تنفس الصعداء وأردف" تكلمي مع رفيقك وأعدكِ أنني سأخبركِ بعدها.."

نظرت له بإستغراب، لتومئ رأسها وتدخل بسرعة مغلقة الباب...

كتبت رقم سام ووضعت النقود، أخذ يرن ويرن ويرن ولا أحد يجيب، حاولت عدة مرات لكن لا أحد يجيب..أين هو سام!!

_____________________
_في مكانٍ آخر...

_سام_

خرجت من الحديقة أمشي في الشارع، وقد كانت مشاعري في حرب داخلي...

(هل ظلمت آلبرت؟ أم أنه إستحق ذلك؟؟)

مر الوقت، أردت سحب هاتفي لأرى كم الساعة لكنه ليس موجوداً...أين هو؟؟

تذكرت فوراً أنني قد رميته أرضاً دون شعور، كنت غاضباً لدرجة أنني نسيته تماماً...

(يااا إلهي ماذا فعلت..كيف ستتصل بي لوسي الآن!!)

ركضت عائداً إلى الحديقة، لأجد الأطفال وقد أخذوه، أحدهم أخذ الشاشة ليلصقها كنافذة في القلعة الرملية التي يبنيها، وآخر يقوم بتمزيق أطرافه ليصنع بهم شيئاً...

أسرعت إليهم أبحث عن الشريحة وأسألهم، لكن لا أحد يعلم أين هي...

فقدت عقلي وأخذت أدور وأبحث في الرمال وفي الأرض، تحت الكرسي وفي العشب..لأعثر عليها وقد خدشت وأصبحت غير صالحة للإستعمال...

أخذت أضرب بيدي على رأسي ألوم نفسي لما فعلته، ثم وقفت..وتذكرت لوسي...

(هل كانت سترضى إن أخبرتها أنني طردت آلبرت دون أن أسمع عذراً منه..لربما أخطأ آندريه أو كذب علي، ففي النهاية من الذي أعرفه أكثر آندريه أم آلبرت؟)

أسرعت بإيقاف سيارة أجرة وإنطلقت نحو منزل آلبرت...

_____________________

_في مكان آخر_لوس أنجلوس...

_لوسي_

دخلت لغرفة الهاتف العمومي، وها أنا ذي أتصل بسام..أحاول وأحاول لكن ودون جدوى، لمحت من طرف الزجاج ذاك المتشرد وهو يقف بهدوء، ثم مشى ناحيتي..ينظر إلي بطرف عينه، ثم أزال القبعة من رأسه وحرك فمه يلفظ بضع كلمات..لايمكنني سماعة، أهو يكلمني؟؟

إنه يعتذر..، لكن لما؟؟

ليركض بسرعة نحو ميشيل، لم أستوعب بعد مايحدث، لكنني لمحته يحمل عصى بيسبول خلف ظهره، ثم ضرب ميشيل ضربة عنيفة على رأسه وركض بعيداً بعدها...

بقي ميشيل واقفاً متسع العينين، وأخذ يترنح يميناً وشمالاً إلى أن إصطدم بزجاج غرفة الهاتف العمومي، ثم إنزلق تاركاً أثر الدماء خلفه...

أسرعت بالخروج وأنا أناديه، جلست على ركبتاي أهزه وأكلمه" ميشيل..يا إلهي ميشيل كلمني..رد علي ميشيل!!"

لم يتحرك، إرتخت عيونه وجسمه بأكمله لايتحرك...ثم رفع عيناه بصعوبة ينظر إلي، وقد بدأت دموعي بالنزول على وجنتاي وبت أشهق" ميشيل إبق معي..إبق مستيقظاً..لاتتحرك سـ..سأحضر الإسعاف لاتقلق..كل شيء سيكون بخير إنتظرني فقط!"

قبل أن أقف أمسكني من يدي، وأخذ يحرك فمه يتمتم بكلمات غير مفهومة..

_" لـ..لا.تذ...هبي..." إقتربت منه محاولة فهمه وجسدي بأكمله يرتجف، والدموع في عيناي شوشتني وأفقدتني الرؤية تماماً...

تمتم بشيء آخر" أنا...أُ...حبـ...كِ.."

لمع البرق وصوت الرعد إنفجر في أذناي..ثم هطل مطر غزير فجأة...

