_" ليس خطئي..بطني الجائعة هي من قادتني إليه!" قلت معقدة حاجباي، ليتنفس الصعداء ويردف" جاهزتان للركض؟"

بلعت ماري ريقها وأخذت تنظر للحراس الواقفين بالمطعم بإرتعاب...

____________________

.
.
.

خرجنا منه ونحن نلهث وقد إبتعدنا مسافة تقارب التسعين متراً...

_" عليك اللعنة لما لم تذكرني بأمر النقود؟؟؟" صرخت في وجه ميشيل، وقبل أن يرد علي أمسكته ماري من ذراعه قائلة" توقفا عن الشجار!"

رمقها بنظرات حادة ممزوجة بالغضب، ثم دفعها بعنف لتسقط أرضاً وشتمها" أيتها الـ**** من سمح لكِ بلمسي!!"

تجاهلته وأسرعت إلى ماري الملقية على الأرض، لأحرقه بنظراتي الغاضبة بينما أصرخ:

_" أهكذا تعامل فتاااااة؟؟؟ أيها الخنزير الوقح اللعين المسخ..أنت عالة على هذا المجتمع علييييك اللعنة!!"

لم يرد علي، بل صمت وحسب...

ساعدت ماري على الوقوف، ثم سحبته على جهة لنتكلم على إنفراد" أخبرني مامشكلتك معها؟ لما تقوم بأذيتها كلما سنحت لك الفرصة؟؟"

أجابني بإنزعاج" ومامشكلتكِ أنتِ؟ تلتصقين بها كلما سنحت لكِ الفرصة!" تنفست الصعداء وأردفت بهدوء:

_" لنتكلم بمنطقية ميشيل..أحاول أن أفهَمَك فقط.."

نظر لي بطرف عينه، ليستسلم ويردف" أكره النساء.."

نظرت له بتعجب" هااه؟"

أتبع بإنزعاج" أجل أكرههن، جميعهن يكذبن ويتلاعبن بمشاعر الناس..ويغرن ويحسدن ويكدن المكائد..لا أجد أي خير فيهن، وخصوصاً أمثالها ممن يقومون بإدعاء اللطف والبراءة!" شدد على كلمته الأخيرة بينما يرمق ماري بنظرات حادة من بعيد...

_" إذاً تكرهني أيضاً؟" سألته رافعة حاجباي، ليجيب بثقة:

_" أنتِ لستِ مثلهن.."

ضحكت من تعبير وجهه الكوميدي ومن معنى كلامه لأردف" ومن أين تعرفني؟؟"

حك شعره وأردف منزعجاً" لاتخرجي عن الموضوع!"

إبتسمت، لينظر هو إلي دون أن يبعد عيناه..وقد بدأ قلبي بالخفقان...

(مهلاً لحظة..لما يخفق قلبي الآن؟ وكأنني جريت لمسافة كيلو مترات، ليس نفس الشعور حين أخجل..، شعور مختلف تماماً..لكنني مؤخراً وكلما نظرت إلي عينيه ورمقني بنظراته المميزة، بعيونه الناعسة تلك، يبدأ قلبي بالخفقان هكذا...هل أحبه؟ أم أخاف منه فقط؟؟)

حركت رأسي بالنفي قاذفة لأفكاري السخيفة بعيداً، ثم نظرت إلى يساري ووجدت هاتف عمومي" إسمع، سأقوم بسرقة بعض النقود وأتكلم مع صديقي ليأتي ويساعدنا..إنتظرني"

عقد حاجبيه ورمقني بنظرات تملؤها الغضب...

(ماذا؟ الم يعجبه الأمر حين أمرته بالإنتظار؟؟ مهما يكن..)

قبل أن أذهب ربتت على كتفه" فالتعتذر منها قبل أن أعود.." قلت بينما أشير بعيناي لماري، ليتنفس هو الصعداء ويكتفي بالصمت فقط...

_ميشيل_

(تباً لما يجب علي أن أجاريها؟؟)

ذهبت بعد أن أخبرتني أنها ستسرق بعض النقود..ومن أجل ماذا؟ لتتكلم مع حبيبها!!

لم أتمكن من منعها لأنني فعلاً ليس لي دخل بحياتها..لكن الوقوف هكذا فقط والمشاهدة يزعجني...

