان أشورا، حاكم الحرب، في حياة أريس السابقة.
حتى إسقاط المراقب لم يكن مخيفًا، كان نسرًا بثلاثة عيون، وهو أمر عادي، على عكس أريس الذي كان مخيفًا.
رفع التوأمان مكانة أريس، حيث تغير خوفهما قليلًا إلى إعجاب. عقولهما تعمل بشكل غريب. لحظ مرقب هذا حركة، لكنه لم يعرف أن التوأمين رفعا مكانة أريس أكثر منه لأنه لا يعرف قدرتهما.
اقترب من ورقة أريس وقرأها، واتسعت حدقة عينه؛ فقد ظن في البداية أن أريس يبالغ في الكتابة، لكن الآن تغير رأيه، لأن كل إجابة كانت كاملة.
"عبقري."
مع أريس الذي كان يسير في الممر، يداه في جيوبه، صوت خطوته واضح.
"لم أتوقع مقبلة التوأمين بهذه السرعة."
كان هذان اثنان من العباقرة الحقيقيين في السيف، وقدرتهم غريبة في "رؤية إسقاط كائنات حية".
نظر أريس من الممر إلى الساحة أمام الأكاديمية.
"يجب أن تكون بيضة العنقاء هناك في هذا الوقت، على شجرة الأكاديمية."
تمتم اريس لنفسه وهو تذكر حياته السابقة، عندما رأى زميلته تمتلك طائر العنقاء، وكيف وجدت بيضة ، وما زال يجد الأمر غير منطقي: طائر العنقاء نبيل الذي يعيش في عالم الأرواح و احد حكامه يأتي إلى هنا ليضع بيضته في أكاديمية القلب،و يتركه في عالم بشر .
كان هذا غريب جداً مثل أن تسمع انه يوجد تنين أحمر يقوم بي توزع الكنوزه .
_____
ارك الثاني في الأكاديمية القلب.
في هذا ارك سوف تتوسع رقعة اكثر و تظهر شخصيات اكثر .
اتمنى ان يعجبكم .