[منظور إيثان سكارليث]
...اللعنة. اللعنة. اللعنة. أربعة وثلاثون مخلوقًا كابوسيًا من رتبة مستذئب. حتى قتال مستذئب واحد كان يكاد يقتلني. مواجهة هذا العدد كانت انتحارًا محضًا.
"عين البصيرة!" صرخت في ذهني، والواجهة ظهرت أمامي ببطء، وكأنها تخشى الكشف عن الحقيقة المرة.
[المخلوق: مستذئب متوحش]
[الرتبة: مستذئب – عدد الأهداف: 34]
أربعة وثلاثون.
الهرب. كان الهرب هو الخيار الوحيد. لم يكن لدي أدنى فرصة للقتال. من المستحيل أن أواجه اثنين منهم في وقت واحد، ناهيك عن جيش كامل من الوحوش المتعطشة للدماء.
كانوا يقتربون. رأيت عيونهم الحمراء المتوهجة تلمع في الظلام، وأجسادهم الضخمة تندفع نحوي بخطى سريعة. كانت رائحتهم النتنة تملأ الهواء، ورغبة القتل تتدفق منهم كموجة عاتية.
لم يكن لدي وقت للتفكير. الهرب الآن!
استدرت وركضت بأسرع ما يمكنني، متجاهلاً الألم الذي يمزق جسدي. خطوات الظل زادت من سرعتي، لكنني شعرت بأنني أتحرك ببطء شديد مقارنة بهؤلاء الوحوش.
كانت أصوات زمجرتهم تتعالى خلفي، وأصوات مخالبهم تطاردني على الأرض. شعرت بأنفاسهم الحارة على رقبتي. كانوا قريبين جدًا.
"الانتقال الآني!" صرخت، وركزت على نقطة بعيدة في النفق المظلم. شعرت بسحب قوي من نواة روحي، وفي لحظة، اختفى المنظر خلفي وظهر منظر جديد أمامي.
كنت قد ابتعدت عشرة أمتار، لكنني شعرت بالإرهاق الشديد. استخدام الانتقال الآني كان يستهلك طاقتي بسرعة.
نظرت خلفي ورأيت المستذئبين يندفعون نحوي مرة أخرى. كانوا أسرع مما توقعت. الانتقال الآني لم يكن حلاً طويل الأمد.
"الانتقال الآني!" استخدمته مرة أخرى، ثم مرة ثالثة، ثم رابعة. في كل مرة، كنت أشعر بنواة روحي تنضب أكثر فأكثر. كنت ألهث بشدة، ورؤيتي بدأت تضطرب.
كان عليّ أن أجد مكانًا للاختباء. مكانًا يمكنني فيه استعادة قوتي والتفكير في خطة.
ركضت بجنون في النفق المظلم، عيني تبحثان عن أي مخرج أو أي مكان يمكن أن يوفر لي بعض الحماية. كانت الجدران تنبض وتهمس، لكن لم يكن هناك أي ممر جانبي أو أي شيء يمكن أن أختبئ فيه.
كان المستذئبون يلاحقونني بلا هوادة. كنت أسمع أصواتهم تقترب أكثر فأكثر. كنت أعرف أنني لن أستطيع الاستمرار في استخدام الانتقال الآني لفترة أطول. نواة روحي كانت على وشك الانهيار.
فجأة، رأيت فتحة صغيرة في الجدار على يساري. كانت بالكاد كبيرة بما يكفي لتمرير جسدي، لكنها كانت أفضل من لا شيء.
اندفعت نحوها، وزحفت من خلال الفتحة الضيقة. كانت مظلمة وخانقة، لكنني شعرت بالأمان النسبي وأنا أبتعد عن النفق الرئيسي.
سمعت أصوات زمجرة المستذئبين تتلاشى تدريجيًا. ربما لم يتمكنوا من رؤيتي أو لم يكونوا متأكدين من الاتجاه الذي ذهبت إليه.
توقفت عن الزحف واستلقيت على الأرض الباردة، ألهث بشدة. كانت نواة روحي تكاد تكون فارغة. شعرت بالإرهاق الشديد والألم يمزق جسدي.
كان عليّ أن أرتاح. كان عليّ أن أستعيد قوتي. كان عليّ أن أجد طريقة للخروج من هذا الكابوس.
