تستلقي ليليث على سريرها مُغلقةً عينيها تفكر، سارحةً في خيالها وأفكارها، تحاول أن تستجمع أفكارها محاولةً استيعاب وضعها الحالي. لطالما كانت تقع في المشاكل، لكن كان أخوها ساني ينقذها أغلب الوقت، وبالطبع كان أصدقاؤها في الفريق ينقذونها كذلك. لكن الآن، لا ساني، ولا ليسا، ولا كارلوس موجودون حالياً، يوجد فقط نير.

حتى مع وجود نير، تتخلل إلى رأسها أسئلة مثل: هل هو جدير بالثقة حقاً؟ أو ماذا سيفعل عندما يعرف أني من عصابة لصوص النجوم المشهورة؟

هذه الأسئلة تُضعف ثقتها بنير.

بينما هي سارحة في أفكارها، تفتح عينيها فجأة، فإذا بها ترى الفتاة راعية البقر، زميلتها في السكن، أمامها مباشرة.

كان وجهها قريباً جداً من وجهها، وشعرها الأصفر القصير لا يبعد سوى سنتيمتر عن وجهها.

تُبعد راعية البقر وجهها بسرعة وتبتعد بضع خطوات، وتقوم ليليث بالمثل.

"أمم حسناً..."

يبدو التوتر على وجه راعية البقر، وكأنها تريد قول شيء لليليث لكنها لم تتمكن من قوله. وكردة فعل طبيعية، تُبدي ليليث ردة فعل مستغربة ممزوجة بالتوتر والحيرة، مما يخلق بينهما جواً محرجاً.

تبتلع راعية البقر ريقها وتقول:

"أمم حسناً... كما كنت سأقول، لقد بدوتِ رائعة أنتِ وذاك الفتى ذو الشعر الأحمر اليوم."

لا تجد ليليث كلمات لتقولها، فتُرغم نفسها على الرد:

"أمم شكراً..."

يزداد الجو المحرج بينهما، لكن تُجبر راعية البقر نفسها مجدداً على الكلام وتقول:

"هل أنتِ متأكدة مما فعلتماه؟"

تظهر الحيرة على وجه ليليث وتقول:

"فعل ماذا؟"

"حسناً، كما تعلمين... العبث مع أفراد العصابة وإحراجهم أمام الناس."

تزداد علامات التعجب فوق رأس ليليث:

"عصابة؟ أي عصابة؟"

تنظر راعية البقر نحو ليليث بنظرات من الحيرة والتفكير. وبعد ما يقارب ثانية من التفكير، تتذكر أن ليليث جديدة.

"أوه، صحيح! نسيت، أنتما وذاك الفتى جديدان، فلا بد أنكما لا تعلمان. يتم حكم هذا الطابق من قبل عصابة تُعرف باسم عصابة (مطاردو الفوضى)."

حسناً، هذا اسم مبتذل آخر... جدياً، من يقوم باختيار الأسماء هنا؟

تكمل راعية البقر كلامها:

"هذه العصابة لها أفراد في السجن، لذا يتم احترامهم، وقائدهم قد تم حبسه واسمه جيمز. والشخص الذي ضربتموه البارحة كان أحد أفراد العصابة، ولا أظن أن الأمور ستنتهي على خير."

تتنهد ليليث بعمق وهي تفرك عينيها:

"حسناً، اسمعي... أنا لم أفعل أي شيء. نير هو من قام بكل هذه الأمور، لذلك أنا معفاة من هذا."

تهز راعية البقر رأسها يميناً ويساراً:

"ما دمتِ قريبةً منه، فأنتِ ستكونين ضحية بدورك. من الآن عليكِ الحذر."

تتنهد ليليث بحسرة وتقول:

"شكراً على التحذير... لكن من أنتِ؟"

ترد راعية البقر:

"أوه، آسفة! نسيت أن أُعرّف عن نفسي. أنا أسوماس، يمكنك مناداتي بأسو. بما أني عرفت عن نفسي، هل يمكنك أن تُعرّفيني عن نفسك؟"

وبالطبع، ترد عليها ليليث بابتسامة قائلةً:

"أنا اسمي ليليث، شكراً على تحذيركِ لي."

تجلس أسو على سريرها المقابل لسرير ليليث وتقول:

"على الرحب..."

تُخفض أسو رأسها وتبدأ في تشابك أصابعها ببعضها وتقول بنبرة توتر ممزوج بالارتباك:

"ف-في الحقيقة... هناك ما أردت سؤالك عنه... هل تسمحين؟"

تبتسم ليليث ابتسامة ممزوجة بتساؤل وتقول:

"بالطبع، لما لا؟"

رغم قول ليليث لهذا، لكنها كانت حذرة جداً من السؤال وتستعد للكذب إذا لزم الأمر.

يرتجف صوت راعية البقر وهي تحاول إرغام نفسها على الحديث، ثم تصرخ قائلةً:

"هل أنتِ تواعدين ذاك الفتى ذو الشعر الأحمر؟!"

يعمّ صمت محرج في أجواء المكان بعد الصراخ مباشرة. فهمت ليليث مقصد السؤال لكنها عجزت عن الرد.

