الطريق إلى الرتبة D

استيقظ هيونغ على صوت أشعة الشمس التي تسللت عبر نافذته، تداعب عينيه المغلقتين. فتح جفنيه ببطء، متأوهًا وهو يمد جسده المرهق. لم يكن قد نام جيدًا، عقله كان مشغولًا بما حدث الليلة الماضية، وبما هو قادم.

جلس على حافة السرير، يمرر يده على وجهه، ثم نظر إلى يديه للحظة. تذكر القوة التي يمتلكها الآن، وكيف تغير كل شيء منذ عودته. لكن هذا لم يكن وقت التفكير العميق—اليوم عليه اجتياز اختبار الترقية إلى رتبة D.

نهض من مكانه، ارتدى ملابسه بسرعة، قميص أسود بسيط وسروال قتالي، ثم وضع معطفه الطويل فوقهما. وقف أمام المرآة للحظة، عينيه تحدقان في انعكاسه. لم يعد يبدو كالصياد الذي كان قبل دخوله البوابة، هناك شيء في عينيه تغير… صلابة، برودة، قوة لم تكن لديه من قبل.

خرج من غرفته إلى المطبخ، حيث وجد سو يون جالسة على الطاولة، تتناول فطورها بصمت. رفعت رأسها عندما رأته، حدقت فيه للحظة ثم قالت بصوت خافت:

"ستذهب إلى النقابة اليوم، أليس كذلك؟"

أومأ لها وهو يأخذ تفاحة من السلة. "نعم، اختبار الترقية."

نظرت إليه بقلق، لكن لم تقل شيئًا. كانت تعلم أن هناك الكثير لم يخبرها به، لكنه لم يكن مستعدًا للمشاركة بعد.

"كن حذرًا." قالت أخيرًا، وعادت لتناول طعامها.

خرج من المنزل، شعر الصباح البارد ينعش جسده. سار عبر الأزقة التي حفظها منذ طفولته، متجنبًا أعين المتطفلين الذين ربما ما زالوا يتذكرونه كالشاب الذي قيل إنه مات.

عندما وصل إلى مبنى نقابة الصيادين، كان المكان يعج بالحركة، صيادون من مختلف الرتب يتنقلون بين المكاتب، يتبادلون الأحاديث، ويتابعون أحدث المهمات المعروضة على الشاشات المنتشرة في كل زاوية. لكن ما إن مر بينهم حتى بدأ همس غير مرئي يحيط به، نظرات متفحصة تتبعه أينما ذهب.

"من هذا…؟"

"انتظر… أليس هذا هيونغ؟"

"مستحيل… قيل إنه مات قبل أشهر!"

توقفت مجموعة من الصيادين عن حديثهم، وألقوا نظرات حذرة نحوه. آخرون رمقوه بدهشة، بينما تبادل البعض نظرات ذات معنى، وكأنهم يذكرون بعضهم البعض بالشائعات التي انتشرت منذ فترة—الشائعات التي أكدت اختفاءه في بوابة قاتلة، دون أي أثر لعودته.

لكن ها هو يقف أمامهم، يسير بثقة وكأن شيئًا لم يحدث. وجهه كان هادئًا، ملامحه لم تكشف أي توتر، وكأنه لم يسمع تلك الهمسات التي تحيط به.

تجاهل كل شيء واستمر في طريقه، لكن قبل أن يصل إلى مكتب الاستقبال، توقف للحظات أمام الحائط الشرفي، الجدار الضخم الذي يمتد من الأرض إلى السقف، منحوتًا من حجر أسود لامع يضفي عليه هيبة غامضة. دخل هيونغ إلى نقابة الصيادين، وهو يتفحص بعينيه المكان الواسع الذي يعج بالحركة. كانت النقابة مبنى ضخمًا متعدد الطوابق، جدرانه مكسوة برخام داكن يضفي عليه هيبة وفخامة. في وسط البهو الكبير، كانت هناك منصة استقبال مستديرة تحيط بها شاشات تعرض أسماء الصيادين وأحدث المهمات المتاحة. الصيادون من مختلف الرتب يتحركون في الأرجاء، بعضهم يناقش تفاصيل البعثات، وآخرون يتفاخرون بإنجازاتهم الأخيرة.

لكن أكثر ما جذب انتباه هيونغ هو الحائط الشرفي، الذي يقع في الجهة اليمنى من البهو، وهو جدار ضخم يمتد من الأرضية إلى السقف، مصنوع من حجر أسود لامع تعلوه إضاءة خافتة تعطيه هيبة غامضة.

