نظرت إليها بجدية وقلت" الا تجدين الأمر غريباً بعض الشيء؟ وفاتهما فجأة هكذا..."

صمتت من جديد، وكانت عادتها أنها حين تود إخفاء شيء دوماً تصمت فقط..لأنها تعلم أنها إن تكلمت فسوف تبوح بكل شيء بما أنها تحب الثرثرة...

____________________

_" لا، لا أجد ذلك.." قالت وأزاحت نظرها عني تنظر خارج النافذة، لأتبع أنا" الم تعديني أنكِ لن تخفي عني شيئاً؟"

تنفست الصعداء وقالت" اوووف آرثر لاتلح كثيراً وإلا ضربتك!!"

إبتسمت وقلت" أنتِ حقاً تشبهين لوسي.."

_" تبدو متعلقاً بها.." قالت محاولة تجنب موضوعنا الأساسي، لأتنفس أنا الصعداء وأردف بملل" لم تجيبيني بعد.."

_" أوكييه أوكي أنا أستسلم أنت فزت..." قالت محركة يديها في الهواء، ثم جلست بإعتدال وأتبعت بجدية" هل أنت مستعد لذلك؟"

_" لحظة لحظة..مستعد لماذا؟"

_" إسمعني كي تفهم.."

أشرت بيدي أنني لن أقاطعها مجدداً ثم جلست أن الآخر بإعتدال وكلي آذان صاغية...

_" أخبرني بينجامين شيئاً، قبل وقوع الحادث بساعات..مر على غرفة عمك كي يناديه وزوجته للنزول وتناول الإفطار، وبالصدفة سمع محادثتهما وكانت كالآتي:

_" هل قمتِ بعملك كاميليا؟"

_" أجل، ماذا عن السيارة؟ هل تكفلت بأمرها؟؟"

_" أجل كل شيء تحت السيطرة.."

ثم ناداهما إبنهما ليخرجا، ولم يستطع بينجامين أن يسمع أكثر من ذلك.."

صمت ولم أنطق بحرف، فقط أفكر بصدمة...

(كيف لهم أن يكونوا بشراً؟ لم أظن يوماً أنهم سيتمادون إلى هذه الدرجة..لقد قتل أخوه من أجل المال فقط!!)

_" أعتقد أنني سأتراجع عن الإرث، فاليأكلوه فأنا لا أريده أساساً..." قلت مستسلماً وقد كرهت كل شيء في المنزل..كل شيء متعلق بعائلتي والنقود...

وقفت جودي بغضب لتحمل معطفها، قلبته وأخذت تفرغ من جيبه أوراق كثيرة، بعضها ممزق والآخر مطوي، نظرت إليها بإستغراب، لتشير لي أن ألقي نظرة عليها وقد فعلت، حملت أول ورقة وقد كتب عليها...

( عزيزي آرثر أين أنت؟ فالتعد إلينا أرجوك لم أعد أحتمل أنا قلقة عليك أخبرني فقط إن كنت بخير..)

حملت أخرى وكانت معظم حروفها مشطوبة وكتب عليها عبارات تشبه الأولى...

(آرثر بني..أين أنت الآن نحن قلقون عليك جدا، والدك يتظاهر بأنه لايهتم بوجودك من عدمه لكنني أعلم جيداً أنه منهار من الداخل..أرجوك عد إلينا..عد!!)

كانت آثار الدموع على الورقة واضحة...

أخذت أفتش جميع الأوراق بإنفعال وكانت بكتابات مختلفة لكنها تحمل نفس المعنى، كانت كل الأوراق مكتوبة بخط يد أمي...

أردفت جودي بأسى" وجدت هاته الأوراق في سلة مهملات غرفة نومها..يبدوا أنها لم تعرف أين ترسلها لذ قامت برميها فحسب.."

صمتت قليلاً وأتبعت" لقد كانت تفكر فيك طيلة الوقت..لكنها كانت تملك مبادئ لم تكن لتتخلى عنها، كانت قلقة عليك للغاية، وكذلك والدك، لو أنه حقاً لم يهتم لشأنك لم يكن ليترك لك الإرث لوحدك..، أقسم أنني لو علمت مكانك بوقت أبكر..لكنت قد أتيت إليك وقمت بجرك كي تعود..."

تنفست الصعداء وأتبعت" أتمنى أن تكون قد سامحتهما،..هم حقاً قصرا بحقك لكنهما والديك في النهاية..وأنت إبنهما.."