تُدرك أسو إحراج الموقف، وبسرعة تسعى لتخفيف وطأته:

"أم، لم أكن أقصد أي شيء... فقط... حسناً..."

دون قصد، تزيد من توتر الجو بينهما بسبب تلعثمها في الكلام، وهي مدركة لذلك.

تشعر ليليث بالشفقة نحو راعية البقر التي تبدو على وشك البكاء:

"... لا، أنا لست أواعده."

ترفع راعية البقر رأسها بابتسامة على وجهها، بينما تستلقي ليليث على سريرها، معطيةً ظهرها لأسو:

"شكراً لكِ!"

ترتجف زاوية شفة ليليث وتغطّ في نوم عميق.

***

في الصباح، وبينما كانت ليليث ذاهبة إلى الكافيتيريا لتلتقي بنير، إذا بأسو تتبعها. يبدو أن حديثهما السابق قد وطّد علاقتهما. أثناء السير، تبدأ أسو في إزعاج ليليث بأسئلة مثل:

"ا اسم صاحب الشعر الاحمر؟" او "هل لدا نير حبيبة؟"

تحمّلت ليليث كل أسئلتها المزعجة، ولسببٍ ما، عندما ترى ليليث أسو، يتخللها شعور غريب، وكأنها ترى نفسها في صغرها.

هل كانت ليليث مزعجة إلى هذه الدرجة؟

بدأت ليليث تُقدّر جهد وصبر ليسا وساني معها.

سألت ليليث أسو:

"أنتِ تعرفين أنه ليس من الجيد أن تتبعيني، أليس من الخطر أن يروكِ معي؟"

أجابت أسو بخجل:

"ل-لا، أنا فقط أردت أن أرى نير لوهلة فقط... شكراً على خوفكِ علي."

تفكّر ليليث في داخلها:

"هذه الشقية... هل تظن أنها في قصة رومانسية داخل السجن؟"

عند خروج ليليث من قسم الإناث ودخولها إلى الكافيتيريا، ترى صاحب الشعر الأحمر يجلس وحيداً، وهو يتناول بهدوء ذاك الشيء, يا له من منظر متأنق... على الأقل في نظر أسو

تقترب ليليث منه وتصفعه على مؤخرة رأسه:

"أيها الأحمق، ألم أقل لك ألا تتناول الطعام حتى نلتقي؟!"

وقف نير بغضب مواجهاً ليليث:

"ما بالكِ أنتِ؟ كلما التقينا تصفعينني، هذا مؤلم، أتعلمين؟"

تُحدّق ليليث مصدومة مما قاله نير، تلف رأسها نحو الأسفل واليمين وتقول:

"أ-أسفة."

يتنهد نير ثم يقول:

"أنا آسف لأني صرخت عليكِ أيضاً، لكن جدياً، توقفي عن الصفع... هذا مؤلم."

تومئ ليليث برأسها بهدوء، وخلفها تقف أسو التي كانت تنتظر من ليليث أن تعرّفها على نير. بدا التوتر واضحاً على ملامحها.

فكرت أسو في ألف طريقة لتقديم نفسها لنير، لكن جميعها إما عادية أو محرجة, تريد أن تُقدّم نفسها له بطريقة مميزة، لذا ما زالت تفكر حتى هذه اللحظة

قاطع تفكيرها كلام ليليث:

"أوه، صحيح، نسيت أن أعرّفكِ على أسو."

تفاعلت أسو مع كلامها لا شعورياً، لكن توترها كان مهيمناً على ثقتها:

"أوه مرحباً يا صاح! اسمي أسوماس، يمكنك مناداتي أسو."

مدّت أسو يدها لتصافح نير، وعلى وجهها ابتسامة مهتزة وشفاهها ترتجف.

رغم محاولتها البقاء واثقة، كان التوتر واضحاً من عينيها.

لاحظ نير هذا الشيء بسرعة، وسرعان ما تحوّلت تعابير وجهه إلى التجهم.

"لا بد أنها خائفة مني بعد ما حدث البارحة، إضافة إلى صراخي على ليليث الآن... حسناً، لا أستطيع لومها."

أو هذا ما فكر فيه نير.

انقلب الوجه المتجهم بسرعة إلى ابتسامة مشرقة.

"حسناً، فلنُحسن صورتي أمامها."

مدّ نير يده نحو أسو وصافحها قائلاً:

"اسمي نير، تشرفت بلقائك."

فور أن صافح نير أسو، شعرت أسو بموجة من المشاعر المختلطة. قلبها يدق بسرعة ووجهها احمر، لم تتمكن من كتم ابتسامتها التي كانت تشق وجهها.

لم تكن واضحة لنير بسبب القبعة التي كانت ترتديها.

حصل كل هذا أمام ليليث التي كانت ترى هذا العرض أمامها:

"هل نحن في دراما رومانسية أم ماذا؟"

قاطعتهم ليليث وقالت:

"نير، ليس لدينا وقت للتعارف، علينا أن نجد طريقة للخروج."