إنفجرت بالبكاء وأنا أهز ميشيل الذي لم يتحرك بعد آخر كلمة إلتفظ بها، أسرعت بتفحص نبض قلبه بعد أن وضعت رأسي على صدره أسمع، والتأكدِ إن كان يتنفس عبر وضع يدي بجانب أنفه...

لكن لا أثر للحياة في جسده، أصبح بارداً وعيناه تنظران في فراغ...إنفجر صوت الرعد مجدداً وحينها إستوعبت، أن ميشيل قد فارق الحياة...

جلست مكاني وقد تبلل شعري وجسدي كذلك، أحدق فيه دون أن تتوقف دموعي عن النزول كالمطر الغزير الذي يهطل تماماً...

توقف دماغي عن التفكير، فقط أحدق في فراغ، لتأتي ماري من خلفي وهي تكلمني، وعلى وجهها تعابير حزن وذعر...

لم أعد أسمع مايجري حولي، تشوش فقط..لحظة، لقد حدث هذا لي من قبل...

أجل، أحسست بهذا الشعور قبل أربع سنواتٍ ونصف...اليوم الذي فقدت فيه عائلتي..أعز ما أملك...وها أنا فقدت شخصاً عزيزاً على قلبي..شخصاً أكترث حقاً لأمره..شخصاً أحببته من كل قلبي، ولم أعي ذلك حتى فارقته الآن...

(إنه يتكرر، نفس الكابوس يتكرر مجدداً!)

ركضت مع ماري وأنا لا أعلم لماذا نركض..ما الذي يحدث من حولي؟

_ماري_

رأيت أنهم قد إستغرقوا الكثير من الوقت..وقد أكلني الفضول لأعرف ماحدث...

(كيف تسير الأمور مع ميشيل ياترى؟؟)

مشيت بهدوء ووقفت في الزاوية، أراقب من بعيد، لأجد لوسي جالسة على ركبتيها وشخص آخر ملقي على الأرض غارقاً في دمه...إنه ميشيل!!

ركضت مهرولة إليها..لألمح على يساري من بعيد رجال عصابات قادمين ومعهم أسلحتهم وكان عددهم كبيراً، وعلى يميني لمحت سيارات شرطة قادمة..ماهذه المصيبة يا إلهي!

ركضت إلى لوسي وسحبتها بعيداً عن ميشيل، ثم ركضنا..ركضنا دون توقف وكاد قلبي أن يخرج من مكانه...

إلى أن وصلنا لجسر سان فرانسيسكو، جلسنا على العشب تحته نرتاح..ووجه لوسي لايزال خالياً من التعبير...

بدأت بالبكاء وأنا لا أدري لما أبكي، أحزنني فقط منظرها وشعرت بغصة...

وهي الأخرى تنزل دموعها فقط، وكأنها لم تعد موجودة في هذا العالم..تنظر في الفراغ فقط...

إحتضنتها بقوة وبدأت أبكي، لتنهار هي بالبكاء وتمسكت بثيابي بشدة وأخذت تشهق...

_______________

_في مكان آخر...

_سام_

نزلت من سيارة الأجرة وصعدت العمارة، وصلت إلى باب شقة آلبرت وها أنا ذا..أخذت نفساً طويلاً وطرقت الباب، إنتظرت لدقيقة لكن لم يستجب لي أحد..، إن لم يكن آلبرت هنا فسيكون تشارلي، وإن لم يكن تشارلي فستكون جانيت موجودة بالتأكيد...

طرقت الباب مجدداً، ودون جدوى، ثم صرخت خلف الباب" آلبرت كن رجلاً لمرة وإفتح الباب!!" إنتظرت قليلاً، لكن لا أحد موجود وقد نفذ صبري...

أنزلت رأسي لأسفل وها أنا عائد أدراجي..لألمح ظلاً تحت الباب، عقدت حاجباي ونزلت أحدق تحته مضيقاً عيناي لأحدد من يكون...أو ماذا كان...

(اللعنة إنها دماء!)

صدمت بما رأيت لأصرخ بينما أطرق الباب بهستيرية" آلبرت إفتح الباااب هذا أناا آلبرت!"

لم يجبني، ركلت الباب بقدمي مِراراً وتكراراً إلى أن فتح، لأرى أمامي شيئاً تمنيت لو أنني لم أره قط في حياتي...

