نهضت من سريري، متجهًا نحو الحمام بغرض غسل وجهي وتخفيف شدة القلق الذي كان يتملك مني. دفعت الباب ودخلت، وعندما نظرت إلى المرآة، تجمدت في مكاني.

"أوه... هل هذا أنا؟" همست في دهشة. كان شعري أبيض، يتطاير بفوضى حول رأسي، بينما كان وجهي شاحبًا بشكل مخيف. عينيّ، الداكنتان، كانتا تحملان في طياتهما علامات التعب والقلق، مع انتفاخ واضح تحتها، وكأنها تحكي قصة يومين من الأرق.

تقدمت خطوة أخرى نحو المرآة، محاولًا استيعاب ما أراه. "كيف يمكن أن أبدو هكذا؟" تساءلت، بينما صدمتني ملامحي. كان هناك شعور بالغرابة يجتاحني، وكأنني أرى شخصًا آخر، شخصًا لم أعد أعرفه.

غسلت وجهي بماء بارد، محاولًا أن أستعيد وضوحي. "أولئك اللعناء يريدون أن يقتلوني بشدة." كانت تلك الأفكار تتردد في ذهني كصدى قاسٍ، مما زاد من شعوري بالقلق.

جففت وجهي سريعًا، لكن ما زالت تساؤلات كثيرة تدور في رأسي. "متى سأذهب مع إدغار سكارليث؟" قاطعت أفكاري صوت فتح الباب، مما جعلني أستدير بسرعة.

"سيدي الصغير إيثان سكارليث، بدأت الرحلة إلى إمبراطورية فيرزادن، لذا يرجى التوجه حالًا لأننا موشكون على المغادرة." كانت كلمات الخادم تحمل عجلًا واضحًا، وكأن الوقت يضغط علينا.

"أولئك الفرسان اللعنين لا يطرقون حتى الباب!" همست في نفسي، شعور من الاستياء يتصاعد في صدري. "حسنًا، سأذهب. سأتبعك."

توجهت إلى خزانة ملابسي، وفتحت الأبواب الثقيلة. اخترت ملابس سوداء، بسيطة ولكنها عملية، تناسب الرحلة التي تنتظرني. كنت بحاجة إلى كل ما يمكن أن يساعدني في مواجهة المستقبل المظلم.

عندما خرجت من غرفتي، كان القصر في حالة من النشاط المتزايد. الخدم يتحركون بسرعة، والفرسان يتبادلون الكلمات، وكل شيء كان ينبض بحيوية غير عادية. فتحت الباب الخارجي، وشعرت بسخونة الهواء بينما كان يلفني.

أمام القصر، كانت هناك سيارات سوداء تطير في الهواء، تنبض بالحياة وكأنها كائنات حية. كان شكلها انسيابيًا، مع خطوط حادة تضفي عليها طابعًا مهيبًا، مما جعلني أشعر بالتوتر يزداد في داخلي.

اتجهت نحو الدرج الطويل الذي يمتد من السيارة حتى الأرض.

عندما صعدت، جلست خلف المستشار إدغار سكارليث. كان رجلًا ذو هيبة، طويل القامة، يحمل ملامح صارمة. شعره الأسود يتدلى على جبينه، وشاربه الكثيف ولحيته تضفيان عليه مظهرًا مهيبًا. كانت عيونه السوداء تعكس قوة وحكمة، لقد كان عمي إدغار سكارليث بالأخير.

بينما كانت السيارة السوداء تحلق في السماء، شعرت بإحساس من القلق يتسلل إلى أعماقي. كانت المناظر تتغير بسرعة، من أراضٍ قاحلة إلى تلال من الرمال، ثم إلى أراضٍ أكثر خصوبة، كأنها تحكي قصة العالم الذي أتركه خلفي. كانت الرحلة طويلة، وكأن الزمن يمر ببطء.

لم يكن هناك حديث بيني وبين إدغار، الذي كان يجلس في المقعد الخلفي بجواري. بينما كان أحد الفرسان يقود السيارة، كانت ملامح إدغار مظلمة، محاطة بسحابة من الغموض. لم أستطع رؤية وجهه بوضوح، فقد كان يتجنب الالتقاء بعيني، وكأن هناك شيئًا يثقل كاهله.

