24 - حفل دخول و خطاب مدير الاكاديمية

بعد أن ارتدى أريس ملابس الأكاديمية، اتجه نحو الساحة التي سوف يلقي فيها مدير الأكاديمية كلماته. بينما كان يسير بخطوات هادئة، لاحظ العديد من النظرات تقع عليه من طلاب متجهين نحو الساحة.

كان حضوره يجذب انتباه الكثيرين، خاصة الفتيات، حتى إن بعض الهمسات تلاحقت في أذنه:

"إنه وسيم جدًا!"

"إييي، إنه جميل!"

"هل لديه صديقة؟"

هذا ما سمعه على طول الطريق من الفتيات، وكذلك بعض الأصوات المتناثرة من الشباب:

"اللعنة، من هذا؟"

"اصمت أيها الأحمق، انظر إلى ملابسه!"

"يا إلهي، إنه من فصول النخبة!"

"هل هو نبيل أم ماذا؟"

"لا! ألم تسمعوا عن العبقري الذي حطم دمية التدريب؟"

عندها اختفت الأصوات تدريجيًا، وتحولت إلى همسات متقطعة فيما بينهم، كأن الساحة ابتلعت الكلمات.

كان العديد من الطلاب يسيرون في أزواج أو مجموعات صغيرة نحو الساحة، حيث اجتمع كل طلاب الأكاديمية بمختلف فصولهم وسنوات دراستهم.

"يا زعيم!"

بينما كان أريس يتقدم، سمع صوتًا خلفه يصرخ بحماس. التفت فرأى كاي يلوّح له بيده بعفوية، بينما كيرا تسير بجانبه بخطوات ثابتة.

توقف أريس منتظرًا اقترابهما، وعندها استعمل عين الملك عليهما.

[اسم: كاي

اللقب: يرى ما وراء الطبيعة (يمكنه رؤية ما لا يستطيع البشر رؤيته)

المهنة: فارس

الرتبة: على وشك اختراق وتشكيل نجم

الصفة: النار

الموهبة : S

+50 إعجاب]

[اسم: كيرا

اللقب: ترى ما وراء الطبيعة (يمكنها رؤية ما لا يستطيع البشر رؤيته)

المهنة: فارسة

الرتبة: على وشك اختراق وتشكيل نجم

الصفة: النار

الموهبة : S

+55 إعجاب]

"يا زعيم، أين اختفيت الليلة الماضية؟"

"هل تعرف كم كان الجميع يبحث عنك بلهفة؟"

"بصراحة، أعتقد أنهم غرباء أطوار!"

اقتربا أكثر، وما إن وصلا حتى انهالا عليه بوابل من الحديث المتداخل بلا توقف.

شعر أريس أن طبلة أذنه ستنفجر في أي لحظة من شدة صوتهما المرتفع المزعج، حتى أن الهواء حوله بدا كأنه يهتز بضجيجهما. بسرعة رفع يده وأشار لهما بالتوقف.

"اصمتا."

أغلق كلاهما فميهما في اللحظة نفسها.

تكلم أريس بهدوء وهو يشير إلى كيرا:

"كيرا، تحدثي."

"وأنا؟" قال كاي وهو يرفع حاجبيه باستغراب، لكن أريس قطعه مباشرة.

"واحد فقط سوف يتكلم، وأنا اخترت كيرا. وفي المرة القادمة ستكون أنت. هكذا يجب أن يصبح الأمر عندما تخبراني بالشيء نفسه، واضح؟"

أومأ كلاهما معًا.

بدأت كيرا الحديث بصوت جاد وهي ترفع يدها قليلًا كما لو أنها تؤكد كلامها:

"حسنًا، بعد أن اختفيت، اقترب منا شاب يبتسم بحماقة وبدأ يسأل عن اسمك، ومن أين أنت، ومن نكون، وطرح الكثير من الأسئلة. كان مثل محقق."

سألها أريس بنظرة باردة وهو يضع يده خلف ظهره:

"هل تعرفين اسمه؟"

هزت رأسها نفيًا:

"لا، لم نسأله وتجاهلناه تمامًا، ثم بدأ يبحث عنك في كل مكان ."

