الفصل 1206: صحراء الكابوس
كان جواد أسود حالك يطير فوق الرمال البيضاء لصحراء الكابوس، تطارده فظاعة خفية. كان "ساني" يميل من على السرج، يحمي عينيه من الرياح الحارقة بينما يلوّح بـ خطيئة العزاء . انبثقَت يد من تحت الأرض، فقطعها بضربة نظيفة لتذوب في دوامة من الرماد.
“اللعنة… هذا الشيء عنيد.”
خلفه، كانت مساحة شاسعة من الصحراء تتغير. التغير كان شبه غير مرئي ما لم يعرف المرء ما يبحث عنه — ارتجافات دقيقة تجري في الرمال، ميل طفيف في الكثبان، تحوّل خافت في الظلال…
كان هناك شيء هائل يتحرك تحت الرمال، يتبعه.
لقد استعمل بالفعل أربعاً من ظلاله الخمس لتعزيز "كابوسه"، تاركاً واحدة فقط لتقوية سحر ذاكرة النار عبر [سلاح العالم السفلي]. وذلك أعطاه بعض الراحة من الحرّ القاتل في الصحراء، على الأقل.
لكن حتى بمساعدة الظلال الأربعة، لم يكن جواده سريعاً بما يكفي ليفلت من ذلك الكائن.
والأسوأ، أنه لم يكن الوحش الوحيد في هذا الجزء من الصحراء.
في الحقيقة، كان "ساني" محاطاً بمخلوقات الكابوس.
كانت كثيرة جداً بحيث يستحيل عدّها، وكلها تتحرك في اتجاه واحد… كانت تستجيب للنداء، منجذبة إلى بذرة الكابوس المتفتحة ووعدها المغري.
لحسن الحظ، بدا أن معظم تلك الفظائع في حالة غريبة. وكأنها منومة، ناسِيةً كل شيء عدا الوصول إلى البذرة والدخول إلى العالم اليقظ من خلالها. طالما لم يعترض "ساني" طريقها، فإن معظمها لم تكترث له.
كان ذلك مقلقاً جداً حقاً.
لم يرَ "ساني" قط مخلوقات الكابوس إلا وهي في نشوة سفك دماء. أما أن يمروا بجانبه بلا مبالاة باردة… فكان ذلك، بطريقة ما، أشد رعباً من مواجهتهم في معركة دموية.
“تبا، تبا، تبا…”
كانت الصحراء واسعة وناصعة البياض، والظلال السوداء الهائلة لتلك المخلوقات تمتد طويلاً مع خطواتها الثقيلة.
وطول الظلال دلّ على أن الشمس قد بدأت تنخفض. الليل لم يكن بعيداً…
متمتماً باللعنات، وجّه "ساني" جواده "كابوس" إلى اليسار، قاصداً أقرب تلك المخلوقات السائرة. كان، كما يبدو، وحشاً فاسداً… ضخم ومرعب، بأربع قوائم جبارة وذيل شبيه بذيل العقرب. عيناه الحشريتان كانتا تحدقان في شيء بعيد وراء الأفق.
كان ذلك الكائن خطيراً.
…لكن "ساني" كان أخطر.
وبينما اندفع "كابوس" بسرعة مذهلة بجانبه، هوى خطيئة العزاء ليقطع رأس الوحش بضربة واحدة. تجاوزاه واستمرّا قدماً من دون أن يتباطآ لحظة.
بعد لحظات، ارتفعت أيادٍ لا تُحصى من تحت الرمال. وبينما ابتعد مسرعاً، التفت "ساني" ليرى الأيادي تجرّ الجثة النازفة وتبتلعها في الرمال. سرعان ما لم يبقَ منها سوى بضع قطرات من دم يغلي على السطح.
وكأن ذلك الوحش الهائل لم يوجد قط.
على الأقل، توقف الرعب المجهول عن ملاحقته بعد تلك الوليمة الكئيبة، وكأن جوعه قد شُبع.