في وسط هذا الجدار، كانت هناك خمسة شعارات ضخمة، منحوتة بدقة متناهية ومرصعة بالذهب والفضة، تمثل أقوى خمس نقابات في البلاد. كل شعار كان يحكي قصة مختلفة، يمثل قوة وأسطورة كل نقابة:

1. شعار "التنين القرمزي" – تنين ضخم ذو أجنحة منتشرة، تتوهج عيناه بلون أحمر قاتم. هذه النقابة هي الأقوى والأكثر نفوذًا، يقودها صياد من الرتبة S يُقال إنه لم يخسر معركة واحدة منذ تأسيس النقابة.

2. شعار "مخالب الليل" – صورة ظلال أربعة مخالب حادة تمتد عبر خلفية قاتمة. نقابة متخصصة في الاغتيالات والعمليات السرية، لا أحد يعرف الكثير عن أعضائها، لكن كل من يعترض طريقهم ينتهي به الأمر مختفيًا في الظلام.

3. شعار "القلعة الفضية" – درع ضخم تتوسطه نجمة مضيئة. هذه النقابة معروفة بولائها للعدالة وحمايتها للمدنيين، أعضاؤها غالبًا ما يعملون كحراس شخصيين أو يرافقون بعثات الإنقاذ في البوابات الخطرة.

4. شعار "قبضة الجحيم" – قبضة تخرج منها ألسنة لهب سوداء. تشتهر هذه النقابة بأسلوبها العنيف في القتال، لا يهتم أفرادها بالقوانين بقدر اهتمامهم بالقوة المطلقة، يقال إنهم مستعدون لقتل أي خصم يعترض طريقهم.

5. شعار "عين العاصفة" – إعصار دائري تتوسطه عين متوهجة. نقابة غامضة تضم أقوى مستخدمي السحر، استراتيجياتهم غير متوقعة، ويُشاع أنهم قادرون على التحكم في الطقس نفسه أثناء القتال.

وقف هيونغ أمام الجدار للحظات، يراقب الشعارات بصمت. هذه لم تكن مجرد رموز… كانت تمثل القوى التي تسيطر على عالم الصيادين.وقف للحظة، ينظر إلى اللافتة الكبيرة التي تعلو المدخل. هذه كانت خطوته الأولى نحو تحقيق أهدافه. دخل من الباب الزجاجي، واستقبله منظر الصيادين المتجمعين، بعضهم يتحدث بحماس، وآخرون يراجعون تجهيزاتهم.كان البهو الرئيسي للنقابة لا يزال يعج بالصيادين، الأحاديث الجانبية تتلاشى حين يمر هيونغ بينهم، الهمسات تنتشر كالنار في الهشيم. لكنه لم يكن يهتم، فقد كان تركيزه منصبًا على هدفه الوحيد: اجتياز اختبار الترقية إلى رتبة D.

لكن فجأة، توقفت قدماه. شعر بشيء مألوف… نظرة محدقة تخرق ظهره، إحساس ثقيل لم يستطع تجاهله. التفت ببطء، وعيناه التقت بعينين واسعتين مصدومتين.

كان هو.

قائد الفريق الذي خانه. الرجل الذي تركه للموت داخل تلك البوابة الجحيمية دون أن ينظر خلفه.

كان واقفًا عند مدخل البهو، جسده متجمد في مكانه، وكأن الأشباح عادت لتطارده. عيناه كانتا متسعتين، تعبران عن خليط غريب من الصدمة، الرعب، والارتباك.

"هيونغ…؟"

نطق اسمه وكأنه لا يصدق ما يراه. وكأن ما أمامه ليس إلا سرابًا أو شبحًا خرج من عالم الموتى. كان صوته مهتزًا، مشبعًا بحيرة لم يستطع إخفاءها.

شعر الصيادون حولهم بالتوتر، الكثير منهم توقف عن الحديث، وأصبح البهو أكثر هدوءًا من المعتاد.

تقدم الرجل خطوة إلى الأمام، ملامحه تحاول أن تستعيد هدوءها، لكن التوتر في صوته كان واضحًا:

"كيف… كيف استطعت النجاة؟"

لم يجب هيونغ فورًا، فقط نظر إليه نظرة باردة، نظرة لم يستطع الرجل قراءتها. كان الصمت أكثر ثقلاً من أي كلمات قد تُقال.

ثم، بعد لحظة صمت طويلة، انحنى هيونغ قليلاً إلى الأمام، وعيناه لا تزالان مثبتتين على خائن الأمس.

"لم أمت."

كانت تلك الكلمات وحدها كافية لتجعل الرجل يبتلع ريقه بصعوبة. لقد فهم تمامًا ما تعنيه… "لم أمت، رغم أنك تركتني هناك ليموت."

