اتمنا ان يعجبكم الفصل + لا تنسو الدعوة لاخواننا في غزة و فلسطين و كل المسلمين في كل بقاع العالم

في حقلٍ كبير أشبه باللّانهاية، تسير ليليث بين الأزهار والعشب، الجو جميل، وتهمهم ليليث بأغنيةٍ ما وهي تسير بسعادة. من بعيد، تلاحظ فتى تحت شجرة، لكن بسبب البعد لم يكن شكله واضحًا. تركض نحوه والابتسامة تشقّ وجهها، تصل إليه، فتجده فتى ذا وجهٍ أسود لم تظهر منه أي ملامح. تميل نحوه مبتسمة:

"ماذا تفعل؟"

يرفع الفتى ذو الوجه الأسود رأسه نحوها ويقول:

"-------"

تضع ليليث يدها على ذقنها وتقول:

"مثير للاهتمام، هل يمكنني الجلوس معك؟"

وقبل أن يردّ، تتكئ ليليث على الشجرة بجانبه. يبقى الاثنان في صمت، ثم تقول ليليث:

"أتعلم، لا أريد الرجوع إلى المختبر، العلماء هناك سيئون، والأمهات لا يحببننا. ما رأيك أن نهرب، أنا وأنت وأخي؟"

يصمت الفتى ذو الوجه الأسود، ثم يقول:

"------"

تخفض ليليث رأسها وتقول:

"معك حق، لا يمكننا أن نترك الجميع ونهرب وحدنا..."

تقف بعدها بحماس وتقول:

"حسنًا، في هذه الحالة، فلنهرب جميعًا!"

تلتفت نحو الفتى وتُمد يدها نحوه:

"هيا، فلنرجع ونخبر أخي بهذا."

*****

تستيقظ ليليث وهي مستلقية على سريرٍ حديدي غير مريح، ترتدي زيًّا برتقاليًا مخصصًا للسجناء. تنهض بتعب وتبدأ بالتمدد:

"جديًا، السرير الموجود في مربعتنا الصدئة أفضل من هذا."

كانت الزنزانة صغيرة جدًا لكنها تتسع لشخصين على الأكثر. كانت هناك فتاة تنام على السرير المقابل لها، مستلقية على ظهرها، وتضع قبعة رعاة بقر على رأسها. هل تظن أننا في فيلم للغرب الأمريكي أو شيء كهذا؟

تخرج ليليث من زنزانتها بحثًا عن نير، عليها أن تجده وأن تجد وسيلة للخروج من هنا. تذهب مباشرة نحو قسم الذكور، محاولة تجنب المشاكل. يُقسّم السجن إلى قسمين: الأيمن للذكور، والأيسر للإناث. تمرّ ليليث عبر قاعة كبيرة مليئة بالرجال والنساء، تبدو كقاعة يُسمح فيها بالتقاء الجنسين. تصل إلى مدخل قسم الذكور، لكن يوقفها حارس عند الباب:

"ابتعدي من هنا، لا يُسمح لك بالدخول!"

تعترض ليليث قائلة:

"لكنني بحاجة إلى الدخول، أرجوك!"

ينظر الحارس إلى ليليث من الأعلى إلى الأسفل، ثم يقول:

"لا يمكنني السماح لك بالدخول، لكن إن كان شخص ما بالداخل، يمكنني أن أناديه لك."

تبتسم ليليث للحظة، ثم يتغير تعبيرها إلى العبوس وتسأل:

"هل هناك أي مقابل؟"

يضحك الحارس قائلًا:

"ههه، كنت سأقوم بذلك بدافع الطيبة، لكن بما أنك اقترحتِ ذلك... لمسات بسيطة ستكون كافية."

يمدّ الحارس يده نحوها، فتقشعرّ ليليث، وتشمئزّ مما قاله. تصفع يده بعيدًا عنها وتبتعد في صمت. تسمعه من خلفها يقول:

"يا لها من عاهرة لعينة، أردت فقط مساعدتها لكنها رفضت بكل وقاحة."

ترجع ليليث إلى القاعة وتجلس على أحد المقاعد. تضع معصمها على الطاولة وتتّكئ على يدها وتبدأ بالتفكير في الحلم. كانت قد سمعت من قبل أن للأحلام تفسيرات، فماذا قد يعني ذلك الحلم؟ ما الذي يحاول القدر إخبارها به؟

أثناء انغماسها في التفكير، تقرقر معدتها وتتذكر أنها لم تتناول الفطور بعد. تتجه إلى مكان توزيع الطعام، تأخذ طبقًا وتذهب لتحصل على حصتها. وفي الطريق تصطدم بشخص يحمل صينية طعام. تلتفت لتعتذر:

"أنا آسفة--"

لكن قبل أن تكمل، تتفاجأ بأنه نير. تمسكه من ياقة قميصه:

"أين كنت أيها المغفل!!"