لمّحت لها أكثر من مرة بأنني معجب بها، لكنها دوماً لاتبالي بكلامي، لا أدري إن كانت تدعي ذلك أم أنها حقاً غبية لاتفهم ولم تلحظ مشاعري نحوها...

حين علمت لأول مرة أنها فتاة على السفينة، لم أكرهها كما أكره جنس النساء كافة..بل جعلني ذلك سعيداً نوعاً ما...

دائماً ما أقوم بإستفزازها لأفتح موضوعاً أتكلم فيه معها..لكن دوماً ينتهي الأمر بغضبها مني وإنصرافها عني، وما ذنبي أنا؟

أنا لا أجيد التعامل بطريقة مهذبة ولاجيدة ولا أعرف حتى كيف أجامل لأن ذلك يثير إشمئزازي! ولايمكنني أن أعترف لها أيضاً...ذلك سيخدش كبريائي وبشدة...

مشيت نحو ماري متعمداً عدم النظر إليها، جلست على الرصيف متكئاً على الجدار، وقد كان الشارع خالياً تماماً...

_" أعتذر" قلت هذه الكلمة بصعووبة وقد شعرت بأنني قد وضعت رأسي على الأرض تاركاً المجال لماري لتقوم بالدعس عليه...

أجابت بحنو" لابأس"

ثم إقتربت وجلست هي الأخرى على يميني، تبعدني بمتر...

_" أنتَ حقاً تحبها.." قالت ماري وقد أُصبت بالقشعريرة من صدمة ماسمعته..كيف عرفت ذلك!!

_" أتمزحين؟" أجبتها ببرود مدعياً الغرور وعدم المبالاة لأتبع" من سيحب واحدة مثلها أساساً؟؟"

_" أرأيت؟ هذه مشكلتك.." قالت ناصحة إياي، لأنظر إليها معقداً حاجباي وأقول" مشكلتي؟؟"

_" إن إستمريت على هذا الحال فستفقدها..إعترف لها قبل فواتِ الأوان فهي ستلتقي بصديق لها..ولا أحد يدري فلربما يحبها وسيسبقك بالإعتراف لها ويأخذها بعيداً عنك دووون عودة..."

إستفزتني بكلامها..لكنه كان منطقياً، أعني..أنا متكبر ومغرور وقاسي وفظ، ودائماً ما أكلمها بطريقة سيئة، وشتمتُ والدتها أكثر من مرة وكان ذلك يغضبها حقاً...

فمن الطبيعي أن تذهب مع رجل آخر، هل ستقبل بي إن إعترفت لها أساساً؟؟

_" يمكنك أن تسألني إن كنت محتاراً بخصوص كيف ستعترف لها.." أردفت ماري بكل ثقة، تتصرف وكأنها أكبر مني!! لكنني بحاجة ماسة لنصائحها الآن...

أدرت رأسي بالإتجاه المعاكس لها وسألت بصعوبة" أحمم..هل تظنينها ستقبل بي؟"

صمتت، أدرت رأسي لأرى مابها صامتة لأجدها تحدق في بصدمة...

_" ماخطبك؟؟" قلت بحدة، لتجيب هي" أنت حقاً لا أمل منك.."

أجابتني بكلمة واحدة، لتنفعل في وجهي" بجديييية! ألم تلاحظ نظراتها إليك؟؟ إنها لا تحبك بل هي مغرمة بك تعشقك تعشقك!!"

إتسعت عيناي وإبتسمت بسعادة ممزوجة بالغرور، لا أدري شعرت بأنني شخص رائع...لوسي تحبني..لوسي تحبني..لايوجد ماهو أفضل من هذا الخبر...

_" هل أنتِ جادة؟؟" سألتها بينما أنظر إليها بدهشة، لتردف هي بينما تبتسم بثقة" بالتأكيد هي كذلك..أنا فتاة والفتيات يعرفن بعضهن"

أدرت رأسي أنظر في فراغ، وأخذت أسرح في عالم من الأفكار والخيالات تدور في رأسي...

مر الوقت، ولوسي لم تعد بعد...

_" لقد تأخرت" قلت وقد بدأت أشعر بالملل، والغيمة السوداء قد وصلت إلينا...

