الفصل 1201: معركة الجمجمة السوداء (15)
تحت وطأة المطر المتواصل، كانت الدماء تُغسل عن الدرع المحطّم لامرأة شابة جميلة ذات شعر أسود وعيون قرمزية. كانت تترنّح، تحاول توجيه ضربة بسيفها المتصدّع، لكنها انزلقت في الوحل وسقطت على ركبة واحدة بثقل.
كان تنفّسها متقطعاً وخشناً، وشفتاها مصبوغتان بالدم القاني.
أما موردريت، فكان أسوأ حالاً من شقيقته بكثير.
إحدى عينيه اختفت، محوّلة وجهه إلى قناع مشوّه. وكذلك إحدى يديه. درعه كان على وشك أن يتفتت إلى دوامة من الشرر، وجسده مغطى بجروح بشعة تكشف عن اللحم والعظم.
ومع ذلك، ظلّت ملامحه هادئة.
(آه… إنه مؤلم… لم أشعر بألم كهذا منذ زمن طويل جداً…)
كان يضعف بسبب نزيف الدم، ورؤيته بدأت تتشوش. لكنه كان قريباً جداً من هدفه… بعد سنوات طويلة ومرهقة، أصبح أوّل مذاق حقيقي لانتقامه قريب المنال.
فتقدّم موردريت خطوة، ثم أخرى.
ارتفع سيفه. يده ثابتة لا ترتجف.
رفعت مورغان نظرها إليه، وكان في عينيها مزيج أحلى من الرحيق. ارتباك، سخط… وتحت ذلك، لمحة خفية من الخوف.
"كيف… كيف لا تزال واقفاً، أيها الوحش…"
ابتسم موردريت.
(بشق الأنفس…)
لم يكن ينوي أن يدخل في حوار طويل معها — ليس بعد. كان يعلم أن شقيقته تحاول فقط كسب بعض الوقت. كانت تستخدم إحدى التعويذات الممتصّة في جسدها محاولةً شفاء نفسها — وجرحها بدأ بالفعل بالانغلاق، ولم ينزف دمها كما كان يفترض.
لكن ذلك لن ينقذها.
قد تكون مورغان قادرة على شفاء جسدها، لكنها لم تستطع تجديد جوهرها ولا تركيزها ولا صبرها. كانت منهكة، وذلك الإرهاق سيزداد سوءاً. سيتسرب إلى عظامها وإلى عقلها، ويحكم عليها بالهلاك.
كل ما كان عليه فعله هو الصمود لفترة أطول قليلاً.
جمعت مورغان ما تبقى لها من قوة وانقضت للأمام بزئير غاضب. تلألأ سيفها، حاداً وماكراً، مستهدفاً عنقه… وكان موردريت يعلم أنه لن يتمكن من صدّ الضربة أو تفاديها، فلم يحاول.
بدلاً من ذلك، مال بجذعه قليلاً، تاركاً الحافة القاطعة تشق عظمة الترقوة بدلاً من العنق، محتملًا الألم الكاوي، ثم غرس سيفه في شق بدرعها.
تألّمت مورغان وأنّت.
وقبل أن تفعل شيئاً، لوّح موردريت ببقايا يده اليمنى المضرّجة بالدم، ضارباً صدغها بحافة ذراع الفولاذ الممزقة.
تراجعت شقيقته مترنّحة، مذهولة.
وشعر موردريت هو الآخر بدوار خفيف.
تنفّس بعمق وزفر تنهيدة طويلة.
"آه…"
عبر حجاب المطر الذي يغطي ساحة المعركة، استطاع أن يرى ما يحدث حولهما.
عشيرة سونغ… كانت تخسر.
الدودة العملاقة كانت ممزقة ومثخنة بالجراح، لكن ثلاثاً من انعكاساتها الأربع قد دُمّرت بالفعل. أما الأخيرة — التي تحمل وجه صاحبة النصل الهامس — فلن تصمد طويلاً أيضاً.
القديس مادوك نفسه كان قريباً من الانتصار في معركته المرعبة ضد سيدة الوحوش.
المطاردة الصامتة وفارس الصيف لا يزالان يتقاتلان، يرفضان الاستسلام بعناد. لكن بهذا المعدل، سيموت كلاهما، وحتى لو انتصرت الابنة الصامتة لكي سونغ، فلن تتمكن من مواصلة القتال.
حتى انعكاس السير جيلياد بدا وكأنه يخسر أمام أحد أبناء الهاوية الذين جعلهم ساني ملكاً له بطريقة ما.
أما ذلك الوغد نفسه…
شعر موردريت برغبة في رفع حاجبه، لكنه كان ضعيفاً ومنهكاً أكثر من اللازم.
