11202 - معركة الجمجمة السوداء (16)

الفصل 1202: معركة الجمجمة السوداء (16)

في مكان آخر من ساحة المعركة، اخترق سيف مصنوع من الظلام الخالص جسدًا متوهجًا من نور الشمس الساطع. ترنّح الفارس المتألق، بينما وقف الفارس الكئيب بهدوء، يحدّق فيه بعينين قرمزيتين باردتين لا مباليتين.

أدارت "القديسة" سيفها، فبدأ الظلام المحتوى داخله يتمدّد، يبتلع بجشع ضوء عدوها. انعكس ظل "فارس الصيف" وهو يضعف ويرتجف، كما لو أنه يحاول الصراخ، لكن أي صرخة لم تُسمع. سرعان ما أصبح الجسد المشع قاتمًا وشفافًا، وبعد لحظة ظهرت شبكة من التشققات على سطح الضوء المحتضر، ثم، ومع صوت خافت يشبه تكسر المرايا، انفجر الانعكاس إلى شظايا لا تُحصى من زجاج فضي. سحبت القديسة سيفها ببرود وحوّلت نظرتها، تبحث عن خصم جديد.

بعيدًا عنها بمسافة شاسعة، أسقط دودة عملاقة وزنها الوحشي ثم التوت، لتقبض على شيء غير مرئي بين أنيابها. المخلوقات التي لا تُعد ولا تُحصى والتي تشكّل الصدى انسلت، تسحق العدو الخفي حتى تحوّله إلى غبار.

في قلب ساحة المعركة، تحت المطر، صرخت شيطانة فاتنة وهي تتراجع بعد أن جُرح وجهها بسيف غير مرئي. ترنّحت وسقطت، بينما انحدرت دموع قرمزية إلى الأرض. أمامها، ظهر ظل غامض بفعل خيوط المطر المتساقط وضوء البرق المتوهج.

جاء صوت بارد لا يرحم من المطر: «أيتها الغبية... كان عليكِ أن تبقي بريئة وحلوة كما كنتِ من قبل...»

عضّت "سيدة الوحوش" على أسنانها وقالت: «لستُ... لستُ منتهية بعد، أيها العجوز... لم تنتصر بعد...»

ضحك المطر ساخرًا: «موتي الآن... لقد كانت مشاجرتنا هذه مسلية...»

[لقد قتلتَ إنسانًا متعاليًا، "الناب الرهيب".] [ظلك يزداد قوة.] [لقد حصلتَ على...]

ترنّح الوحش الهائل، وانطفأت شرارة الحياة في عينيه. كان "ساني"، الذي غرس "خطيئة العزاء" في جمجمة القديس حتى مقبضها، متشبثًا بأنف الوحش، يمسك بفرائه الرمادي بيد واحدة. تجمّد لبرهة.

(أنا... انتصرت؟)

ترنّح جسد "الناب الرهيب"، ثم هوى. وبما أنّ هيئة القديس المتعالي كانت شاهقة، فقد كانت المسافة إلى الأرض كبيرة. ركب "ساني" سقوطه حتى النهاية، متمسكًا بمقبض "خطيئة العزاء". ارتطم الوحش العملاق بالأرض، فاهتزت. ما زال في صدمة، استعاد "ساني" سيفه ووقف، ينظر إلى ساحة المعركة من فوق جثة العملاق.

(انتصرت...)

لكن قدمه زلّت، فتدحرج إلى الوحل. بدا الوحل باردًا ولطيفًا على بشرته. خلفه، بدأ الجسد الضخم بالتموج والانكماش، متحوّلًا تدريجيًا إلى جثة رجل. ظل "ساني" للحظات يحاول استيعاب حقيقة أنه، "الضائع من النور"، قد قتل قديسًا حقًا.

كان الأمر غريبًا للغاية.

لا يزال يتذكر بوضوح اليوم الذي دُمّر فيه معبد الليل. في ذلك الحين، مجرد ظهور القديس "كورماك" بثّ في قلبه رعبًا لا يوصف... والمعركة التي تلت بين "كورماك" و"موجة السماء" كانت أشد رهبة. شعر حينها كأنه نملة عالقة وسط صراع بين إلهين.

الجزيرة بأكملها دُمّرت تحت وطأة تلك المعركة الوحشية. بدا الأمر... وكأنه نهاية العالم.

