لا اتسو الدعم للاستمرار

***********

مع كل خطوة ثقيلة، يزداد التوتر.

ابتلع "نير" ريقه وهو متأهّب لأيّ شيء قد يفعله ذلك الرجل. خطوة تلو الأخرى، ومع كل خطوة يزداد الضغط على نير.

اقترب الرجل حتى لم يبقَ بينه وبين نير سوى بضع خطوات. بعينين حمراوين جادّتين، نظر إليه بلا مبالاة، ثم مدّ يده قائلًا:

"أأنت صديق ليكس؟ تشرفت بمعرفتك، ليكس يتحدث عنك دائمًا."

فور سماعه لاسم "ليكس"، اجتاح نير شعور بالغضب، فمجرد سماع الاسم يكفي لإثارة غضبه.

وقفت "ليليث" تشاهد الموقف بصمت، والقلق بادٍ على وجهها، ثم فجأة شعرت بألم في رأسها من جديد.

رفعت رأسها لترى نير يقفز على الرجل موجّهًا لكمة نحوه، لكن الرجل تفاداها بسهولة، ونزع قفازاته، ثم أمسك بكتف نير... وانفجر نير؟!

تحوّل جسده إلى غبار. لم تستطع "ليليث" تحمّل المشهد، فسقطت على الأرض مغشيًّا عليها.

أغمضت عينيها في صدمة، وحين فتحتها، وجدت نفسها واقفة كما كانت، ونير يقف بجوارها. لم يكن قد صافح الرجل بعد.

قال الرجل مبتسمًا:

"هل ستترك يدي معلّقة هكذا؟"

فهمت ليليث الموقف بسرعة، ومدّت يدها لتصافحه قائلة بابتسامة متوترة:

"أعتذر بالنيابة عنه، لقد أُصيبت يده، فلا يستطيع مصافحتك..."

نظر الرجل نحوها بنظرة مخيفة:

"فهمت، أعتذر لعدم تفهمي، لقد أخطأت."

وقف نير حائرًا من تصرف ليليث، يتساءل في نفسه: لماذا قالت ذلك؟ رغم تساؤلاته، اختار الصمت ليرى ما ستفعله.

"آه صحيح، نسيت أن أعرّف عن نفسي، أنا مايكل أستور. الآن، اعذروني، لدي الكثير من العمل."

استدار وقال للرجل الذي جاء معه:

"هيا بنا."

غادر الرجل الغامض بهدوء، وعبر الجدار الشفاف. أثناء مروره، سأل مايكل:

"سيدي، هل لي بسؤال؟"

أومأ مايكل برأسه:

"نعم، تفضل."

صمت الرجل لحظة ثم قال:

"لماذا أتيت إلى هنا؟ لقد قلت أنك تريد الاطلاع على أحوال السجناء، وهذا خارج نطاق عملك."

أجاب مايكل بهدوء وهو يسير:

"جئت لزيارة القاضي هول فقط، بعد أن سمعت أنه هنا. لم أكن أعلم أن نير موجود."

سأله الحارس بدهشة:

"هل تعرف نير؟"

"أعرفه، لكن ليست معرفة شخصية. سمعت عنه فقط. هو أكثر شخص يحبه القاضي هول، وأردت أن أراه لأول مرة."

"وما رأيك به؟"

توقف مايكل فجأة وقال:

"أظنه مغفلاً. أحمق لا يستطيع كبح نية القتل، ولا يعرف كيف يخفيها. من المؤكد أن نهايته قريبة. لكن تلك الفتاة ذات الشعر الأبيض مثيرة للاهتمام... هل تعرف شيئًا عنها؟"

رد الحارس بعد تفكير:

"ليليث... حاليًا، كل ما أعرفه أنها جزء من فرقة 'لصوص النجوم'. غير ذلك، لا شيء."

وضع مايكل يده على ذقنه وقال:

"لصوص النجوم، إذًا... ابحث عنها أكثر. أريد تقريرًا كاملًا هذا المساء. بعد حادثة البارحة، يبدو أن هذا المكان مليء بالمثيرين للاهتمام."

وقف الجندي بوضع احترام، ووضع يده أمام رأسه وقال:

"بالطبع! في المساء سأرسل لك التقرير كاملًا، يا نائب القاضي هول!"

****

في الجهة الأخرى،

سقطت "ليليث" على ركبتيها وهي تلهث بقوة:

"لا أصدق... لقد نجونا."

من خلفها، قال "نير" بنبرة مستغربة:

"نجونا من ماذا؟"

نظرت ليليث إليه ثم أشاحت بوجهها، وبدأت ذاكرة انفجار نير تتكرر في ذهنها.