الأمر لم يكن بحاجة إلى تفسير إضافي.

أما الصيادون الآخرون، فقد بدأوا يلتقطون قطع الأحجية. الهمسات عادت، لكنها كانت مختلفة هذه المرة… أكثر إثارة، وأكثر رعبًا.

"مهلًا… هل يقول إن هذا الرجل خانه؟!" "لا عجب أن وجهه يبدو كالأموات، من ينجو من خيانة كهذه؟!" "يا ترى… ماذا سيفعل الآن؟"

لكن هيونغ لم يتحرك، لم يبدُ غاضبًا، لم ينفجر بالكلمات، لم يوجه أي تهديد… فقط نظر إليه نظرة باردة، نظرة جعلت الرجل يشعر بأنه أصغر من ذرة غبار.

أما القائد السابق، فقد شعر للمرة الأولى منذ زمن بعيد… أن الماضي الذي ظن أنه دفنه، قد عاد ليطارده من جديد.

تقدم نحو قسم الاستقبال، حيث كانت موظفة ذات نظارات تحدق في شاشة حاسوبها اللوحي. رفعت عينيها نحوه عندما اقترب.

"مرحبًا، أود التسجيل في اختبار الترقية إلى رتبة D." قال بصوت هادئ لكنه حازم.

أومأت الموظفة، وبدأت في إدخال بياناته. بعد لحظات، نظرت إليه مجددًا:

"اسمك؟"

"هيونغ كيم."

توقفت للحظة، وكأنها تتذكر الاسم، ثم نظرت إليه بحذر، لكنها لم تقل شيئًا.

"حسنًا، اختبار الرتبة D سيُعقد خلال ساعة في القاعة التدريبية الثالثة. هل لديك سلاحك الخاص، أم ستستعير واحدًا من النقابة؟"

"لدي سلاحي."

أشارت إلى الممر المؤدي إلى القاعة. "انتظر هناك حتى يتم استدعاؤك."

أومأ لها، ثم سار عبر الممر الطويل، أفكاره تدور حول ما سيحدث بعد قليل.

في هذه اللحظة، لم يكن الاختبار مجرد ترقية… بل كان إثباتًا أنه لم يعد ذلك الشخص الذي تم التخلي عنه.

كان مستعدًا.

دخل هيونغ قاعة الاختبار بخطوات ثابتة، غير آبه بالأنظار التي تتبعه بنظرات الدهشة والريبة. كانت القاعة فسيحة ذات سقف مرتفع، مجهزة بتقنيات حديثة تحاكي ساحات القتال الحقيقية. على أحد الجدران، كانت هناك شاشة ضخمة تعرض أسماء المشاركين وترتيبهم، بينما كان في الجانب الآخر ممر يؤدي إلى ساحة القتال حيث سيجري الجزء الأخير من الاختبار.

وسط القاعة، كان هناك عدد من الصيادين الممتحنين، بعضهم يتدرب، وآخرون يتهامسون وهم ينظرون إلى هيونغ.

"أليس هذا… هيونغ؟" "سمعنا أنه مات في البوابة قبل أشهر… كيف يكون هنا؟" "هل هو شبح؟ مستحيل!"

لم يكترث هيونغ بتلك الهمسات، فقد اعتاد على نظرات الريبة والخوف منذ عودته. لكنه لم يكن هنا من أجلهم—كان هنا من أجل شيء واحد فقط: اجتياز الاختبار واستعادة مكانته.

إعلان بداية الاختبار

وقف مشرف الاختبار، وهو صياد قوي من الرتبة B، أمام المشاركين وقال بصوت واضح:

"مرشحو الرتبة D، اختباركم سيتكون من ثلاث مراحل: تقييم القوة البدنية، اختبار المهارات القتالية، وأخيرًا، قتال ضد وحش من المستوى D!"

تحولت النظرات القلقة بين المشاركين إلى جدية، بينما البعض ابتسم بثقة. كان هناك ما يقارب 20 متقدمًا، لكن هيونغ لم يهتم بأي منهم، فقد كان يعلم أنه مختلف عنهم تمامًا.

---

المرحلة الأولى: القوة البدنية

تم اصطفاف المشاركين أمام جهاز ضخم يستخدم لقياس قوة الضربة، حيث يقوم كل متقدم بتوجيه لكمة إلى الجهاز ليتم تسجيل مقدار قوته بالأرقام.

عندما حان دور هيونغ، وقف أمام الجهاز، ووضع قبضته اليمنى عليه للحظات، وكأنه يقيس المسافة بدقة.