آلبرت جالس على الكرسي، والدماء تقطر من أكتافه بسبب أذرعه التي إنتزعت من أماكنها قصراً، رأسه متدلي ينظر للأرض بدون عينين..والدماء تنزل على وجنتيه كدموعٍ غزيرة...

أخذت أنظر إليه بصدمة..لم أتمكن من تحمل المنظر، الغرفة غارقة في دمائه ورائحة الدم تفوح في أرجائها...

أصبح آلبرت بدون عينين، ولاذراعين، ولا أسنان ولا أظافر ولا لسان!!

هرعت إليه لأنزلق بالدماء على الأرض وأسقط، إتكأت على شيء محاولاً الوقوف.. إنها ذراعه!

بدأت الدموع تهطل على وجنتاي..شعرت بأنني سأفقد عقلي..ما الذي يحدث هنا؟؟

وقفت وأخذت أردد" آلبرت..هل تسمعني..آلبرت"

تفحصت نبضه..إنه بارد لكن لايبدو أن الأمر قد حدث منذ فترة..دمائه ليست جافة أيضاً...

(لايوجد نبض..كيف حدث هذا بحق..كان آلبرت معي في الحديقة قبل دقائق والآن لم يعد موجوداً...)

أجهشت بالبكاء ممسكاً صدري بقبضات يدي،أخذت أصرخ وأنوح..لم أستطع التنفس وكان من الصعب علي إخراج صوتي..لم أتحمل تلك الصدمة...

____________________

_في مكان آخر_مركز التسوق...

مشى آرثر بخمول وجودي تمشي أمامه بثقة، وسط الحر أخذ آرثر يتذمر" خالة جو هلا عدنا إلى المنزل؟ نحن نتسوق منذ ساعات!"

رمقته بنظرات مرعبة" كلمة أخرى وسأقطع عنقك!"

بلع ريقه وصمت..علم أنها تغلي من الداخل بسبب محاولات آلفريد لقتل آرثر..إبن أختها العزيز...

مشت بخطوات عريضة، وكلما وقفت أمام البائع تسمعه مالايرضيه وتخرج غضبها فيه...

_" أنا جائع.." تمتم آرثر بدلل لتتنفس جودي الصعداء وتتوقف" لنذهب إلى المطعم..أنا أيضاً جعت"

مشيا ناحية السيارة، وضعا أكياس المشتريات وأغلقاها..وقبل أن يذهبا إلى المطعم رن هاتف آرثر...

رفع السماعة وأجاب" أووو هل إشتقت إلي بهذه السرعة؟"

صرخ سام على الهاتف بهستيرية "آااارثر لقد فقدنا آلبـــرت لقد رحل للأبد قتلووووه لقد قتلووووه!!"

إتسعت عينا آرثر وصرخ"ماذا!! أ..اا-ااين أنت؟؟"

أخذ آرثر يرتجف بينما يدور حول السيارة كالمجنون...

_" آرثر ما الذي حدث؟ من على الهاتف؟؟"

أغلق الخط بعد أن أخبره سام بمكانه وأسرع نحو باب السيارة ليصرخ" إفتحيها!!"

سحبت جودي المفاتيح بذعر وفتحتها بسرعة، ليصعد بمقعد السائق ويشغلها، صعدت هي بسرعة وأردفت" هلااا أخبرتني ما الذي يحدث؟؟"

إنطلق آرثر بسرعة خيالية، بينما يضرب على المقود بعصبية تارة ويمسح وجهه بعنف تارة أخرى...

_" آاااارثــر!" صرخت جودي بوجهه ليبكي هو بينما يقول" رفيقي..قتلوا رفيقي..لقد قتلوا أخي!"

أمسكت جودي فمها بيدها هولاً، وعم الصمت أجواء السيارة إلى حين وصولهم...

نزل آرثر من السيارة وضرب الباب خلفه ليغلق بعنف، ركض نحو العمارة وصعد رفقة جودي التي تركض خلفه...

وقف أمام باب شقة آلبرت، أخذ نفساً عميقاً ثم فتح الباب ببطئ...

يتبع...

رأيكم بالفصل؟

ورأيكم بالأحداث؟

توقعاتكم؟؟؟

شكراً على القراءة..أنرتم ✥ بقلم إيمان إيدا

2019/10/31 · 437 مشاهدة · 1197 كلمة
47ImaneEdda
نادي الروايات - 2024