"لا أعلم كيف أقول هذا... لكن أظن أن لديّ قوة خارقة من نوع ما."

صمت "نير" لبرهة، ثم قال بسخرية:

"نعم، بالطبع، وأنا لدي ذراع آلية!"

وقفت "ليليث" في وجهه وصرخت:

"لا، أنا جادة!"

صرخ "نير" بدوره:

"جادة بشأن ماذا؟ قوة خارقة؟ جديًا؟ هل تظنين أننا في قصة أبطال خارقين؟"

تلعثمت "ليليث" وهي تحاول الحفاظ على ثقتها:

"للا، أنا جادة! قبل أن أصافحه، ظهرت لي رؤية... رأيت أنك حاولت لكمه، لكنه تفادى اللكمة، ونزع قفازيه، وأمسكك من كتفك... ثم... ثم انفجرت!"

عمّ الصمت لبضع دقائق، قطعه صوت "آسو" مترددة:

"للكن لماذا قد يلكمه نير؟"

أجابت "ليليث":

"لا أعلم، اسألي نير."

التفتت كل من "ليليث" و"آسو" نحو "نير"، في انتظار رده.

قال مترددًا:

"ففي الحقيقة، أغضبني كلامه، خاصة عن أنني صديق لذاك المدعو ليكس... للكن، رغم ذلك، لم أكن سألكمه!"

نظرت "ليليث" إليه نظرة شك:

"مثلما كدت تكسر ذراع الشخص الذي سكب عليك العصير؟"

ارتبك "نير":

"للكن هو من بدأ! لقد استفزني حقًا... حسنًا، ربما كنت سألكمه، لكن... كيف جعلني أنفجر بمجرد لمسه لي؟!"

فكرت "ليليث" قليلًا ثم سألت:

"للا أعلم... هل تعرفين شيئًا عن هذا، يا آسو؟"

أجابت "آسو" بعد تفكير:

"سمعت أمرًا مشابهًا... يقولون إن السيد مايكل، عندما يذهب في مهام منفردة، لا يتم العثور على جثث ضحاياه. كانوا يقولون إنه يأكلهم أو شيء كهذا..."

تنهد "نير":

"حسنًا، يبدو أن لديكِ قدرة مميزة تمكّنكِ من رؤية المستقبل... هل يمكنكِ استخدامها الآن لتعرفي ما سأقوله؟"

ردّت "ليليث":

"في الحقيقة، يبدو أن قدرتي تتفعّل تلقائيًا دون وعي مني."

سألها "نير":

"هل هذه أول مرة تستخدمينها؟"

"لا، فُعّلت مرتين من قبل: مرة في المهرجان، ومرة أثناء محاولتنا الهرب..."

"وهل تشعرين بأعراض غريبة أو أشياء غير معتادة عند تفعّلها؟"

"في الحقيقة، أشعر بصداع... و—"

توقفت فجأة وهي تتذكر حلميْن غريبين حلمت بهما مؤخرًا.

"وأيضًا، حلمت بأحلام غريبة مؤخرًا..."

سألها "نير":

"كيف غريبة؟"

"في الحلم الأول، كنت في غابة، وفي سن صغيرة، وكان الجو ممطرًا، وكنت أبكي كثيرًا. ثم حضنني شخص أسود مثل الظل، وقبل أن أرفع رأسي لأراه... استيقظت."

حاول "نير" و"آسو" التفكير في تفسير، لكن دون جدوى.

"وما هو الحلم الثاني؟"

"كان في حقل أزهار لا نهائي، وكنت طفلة أيضًا. رأيت نفس الظل جالسًا قرب شجرة يقرأ كتابًا. اقتربت منه وسألته عن سبب وجوده، فكان يجيب بكلام غير مفهوم، لكني كنت أشعر بالراحة وكأنني أفهمه."

فكر "نير" و"آسو" مجددًا، لكن "نير" شعر بصداع من كثرة التفكير:

"جدّيًا، ما قصة هذه الأحلام؟"

قالت "ليليث":

"لا أعلم، لكن لا بد أن لها علاقة بقدرتي الجديدة."

فكرت "آسو" بعمق وهمست:

"ربما هو..."

"هاه؟ ماذا قلتِ؟" سألها "نير".

"لا، لا شيء، فقط..."

قاطعها صوت انفجار خارج الكافيتريا.

ركض الثلاثة خارجًا نحو مصدر الصوت، بينما فكّرت "آسو" في سرّها:

"لا يمكن... هل جاء الوقت؟ لكن لماذا لم يُعلمني؟"

وصلوا للخارج فرأوا حفرة كبيرة في الجدار، وكان السجناء يندفعون نحوها.

خلال لحظات، بدأ الحراس بالخروج من الجدران الخفية، وأحاطوا الحفرة.

