الفصل 36 :قصر مزيف

تعثرت أصابع لوكاس في جيبه، وقلبه ينبض بسرعة، والدماء تدوي في أذنه. لم يكن لديه خطة. لا استراتيجية. ولا أمل، حقًا. لكن بينما كان يلتقط الشئ الصغير في يده المرتجفة، شعر بوزنه كأنه شيء مألوف، كهمسة من الماضي المنسي.

القصر المصغر.

كان شي يانغ قد أعطاه إياه بكلمات غامضة….هذا كل ما تبقى له.

سحبه من جيبه، وتألق المعدن البارد في الضوء الخافت. لحظة، تردد. كان يستطيع سماع ضحكة ملكة العناكب الساخرة تتردد في أذنه. دارلين كانت قد رحلت. أندريه كان ملقى في الشبكة. زين كان قد أصبح بعيداً جداً للمساعدة. كان العالم من حوله ينهار. لكن رغم ذلك...

ضغط كفه على القصر.

انفجر ضوء ساطع منه، بريق لامع يكاد يعميه. ابتلع الضوء كل شيء… الأرض، الجدران. حبس لوكاس أنفاسه في حلقه، وجسده متجمد بسبب شدة الضوء.

ثم، كما جاء بسرعة، اختفى الضوء.

رمش لوكاس، فبدأت رؤيته تتضح. توقف قلبه عن الخفقان.

لم يكن في نفس المكان بعد الآن.

كان الأرض تحت قدميه مختلفة صلبة، ملكية. عندما نظر للأسفل، رأى الأجنحة الذهبية تتمدد من ظهره، وأطرافها تتلألأ بضوء خاص بها. رفع يده إلى وجهه، شعوراً بالجلد البارد والناعم، وعينيه عيونه الذهبية اتسعتا بدهشة. كان شعره طويلاً وأسود، يتدفق بحرية كأن الرياح قد أخذته في عاصفة.

غمره شعور بالانفصال، لامبالاة لم تكن موجودة من قبل. شعر بالقوة. لا يقهر.

ثم، رآها.

وقفت ملكة العناكب أمامه، ابتسامة ملتوية على أطراف شفتيها. لم تلاحظ وجوده بعد. كانت لا تزال تواجه جسد أندريه المكسور، تحركاتها شبيهة بالعناكب، بطيئة ومتقنة. لكن لوكاس… لوكاس قد تغير.

خرج صوته هادئًا، شبه منفصل. "لماذا… لماذا قتلتهم؟ لماذا؟ لماذاااا؟!"

التفتت الملكة ببطء، عيونها تتلاقى مع عيونه. لم تبدو مندهشة لا، بل بدت... مهتمة. لحظة، كان هناك لمحة من شيء في عينيها، شيء كالتعرف.

أمالت رأسها، أصابعها ترتجف. "هممم… من أنت؟" تمتمت بصوت ناعم بارد.

في تلك اللحظة، عاد تركيز لوكاس بسرعة.هذا كان حقيقيًا. القوة كانت حقيقية. طوى أصابعه إلى قبضة، والطاقة الذهبية تنبعث من جسده.

"حسنًا… سأريك القوة، أيتها الساحرة اللعينة!!!" صرخ، وكل كلمة كانت مشبعة بالغضب واليأس.

قبل أن تتمكن من الرد، نشر لوكاس أجنحته، والهالة الذهبية تنبض بقوة. انقض بسرعة لا تصدق، جناحيه يصطدمان بها بقوة غير طبيعيه.فستانها الأبيض يطير مخترق الرياح. تم دفعها إلى الوراء، وارتفع جسدها عن الأرض.

حلقت في الهواء، واصطدمت بالحائط البعيد، وترك جسدها شقًا في الحجر حين ضربته. كان من المفترض أن يكون تأثير الضربة كافياً لإنهائها. لكن ملكة العناكب لم تكن سهلة الانكسار.