رفع أريس حاجبه بخفة، كأنه كان يتوقع هذا:

"شكله... هل يمكنك وصفه؟"

كان لديه تخمين، لكنه أراد التأكد.

"شعره ذهبي ناري، وعيونه ذهبية مثل الشمس..."

أوقفها أريس مباشرة وهو يلوّح بيده كأنه يقطع خيط كلماتها:

"هل تريدان معرفة ذلك الأحمق؟"

"لا!" ×2

كانت إجابتهما سريعة ومباشرة.

ابتسم أريس بخفة وهو يضع يده على ذقنه:

"إنه ولي العهد آرثر."

راقب ردة فعلهما، لكن لم يظهر عليهما أي تعبير مختلف.

"وماذا في ذلك؟" أجاب كاي وهو يفرك شعره بطريقة عشوائية.

"أوه... لهذا السبب تبدو ابتسامته مزيفة جدًا."

قالت كيرا وهي تحاول تقليد ابتسامة آرثر الحمقاء، الأمر الذي جعل ملامحها مضحكة أكثر من جدية.

انفجر كاي ضاحكًا عندما رأى ملامح وجه أخته وهي تحاول تقليد آرثر.

"هههههههه، هذا يشبهه تمامًا! هههههه."

حتى آريس رفع شفتيه قليلًا، فقد كان تقليد كيرا مضحكًا، خاصة أنه بالفعل يشبه آرثر.

"أحم، أحم... كيرا، هذا يكفي."

أوقف آريس كيرا، فقد لاحظ أن بعض الطلاب بدأوا ينظرون إليهم بفضول، ولم يكن يريد أن يبدأ صراعًا مع آرثر مبكرًا وهو ما زال بلا نفوذ يعتمد عليه.

لاحظ الجميع ذلك وفهموا أن المكان ليس مناسبًا للسخرية من ولي العهد، رغم أنهم لم يهتموا كثيرًا، إلا أن مكانته لا يمكن تجاهلها في النهاية.

قال آريس وهو يميل قليلًا للأمام:

"وشخص آخر... من هو؟"

ردت كيرا وهي تلوّح بيدها:

"أوه، كانت فتاة بشعر أزرق سماوي."

رفع آريس حاجبه بهدوء، ملامحه ظلت ثابتة، لكنه لم يتعرف على هذه الفتاة.

"وما اسمها؟"

هزّت كيرا رأسها قليلًا وقالت:

"لا أعرف... لكنها بدت مثل الفتيات اللواتي يعلقن عصًا في مؤخّرتهن... وأنا لا أحب هذا النوع."

ضحك كاي بصوت مكتوم بينما اكتفى آريس بنظرة قصيرة إليها، ثم أشاح بوجهه غير مهتم كثيرًا، مقتنعًا أنه سيقابل هذه الفتاة علي كل حال ، وسيعرف بنفسه من هي .

"حسنًا، لنذهب قبل أن نتأخر على الحفل."

استدار آريس بخطوات ثابتة، وصوت حذائه ارتطم بالأرضية الحجرية بخفة، لينطلق إلى الساحة. تبادل كاي وكيرا النظرات سريعًا قبل أن يلحقا به.

حين وصلوا إلى الساحة، كان الهواء مشبعًا بروائح مختلطة من العطر الفاخر الذي يستخدمه بعض النبلاء، مع رائحة العشب الرطب تحت الأقدام. امتلأت الساحة بعدد هائل من الطلاب الواقفين في صفوف مستقيمة، أنظارهم جميعًا متجهة نحو المنصّة العالية.

أمام المنصّة، خُصصت مقاعد فاخرة لطلاب النخبة، وكانت لامعة، يشاركهم فيها بعض المعلمين الذين جلسوا بوقار، بينما يراقبون الصفوف بعين حادة.

رأى آريس بحرًا من الرؤوس أمامه، يتماوج كأمواج بشرية. في تلك اللحظة، تحرك طالب وأفسح له الطريق دون تردد.