تلاحظ ليليث الكدمة على وجهه:

"ماذا حصل لوجهك؟"

يجيب نير بوجهه البشوش:

"لا شيء، لقد سقطت فقط... هل يمكنكِ تركي الآن؟"

تبعد ليليث يديها عنه بسرعة، وتصمت لثانية، ثم تقول بتلعثم:

"إذًا، هل حصل أي شيء جديد؟ هل وجدت طريقة للخروج؟"

يُومئ نير برأسه بهدوء مجيبًا:

"لا، لم أجد طريقة."

تتنهد ليليث بعمق، ثم تقول:

"ماذا تفعل هنا على كل حال؟"

يرد نير:

"أوه، جئت لأتناول الفطور، أشعر بالجوع، أليس واضحًا؟"

كان الأمر واضحًا، لكن ليليث لم تجد ما تقوله، فسألته عن ذلك. يجلس نير على أحد الطاولات قربها، بينما تبقى ليليث واقفة بجانبه. يضع الطبق أمامه، وكان يحتوي على شيء يشبه البطاطا المهروسة مع نوع من الصلصة فوقه.

تشير ليليث نحو الطبق بإصبعها وتسأل:

"ما هذا؟"

ينظر نير نحو الطبق بتمعن لثوانٍ ثم يجيب:

"لا أدري... أظنه... نعم بالتأكيد لا أدري."

يأخذ ملعقة بلاستيكية من الطبق ويجرب الأكل، فتنظر ليليث نحوه بتقزز. هل يتناول حقًا شيئًا مقززًا هكذا؟

"أوه، إنه لذيذ!!"

يأخذ ملعقة أخرى ويأكل، ثم ينظر نحو ليليث بحماسة:

"إنه حقًا لذيذ، جربيه!!"

بملامح مشمئزة، تبتعد ليليث بضع خطوات عن نير الذي يأكل بشراهة ويستمتع بطعامه.

أثناء تناوله الطعام، يقترب شخص ما منهما، يحمل كوبًا بلاستيكيًا مليئًا بسائل ما، يبدو كمشروب. يتوقف أمام نير، ينظر نحوه ويقول:

"يبدو أنك سجين جديد، هل أعجبك الطعام هنا؟"

يتجاهله نير كليًا ويستمر بالأكل، بينما تراقب ليليث الموقف بصمت. يثير تجاهل نير غضب الرجل الغامض، لكنه يحاول أن يهدأ:

"يبدو أنك لم تسمعني، قلت: هل أعجبك الطعام هنا؟"

ينتبه نير أخيرًا، يرفع رأسه ويقول:

"أوه، آسف، لم أنتبه لك، هل يمكنك أن تعيد ما قلته؟"

يشتعل الرجل غضبًا ويسكب العصير على نير. يجلس نير مصدومًا دون أن يقول شيئًا:

"اسمع، بما أنك جديد، فسأتغاضى عن تجاهلك. هذا تحذيرك الأول."

يلتزم نير بالصمت. تمسك ليليث الرجل من ياقة قميصه وتقول:

"ماذا تظن نفسك فاعلًا؟"

يقاطعها نير، ممسكًا بيدها:

"لا، دعيه وشأنه."

بتعجب تسأله:

"لكنه آذاك؟"

يرد نير بهدوء، وعلى وجهه هالة سوداء:

"قلت لكِ اتركيه... لأني أنا من سيهتم بأمره!"

تلاحظ ليليث الغضب على وجهه، فتفلت يدها عنه بتوتر. يلاحظ الرجل الغضب أيضًا، فيشعر بشيء من التوتر، لكنه يحاول تهدئة نفسه، فيمسك بكتف نير بقوة مهددًا:

"أوه، شعرتُ بالخوف الآن، ماذا ستفعل؟ تخبر والديك؟"

فور سماع نير هذه الكلمات، يضع يده على ذراع الرجل. يبتسم الرجل ساخرًا:

"هههه، هل تظن أن إمساكك ليدي سيجعلني أُفلتك؟ هل تشعر بالألم في كتفك؟ ههه."

يصمت نير، ثم يضع يده الثانية على ذراعه. تبقى ليليث صامتة، والتوتر يملأ وجهها. في لحظة، يقلب نير الرجل رأسًا على عقب، ويلفّ يده خلف ظهره.

لم يستوعب الرجل ما حدث، بدأ يشعر بالألم في ذراعه، وأدرك موقفه. التفت ليرى نير، فإذا به يصطدم بوجهه المرعب.

"ل-لا أرجوك، لم أقصد ما فعلته..."

