11 - الفصل الحادي عشر: مفترق الطرق | عبد الظل

الفصل الحادي عشر: مفترق الطرق | عبد الظل

.

.

.

بداية الفصل :

.

وقف الثلاثة بلا حراك، ينظرون إلى الأسفل بصمت مفعم بالقلق. ما حدث لـ "شيفتي" لم يكن بشيئ صادم لهم .. ولكنه

لكنه كان مع ذلك صعبًا عليهم ليهضموه كان الشعور الغامض و المشؤوم يستقر في قلوبهم لما يرونه ؛ رؤية الجسد المحطم لرفيقهم جعل من السهل تخيل أحدهم يلقى المصير نفسه.

لم يعرف أحد ماذا يقول

لكن . بعد دقيقة أو نحو ذلك

" هاااه "

تنهد "سكولار" أخيرًا.

"من الجيد أنك أخذت معظم الإمدادات التي كان يحملها."

فكر "ساني" بتهكم: ' قليل من القسوة، لكنها ليست خاطئة. '

ثم ألقى نظرة حذرة على العبد الأكبر سنًا. تجهم "سكولار"، مدركًا أن قناع الرجل الطيب الذي يرتديه قد انزلق للحظة، وسارع بإضافة نبرة حزينة:

"ارقد بسلام، يا صديقي."

' يا لها من مسرحية '

في الحقيقة، لم يصدق "ساني" تمثيلية الرجل الخيّر ولو للحظة واحدة

كل طفل في الأحياء الفقيرة يعلم أن من يتصرف بلطف بلا سبب هم الأخطر. إما أنهم حمقى أو وحوش. وبما أن "سكولار" لم يكن يبدو كالأحمق، أصبح "ساني" حذرًا منه منذ اللحظة التي التقيا فيها. ل

في النهاية كان وصوله لهذه اللحظة من حياته يعود بشكل كبير إلى شكّه وسخريته ولم تكن هناك حاجة لتغيير ذلك الآن

قال "هيرو" بنبرة ثابتة، وهو يلقي نظرة أخيرة إلى الأسفل:

"علينا المضي."

كان صوته ثابتًا، لكن "ساني" استطاع أن يشعر بعاصفة من المشاعر خلفه. فقط لم يتمكن من تحديد ما هي تلك المشاعر. بينما تنهد "سكولار" وأدار ظهره أيضًا. أما "ساني"، فقد استمر في التحديق إلى الصخور الملطخة بالدم لبضع ثوانٍ إضافية.

"لماذا أشعر بالذنب؟"

تساءل بدهشة من هذا الشعور غير المتوقع.

"لقد نال ما يستحقه."

مرتبكًا قليلاً، استدار "ساني" ولحق برفيقيه المتبقيين. وهكذا، تركوا "شيفتي" وراءهم واستمروا في تسلق الجبل.

في هذا الارتفاع، أصبح عبور الجبل أصعب وأصعب. كانت الرياح تضربهم بقوة تكفي لإسقاط شخص إذا لم يكن حذرًا،

مما جعل كل خطوة تبدو وكأنها مقامرة.

كان الهواء يصبح أرق مع مرور الوقت و يجعل التنفس اكثر صعوبة اكثر فأكثر وبسبب نقص الأكسجين، بدأ "ساني" يشعر بالدوار والغثيان. كان الأمر وكأنهم جميعًا يختنقون ببطء

[ في العادة يستعمل المتسلقون انابين الاكسجين في هذه الارتفاعات من اجل التنفس اجل هذه شدة خطورة مرض المرتفعات ]

مرض المرتفعات لم يكن شيئًا يمكن التغلب عليه بالمجهود. كان خفيًا ومُنهكًا في الوقت نفسه، يؤثر على الأقوياء والضعفاء دون اعتبار للياقتهم أو قدرتهم على التحمل. إذا كانت الحظوظ سيئة، يمكن لرياضي نخبة أن يستسلم له أسرع من شخص عادي.

كان الأمر كله مسألة تكيف الجسم ومهارته الفطرية. المحظوظون يتجاوزون الأعراض الخفيفة. أما الآخرون، فقد يكونون عاجزين لأيام أو أسابيع، يعانون من جميع أنواع الأعراض المعذبة. البعض قد يموتون

وكأن كل ذلك لم يكن سيئًا بما يكفي، أصبح الجو أكثر برودة أيضًا. حتى الملابس الدافئة والفرو لم تعد كافية لإبعاد البرد.

