الفصل 31 : المعركة تبدأ
-مرّ ساعتان-
قبل ان دخلوا الزنزانة، والهواء الكثيف المليء بالتوقعات يحيط بهم بثقل. الأنقاض التي وقفوا عليها الآن كانت بعيدة كل البعد عن المباني الحديثة التي تركوها خلفهم. جدران مدمرة، نوافذ محطمة، والصمت الغريب للليل يحيط بهم كغطاء خانق. كان القمر بالكاد مرئيًا من خلال السحب الداكنة، مما ألقى بكل شيء في ضوء خافت، يكاد يكون شبحياً. بقيت بقايا بناء قديم شامخًا أمامهم، أقواسه المدمرة تشكل مدخلًا لمكان أعمق وأكثر خطرًا.
كان زين، بعينيه الداكنتين اللتين تفحصان الأفق، ينظر إلى لوكاس بتعبير هادئ ولكنه مباشر. "إذن، هل أنتم مستعدون؟" حمل صوته توترًا خفيًا، كما لو أن كل كلمة كانت مثقلة بالدماء التي لا مفر منها.
لم يرتبك لوكاس. أومأ ببطء، وعيناه السوداوان ثابتتان. "نعم، نحن مستعدون."
وقف الفريق أمام بوابة الزنزانة، والحجر الأسود والبناء القديم يلوحان بشكل مشؤوم أمامهم. كان صوت زئير منخفض بعيد يرن من أعماق الزنزانة، مما أرسل اهتزازًا من القلق عبر الفريق. لكن لوكاس لم يتأثر. لقد واجه أسوأ من ذلك من قبل. أسوأ بكثير. ما ينتظرهم كان مجرد اختبار آخر. اختبار آخر للقوة.
قبل أن يخطو عبر العتبة، التفت لوكاس إلى أندريه ودارلين، وأعطاهم لمحة سريعة ولكن حادة. "تذكروا," قال بهدوء، "تحدثوا بشكل طبيعي. كما تفعلون دائمًا. لا تفكروا في الأمر أكثر من اللازم."
ابتسم أندريه، ورفع زاوية فمه. "هل تعتقد أنني أحمق؟" مازح، وشعره الأشقر يتلألأ بلطف في الضوء الخافت. "أنا مستعد."
أما دارلين، فقد كانت عيونها الحمراء القاتمة باردة وحسابية، وأومأت ببساطة. كانت دائمًا الصامتة، لكن لوكاس كان يعلم أنها ستتبع تعليماته دون سؤال. لم تكن بحاجة لقول الكثير لكي تنقل فهمها.
راقبهم زين عن كثب، وجهه غير قابل للقراءة كعادته. "قبل أن ندخل," قال، بنبرة غير رسمية ولكنها متفحصة، "قل لي، ما هي فئاتكم؟"
كان سؤالًا بسيطًا، قد يبدو تافهًا في سياق آخر. لكن في مكان مثل هذا، حيث تحدد القوة والبراعة البقاء، كل تفصيل كان مهمًا. كان لوكاس أول من أجاب.
"أنا مقاتل," قال بثبات، ويداه مسترخيتان إلى جانبيه ولكن جاهزتان للضربة في أي لحظة.
كانت صوت دارلين ناعمة، ولكن حازمة. "معالجة."
أندريه، دائمًا بابتسامة على وجهه، أومأ بسرعة. "مقاتل."
أومأ زين لكل من إجاباتهم، ثم التفت ليواجه الفريق. "أنا أيضًا مقاتل," قال، كما لو أن ذلك كان كل ما يلزم قوله. مقاتل. كانت تلك هي هويته الوحيدة في هذا العالم رجل يستطيع استخدام القوة، رجل يستطيع القتل بلا تردد. أشار إلى بوابة الزنزانة. "حسنًا، دعونا نذهب لقتل هؤلاء الوحوش."
وهكذا، مرّ لحظة القرار. دخل الفريق الزنزانة.
داخل الزنزانة، كان المشهد بعيدًا كل البعد عن توقعاتهم. كشف الداخل عن منظر ضخم، يكاد يكون مقلقًا: كان هناك قصر ضخم أمامهم، جدرانه الحجرية الداكنة تعلو إلى الظلال، وكأنها كائن حي يتنفس. امتدت سجادة حمراء طويلة أمامهم، تؤدي إلى قوة غير مرئية، وكان مركز القصر يبدو مخفيًا خلف ستار من الضباب الأسود الكثيف. على الأقل، هكذا بدا الأمر في أول نظرة للوكاس.