لكن أين كنت؟ وإلى أين يمكنني أن أذهب؟ كنت محاصرًا في مكان مجهول، مطاردًا من قبل وحوش لا ترحم.
كان الأمل يتلاشى ببطء. لكنني رفضت الاستسلام. لم أمت بعد. وطالما كنت أتنفس، كنت سأستمر في القتال. كنت سأجد طريقة للنجاة.
...
...
...استلقيت في الظلام الخانق، ألهث بشدة، وشعور يائس بالضعف يغمرني. كانت نواة روحي فارغة تقريبًا، وكل عضلة في جسدي ترتجف من الإرهاق والألم. لكن العطش كان يزداد حدة، يحرق حلقي كالنار.
تذكرت فجأة. خاتم الظلال. كان يحتوي على زجاجة صغيرة سوداء، مملوءة بسائل أسود لامع قيل لي إنه ماء نقي لا ينتهي. أخرجتها ببطء من الخاتم، كان المعدن البارد للزجاجة مريحًا في يدي المرتعشة. فتحت السدادة وشربت جرعة صغيرة. السائل كان باردًا ومنعشًا بشكل لا يصدق، وشعرت بالقوة تعود إلى جسدي تدريجيًا.
بعد أن استعدت بعض طاقتي، نهضت وسلكت الممر الضيق الذي لجأت إليه. كان مظلمًا ورطبًا، لكن لم يكن هناك أي علامات على المستذئبين. ربما كانوا قد تخلوا عن مطاردتي.
تعمقت أكثر في الممر، الذي بدأ ينحدر إلى الأسفل. كان الظلام يزداد كثافة، والهمسات أصبحت أعلى وأكثر وضوحًا، وكأنها أصوات أرواح معذبة تحيط بي من كل جانب.
فجأة، اتسع الممر ليتحول إلى كهف واسع. في وسطه، رأيت شيئًا غريبًا ومخيفًا. كان يشبه قلبًا ضخمًا، لكنه كان أسود بالكامل، ينبض بقوة بطيئة وثقيلة، يرسل موجات خافتة من الظلام تخترق الهواء. لم يكن هناك أي شيء آخر في الكهف، فقط هذا الشكل الأسود النابض.
اقتربت منه ببطء ورعب، وسيف الشيطان مسلولًا في يدي. كان الهواء هنا أثقل، وكأن شيئًا شريرًا وقديماً يكمن في هذا القلب الأسود. كنت أرتجف قليلًا من الخوف، شعور غامر بالرهبة يسيطر عليّ. هل كان هذا... قلب المخلوق الكابوسي الساقط؟ النواة المظلمة التي شكلت هذا النفق الملعون؟
إذا كان الأمر كذلك، فإن تدميره قد يكون هو السبيل الوحيد للخروج من هنا.
كان عليّ أن أستخدم قوة مدمرة، شيئًا يمكن أن يضمن تدمير هذا الشيء الأسود النابض. لم يكن هناك خيار آخر سوى سمة النار السوداء.
"اللعنة!" تمتمت، شعور بالخوف والقلق يتصارع في داخلي. استخدام تلك القوة كان خطرًا للغاية، لكن لم يكن هناك بديل.
ركزت كل قوتي المتبقية، واستجمعت كل ذرة من طاقتي الروحية. رفعت سيف الشيطان عاليًا، وبدأت أركز النار السوداء في نصل السيف. الطاقة المظلمة بدأت تتجمع، تتصاعد كدخان أسود كثيف، تلف السيف بألسنة لهب صامتة ومروعة.
اقتربت ببطء من القلب الأسود النابض، والسيف المتوهج بالنار السوداء يرتجف في يدي. كنت أرتجف من الخوف، لكنني كنت مصممًا على إنهاء هذا الكابوس.
عندما كنت على بعد خطوات قليلة، رفعت السيف عاليًا فوق رأسي، ووجهت كل قوتي وسمة النار السوداء نحو الهدف.
"اشتعلي!" صرخت بالتعويذة، وصوتها مكتومًا ومرتجفًا.
في تلك اللحظة، انفجرت النار السوداء من السيف، وتدفقت نحو القلب الأسود كوحش مظلم. اصطدمت النيران بالسطح الأسود، لكن... لم يحدث شيء. لم يكن هناك أي تأثير مرئي على الإطلاق. لم يحترق، لم يتلاشى، لم يتغير.