اتّسعت عينا أسو عند سماعها ذلك:

"ماذا؟ سوف تهربان؟!"

وضعت ليليث يدها على فم أسو بسرعة:

"شش! عليكِ أن تصمتي، وإلا سمعكِ أحد!"

تهز أسو رأسها بهدوء، والصدمة واضحة في عينيها. أفلتت ليليث يدها عن فم أسو.

أعادت أسو سؤالها، لكن بنبرة صوت منخفضة وأقل صدمة:

"ماذا؟ سوف تهربان؟"

هزّت ليليث رأسها بهدوء ثم قالت:

"علينا الخروج، لا يمكننا البقاء هنا."

صمتت أسو للحظة، ثم قالت:

"لكن كيف؟ نحن في الطابق الثالث، الخروج من هنا سيكون أشبه بالمستحيل."

بسرعة، رفعت ليليث حاجبها وقالت:

"الطابق الثالث؟ ماذا تعنين بهذا؟"

قال نير بهدوء:

"هذا السكن يتكون من ثلاثة طوابق تحت الأرض، وكلما غصنا في الطوابق زادت الحراسة."

تلف ليليث رأسها يميناً ويساراً بحثاً عن أي حراس، ثم تقول:

"لكن الحراس الوحيدين هنا هم من يحرسون مداخل قسم الإناث وقسم الذكور، أليس كذلك؟"

يمسك نير بذقنه ويفكر:

"صحيح، إذاً يمكننا الخروج."

"جدياً؟ كيف يفكر هذا الأحمق؟!"

تتنهد أسو وتقول:

"اتبعاني للحظة."

تأخذهما أسو إلى أحد زوايا الكافيتيريا، قرب أحد الجدران.

"انظروا إلى هذا الجدار."

تبدأ أسو في الطرق على الجدار، ثم تطرق عليه مرة أخرى في مكان مختلف.

"هل لاحظتم الصوت المختلف في البقعة الأولى التي طرقت فيها؟ هذا في الحقيقة باب، لكن لا يمكن لأحد المرور عبره سوى الشرطة الذين يرتدون الزي الرسمي. حتى هؤلاء الحراس لا يمكنهم المرور من هنا."

فكر نير في نفسه:

"يا لها من فتاة رائعة... رغم خوفها مني، إلا أنها تساعدنا. عليّ حقاً أن أحسّن علاقتي معها."

يمسك نير بكتفيها ويقول:

"رائع حقاً! أنتِ حقاً فتاة مذهلة!"

من شدة الصدمة، لم تتكلم أسو، بل بقيت صامتة واحمر وجهها مجدداً.

صفعت ليليث نير على رأسه.

التفت نير نحو ليليث متفاجئاً وصرخ:

"أوتش!! هذا مؤلم! قلتِ إنكِ لن تصفعيني مجدداً!"

بغضب، صرخت ليليث:

"قلت إنني لن أصفعك بدون سبب، لكنك الآن تزعج الفتاة!"

"هاه؟ ماذا فعلت أنا؟!"

كشر كل منهما عن أنيابه للآخر.

قاطعتهم أسو بصوت بالكاد يُسمع قائلة:

"ل-لا بأس... الحقيقة... أعجبني الأمر..."

كلامها هذا خلق جواً من الصمت... وكان الصمت محرجاً لأسو.

"ل-لا، ما كنت أعنيه ه-هو..."

قبل أن تُنهي كلامها، خرج رجل من الجدار الذي كانت تتحدث عنه أسو قبل لحظات.

ابتعد كل من ليليث ونير وأسـو عن الرجل.

كان الرجل مهيب الشكل، بتعابير باردة، شعره أسود قصير، عيناه حمراوان، يرتدي زيّاً رسميّاً، وعلى صدره شعار يحمل شكل قلعة شطرنج.

فور أن لاحظت أسو القلعة، تجمدت في مكانها وهي ترتجف.

لاحظ كل من نير وليليث هذا، فسألت ليليث أسو وهي متوترة، بهدوء:

"أسو، من هو هذا الشخص؟"

لفّت ليليث رأسها ناحية نير، فرأته يكشر عن أنيابه نحوه، وكأنه غاضب.

لم تُجبها أسو، بل بقيت صامتة، حتى خرج شخص آخر من الجدار، كان يرتدي زياً أقل أناقة من الرجل الأول، ولم يكن يرتدي شعاراً.

توقف الرجل عندما رأى الشخص المهيب ينظر للسجناء، وبهدوء قال الرجل المهيب:

"ما هي أسماء هؤلاء السجناء؟"

ارتدى الرجل الآخر نظارات تُظهر أسماء السجناء وبدأ في قول الأسماء:

"تلك الفتاة ذات القبعة اسمها أسوماس روس، وتلك الفتاة هناك اسمها ليليث تورياك، والفتى اسمه نير رونتير."

"هاه... نير، إذًا..."

يتقدّم الرجل بخطوات بطيئة وواثقة ناحية نير...

****

لا تنسو دعم الرواية على موقع webnovel

****

2025/04/23 · 4 مشاهدة · 1509 كلمة
dark-katana
نادي الروايات - 2025