زاد الألم، وبدأ يشعر أن ذراعه تتمزق. وأثناء ذلك، كان هناك رجل آخر بين المتفرجين، ذو شعرٍ أصفر وبشرة سمراء، عريض الكتفين وطويل. تبادل نير وهذا الرجل النظرات لفترة طويلة، كانت نظراته جادة وهادئة. بعد دقيقة تقريبًا، ترك نير الرجل دون أن يفعل به ما كان ينوي فعله.

سقط الرجل على الأرض وهو يمسك ذراعه من الألم، لكن ما كان أسوأ من الألم هو الذل الذي تعرض له أمام الجميع. وقف مترنحًا، ونظر نحو نير بحقد:

"لا تظن أنني سأسامحك على هذا، صدقني، ستندم على لعبك بالنار!! سأعود، وستندم أشد الندم!!"

عاد نير إلى مقعده بهدوء، وقال بنبرة غير مبالية:

"نعم نعم، سترجع، وسأندم... فقط اذهب."

صرّ الرجل بأسنانه وغادر وهو يصرخ:

"صدقني، ستندم!!"

تفرّق الناس من حولهم، وعاد كلٌّ إلى شأنه. تقدمت ليليث نحو نير، والدهشة واضحة في عينيها:

"هل أنت بخير؟"

ردّ نير بهدوء:

"نعم... فقط كتفي يؤلمني، قبضته كانت قوية."

"جيد..."

صمتا لثوانٍ، ثم قالت ليليث:

"لقد تعلمتُ مختلف الفنون القتالية من معلمين كثر، لكن هذه أول مرة أرى فيها مثل هذه المهارة. أنا... منبهرة!"

ارتسمت على شفة نير ابتسامة صغيرة، وقال:

"يبدو أن معلمي كان أفضل من معلميكِ في هذه الحالة."

هزت ليليث رأسها وقالت:

"مهلًا، هذه ليست منافسة!"

*****

في تلك الليلة، في أعماق السجن بقسم الذكور، سُمع صوت ضرب مروّع:

"/صفعة/ - /لكمة/"

صوت مهزوز يترجّى:

"أ-أرجوك، أنا آسف... /سعال/ أ- أنا سأنتقم، أعدك..."

كان الرجل الطويل ذو الشعر الأصفر يمسك الرجل من شعره، ويوجه إليه نظرات حادة. عيناه الصفراوان تلمعان وسط الظلام:

"من قال إني أريد الانتقام؟ كل ما كان عليك فعله هو التوقف عن التبختر وضرب من يحلو لك. إن اقتربت بأي شكل من الأشكال من ذلك الفتى مجددًا، فصدقني، لن أرحمك!!"

بلل الرجل نفسه من الخوف، ولما لاحظ الأشقر ذلك، رماه على الأرض بنظرات اشمئزاز:

"مقزز!!"

ضحك الرجال خلف الأشقر:

"ههه، الطفل الصغير بلل نفسه!"

"ههه، الفتى يريد أمه، أحضروا له أمه!"

"اجعلوه يلحس بوله من على الأرض، هههه!"

أعجبتهم الفكرة، وبدأوا يرددون معًا:

"نعم، الحس بولك! الحس بولك! الحس بولك!"

بدأ الرجل بالبكاء كطفل صغير، يترجاهم أن يتوقفوا، حتى صرخ الأشقر:

"اخرسوا كلكم!!!"

ساد الصمت، ولم يجرؤ أحد على الكلام. أكمل الأشقر:

"لم أحضركم هنا كي تهزؤوا به، بل ليكون عبرة لكل من يقترب من ذلك الفتى ذي الشعر الأحمر. هذا الرجل لم يكن يعلم، لذا خففنا عنه العقاب، أما من يخالف هذا الأمر لاحقًا، فعقابه سيكون أضعافًا مضاعفة!"

ابتلع بعض السجناء ريقهم، والتزم الآخرون بالصمت، لكن ملامحهم كانت مشوبة بالخوف.

كسر الصمت رجل أصلع، ضخم البنية:

"لكن، جيمز، لماذا تهتم بذلك الشخص لهذه الدرجة؟"

نظر جيمز نحو الأرض كأنه يفكر، ثم رفع رأسه وقال:

"جيري، هذا ليس من شأنك."

كانت ملامح جيمز جادة وحادة. ارتجف جيري وتراجع:

"أنا آسف..."

وضع جيمز أصابعه على جبينه، وبدأ يفركه، ثم قال:

"يا لكم من متعبين..."

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

لا تنسو التعليقات اذا اعجبكم الفصل + لا تنسو الدعوة لاخواننا في غزة و فلسطين و كل المسلمين في كل بقاع العالم

2025/04/13 · 5 مشاهدة · 1377 كلمة
dark-katana
نادي الروايات - 2025