شعر "ساني" وكأنه يعاني الحمى والبرد في الوقت نفسه،

كان يلعن كل قرار اتخذه في حياته قاده إلى هنا، على هذا المنحدر الجليدي الذي لا ينتهي

هذا الجبل لم يكن مكانًا للبشر. ومع ذلك، كان عليهم الاستمرار

مرت بضع ساعات. ورغم كل شيء، استمر الناجون الثلاثة في الكفاح والمضي قدمًا، يتسلقون ببطء أعلى وأعلى. أينما كان ذلك الطريق القديم الذي تحدث عنه "سكولار"، فإنه لم يكن بعيدًا الآن. أو على الأقل، هذا ما كان "ساني" يأمل فيه

ولكن في مرحلة ما، بدأ يشك في وجود الطريق من الأساس. ربما كان العبد الأكبر قد كذب. ربما دمر الطريق منذ زمن بعيد بسبب تقلبات الزمن. وربما قد تجاوزوه بالفعل دون أن يلاحظوا.

و لكن .

تمامًا عندما كان على وشك الاستسلام لليأس،

وجدوه أخيرًا.

كان الطريق مهترئًا وضيقًا، بالكاد يتسع لشخصين يسيران جنبًا إلى جنب. لم يكن الطريق مرصوفًا، بل محفورًا من الصخر الأسود بأداة أو سحر مجهولين، يتلوى صعودًا في الجبل كذيل تنين نائم. هنا وهناك، كان الطريق مغطى بالثلج. ولكن الأهم من ذلك كله،

أنه كان مستويًا. لم يكن "ساني" يومًا أكثر سعادة برؤية شيء مستوٍ في حياته

دون أن ينطق بكلمة، ألقى "سكولار" حقيبته وجلس.

كان شاحبًا للغاية

يلهث من أجل الهواء كسمكة خارجة من الماء. ورغم ذلك، كان هناك ابتسامة خفيفة على وجهه.

"قلت لكم."

أومأ "هيرو" برأسه وألقى نظرة حوله. وبعد بضع ثوانٍ، عاد ليوجه حديثه للعبد المنتصر:

"قف. ليس وقت الراحة بعد."

رمش "سكولار" بضع مرات، ثم نظر إليه بعينين متوسلتين.

"فقط… فقط أعطني بضع دقائق."

كان الجندي الشاب على وشك أن يرد، لكن "ساني" وضع يده فجأة على كتفه. و عندها استدار "هيرو" لمواجهته.

"ما الأمر؟"

أجاب "ساني"

بصوت منخفض:

"لقد اختفى."

"ما الذي اختفى؟"

أشار ساني بيده إلى الأسفل، نحو الطريق الذي جاءوا منه.

"جثة شيفتي. لقد اختفت."

حدّق هيرو إليه لعدة لحظات، غير مستوعب تمامًا ما يحاول ساني قوله.

'أوه، صحيح. هم لا يعرفون أن اسم شيفتي هو شيفتي. ممم. محرج.'

أراد أن يشرح، لكن كلا العالِم والبطل بدوا وكأنهما استوعبا ما يقصده. في اللحظة نفسها، تحركا نحو حافة الطريق الحجري ونظرا إلى الأسفل، يحاولان رؤية المكان الذي لقي فيه شيفتي حتفه

بالفعل، كان بإمكانهم رؤية بقع الدماء على الصخور الحادة، لكن الجثة نفسها لم تكن موجودة

تراجع سكولار إلى الوراء وزحف بعيدًا قدر الإمكان عن الحافة. كما تراجع الجندي الشاب أيضًا، ممسكًا بمقبض سيفه لا إراديًا. تبادل الثلاثة نظرات متوترة، وهم يدركون ضمنيًا ما يعنيه اختفاء شيفتي.

"إنه الوحش"

قال العالِم بصوت أكثر شحوبًا مما سبق.

"إنه يتبعنا."

صكّ البطل على أسنانه.

"أنت محق. وإذا كان قريبًا بهذا الشكل، فسنضطر قريبًا إلى مواجهته."