_" لم تضِع صحيح؟؟" سألتني ماري بتوتر، لأجيبها" لا أظن ذلك.."

كبرت ماري في عيني، لم أظن أنها ستحاول الإصلاح بيننا..ربما ظلمتها حقاً بقولي أنها تدّعي البراءة..هي طفلة بغاية اللطف...

_" أخبريني ماري..ما الذي ستفعلينه من الآن؟ فكما تعلمين..سآخذ لوسي منكِ عما قريب.."

ضحكت وأجابت" لا بأس لي مع ذلك..أعتقد أنني سأستمر بالبحث عن أخي.."

_" أخيك؟"

أجل، إنه الفرد الوحيد المتبقي من عائلتي.."

_" فهمت، أوتعلمين..لوسي تملك عصابة"

_" عصابة؟؟؟" فتحت فمها بدهشة، لأتبع" أجل هي زعيمة لإحدى العصابات..وأراهن على أنها تملك الكثير من المعارف وممن يمتلكون المعلومات، أخبريها عن إسم أخيك..متأكد أنها ستساعدك على العثور عليه.."

_" حقاااً؟؟ شكرااً لك ميشيل أنت حقاً شخص جيد!!"

" لم أفعل شيئاً.. ( يحك شعره) "

بدأت تتمتم لوحدها" هييه~عصابية إذاً..لهذا هي قوية ويعتمد عليها..إنها رائعة حقاً.."

نظرت لشعري وسألتني" هل أنت من صبغه بهذا اللون القرمزي؟"

رفعت عيناي لأعلى وبدأت ألمسه" أه..أجل قمت بصبغه، أخبرني رفيق لي أنه سيعطيني بعض من الهيبة، لقد بدأت الصبغة تزول..لن أصبغه مجدداً.."

_" ولما؟"

أجبتها بعفوية" لأنني لن أعود للعمل الذي كنت أقوم به سابقاً...وسأعيش بطريقة طبيعية بدءً من الآن.."

_" فهمت.." ثم سألتني بفضول" ماهو لون شعرك الحقيقي؟"

_" بني.." أجبتها لألمح لوسي قادمة من بعيد تلوح لنا بيدها حاملة محفظة...

_الراوية_

مشت لوسي ناحية ماري وميشيل، وإستغربت من جلوسهما معاً...

(هوووو يبدو أنهما تصالحا بطريقة ما..)

لمحت على يسارها متشرداً جالساً، إقتربت منه وسحبت من المحفظة كل الأوراق النقدية الموجودة تاركة لنفسها بضعة دولارات، وأعطتهم إياه بإبتسامة...

إستمرت بالمشي إلى أن وصلت إلى غرفة الهاتف العمومي الحمراء، قبل أن تدخل إليها أمسكها ميشيل من ذراعها قائلاً" أود التكلم معكِ بخصوص أمرٍ ما.."

بدى لها جاداً، وقد غرقت من جديد في نظراته التي تسميها هي (مميزة) ...

_" هل حدث شيء ما؟" سألت لوسي بقلق، وميشيل عازم على الإعتراف لها...

_" الأمر ليس كذلك..إنه فقط..لا أدري كيف أخبركِ إياه..."

أخذ ميشيل يتعلثم ويتجنب النظر لعينيها بينما يحك شعره بتوتر، ثم نظر لماري ينتظر منها أن تشير له بماذا يقول، لكنها قد ذهبت بالفعل، تاركة لهم المجال ليتكلما على راحتهم دون إفساد لحظتهم، بينما تُكلِم ميشيل داخلها (بالتوفيق أيها الفارس..)

تنفس الصعداء وأردف" تكلمي مع رفيقك وأعدكِ أنني سأخبركِ بعدها.."

نظرت له بإستغراب، لتومئ رأسها وتدخل بسرعة مغلقة الباب...

كتبت رقم سام ووضعت النقود، أخذ يرن ويرن ويرن ولا أحد يجيب، حاولت عدة مرات لكن لا أحد يجيب..أين هو سام!!

يتبع...

رأيكم؟ توقعاتكم؟ شكراً على القراءة..أنرتم..

بقلم إيمان إيدا

2019/10/29 · 414 مشاهدة · 1160 كلمة
47ImaneEdda
نادي الروايات - 2024