مرت الساعات، وكلما اقتربنا، زادت حدة التوتر. كانت الأرض تحتنا تتبدل، والأصوات الخارجية تتلاشى، بينما كنت أشعر بأنني أبتعد عن كل ما كنت أعرفه، وكأنني كنت أقترب من حافة المجهول.

فجأة، توقفت السيارة عند بوابة ضخمة، محاطة بأبراج حراسة. كان هناك حراس يرتدون دروعًا لامعة، يتطلعون إلينا بنظرات حادة. "وصلنا." همست لنفسي، بينما كانت مشاعري تتضارب بين القلق والترقب.

عندما انفتح الباب، شعرت بنسيم خفيف يداعب وجهي. نزلت من السيارة، وكنت أرى قصر إمبراطورية فيرزادن يرتفع أمامي كجبل من الحجارة الداكنة. كانت جدرانه مزينة بنقوش معقدة، تعكس عظمة الماضي، لكن في الوقت نفسه، كانت تحمل شعورًا من الهيبة المروعة.

مع كل خطوة كنت أخطوها نحو القصر، كان قلبي ينبض بقوة. "مالذي ينتظرني هناك؟" تساءلت، بينما كنت أراقب الفرسان من حولي، الذين كانوا يسيرون بجواري، لكن نظراتهم كانت موجهة إلى الأمام، وكأنهم يتجاهلون وجودي.

بينما كنت أسير خلف الخادم، شعرت بالتوتر يتصاعد في صدري. كانت الممرات الداخلية للقصر واسعة، محاطة بجدران مزينة بنقوش فنية معقدة تعكس تاريخ الإمبراطورية. كانت الأضواء تتلألأ من الشمعدانات المعلقة، مما يضفي جوًا من الهيبة على المكان.

تجاوزنا قاعات فسيحة، حيث كانت الأرائك الفاخرة موضوعة بعناية، وكأنها تدعو الزوار للراحة. لكنني لم أشعر بالراحة. كان كل شيء يبدو غريبًا، وكأنني أبتعد عن كل ما هو مألوف.

بينما كنت أتابع خطوات الخادم، لاحظت أن بعض الحراس كانوا يقفون عند الأبواب، عيونهم تراقبني بحذر. "هل سأكون محاصرًا في هذا العالم الجديد؟" تساءلت في نفسي، لكنني حاولت دفع تلك الأفكار بعيدًا.

أخيرًا، وصلنا إلى باب كبير، مزخرف بأعلام الإمبراطورية. "تفضلوا بالدخول." قال الخادم، وهو يفتح الباب ببطء، كأنه يكشف عن عالم من الأسرار.

دخلت الغرفة، ورأيت حوالي خمسة عشر شخصًا يجلسون على مقاعدهم العالية. كانت الأجواء مشحونة بالتوتر، ونظراتهم مشبوهة، محملة بالكراهية. في وسطهم، كان يجلس المستشار تايلر فيرزادن، رجل ذو هيبة واضحة. كان طويلًا، ذو ملامح صارمة، وشعره الأسود القصير مرتب بشكل مثالي. كانت عيونه الداكنة تلمعان بحذر، كأنهما تتفحصان كل حركة من حركاتي.

"إدغار سكارليث، يبدو أنك أحضرت ابن أخيك الغير مرحب به." كانت كلمات تايلر فيرزادن تتردد في الغرفة، محملة بنبرة من السخرية. كان يجلس بشكل مهيب على مقعده، وعيناه الداكنتان تراقبانني بدقة.

رد إدغار سكارليث بصوت هادئ، لكنه يحمل ثقل السلطة. "هذا أمر من جاستين، ولا يمكنني معارضته."

"حسنًا، إذا كان الأمر هكذا، فليكن. اجعلوه يذهب إلى الحديقة الخلفية." قال تايلر، وهو يتجاهلني كأنني لم أكن هناك. "لا أظن أنه يريد السماع إلى النقاش."

شعرت بشيء من الإهانة، لكنني لم أستطع فعل أي شيء. كانت تلك هي السلطة التي تحكم هذا المكان، وأنا مجرد ضحية في لعبة أكبر من قدرتي على فهمها.

تقدم أحد الخدم، وأشار لي برأسه. "تعال معي، سأخذك إلى الحديقة الخلفية."