وسرعان ما بدأ الآخرون يتنحّون جانبًا، لتتشكل ممرات فارغة وسط الحشد. ارتفعت بعض الهمهمات بين الطلاب، وتوجهت عيون فصول النخبة لمتابعة ما يحدث.

كان آريس يسير بخطوات ثابتة بين الحشود، والهواء مشحون بالإعجاب الذي يلمع في عيون الطلاب من عامة الناس، خاصة بعد أن علموا أنه، مع كاي وكيرا، جاءوا جميعًا من الطبقة البسيطة. آريس، الذي حصل على المرتبة الأولى في دخول الأكاديمية، أصبح فخر عامة الشعب.

أما النبلاء، فقد اختلفت ملامحهم؛ بعضهم يضغط على أسنانه من الغضب، وآخرون ينظرون بازدراء واضح. كانوا جميعًا مجرد قمامة أفسدتها السلطة القديمة هم وعائلاتهم.

ومع ذلك، كانت هناك استثناءات... مثل آرثر، وسيلينا، وحتى ريان، الذي تحولت أنظار كثير من الحضور نحوه.

تجولت عينا آريس في الحشد، حتى توقفت فجأة على فتاة تشبه وصف كيرا تمامًا:

شعر أزرق سماوي ينساب مثل شلال، عيون سوداء عميقة، بشرة بيضاء صافية، وملامح دقيقة كأنها نُحتت بعناية.

لم يتعرّف عليها، ولم يكن في ذاكرته أي أثر لشخص بمثل هذه الصفات. لكنها كانت تنظر إليه بفرح وحماس غريب، وابتسامتها الصغيرة بدت صادقة.

وصل آريس بسرعة وجلس، فيما جلس بجانبه كاي وكيرا. بعض الأنفاس المتوترة ترددت في الجو، والهمسات الخافتة لم تهدأ.

نظرت مجموعة من المعلمين نحو آريس، ثم إلى ريان، فآرثر، فسيلينا... قبل أن يتبادلوا نظرات.

لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى صعد المدير "ألان" على المنصّة بخطوات ثابتة، وخلفه مساعده.

وقف المدير ألان على المنصّة، وقد بدا بوقاره وهيبته كأنه جبل لا تهزه الرياح.

سكتت الساحة تمامًا، حتى صوت أنفاس الطلاب بدا أثقل من المعتاد، كل العيون شاخصة إليه، تنتظر كلماته.

أخذ نفسًا عميقًا ثم مد يديه إلى الأمام، وصوته ارتفع عميقًا وقويًا:

"أيها الطلاب...

اليوم، أنتم تقفون على عتبة بداية جديدة. هذه الأرض التي تطأونها ليست مجرد أكاديمية... إنها ميدان تصنع فيه الأساطير، وتنهار فيه الأوهام.

منذ تأسيس أكاديمية قلب، لم تكن مكانًا للضعفاء، ولا ملجأً للجبناء. إنها بوتقة نار، تصهر أجسادكم، عقولكم، وأرواحكم، لتكشف حقيقتكم. بعضكم سيخرج منها كالسيف البتار... والبعض الآخر سيذوب ويتلاشى كالرماد."

ارتفعت نبرته أكثر، كأن كلماته تضرب قلوب الحاضرين مثل الطبول:

"أنتم هنا اليوم لأنكم الأفضل في عصركم... ولكن اسمعوني جيدًا: الأفضل الآن لا يعني شيئًا. فالقمة لا تعترف إلا بمن يحميها بدمه وعرقه وإرادته.

الطريق أمامكم مليء بالتجارب القاسية... ستُسحق كبرياؤكم، ستواجهون الألم، الخوف، وحتى الخيانة. في هذه القاعات والساحات لن تُحترم أسماؤكم ولا أنسابكم، بل ستُحترم قوتكم وحدها.

تذكّروا... هذه الأكاديمية هي قلب العالم. من يقف في مركزها، يملك أن يغيّر التاريخ."

