الفصل 32 : تطور الدمية
توالت الإشعارات بسرعة وعنف، تلألأت أمام عيني لوكاس مثل عاصفة لا هوادة فيها.
“تم قتل حارس من الرتبة بي.”
ومرة أخرى، ظهر إشعار آخر، ثم آخر، ثم آخر. استمر العدد في التزايد حتى أصبح لوكاس غير قادر على متابعة ما يحدث. عينيه تثبتت على أندريه، الذي كان يقف في المقدمة، يوجه الضربات تلو الأخرى، كل ضربة أقوى من السابقة. كان آلة لا تتوقف، التعريف الحقيقي للقوة، يتحرك برشاقة تخفي عنف ضرباته.
سقط حارس بعد حارس تحت الهجوم المستمر من أندريه، أجسامهم تسقط مثل الدمى المكسورة على الأرضية الحجرية الباردة. وقف رين وزين ولوكاس في صمت مذهول، غير قادرين على تصديق ما يرونه من عرض للقوة أمامهم. كل ضربة من أندريه كانت تدوي في الزنزانة، ترسل موجات من الصدمة في الهواء المحيط.
رمش لوكاس ببطء، يراقب التدمير الذي يحدث. لم يستطع إلا أن يعجب بعزيمة أندريه، لكن هناك شيئاً ما كان ينغص عليه في ذهنه.
“لا تقلقوا,”
لم يرد الآخرون على الفور. كانوا لا يزالون غارقين في مشهد الهجوم العنيف الذي يشنه أندريه. ضاقت عيون لوكاس وهو يلتقط الإشعارات على شاشته. لم يفاجئه أن أندريه كان يمزق الحراس كما لو كانوا ورقاً، لكن ما فاجأه هو سرعة تكدس الأرقام. كل موت، كل حارس ساقط، بدا وكأنه يغذي شيئاً في أندريه جوعاً مظلماً، كأنها شهوة بدائية.
لكن لوكاس أبقى أفكاره لنفسه. شعر بالتوتر في الجو، بثقل الشكوك التي كانت تحوم حولهم مثل ضباب كثيف. كان يعرف حدود أندريه، وكان يعرف ما يحدث. لم يرغب في أن يفهم الآخرون، ليس بعد. إذا فهموا، فقد تكون العواقب... غير متوقعة.
“إنه قريب,”
“أقرب مما يدركون... من الرتبة أ، لكن في الحقيقة، هو أقرب إلى الرتبة اس.”
ضحك لوكاس على نفسه، صوت ضحك بدا غريباً في وسط الفوضى من حولهم.
“لن أخبرهم,”
“لن يفهموا. هم يظنون أنهم يشاهدون وحشاً، لكنهم لا يدرون بما سيأتي.”
استمرت ضربات أندريه المتتالية لكماته والانفجارات الضوئية في أن تصبح أكثر شدة. حركاته كانت سريعة للغاية، كأنها ضباب من القوة والدقة. مع كل ضربة جديدة، كان الهواء من حوله يفرقع بالطاقة. بدأ الحراس الباقون، الذين بدأوا في إدراك الخطر، في التجمع معاً، محاولين إحاطته. لكن ذلك كان عديم الفائدة. أندريه كان لا يتوقف، لا يمكن إيقافه.
سقط أكثر من عشرين حارساً قبل أن يتوقف أندريه ليتنفس. كان صدره يرتجف من الإرهاق، والعرق يتساقط من وجهه. كان جسده يرتجف من الجهد، لكن عيناه تلك العينان الباردتان الميتتان كانت لا تزال مشتعلة بالجوع للمزيد. كان مفترساً، وحشاً، ولا شيء سيتوقفه عن تمزيقهم.
جاءت الموجة التالية. كانت أكبر، أقوى حوالي مئة حارس، كلهم يسيرون نحو أندريه بعزيمة قاتمة. لكن أندريه لم يرتعش. ظل ثابتاً، غير مكترث بالجيش القادم نحوه. كانت أنفاسه سريعة ولكن عزيمته لا تزال صلبة. كان جاهزاً. جاهزاً للمزيد.
قال رين بصوت متوتر غير معتاد: "رغم أنه قوي جداً، فإن أعدادهم ساحقة. فقط شخص من الرتبة اس يمكنه القتال ضد هذا العدد بمفرده."
نظر لوكاس إلى رين، ابتسامة ضيقة ترتسم على زاوية فمه. كان على وشك الرد، لكن زين تكلم أولاً.
"لن أكتفي بالوقوف هنا," قال زين، يده ممتدة بالفعل نحو سيفه. "وأنا أيضاً لن أفعل."
بدأ كلاهما بالتوجه نحو أندريه، لكن لوكاس أوقفهما بحركة حادة من يده.