(…الناب الكاسر قُتل؟ ساني ومخلوق الحلم قتلا قديساً؟)
كان هذا خبراً مروّعاً وكارثياً، لكنه لم يستطع منع نفسه من أن يشعر… بالانبهار.
(أحسنوا فعلاً…)
حاولت مورغان النهوض، فدفعها موردريت إلى الوحل مجدداً بضربة قاسية من سيفه. شعر بألم أكبر، وأصبح الحفاظ على توازنه صعباً فجأة.
بحلول هذه اللحظة، لم يعد صراعهما يشبه مبارزة نبيلة بين وريثين ملكيين. بل تحوّل إلى عراك وحشي بلا ذوق ولا رحمة… لكن موردريت أحب ذلك أكثر. كان أكثر صدقاً. أكثر حقيقة.
ولماذا يجب أن يبدو القتل جميلاً وهو في الحقيقة قبيح؟
شقيقته ما زالت ترفض الاستسلام.
اشتباكا عدة مرات أخرى، وفي كل مرة كان موردريت الطرف الخاسر في التبادل.
…حتى لم يعد كذلك.
ففي لحظة ما، بطريقة ما، شبه غير قابلة للتفسير، حصل على زمام المبادرة في رقصتهما البغيضة تلك. وما إن فعل، حتى نمت أفضليته كالجرف المنهار.
مهما تراكمت جراحه، ومهما سببت له مورغان من أذى، ظل موردريت ثابتاً. عينه الواحدة المتبقية كانت تتلألأ، تعكس تلاشي ثقة شقيقته.
وبعد وقت قصير، سقطت مورغان، وعجزت عن النهوض مجدداً.
زمجرت وضربت الأرض بقبضتها.
"أنا… لا… لا أفهم. كيف… أنت… أي خدعة…"
ابتسم وهو يجر جسده المتألم نحوها.
كان هذا وقت الكلام — ليس فقط لأن مورغان قد استنفدت كل احتياطاتها الوحشية، بل لأنه هو أيضاً كان مرهقاً. احتاج بضع لحظات ليلتقط أنفاسه ويتهيأ للضربة الأخيرة.
"ألا تفهمين؟ آه، لكنه بسيط جداً. ليست هناك خدعة. نعم، أنتِ أقوى مني، أسرع مني… وربما حتى أكثر مهارة مني. لكن يا أختي العزيزة، أنا متفوّق عليك بلا حدود في جانب واحد. الجانب الأهم."
ضغط على أسنانه، يكافح ضد ثقل سيفه الذي أصبح لا يُحتمل فجأة.
"…إنه الرغبة. ألا تعلمين أن كل شيء يبدأ من الرغبة؟ ورغبتي أنا… أقوى بلا حدود من رغبتك. لهذا أنا أقوى منك… هذا كل ما في الأمر، أختي. آه، ورغبتي أيضاً أكثر نقاءً بكثير."
(أما زالت لا ترى؟ حسناً… إنها صغيرة بعد…)
وصل موردريت إلى حيث كانت مورغان تحاول النهوض من الوحل، وركلها بلا رحمة في جانبها بقدمه المدرعة. صرخت وسقطت مجدداً.
نظر إليها ببرود.
"ترين… إن رغبتي الوحيدة هي قتلك. أما أنت، فلديك رغبات كثيرة. تريدين قتلي وأَسري، لكنك تريدين أيضاً النجاة بعد أن تقتليني وتأسريني. تريدين حماية عنقك من القطع، قلبك من الطعن، جمجمتك من التهشيم، عينيك من الاقتلاع. كل هذه الرغبات الكثيرة تثقل كاهلك.
إنها عبء يقلّل من قوتك، ويبلّد مهارتك، ويبطئ سرعتك. أما أنا؟ فلا أحمل مثل هذا العبء. لا يهمني سوى شيء واحد. أريد فقط قتلك. لهذا أنت ضعيفة، وأنا قوي."
ألقى موردريت نظرة بعينه الوحيدة على بقايا يده اليمنى المضرجة، وعلى درعه المحطم، وعلى جسده المشوّه.
وكانت نظرته بلا مبالاة.
"…ولهذا سيتحقق مطلبي، أما مطلبك فلن يتحقق."
ومن دون أن يهدر وقتاً أكثر، ابتسم بمرارة ورفع سيفه.
لقد اقترب هدفه جداً… لم يتبقّ سوى أن يهوي بالسيف.
ولكنه… لم يفعل أبداً.
.................................
.................
........
في النهاية اتمنى تكونوا استمتعتوا بالفصل
واتمنى لو في خطا في الترجمة توضحولي في التعليقات واتمنى تشجعوني وتدعموني عشان اكمل القصه
⚡ANORAK