"اللعنة!" صرخت مرة أخرى بيأس. كيف كان هذا ممكنًا؟
لم يكن لدي وقت للتفكير. كان عليّ أن أجرب كل ما لدي. جمعت كل ذرة من طاقتي الروحية المتبقية، ووجهتها إلى النار السوداء. شعرت بالقوة المدمرة تتصاعد من داخلي، تحرقني من الداخل، لكنني لم أتوقف.
اندفعت للأمام، وغرست سيف الشيطان المتوهج بالنار السوداء في قلب الشكل الأسود النابض.
في تلك اللحظة، انفجرت طاقة مظلمة هائلة من القلب، اجتاحت الكهف كله. شعرت بألم حارق لا يطاق يمزق جسدي، والنار السوداء تلتف حولي، تحرقني مع القلب الأسود. تشوهت ملامحي، وتمزق جلدي، لكنني لم أترك السيف.
همست بالتعويذة مرة أخيرة، بصوت خافت ومتقطع:
"[لقد قتلت وحشًا ساقطًا: النفق الملعون]"
"[لقد حصلت على 32 شظية إضافية]"
"[لقد تلقيت ذكرى] "
كان هذا آخر شيء سمعته، آخر شيء شعرت به، قبل أن يغمرني الظلام، وأسقط فاقدًا للوعي وسط النيران السوداء التي ابتلعت كل شيء.
...
...
...
فتحتُ عينيّ ببطء، وثقلُ الوعي ينساب في رأسي كما لو كنت أخرج من قاعٍ مظلم لا قرار له. لم أعد في ذلك النفق الذي ينبض باللعنة. لا صدى للصرخات، لا دخان للنيران السوداء. تحت جسدي، شعرت بملمس أرضٍ ناعمة مغطاة بأوراق الشجر الجافة، تعانقني برفق كأنها تُعلن عن ميلاد جديد. فوقي، تعانقت أغصان الأشجار في تشابك خيالي، تاركة أشعة الشمس تتسلل عبر أوراقها، كأنها نوافذ نور اخترقت عتمة الجحيم.
الغابة...
لكن... لم تكن تلك هي غابة الكابوس التي عرفتها. لا أصوات صرخات، لا سكون مميت، لا ظلال زاحفة من كل اتجاه. كانت أكثر إشراقًا... أكثر هدوءًا، بشكل مريب.
هل... نجوت؟ هل تمكنت حقًا من قتل ذلك الكيان الأسود، ذلك الشيء النابض الذي كان يحترق بالغضب واللعنة؟ تذكرت النيران السوداء التي كادت تلتهمني، تلك الحرارة التي اخترقت العظام وكادت تذيب روحي.
لكنني حيّ.
نظرت إلى جسدي... لم تكن ملابسي كما كانت. لا أثر للتمزق، لا بقايا متفحمة. كنت أرتدي معطفًا أسود طويلًا، مصنوعًا من قماش لا أعرف له اسمًا. ملمسه غريب... كأنه قُدَّ من ظل الليل ذاته، لا يعكس الضوء بل يبتلعه. كان يلفّني كعناق الموت، ومع ذلك شعرت بحماية غريبة تتغلغل في أعماقي.
شيء ما لم يكن طبيعيًا.
رفعت يدي أمامي، وهناك ظهرت الواجهة:
[الاسم: إيثان سكارليث]
[السمات: سيف الشيطان، الرؤيا، عين البصيرة، النار السوداء، خاتم الظلام، الانتقال الآني، خطوات الظل، المعطف الأسود]
[العيوب: التشوّه]
المعطف الأسود؟ هذه لم تكن سمة موجودة سابقًا. إذاً... لقد تلقيت ذكرى.
[اسم الذكرى: المعطف الأسود]
[رتبة الذكرى: صاعدة]
[وصف الذكرى: درع يمتلك مقاومة عالية للنار ولا يتأثر بالمياه. يُستدعى تلقائيًا إذا كان المستخدم لا يمتلك دروعًا وكان على وشك الموت.]
شهقتُ بصمت. المعطف أنقذني. لو لم يكن... لكنت الآن بقايا رماد متناثر في ذلك الجحيم. النار السوداء لم تميز بيني وبين المخلوق... لقد احترقت معه.
نجوت... مجددًا.