"لا تقلقا," قال، وكان التوتر واضحاً في صوته. "أندريه يستطيع التعامل مع ذلك."
توقف زين ورين في مكانهما، وعيناهما مفتوحتان بدهشة. فتحت فم رين، لكن لم تخرج منه كلمات في البداية. وعندما أخيراً تكلم، كان مزيجاً من الإحباط والارتباك.
"أنت لست بشرياً، أليس كذلك؟" قال رين بغضب. "ماذا تقول؟ إنه يقاتل بمفرده، وأنت تقول هذا؟"
انتقل نظر زين بين لوكاس وأندريه، بينما تعبس ملامحه. "هذا جنون، لوكاس. هل تدرك ماذا تطلب منه؟"
كان قلب لوكاس ينبض بسرعة، لكنه حافظ على وجهه خالياً من أي تعبير.
"أنا أعرف,"
"أعرف ما هو قادر على فعله. لكنكم أنتم الحمقى... أنتم لا تفهمون. هو مجرد دمية، وأريد له أن يتطور. هذا ليس عن إنقاذه إنه عن دفعه إلى ما هو أبعد من حدوده."
لكن الآخرون لم يروا ذلك. لم يفهموا ما كان يسعى إليه لوكاس. بالنسبة لهم، كان أندريه مجرد مقاتل. جندي. لم يكن لديهم أي فكرة عن مدى قرب أندريه من شيء أعظم. شيء أكثر خطراً.
شعر لوكاس بإحساس خفيف من الإحباط، لكنه طرده.
"هم سيرون. سيفهمون قريباً."
رغم كلماته، إلا أن زين ورين لم يكونا مقتنعين. دون أن يقولوا شيئاً آخر، انطلقا نحو المعركة، عازمين على الانضمام إليها. تركهما لوكاس يمران بجواره، مبتسماً في سره بينما يسرعون من أمامه. لكن عقله كان في مكان آخر.
عاد بنظره إلى أندريه. كان المقاتل الشاب قد عاد بالفعل إلى قلب المعركة، وأطلق طلقاته الضوئية التي تمزق الهواء، تسقط الحارس تلو الآخر بدقة مرعبة. وكل ضربة كانت تبدو وكأنها تستمد المزيد والمزيد من القوة من الزنزانة نفسها. ومع كل قتيل، كانت القوة تتدفق عبر جسد أندريه، عضلاته تشد، طاقته تتزايد.
مع سقوط الحراس الباقين، جاءت الإشعارات مجدداً.
“لديك 60 نقطة متاحة.”
اتسعت ابتسامة لوكاس.
"كل شيء يتعلق بالقوة,"
"كل شيء عن القوة. كلما قتل، أصبح أقوى."
شعر أندريه بتدفق القوة أيضاً. كان يشعر بالطاقة تتدفق عبره، تضخ في عروقه كالنار. كان ذلك مسكراً. بدا العالم من حوله وكأنه يتباطأ مع كل ضربة يوجهها، كل واحدة أكثر عنفاً من التي قبلها. كانت القوة بين يديه، وكان كل ما يستطيع فعله هو أن يمسك بها.
تصادم قبضته مع جمجمة حارس آخر، فسقط الرجل على الأرض في لحظة. الحارس التالي لم يكن لديه الوقت للرد قبل أن يدفعه حذاء أندريه جانباً، مما أرسله يطير في الهواء مثل الدمية.
لكن ذلك لم يكن كافياً.
كان هناك الكثير. حتى مع زيادة قوته، كانت أعداد الأعداء تستمر في الضغط عليه.
“أحتاج للمزيد,”
“أحتاج للمزيد من القوة.”
ثم حدث ما لم يتوقعه. في لحظة من اليأس، عندما اعتقد أندريه أنه ربما وصل إلى حدوده، حدث شيء ما. شعور حاد كالألم الكهربائي اجتاح جسده، وفجأة، أصبح كل شيء مظلماً.
رآه لوكاس. شعر به. التغيير في قوة أندريه. لم يكن مجرد تدفق بعد الآن. كان انفجاراً. اهتز هواء الزنزانة نفسها بينما توهجت هالة أندريه، مرسلة موجة من الطاقة عبر القلعة.
قوة مرعبة انطلقت من أندريه، محطمة الحراس. واحداً تلو الآخر، سقطوا تحت وزن قوته الجديدة.
توقف زين ورين في مكانهما، ونظرا إلى لوكاس. اتسعت أعينهم دهشة.
"ما هو؟" سأل زين، صوته مزيج من الإعجاب والخوف.
لم يرد لوكاس. فقط شاهد، وعقله يسبح في بحر من الأفكار. كان التطور يحدث أسرع مما توقع. أسرع مما خطط له.
أندريه لم يعد مجرد دمية.