كانت فكرة مواجهة الطاغية مرعبة بقدر ما هي مستحيلة. وكأنه قال إنهم سيموتون قريبًا. و كانت الحقيقة . كان هذا واضحة بشدة لكل من ساني والعالِم.

لكن، وبطريقة مدهشة، لم يبدو العالِم مذعورًا. بدلاً من ذلك، خفض بصره وقال بهدوء:

"ليس بالضرورة."

التفت هيرو وساني إليه،بآذانهما مصغية. رفع الجندي الشاب حاجبًا متسائلًا:

"اشرح؟"

'ها قد بدأ.'

تنهد العالِم.

"لقد تعقبنا الوحش حتى الآن في يوم واحد فقط. هذا يعني أن هناك احتمالين أساسيين. إما أنه ذكي بما يكفي ليعرف إلى أين نحن ذاهبون، أو أنه يتبع رائحة الدم."

بعد لحظة من التفكير، أومأ البطل، موافقًا على هذا المنطق. ابتسم العالِم قليلاً قبل أن يكمل.

"سواء كان هذا أو ذاك، يمكننا تضليله وكسب بعض الوقت."

"وكيف سنفعل ذلك؟"

رغم الإلحاح في صوت هيرو فقد تردد العالِم وبقي صامتًا

"لماذا لا تجيب؟ تحدث!"

تنهد العالِم مرة أخرى وببطء، كما لو كان ضد رغبته و اجاب

كان ساني ينتظر هذه اللحظة منذ فترة.

"سنضطر فقط إلى... جعل الصبي ينزف. نسحبه إلى أسفل الطريق، ثم نتركه هناك كطُعم ونواصل صعودنا. تضحيته ستنقذ حياتنا."

'في الوقت المناسب تمامًا.'

لو لم يكن ساني غاضبًا – وبالطبع مذعورًا – لكان ابتسم. يبدو أن حكمه كان دقيقًا بشكل مخيف. كان من الجيد أن يكون المرء على حق... لكن ليس عندما يعني ذلك احتمال استخدامه كطُعم للوحش.

تذكر الكلمات التي قالها العالِم عندما كان شيفتي يحاول إقناعهم بقتل ساني –

' لا تتسرع، يا صديقي. الصبي قد يكون مفيدًا لاحقًا. '

تلك الكلمات، التي بدت خيّرة حينها، اتضح الآن أنها تخفي معنى أكثر خبثًا.

'يا له من حقير!'

الآن، كل شيء يعتمد على ما إذا كان هيرو سيقرر تنفيذ خطة العالِم أم لا

رمش الجندي الشاب بعينيه، مذهولًا.

"ماذا تعني بجعل الصبي ينزف؟"

هز العالِم رأسه.

"الأمر بسيط جدًا. إذا كان الوحش يعرف إلى أين نحن ذاهبون، فلا خيار أمامنا سوى التخلي عن خططنا للوصول إلى ممر الجبل وبدلاً من ذلك الصعود فوق قمة الجبل. إذا كان الوحش يتبع رائحة الدم، فعلينا استخدام أحدنا كطُعم لتضليله."

توقف للحظة.

"فقط بترك شخص ينزف في أسفل الطريق يمكننا تجنب مطاردته لنا، بغض النظر عن الطريقة التي يتعقبنا بها."

وقف هيرو دون حراك، وعيناه تنتقلان بين العالِم وساني. بعد بضع ثوانٍ، سأل:

"كيف يمكنك أن تقترح شيئًا دنيئًا كهذا؟"

تظاهر العالِم ببراعة بأنه يشعر بالأسى والجدية.

"بالطبع، يؤلمني ذلك! ولكن إذا لم نفعل شيئًا، سيموت الثلاثة منا. بهذه الطريقة، على الأقل، موت الصبي سينقذ حياتين. سيكافئه الآلهة على تضحيته!"

'يا له من لسان معسول. لقد كدت أصدق بنفسي.'

فتح الجندي الشاب فمه، ثم أغلقه مرة أخرى، مترددًا

كان ساني يراقب الناجيين الآخرين بصمت، يقيس فرصه في الفوز في قتال. كان العالِم بالفعل نصف ميت، لذا لن يكون التغلب عليه مشكلة. لكن هيرو ... البطل كان عقبة

.

.

.

يب الحقارة تمشي في دمه

2025/01/25 · 611 مشاهدة · 1305 كلمة
maranira
نادي الروايات - 2025