"ابتعدوا! عودوا إلى زنازينكم!"

ظنت "ليليث" أن الأمر انتهى، لكن فجأة، وقع انفجار آخر، هذه المرة فوقهم مباشرة. انفجر السقف، وبدأت كتل ضخمة من الصخور تتساقط.

ركض الثلاثة بعيدًا، لكنهم تفرقوا بفعل الفوضى. ذهبت "ليليث" في جهة، وذهب "نير" و"آسو" في جهة أخرى.

وقفت "ليليث" لتلتفت إلى الوراء، فرأت مشهدًا مرعبًا:

العشرات من السجناء والحراس تحت الأنقاض، منهم من مات، ومنهم من يصرخ طلبًا للنجدة. كانت قد نجت بأعجوبة، ولو كانت أقرب بقليل، لانتهت مثلهم.

اهتزّت ركبتيها وقالت بخوف:

"يا إلهي، ما هذا... نير! نعم، عليّ إيجاده، لا بد أنه يعرف ما يجب فعله!"

لم تمضِ لحظات حتى سمعت انفجارًا آخر.

ركضت ليليث بشكل هستيري، دون أي تفكير.

شعرت بالخدر في ركبتيها، لكنها أجبرت نفسها على الاستمرار، تتساقط دموع الخوف والقلق من عينيها.

لم تكن تعرف ما تفعل، فـ"ساني" هو من كان يخطط عادةً، لكن الآن... لم يكن هنا.

الاعتماد الدائم على خططه المحكمة جعلها تفقد مهارة التصرف الارتجالي.

وأثناء ركضها، لمحت رجلًا ذا شعرٍ أشقر وبشرة سمراء يناديها للدخول إلى إحدى الغرف.

بدون تفكير، ركضت نحوه وقفزت إلى الداخل.

كانت الغرفة غريبة، لم ترها من قبل، لكنها لم تهتم. كان همّها الوحيد النجاة.

فور دخولها، ضغط "جيمز" على زر في الحائط فأُغلق المدخل.

"ماذا تفعل؟ هناك أشخاص بالخارج!"

صرخت ليليث وهي واقعة على الأرض، تلهث وتتوسل.

ردّ جيمز ببرود:

"لا يمكننا ترك الباب مفتوحًا، الشرطة ستدخل وستمسك بنا. نحن نخطط للهرب... هل أنتِ معنا، أم نلقيكِ للخارج؟"

نظرت ليليث حولها، ففهمت أنها في الغرف السرية التي حدثتها عنها "آسو" من قبل، وكانت ممتلئة بأشخاص غرباء.

ابتلعت ريقها، وقالت بتوتر:

"ححسنًا..."

بدأ الجميع الركض خلف "جيمز" الذي كان يحمل خريطة تُظهر الطريق داخل هذه الغرف.

وأثناء ركضهم، توقّف الجميع فجأة، فتعثّرت ليليث بالشخص أمامها.

نظرت إلى الأمام فرأت المفاجأة, نائب القاضي هول، مايكل، واقف أمامهه

همست بخوف:

"ممايكل؟"

كان مايكل يواجه "جيمز"، وقال بصوت مليء بالثقة:

"كلكم، سأعد حتى خمسة... إن رأيت أي شخص ما زال أمامي، فستكون نهايته هنا."

ابتلعت ليليث ريقها وهي ترتجف، كانت على وشك البكاء من الخوف.

بدأ مايكل العد:

"واحد! اثنان!"

لكن قاطعه جيمز قائلًا بسخرية:

"ثلاثة، أربعة، خمسة... فقط أسرع!"

ذهلت ليليث من تصرفه:

"هل لم يكن يعرف من أمامه؟ أم أنه متهور إلى هذا الحد؟"

ضغط مايكل على أسنانه غضبًا وقال:

"هذه قلة احترام، أيها الصعلوك. حاولت أن أكون كريمًا وأسمح لكم بالانسحاب بهدوء، لكنكم تجاوزتم الحدود!"

أجابه جيمز بنبرة متحدية:

"أوه، إذًا أنت قوي؟ حاول إيقافي. نحن هنا قرابة العشرة، وأنت وحدك... ماذا ستفعل؟ ستهزمنا جميعًا دفعة واحدة؟"

بدأ مايكل بنزع قفازاته وقال بنبرة باردة:

"لم تترك لي خيارًا... جهّز نفسك، لأنكم لن تُدفنوا بعد هذا."

**************

لا تنسو الدعوة لاخواننا في غزة و فلسطين و سائر المسلمين في كل بقاع العالم

2025/04/28 · 2 مشاهدة · 1339 كلمة
dark-katana
نادي الروايات - 2025