لكن كيف وصلت إلى هنا؟ هل تم نقلي قسرًا؟ هل فقدت الوعي؟ لم أكن أملك إجابة، لكن شيئًا واحدًا كان مؤكدًا: هذه الغابة، وإن بدت أكثر سلامًا، لم تكن آمنة. لا زلت في أرض الكوابيس. وكان عليّ أن أستمر.
نهضت ببطء، أتنفس بصعوبة، وجسدي يئن بصوت خافت من أثر المعركة. المعطف الأسود بدا كدرعٍ خفي، يهدئ آلامي ويجعل خطواتي أقل ثقلاً.
استدعيت سيف الشيطان. لم أكن بحاجة حتى لأقول اسمه. ظهر بجانبي، ينبض بهالة شيطانية مألوفة، كأنّه يتذكر من أراق به الدم آخر مرة.
بدأت بالسير، أقدامي تهمس فوق الأرض المورقة. الغابة كانت مختلفة. لا ظلال تهمس بالجنون، لا همهمات مخلوقات مجهولة. فقط ألوان، طيور غريبة الصوت، ورائحة زهور خفيفة تتسلل في الهواء كذكريات من عالم منسي.
لكن الطمأنينة... كانت خادعة.
وبينما كنت أسير، أحاول لملمة شتات ذهني، شعرت بشيء.
أوقفني إحساس لا يوصف. لم يكن صوتًا ولا ظلًا... بل حضورًا. شيء قديم... غاضب... حيّ.
رفعت رأسي، وعبر شقوق الأشجار العالية، خرج مخلوق كابوسي، كأنه خرج من رحم كابوس لم يكتبه عقل بشري.
كان ضخمًا... جلد بني داكن متقرح يكسو عضلات منتفخة، وأطرافه تطول بشكل غير طبيعي، تنتهي بمخالب حادة كأنها صيغت من لعنات معدنية. رأسه... رأس تنين مشوه، بقرون ملتفة وأسنان تكاد تخرج من فمه حتى وهو مغلق. عيناه... صفراء متوهجة، تنظر بلا روح. وكأنها لا ترى، بل تحكم.
ثم جاءت الرائحة...
مزيجٌ ثقيل من الدم المتخثر، والكبريت، والموت. الهواء نفسه أصبح كثيفًا، كأنني أتنفس داخل مقبرة مفتوحة.
[المخلوق: وحش الغضب]
[الرتبة: جبار]
جبار؟
انكمش صدري. هذا مستحيل. لم أواجه حتى مخلوقًا من رتبة "عظيم"، وها أنا أمام جبار؟!
الفرق بيننا لم يكن مجرد فرق قوة. كان كأنني وقفت أمام قَدَرٍ لا يُرد، أمام كارثة في هيئة جسد.
توقف قلبي... بحق الجحيم، توقف فعلاً.
لم أعد أتنفس. لم أعد أتحرك. حتى سيف الشيطان ارتعش، كما لو أنه شعر بخطر لا يمكنه مواجهته.
توقعت الموت... سريعًا، حادًا، قاسيًا.
لكن ما حدث... كان أسوأ.
نظر إليّ.
نظرة واحدة فقط. بطيئة، فاحصة، وكأنني حشرة تافهة مرّت مصادفة أمام عينيه. ثم... تجاهلني.
مرّ بجانبي ببطء، خطواته تهز الأرض تحت قدميّ، دون أن ينظر مرة أخرى. كأنني لم أكن هناك أصلًا. عيناه بقيتا ثابتتين على شيء بعيد... شيء آخر أكبر منّي... ربما ضحيته الحقيقية.
وقفتُ هناك، متجمدًا، لا أصدق ما حدث.
هل كان يراني غير جدير بالقتل؟ هل المعطف فعل شيئًا؟ هل حماني؟ أخفاني؟ لا شيء في وصفه يُشير إلى ذلك... لكنه أنقذني سابقًا، فما المانع من أن يكون قد فعلها مجددًا؟
اختفى الوحش بين الأشجار، لكن أثره ظلّ في الهواء، كأن الغابة لا تزال ترتجف من عبوره.
جلست على الأرض، أنفاسي مقطعة، جسدي يرتعش. لقد رأيت قوة حقيقية. لم تكن مجرد قتال، لم تكن اختبارًا. لقد كانت رسالة.
رسالة من هذا العالم... تقول:
"أنت لست مستعدًا بعد."
لكنني ما زلت حيًا.
وهذا وحده... يعني أن هناك فرصة. صغيرة، مستحيلة، لكنها موجودة.