الحراس. الكثير منهم. ربما مئات. كانت أشكالهم ثابتة، كأنها تماثيل، لكن التوتر في الجو كان ملموسًا. كل حارس كان يرتدي درعًا أسود، وأسلحتهم في وضع الاستعداد، ومواقفهم منظمة وثابتة. كانوا ثابتين، لكن لوكاس كان يعلم أن هذه ليست تماثيل بسيطة؛ هؤلاء هم خط الدفاع الأول عن القصر. وكانوا سيقاتلون حتى الموت.
نظر إليهم زين، غير متأثر لكنه مفكر. "هوووه," تمتم تحت أنفاسه. "حراس. رتبتهم بي." تنهد، وعدل ردائه الأسود. "حسنًا، رين," قال، وهو ينظر إلى شريكه، "أنت تعرف ماذا تفعل."
يبدو أن رين، الساحر، كان شبه مُمل من الوقوف هناك، قفازاته السوداء لامعة ووضعه منحني قليلًا. كان شعره الأسود يتساقط فوق عينيه، لكن لا يمكن إنكار الطاقة الهادئة والباردة التي تنبعث منه. "نعم، أعلم," أجاب، صوته مسطح كما هو معتاد.
في اللحظة التي قال فيها زين هذه الكلمات، تحرك رين. بسرعة كانت تبدو شبه خارقة، انطلق نحو الحراس، وعصاه تتشقق بالطاقة السحرية. كان ساحرًا يمكنه تدميرهم عن بعد.
لكن لوكاس لم يكن ليدع رين يسرق كل المجد. نظر إلى أندريه، وعينيه ثابتتين ولكن بأمر واضح. "انطلق," أمر لوكاس بصوت منخفض.
حدق أندريه، وكأن الأمر فاجأه. "ماذا؟ هل أنتظر حتى يفعل كل شيء؟"
سمع زين الحديث على الفور، نظر فوق كتفه، وحواجبه معقودة في حيرة. "رين يمكنه التعامل معهم وحده," قال، وظهر قليل من السلطة في صوته.
ابتسم لوكاس بابتسامة خفيفة، مليئة بالمرح. "لا تقلق. أندريه يمكنه التعامل معهم وحده أيضًا."
توقف زين، ضيق عينيه وهو يقيم أندريه. "لكن رتبته فقط بي."
أشاح لوكاس كتفيه. "همم. أخبر صديقك رين أن يتوقف، وسترى قوة أندريه."
ضغطت شفتي زين في خط رفيع، لكنه تنهد، بوضوح غير راغب في الجدل. "حسنًا." التفت إلى رين، الذي كان على وشك إطلاق هجوم. "رين، لا تذهب. أندريه سيتعامل معهم."
حدق رين، وهو يبدو مذهولًا. "ماذا؟ ماذا تقول؟ هو رتبة بي!"
لكن قبل أن ينهي رين جمله، كان أندريه قد اختفى بالفعل.
كانت سرعة حركة أندريه مذهلة. بالكاد رأى لوكاس حركته قبل أن يصبح أندريه مجرد خيال، جسمه يبدو وكأنه ينتقل بين شقوق الواقع. قبل أن يتمكن أحد من الرد، تم إطلاق مهارة أندريه
الضربات الضوئية
وقف البقية للحظة فقط، لكن تلك اللحظة كانت كل ما احتاجه أندريه. تحرك بسرعة البرق، كل ضربة كانت خيالًا من القوة الوحشية، كل ضربة معززة بقوة الضوء. كانت قبضاته تتصل باللحم والعظام، ومع كل ضربة كان الحراس يسقطون أسرع، أجسامهم بالكاد تتمسك ببعضها البعض أمام الهجوم المتواصل.
"لا تقف في طريقي," تمتم أندريه عبر أسنانه المطحونة، صوته بالكاد مسموع فوق أصوات المعركة. كانت عيناه مشتعلة بجوع همجي، كل حارس أسقطه يزيد من نار بداخله.
شاهد زين، رين، ولوكاس في صمت مذهول بينما قاتل أندريه. كانت محاولات الحراس لمقاومة الهجوم ضعيفة في أحسن الأحوال. لم يتوقع أحد هذا المستوى من القوة. نظر زين باحترام خافت عبر وجهه.
لكن رين كان لا يزال يحاول استيعاب حقيقة أن مقاتلًا رتبته بي يمكنه إطلاق هذه القوة الخام. "ماذا...؟" تمتم، صوته ملؤه عدم التصديق.
تنهد زين أخيرًا، وهو يهز رأسه. "قلت لك," قال لوكاس، وصوته مليء بالمرح الهادئ. "هذه هي النتيجة عندما تستخف بشخص."