والآن... هو نفسه قد قتل كائنًا مماثلًا.

لقد قتل قديسًا بيديه في معركة مباشرة.

...بالطبع، لم يفعل ذلك وحده.

(نيفس!)

انتفض فجأة واندفع إلى المكان الذي رآها فيه آخر مرة.

كانت ما تزال هناك، تحاول الوقوف. خوذتها قد اختفت، وقطرات الدم كانت تنزف من أذنيها وأنفها وحتى عينيها. وجهها شاحب، وشعرها المبلل ملتصق بخديها في خصلات رفيعة.

«نيـف!»

انزلق على الوحل وركع بجانبها، واضعًا يديه على كتفيها. زفرت نفسًا متقطعًا، ثم نهضت بارتجاف بمساعدته. شعر "ساني" بدفء اللهيب الأبيض يتدفق من جسده إلى جسدها.

ببطء، اشتعل جلدها بالضياء، وتطايرت خيوط من اللهيب الأبيض من تحت بشرتها. اختفت الخدوش عن وجهها، وتبخر الدم، تاركًا بشرتها شاحبة نقية.

تأوهت بألم، وترنّحت. فأمسك بها يسندها.

ظلت صامتة لبرهة، تحاول كبح الألم، ثم سألت:

«...هل انتصرنا؟»

زفر "ساني" براحة: «نعم. لقد مات.»

تألمت ملامحها قليلًا. «...جيد.»

كاد أن يضحك. «جيد؟! هذا كل ما لديكِ لتقولي؟!»

نظرت إليه لثوانٍ. كان وجهها قريبًا منه، لكنه لم يمانع.

ثم ارتسمت ابتسامة صغيرة على طرف شفتيها. «...ولِم المبالغة؟ لقد كان... مجرد قديس...»

تحدّق بها، والإحساس بالنصر يغمر قلبه.

لكن...

اختفت ابتسامته ببطء.

على بُعدٍ، كانت فتاة عمياء واقفة في وسط دائرة هائلة من الجثث، قطرات الدم تتساقط من نصل سيفها الدقيق ومن درعها. خلفها، امرأة ذات شعر ذهبي وعيون كهرمانية تتكئ بثقل على رمحها.

فجأة، ارتجفت الفتاة العمياء وخفّضت سيفها. تداعت كتفاها.

استدارت، متجاهلة الأعداء المندفعين، ورفعت بصرها إلى السماء الغائمة.

كان وجهها البديع مكسوًا بالجدية.

رفع "موردريت" سيفه، مستعدًا ليجهز على شقيقته.

لكنه تجمّد.

اهتزّت عيناه العاكستان كالمرايا.

وكأنه نسي أمر "مورغان"، استدار ببطء، رافعًا بصره إلى السماء بتعبير كئيب.

اختفت الابتسامة من وجه "ساني" تدريجيًا.

الريح كانت باردة.

وفي ومضة برق، بدا أشحب من شبح. سقط وجهه.

قطّبت "نيفس" جبينها: «ساني؟ ما الأمر؟»

بدا مذعورًا.

دون أن يجيب، استدار ببطء عنها، ورفع نظره إلى السماء بتعبير يفيض رعبًا مطلقًا.

«أنا... لا... لا أعرف... هناك خطب ما...»

غرق صوته وسط دوي هائل للرعد. ترددت "نيفس" لحظة، ثم تبعت نظره ورفعت رأسها.

لم يكن هناك شيء ظاهر...

...إلا ظلام غريب متموّج.

لبضع لحظات، بدا أن ساحة المعركة تجمّدت.

ثم انهار السماء وانشقت، لتُبتلع بشق هائل يقود إلى أعماق الجحيم ذاتها.

بوابة كابوسية عملاقة مزّقت العالم إلى أشلاء، طاغية على ساحة المعركة وهي تقطع السماء وتفرض وجودها.

.................................

.................

........

في النهاية اتمنى تكونوا استمتعتوا بالفصل

واتمنى لو في خطا في الترجمة توضحولي في التعليقات واتمنى تشجعوني وتدعموني عشان اكمل القصه

⚡ANORAK

2025/09/10 · 12 مشاهدة · 799 كلمة
ANORAK
نادي الروايات - 2025