وقفت من مكاني وخرجت إلى الشرفة، إتكأت على سياجها وشعرت بغصة، آلمني قلبي وكذلك حلقي..لم أستطع التنفس براحة...

أنزلت رأسي وأخذت أضحك، لتأتي خالتي جو من خلفي وتربت على كتفي، لم أستطع التحمل وبكيت..بت أشهق بالبكاء لتضمني هي إلى صدرها بقوة...

بكيت بحرقة..كانت تلك أول مرة أبكي فيها منذ سنوات، أعني..كل الألم الذي شعرت به حين لم يكونا بجانبي وكل ماعشته أخرجته في تلك اللحظة...

_" لم أظن يوماً أنني سأبكي على فراقهما.." قلت بينما أبتعد عنها بهدوء أمسح دموعي بعنف، لتجيبني هي" يالك من رقيق.."

إبتسمت وقلت مازحاً " لو لم تكوني خالتي لتزوجتك"

ضحكت من قلبها وأردفت" ومن سيقبل بطفل باكي مثلك؟؟"

نظرت إليها بخيبة أمل" بجدية..أستمسكين علي هذا طوال الوقت أيضاً؟؟"

إبتسمت بحنو، ثم وقفت بثقة وأردفت بجدية موجهة إصبعها السبابة نحو وجهي" إذا؟ هل مازلت ستستسلم لهم!"

إبتسمت بثقة وأجبت" بالتأكيد لن أفعل..لن أخسر في هذه الحرب، وسأنتقم لهما بالتأكيد..."

________________

_في مكان آخر...

نزل الرجل السلالم لأسفل، وصوته أقدامه مسموع وكأنه صدى، ثم توقف..فتح باب الزنزانة وصوت بابها والسلاسل يصدران طنيناً...

ليتمعن في النظر لجورج المقيد بالسلاسل من رأسه لأخمد ساقيه بوضعية غير مريحة بتاتاً، وملامح وجهه الشاحبة تدل على أنهم لايعاملونه معاملة جيدة إطلاقاً...

_" هل تشعر بالملل هنا؟" أردف مارك وإبتسامة شيطانية تعلو وجهه، أخذ جورج ينظر إليه بإنهاك، ليردف بصوت مبحوح" ما الذي ستجنيه وراء هذا؟"

أردف مارك بمرح" لاتستعجل بدأنا لتونا.."

إقترب منه ثم جلس القرفصاء أمامه، وجورج لايقدر حتى على رفع عينيه من التعب...

_" منذ أن كنت صغيراً، كنت أبحث عن نقطة ضعفك..راقبتك دوماً وقد خلت بأنها ميشيل، لكنك ذاك النوع من الأشخاص الذين لايمتلكون مشاعراً ولا أحاسيس، حتى أنك لاتهتم لحياتك أيضاً...لذا أخذت أراقب عن كثب، وقد وجدت ماكنت أبحث عنه..."

إتسعت عينا جورج، ينظر إليه بإرتعاب ليتبع" خططت لكل هذا..إنك الشيطان بعينه! أكبر غلطة إرتكبتها كانت حين ربيتك!!"

إنقلب وجه مارك معقداً حاجبيه وقد زالت إبتسامته، ليتبع بهدوء" بل كانت حين قمت بقتل عائلتي قائلاً أنه كان حادثاً.."

صمت جورج، ليقف مارك ويدور في الغرفة" إذا؟ هل أعجبك التعذيب النفسي ذو المستوى العالي الذي تتلقاه؟ إنه يكلف مبالغ طائلة إن لم تعلم.."

صفق بيديه ليدخل رجلان حاملين معدات غير معدات التعذيب العادية كالمقص وغيره، بل كانت الطريقة الأبشع التي تقود المرء لحد الجنون...

يتم وضعه في صندوق صغير لمدة ايام، أو يتم ربطه بوضعية سيئة رافعين رأسه للأعلى، ويتم فتح عيناه أيضاً كي لايتمكن من إغلاقهما، وكل دقيقة تقطر عليه قطرة ماء بين عينيه، يستمر هذا الروتين لأيام..إلى أن يفقد عقله من مشاهدة نفس المنظر يتكرر مكبلاً دون حراك...

هذا النوع من الأشياء، التي تجعل المرء يعيش لأطول فترة ممكنة بينما يتعذب...

_مارك_

إسمي مارك جونز، أبلغ من العمر 29 عاماً، ربيت وسط عائلة طيبة مكونة من أربع أفراد، أمي، أبي، أختي الصغرى وأنا...