“اللعنة…”
وبعد برهة، استطاع أخيراً أن يسمح لنفسه بإبطاء السرعة.
توقف "كابوس" فوق قمة كثيب عالٍ، وأخذ "ساني" يلهث بشدة، ثم لفّ ظلَّين إضافيين حول جسده ليعزز أثر ذاكرة النار . بهذه الطريقة، صار يشعر براحة شبه مقبولة.
استدعى النبع اللامتناهي ، وشرب بنهم، تاركاً للماء البارد أن يعيد الحياة إلى جسده المنهك. ثم نظر إلى الزجاجة الكريستالية الجميلة في يده.
فجأة، صارت هذه الذاكرة النائمة من الدرجة الرابعة أثمن ما يملك. من كان يظن أنها ستكون بهذه الأهمية يوماً ما؟
الماء مهم، طبعاً. لكن عادة، هناك طرق كثيرة للحصول عليه — في دروس النجاة في البرية، تعلّم "ساني" طرقاً عديدة لاستخراج ماء صالح للشرب من بيئات مختلفة.
لكن أياً من تلك الطرق لم يكن مجدياً في هذه الصحراء الرهيبة.
متنهداً، أعاد "النبع اللامتناهي" إلى سباته ونظر حوله.
من أعلى الكثيب، كان "ساني" يرى لمسافات بعيدة جداً. بإمكانه أن يرسل ظلاله للاستكشاف، إن أراد. لكن ذلك سيكون خطيراً… ولم يكن مستعداً للتخلي عن أي ظل في هذا المكان الغامض والخطر.
ولم يكن هناك حاجة لذلك على أي حال.
كانت الكثبان البيضاء تحيط به إلى مدى البصر. ومخلوقات الكابوس الكثيرة تتقدم جميعاً في الاتجاه نفسه. كما كانت هناك أنقاض سوداء متناثرة في الصحراء، نصف مدفونة في الرمال.
لكنها لم تبدُ كأنقاض مبانٍ فعلاً. أشكالها غريبة، وأبعادها كلها غير مألوفة. بعض تلك البُنى كان صغيراً ولا يصلح كملجأ، لكن بعضها الآخر كان كبيراً بما يكفي ليقيه عند قدوم الليل.
…وكان هناك أيضاً الهرم الأسود.
حبس "ساني" أنفاسه وهو يحدّق في ظله المخيف.
كان قبر أرييل دائماً في الأفق، بعيداً. لكن، مهما تحرّك المرء في اتجاه ذلك المبنى الأسود المثالي، لم يقترب منه أبداً، بل ظل بعيداً كسراب.
“ربما ذلك الشيء ليس حقيقياً أصلاً.”
…لكن "ساني" شعر أنه حقيقي. كما كان يعلم أنه لا بد أن هناك طريقة للاقتراب منه — بما أن "نيفيس" لم ترَ الهرم من قبل، فهذا يعني أنه لا يُرى إلا من مناطق معينة في الصحراء.
وهذا يعني أيضاً أن هناك طريقاً يقود إليه.
“ومن يهتم؟”
أما "ساني"، فلم يكن يهتم. لم تكن لديه أي رغبة في غزو قبر أرييل. في الحقيقة، أراد تجنّبه مهما كلفه الأمر.
كل ما أراده هو العثور على أصدقائه والخروج من هذه الصحراء الملعونة، بأسرع وقت ممكن.
ممتعضاً، اختار واحدة من أكبر الأنقاض التي ارتفعت من الرمال على بعد عدة كيلومترات، ثم دفع "كابوسه" نحوها راكضاً.
.................................
.................
........
في النهاية اتمنى تكونوا استمتعتوا بالفصل
واتمنى لو في خطا في الترجمة توضحولي في التعليقات واتمنى تشجعوني وتدعموني عشان اكمل القصه
⚡ANORAK