مشيت خلف الخادم، بينما كنت أشعر بأن نظرات الشيوخ تلاحقني. كانت الأجواء مشحونة بالتوتر، وكأن كل خطوة أقطعها تثير المزيد من الشكوك حول وجودي.

عندما وصلنا إلى الحديقة الخلفية، انفتحت أمامي مساحة واسعة، مليئة بالأشجار والنباتات، لكن الجو كان غريبًا. شعرت بنسيم خفيف يحمل شيئًا من الغموض، وكأن الحديقة كانت تحتفظ بأسرار لا تُحصى.

"ابق هنا." قال الخادم، ثم تركني وحدي، وتلاشى في المساحة الخضراء. وقفت في منتصف الحديقة، أشعر بالضياع، بينما كانت الأفكار تتصارع في ذهني.

"اللعنة عليهم جميعًا!" صرخت في داخلي، بينما كنت أتمشى في الحديقة، محاطًا بالأشجار التي تراقبني كأنها تحتفظ بأسرار لا تُحصى. كان الجو هادئًا، لكن شعورًا غريبًا تسلل إلى أعماقي، كأن شيئًا سيئًا على وشك الحدوث.

فجأة، شعرت بأن شخصًا ما يقترب. عندما نظرت إلى الخلف، رأيت رجلًا مقنعًا يهجم عليّ بسيفه بسرعة لا تُصدق. كان القناع أسود، مُصنوعًا من مادة لامعة، يبرز ملامح وجهه بشكل مُخيف. كانت فتحتا عينيه كبيرتين، وكأنهما تراقبانني ببرود وشر. على جانبي القناع، كانت هناك نقوش غامضة، تُعزز من شعور الرعب الذي يثيره.

"لا!" كانت تلك الكلمة تتردد في ذهني، بينما كنت أستعد لمواجهة الهجوم.

دون تفكير، استدعيت سيفي، سيف الشيطان، في محاولة يائسة لصد الهجوم. لكن المفاجأة كانت صادمة؛ الرجل دفعني بقوة، مما جعلني أطير في الهواء قبل أن أسقط على الأرض.

تدحرجت على العشب الاخضر، وأحسست بالألم يعتصر جسدي. "ماذا يحدث؟" بدأت أستوعب الموقف. "هل كانوا يخططون لكل هذا؟" كانت الأفكار تتدافع في ذهني، بينما كنت أستجمع قواي. "هل كانت عائلتي تريد قتلي بهذه الطريقة الخبيثة، بحيث لن يستطيع أحد لومهم؟"

كل شيء بدا لي كخطة محكمة. لم يكن الأمر مجرد صدفة، بل كان هناك شيء أكبر يلوح في الأفق.

انقض المغتال عليّ، وكانت خطواته سريعة وواثقة. حاولت أن أتحرك، لكن كل ما استطعت فعله هو تفادي بعض الضربات. كان سيفه يلمع في ضوء الشمس، وكأنه يتوق إلى الدم.

صُدمت عندما شعرت بألم حاد يخترق جانبي. "آه!" صرخت، بينما كانت جراحي تنزف، تملؤني باليأس. لم يكن لدي أي خبرة في القتال، وكل ما قرأته عن الفروسية كان بعيدًا عن الواقع.

تدحرجت على الأرض، لكنني استجمعت ما تبقى لي من قوة. "لا أستطيع الاستسلام!" صرخت في داخلي، بينما كنت أستعد لمواجهة الهجوم التالي. لكن المغتال كان أسرع. طعنة أخرى، ثم أخرى، وكل ضربة كانت تترك أثرًا.

حاولت أن أصد الهجمات، لكنني كنت أضعف مع كل لحظة. لم يكن أحد يهتم لما يحدث. كان الحراس يتجاهلون المعركة التي كانت تدور أمام أعينهم، وكأنهم متفقون على عدم التدخل. "لماذا لا يتحركون؟" تساءلت، بينما كانت الدموع تتجمع في عيني.

مع كل ضربة، كنت أشعر بالقوة تتلاشى. "لماذا أواجه كل هذا وحدي؟" كانت تلك الأفكار تتردد في ذهني، بينما كنت أرى المغتال يتقدم نحوي، عازمًا على إنهاء المعركة.

