فتح الباب ببطء… صريره شقّ الصمت كأنّه صفعة من الماضي.
دخلت إليزا وخلفها ليون، وكانت الغرفة الأولى في الجناح المغلق مكسوة بالغبار، لكن الأثاث ما زال كما هو، وكأنّ أحدًا غادرها منذ يومين فقط، لا سنوات.
خطت إليزا بخفّة، وكأن الأرض تحكي لها شيئًا، وفي الزاوية… رأت صندوقًا خشبيًا صغيرًا مغطى بوشاح قديم.
قال ليون:
“لا تفتحيه إن لم تكوني مستعدة.”
لكنها نظرت إليه بعزم، ثم فتحت الصندوق.
في داخله رسائل… وصورة باهتة. التقطتها بيد مرتجفة. كانت الصورة لامرأة جميلة، تحمل طفلتين حديثتي الولادة… أحداهما ترتدي شريطًا ورديًا، والأخرى شريطًا أزرقًا. وعلى ظهر الصورة، بخطّ مرتعش:
“إيزي
…
.
.
سقطت يد إليزا.
“أنا…” قالت بصوت بالكاد يُسمع، “أنا أختها… توأمها.”
اقترب ليون منها خطوة:
“ماذا قلتِ؟”
نظرت إليه، ودموعها تلمع على خديها:
“لقد تخلّى عني أبي بعد وفاة أمي… تركني لعائلة فقيرة وربّتني كأني ابنتهم. وكنت سعيدة، لا أعلم شيئًا عن القصور والأنساب… أما هي… فقد بقيت هنا، وحيدة.”
جلس قربها، صامتًا. لم يعرف كيف يُمسك بتلك الكلمات، فقد كانت ثقيلة.
قالت إليزا، وهي تنظر إلى الصندوق المفتوح:
“ربما الصوت… لم يكن يحاول إيذائي. ربما كان يقودني… إلى هذه الحقيقة.”
سألها ليون:
“أتظنين أن الصوت كان يعرف كل هذا؟”
أجابت، بثقة لم تكن عندها من قبل:
“إنه لم يكن تحذيرًا… بل دعوة. ربما هناك شيء يريدني أن أرى ما خُبئ عني.”
ثم نظرت إليه، وعيناها مليئتان بالارتباك والحزن، وقالت:
“ليون… ماذا أفعل؟ إيزي أختي… لكنها لا تعلم. وإن علمت… لن تفرح.”
مدّ يده وأخذ يدها بلطف، وقال بصوت خافت دافئ:
“حين لا يعود الماضي ملكًا للخفاء… يصبح الحاضر أشدّ صدقًا. لا تخافي… أنا معكِ.”
وهنا، صدر عن الجدار الخلفي صوت طفيف… كأن حجرًا صغيرًا تحرّك.
نظرت إليه إليزا، ثم قالت:
“الباب التالي… فتح نفسه.