انفجرت عيونها بالغضب، ودفعها جسدها للوقوف ببطء، حتى أنها لم تتفاعل مع الضربة الوحشية. تدفقت الدماء من شفتها، ملطخة جلدها النقي. لكن حتى هذا لم يبدو أنه أزعجها.

تقدم لوكاس. انتشرت أجنحته الذهبية على نطاق واسع، ملقية بظل ضخم بينما كان يتجه نحوها. تمايلت نحو قدميها، يدها الملطخة بالدماء تمسح فمها.

"هاه… هل ترى القوة الآن؟ هذه هي القوة!" رن صوته في الهواء، حادًا وساخرًا. "هذه هي السلطة!!"

نهضت ملكة العناكب ببطء، وعينيها تضيقان بينما تمسح الدماء عن وجهها بابتسامة ساخرة. "أوه… أرى الآن..." أمالت رأسها، كأنها تحاول تقييمه. "من أين حصلت على هذا الكنز، أيها الفتى؟"

تجمد لوكاس. الابتسامة على وجهها أخبرته بشيء خاطئ، لكن عقله كان ما زال يصر على التكيف مع التحول. ضحك مرًا، الصوت يتردد في الغرفة.

"هاه؟ هل يمكنك التحدث بشكل طبيعي؟ هاها، لا أسئلة، ستموتي اليوم..."

كانت كلماته فارغة، جرأة تخفي عدم اليقين الذي كان يغلي بداخله.

رفعت عينها، ثم رفعت حاجبًا. "هاه؟ لقد طرحت عليك سؤالاً..."

اختفت.

قلب لوكاس ارتجف. تجولت عينيه في كل زاوية من الغرفة، بحثًا عنها. كان يشعر ببرودة وجودها في كل مكان.

ظهرت على السقف. ضحكتها كانت تتردد، لولبية وساخرة.

"لماذا لم تجب؟" جاء صوتها من كل اتجاه.

قبل أن يتمكن لوكاس من الرد، بدأت الشبكات تتساقط من كل زاوية، تقيد الهواء في شبكة مميتة. لكن لوكاس كان أسرع. كان يملك القوة الآن. انتقل خلفها في ثانية، قبضة يده مشتعلة بالطاقة الذهبية.

دون تردد، ضربها في ظهرها.

اتصلت الضربة، لكن ملكة العناكب كانت مستعدة. تفادت اللحظة الأخيرة، وأمسكت بذراعه بحركة سريعة وغير إنسانية..

"أتعرف؟" قالت، وصوتها مليء بالسخرية. "أنت ضعيف... ضعيف جداً... هاهاها."

لفت ذراعه، ومال العالم من حول لوكاس. صَك أسنانه، محاولاً أن يبتعد، لكن قوتها كانت غير قابلة للتصور.

"هذه القوة لا تتجاوز حتى رتبة أ !" سخرت، وصوتها مليء بالاحتقار.

حبس لوكاس أنفاسه. "ماذا؟ هذه قوة من رتبة اس، الكنز أعطاني إياها!"

أطلقت ضحكة منخفضة وساخرة، قبضتها تضغط أكثر. "هاها، من قال لك ذلك؟ هل خدعك بعض الصاقلين؟ من هو؟ هاهاها!"

كانت الضحكة تؤلم، لكن هناك شيئًا آخر. شيء لم يستطع لوكاس تحديده. حاول أن يبتعد، لكن كان وكأن جسده عالق، كما لو كان يتم سحب قوته.

ثم، أصبح العالم باردًا.

يداه… يديه كانت تنزف. الدم الأرجواني يخرج من بشرته، يتساقط على الأرض في قطرات صغيرة ومقلقة. نظر للأسفل في دهشة.

"ماذا يحدث…؟" تلعثمت كلماته.

2025/04/09 · 21 مشاهدة · 754 كلمة
EVILNOTE
نادي الروايات - 2025