"اضرب بأقصى قوتك." قال المشرف، وهو يراقبه بنظرة غير مكترثة.

أخذ هيونغ نفسًا عميقًا، ثم رفع قبضته، قبل أن يوجه لكمة خاطفة!

بووووم!!!

تصدّع الجهاز من قوة الضربة، قبل أن يُصدر وميضًا أحمر ويُظهر أرقامًا لم تظهر من قبل في اختبار الرتبة D.

[القوة المسجلة: 1200 كيلوغرام]

صمتت القاعة للحظات. حتى المشرف بدا متفاجئًا، وهو ينظر إلى الأرقام قبل أن يعود إلى تعابيره الجادة.

"نتيجة… تتجاوز بكثير متطلبات الرتبة D."

بدأت الهمسات تعود مرة أخرى بين الصيادين:

"ما هذا؟! هذا مستوى رتبة C على الأقل!" "كيف يمكن لشخص من المفترض أنه مات أن يمتلك هذه القوة؟!"

لكن هيونغ لم يلتفت إليهم، فقط تنحى جانبًا ببرود وانتظر المرحلة التالية.

---

المرحلة الثانية: المهارات القتالية

تم استدعاء المشاركين واحدًا تلو الآخر لمواجهة مدربين من الرتبة C.

عندما حان دور هيونغ، دخل إلى الحلبة، ليجد نفسه في مواجهة مدرب قوي الجسد، ذو شعر قصير ونظرة ساخرة.

"أنت ذاك الذي يدّعون أنه عاد من الموت؟ حسنًا، دعنا نرى إن كنت حقًا حيًا!" قال المدرب بابتسامة مستفزة.

"ابدأ القتال!"

تحرك المدرب بسرعة، مهاجمًا هيونغ بلكمة سريعة نحو صدره.

لكن قبل أن تصل إليه…

اختفى هيونغ من مكانه.

"ماذا؟!"

في لحظة، ظهر خلف المدرب، ثم وجه له ضربة بالكوع في ظهره!

طار المدرب إلى الأمام، وانزلق على الأرض حتى توقف بصعوبة. رفع رأسه، وهو يلهث بصوت مرتفع، نظرات الدهشة والذهول تملأ عينيه.

"هذا… ليس مستوى شخص يسعى إلى الرتبة D!"

نظر المشرف إلى هيونغ بتمعن، ثم دوّن ملاحظاته دون أن يُظهر أي تعبير.

---

المرحلة الثالثة: قتال الوحش

وقف المشاركون أمام قفصٍ ضخم، حيث احتجز بداخله وحش من المستوى D.

"هذا هو آخر اختبار لكم—إن لم تتمكنوا من قتل الوحش أو شله عن الحركة خلال 3 دقائق، فستفشلون!"

فتح الحراس القفص، فانطلق منه وحش الذئب المدرع، مخلوق ضخم ذو أنياب حادة، ودرع طبيعي يغطي جسده.

كان على المشاركين محاربته واحدًا تلو الآخر، وعندما جاء دور هيونغ، وقف الجميع في صمت، يراقبونه بحذر.

زمجر الذئب وانقض عليه بسرعة.

لكن بدلًا من التراجع، بقي هيونغ واقفًا بثبات.

وفجأة…

انطلقت من جسده هالة سوداء مظلمة!

بدأ الهواء يثقل، وارتعدت الأرض قليلاً تحت أقدام المشاركين. تراجع الذئب المدرع بغريزته، عيناه تلمعان بالخوف، وهو يصدر زمجرة تردد فيها التردد والرهبة.

لم يمنحه هيونغ فرصة للهروب.

تشكل في يده سيف مظلم مصنوع من الطاقة السوداء، وبحركة واحدة…

قطع رأس الذئب إلى نصفين بضربة واحدة.

ساد الصمت المطلق في القاعة.

حتى المشرف نفسه لم يتمكن من إخفاء تعابير الذهول، قبل أن يتمالك نفسه ويكتب النتيجة:

"…تم اجتياز الاختبار بنجاح."

لكن الجميع كانوا يعلمون…

هذا لم يكن مجرد نجاح عادي، بل شيء يتجاوز جميع التوقعات.

وقف المشرف أمام هيونغ وقال بصوت منخفض، وهو يراقبه بعينين ضيقتين:

"أنت… لست مجرد صياد من الرتبة D، أليس كذلك؟"

ابتسم هيونغ بخفة، ثم استدار ليغادر القاعة.

لكنه كان يعلم…

هذه ليست سوى البداية.

2025/02/20 · 12 مشاهدة · 1850 كلمة
Aymen
نادي الروايات - 2025