كان أبي من أكبر زعماء المافيا، وكان الكل يحترمه وقد كان قدوتي..ذو هيبة وشموخ، أما أمي فكانت إمرأة رقيقة عطوفة وقد كان والداي يحبان بعضهما...

كنا نعيش بجانب منزل عائلة مارتينز..عائلة ميشيل...

عشت أنا وميشيل كإخوة منذ الطفولة، كنا معاً دوماً وكنت أول صديق له..أما أنا فقد إمتلكت الكثير من الأصدقاء لأنني ومنذ الصغر أجيد الكلام المعسول وخداع الناس...

أما ميشيل..فقد كان مزاجياً عصبياً منذ الطفولة، وأظن أن سبب ذلك كان الضغوطات التي تسبب بها والده إلى يومنا هذا...

ذات يوم سرق طفل دمية أختي ودخلت إلى منزلنا تبكي، خرجت غاضباً لأبحث عنه وألقنه درساً، لينفجر المنزل خلفي ولم أشعر بشيء سوى أني ثلاثة أمتار...

شعرت بالدم ينزل من جبهتي واصلاً إلى عيني، لكنني تمكنت من الوقوف إلى منزل عائلة مارتينز أطلب منهم المساعدة، حين دخلت المنزل سمعت محادثة عبر الهاتف بين جورج وشخص آخر يقول فيها أنه قد نفذ الأمر بنجاح...

لم أصدق ذلك، كان والدي مقرباً جداً من جورج..أفضل أصدقاء، لكنه وسرعان ما إكتشف خيانة والدي له ولم يتردد بحرقه هو وأمي وأختي الصغرى..ولم يعلم أنني قد نجوت...

رآني ميشيل واقفاً أمام الغرفة مصدوماً ليسرع إلي ويحتضنني قائلاً أنه سعيد لنجاتي، لكن عقلي كان في مكان آخر تماماً...

مرت أسابيع، ولم يكف ميشيل يطلب من والده أن يقوم برعايتي وأخذي للعيش معهم، وفي النهاية وافق...

لم أعترض، ولم أبح بأي شيء سمعته، فقط عشت كالدمية من أجل الأخذ بثأري حين تحين الفرصة..وقد عشت طوال حياتي في التخطيط لكيفية تدمير حياة جورج...

في البداية فكرت بالتخلص من ميشيل ليتعذب، لكنه لم يكن يهتم بميشيل أساساً..لذا تجاهلت الأمر...

ذات يوم عدت للمنزل وسمعت صراخاً، أسرعت وقد رأيت أن جورج قام بقتل زوجته أمام إبنه ميشيل لأسباب لم أهتم بها مطلقاً، ثم لاحظت تغيراً جذرياً في معاملة ميشيل لوالده...

أصبح كالآلة، لم يعد يحاول معه أو يكلمه حتى..كل مابينهما كان عمل، أخذت أستغل ميشيل في كل خطوة أتخذها نظراً لأنه متعلق بي ويحبني كأخيه الأكبر...

ثم وعيت على أمر لم ألحظه مسبقاً، هو أن جورج لايهتم بشيء ولايهزه شيء سوى عمله، أجل عمله كان حياته، لطالما إهتم بالسلطة والمجد وغيرها من الأشياء...وكان يهتم إهتماماً شديداً بما تعب في بناءه..عصابته ومكانته...

وهناك عزمت أمري وقررت، سأدمر طموحاته أمام عينيه ثم أقتله ليموت ميتة بشعة!!

إستغليت ميشيل، ويالحظي قد ساعدتني لوسي كثيراً بكسب ثقة جورج وقد تبناني أخيراً وكتب الورث على إسمي...

إتصلت بتابع لي وأمرته أن يجهز لي جثة مزيفة لجورج، فور وصول السفينة إلى اليابسة تم إختطاف جورج ورمي جثته المزيفة وكأنه تم إغتياله، وقد صدق الجميع ذلك وتم إعلان الخبر...

قمت بحجز جورج في قبو منزلي بزنزانة قديمة، وها أنا أقوم بتعذيبه ولم تكن هذه سوى البداية، أصبحت أنا الرئيس الأكبر كما خططت أن أكون، وسأقوم بتدمير عصابته من الداخل شيئاً فشيئاً...

وها أنا في طريقي الآن للأخذ بثاري الذي كرست حياتي من أجله...

يتبع...

توقعاتكم؟؟

شكراا على القراءة..أنرتم ✥ بقلم إيمان إيدا

2019/10/26 · 400 مشاهدة · 1324 كلمة
47ImaneEdda
نادي الروايات - 2024