سقطت على الأرض، وكأن كل ما تبقى مني قد نُزع. كنت أشعر بالدم يتدفق من جروحي، بينما كانت أنفاسي تتقطع. "لا! لا يمكن أن ينتهي الأمر هكذا!" كانت تلك الكلمات تتردد في داخلي، لكنني كنت في حالة من الضعف.

كنت أستلقي على الأرض، وشعرت بشيء بارد يلامسني، كأن الموت يقترب بخطوات هادئة. نظرت إلى المغتال وهو يقترب مني ببطء، يعكس في عينيه القاسيتين قسوة لا تُحتمل. كان يرتدي قناعًا أسود، مما جعل ملامح وجهه غير واضحة، لكن عينيه اللامعتين تخبرانني بكل شيء: كان يستمتع بلحظة انتصاره.

"أنت ضعيف، إيثان." كان صوته يتردد في الهواء، يحمل نبرة من السخرية، تتسلل إلى أعماقي كخنجر. "لم يكن عليك أن تعتقد أنك تستطيع النجاة."

كل كلمة كانت كالسهم، تصيبني في صميم نفسي. "لا، لا أستطيع أن أنتهي هنا!" كانت تلك الأفكار تتصارع في ذهني، لكن جسدي كان يثقلني، لا أستطيع التحرك أو الدفاع عن نفسي.

شعرت بالدم يتدفق من جروحي، وكان الألم يتضاعف مع كل لحظة. "لماذا يحصل لي كل هذا؟" كانت تلك الكلمات تتردد في ذهني، بينما كنت أراقب المغتال يقترب بلا رحمة، عازمًا على إنهاء ما بدأه.

"لقد كنت أعتقد أنني سأنجح، أنني سأكون قويًا بما يكفي."لكن الشعور بالعجز كان يتلاشى مع كل ثانية.

عندما اقترب المغتال أكثر، كنت أستطيع رؤية عينيه فقط، وهما تحملان بريقًا قاسيًا. "لقد كنت مجرد خيال مضحك في عيون الآخرين، لكنك الآن ستظهر حقيقتك للجميع."

"لا!" صرخت في داخلي، بينما بدأت تلك الكلمات تتردد في ذهني. لكنني لم أستطع الهروب من الواقع. "إذا كنت سأموت، سأقاتل حتى النهاية."

فجأة، استجمعت ما تبقى لي من قوة. "لن أستسلم!" صرخت، بينما كان المغتال يقترب، لكنني كنت أعلم أنني لا أستطيع الاستمرار في الاستلقاء.

مع كل ما لدي من إرادة، حاولت النهوض، لكن الألم كان يعتصرني بشدة. "هل سأكون ضحية لهذا الكائن؟" كانت تلك الأفكار تتردد في رأسي،

شعرت برغبة ملحة في الاستسلام، لكن فجأة، استجمعت ما تبقى لي من قوة. "لن أستسلم!" صرخت في داخلي، بينما بدأت أتحرك. نهضت على قدمي، رغم الألم الذي كان يعتصرني. كل ما كنت أحتاجه هو لحظة من العزم.

تقدمت نحو المغتال، وسيفي الأسود في يدي، لكنني لم أكن أدرك أنني أتحرك ببطء. لم أستطع أن أرى شيئًا سوى تلك العيون التي تحمل بريقًا قاسيًا. حاولت توجيه ضربة، لكن المغتال كان سريعًا.

فجأة، انقضَّ علي، ووجه سيفه نحوي. "اللعنة!" صرخت، لكنني كنت متأخرًا. شعرت بطعنة حادة تخترق بطني، وكأنها خنجراً يغرز في أعماق روحي.

"آه!" صرخت بصوت عالٍ، بينما سقطت على الأرض. الألم كان يعتصرني، كما لو أن كل شيء من حولي قد تلاشى. فقدت الأمل في تلك اللحظة، وشعرت بالدم يتدفق من جراحي، يسيل على الرمال كعلامة على هزيمتي.

"هل انتهيت حقًا؟" كانت تلك الفكرة تتردد في ذهني، بينما كنت أشعر بالضعف يتسلل إلى جسدي. "كيف يمكن أن يحدث هذا؟"

يتبع...

2025/02/08 · 113 مشاهدة · 1706 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025