توقف لحظة، عينيه تجولان فوق الصفوف، كأن نظره يثقل على كل طالب على حدة.

ثم تابع بصوت أشبه بزمجرة الرعد:

"اسعوا، قاتلوا، اثبتوا أنفسكم! لأن من يسقط لن يجد يدًا لتمسكه. ومن يصمد... سيقف في يوم من الأيام على هذه المنصّة، لا كطالب، بل كقدوة، كقائد، وربما كأسطورة تُخلّد اسمه في كتب التاريخ.

تذكّروا اسمي جيدًا، لأنني سأذكّركم بكلامي هذا يوم يسطع نجمكم أو يدفن ظلكم."

ثم رفع يده للأعلى، وصوته دوّى:

"مرحبًا بكم في أكاديمية قلب... حيث يولد العباقرة، وحيث يبدأ عصر جديد!"

ما إن انتهت كلمات المدير "ألان"، حتى خيّم صمت ثقيل على الساحة، كأن كل طالب فقد القدرة على التنفس لوهلة.

الكلمات لم تكن مجرد خطاب، بل كانت أشبه بسياط تضرب قلوبهم، تلهب دماءهم، وتزرع الرهبة في أعماقهم.

بعض الطلاب ارتجفت أيديهم دون وعي، وقطرات عرق باردة انزلقت من جباههم، فقد شعروا بثقل الحقيقة في صوته. بينما آخرون عضّوا على شفاههم بعناد، تتقد في عيونهم شرارة التحدي، وكأن النار اشتعلت داخل صدورهم.

كاي ابتسم بحماس، قبض يده حتى كاد يسمع صوت عظامه تتماسك بقوة، وهمس:

"هذا ما أريد... هذا ما جئت من أجله."

أما كيرا، فقد لمعت عيناها بحدة، وأمالت رأسها بخفة، شفتاها ترتجفان بابتسامة صغيرة لا تخلو من الغرور:

"فلنرَ من سيذوب كالرماد ومن سيبقى صامدًا..."

آريس ظل صامتًا، يراقب ردود أفعال الجميع. نظرته لم تتغير، ثابتة كالصخر.

تمتم في قلبه:

"هاها، ما زال هذا العجوز يعرف كيف يجعل الجميع متحمسًا."

عيناه ضاقتا قليلًا، وملامحه صارت أكثر برودًا، كان يعرف جيدًا ما هي الكوارث التي ستمر على هذا العالم، وكم من هؤلاء سيعيشون.

في صفوف النبلاء، سيلينا جلست مستقيمة، ظهرها كالقوس المشدود، نظراتها واثقة لا تهتز. آرثر عقد ذراعيه على صدره، عيناه مثل جمرتين هادئتين، لم يظهر على وجهه سوى ابتسامة خفيفة تحمل تحديًا صامتًا. أما ريان، فقد ضحك ضحكة قصيرة خافتة، لكنها كانت تحمل غرورًا لاذعًا.

الحشود العامة من الطلاب لم يهدؤوا، الهمسات ارتفعت مثل هدير البحر:

"هل سمعت ما قاله؟"

"الأساطير... هل يمكن حقًا أن نصبح كذلك؟"

"اللعنة... علي أن أثبت نفسي!"

الهواء امتلأ بطاقة متوترة، مزيج من الخوف والحماسة، حتى بدا كأن الساحة كلها على وشك الانفجار.

ثم رفع ألان يده بهدوء، فعمّ الصمت مجددًا.

عيناه جالت بين الصفوف، صوته هذه المرة انخفض لكنه كان يخترق العظام:

"من هذه اللحظة... بدأ امتحانكم الحقيقي. تذكّروا، لا أحد سيحميكم سوى قوتكم."

وما إن أنهى كلماته، حتى دوّت أصوات التصفيق والهتاف، تهز الأرض تحت الأقدام، كأن الساحة كلها استيقظت على ولادة عصر جديد.

2025/10/03 · 52 مشاهدة · 1558 كلمة
sir
نادي الروايات - 2025