[منظور إيثان سكارليث]
...كان حلقي جافًا كأرضٍ ميتة لم تعرف الماء منذ قرون، وجسدي يرتجف ليس فقط من البرد المتسلل، بل من شيء أعمق... شيء لزج وعالق تحت الجلد، كأنما الخوف نفسه قرر أن يستقر داخلي. أخرجت الزجاجة السوداء الصغيرة من خاتم الظلال. كان ملمسها أشبه بقطعة ثلج مأخوذة من أعماق الجحيم، باردة، ملساء، ومريحة بشكل مريب.
فتحت السدادة، وشربت من ذلك الماء الذي يشبه الحياة المقطرة من عالم غير هذا. ما إن لامس الماء حنجرتي حتى شعرت بأن شيئًا ميتًا بداخلي استيقظ. كأن كل خلية نخرها اليأس بدأت تعود للحياة. ماءٌ كهذا... لم يكن مجرد نعمة. كان لُعنة متخفية بلطف.
أعدت الزجاجة إلى الخاتم ومضيت. كانت الغابة من حولي تزفر. نعم، تزفر... كل شجرة، كل ورقة، كل حجر، وكأنها كائنات حية تتنفس في الظلام، تراقبني في صمت. لم أعد أشك. هذه الأرض ليست أرضًا. إنها فمُ شيءٍ ما، شيء ينتظر أن يُغلق عليّ في اللحظة الخطأ.
غابة كالديون. الاسم وحده كان يكفي لجعل أكثر الكائنات شجاعة تتجمد في مكانها. هنا، لا تنمو الأشجار، بل تنتصب كأعمدة نعش. وهنا، لا تعيش المخلوقات، بل تتربص.
ثم... ظهر الضباب.
لم يكن ضبابًا. كان جدارًا حيًا من الرعب، يزحف بين الجذوع ككائن أعمى ضخم، يُصدر صوتًا صامتًا. كان يبتلع كل شيء في طريقه، ببطء مريع.
"أوه اللعنة... ليس الآن..." تمتمت، وصوتي كان أقرب للرجاء من الغضب.
استدعيت "عين البصيرة" همسًا، لكن لا شيء ظهر. لا بيانات، لا رتب، لا تحذيرات. كأنما العين أُطفئت من الداخل.
شيء في هذا الضباب لم يكن طبيعيًا. شيء رفض أن يُرى. شيء يعرف أننا نراقبه... ورفض ذلك.
صرخت في الهواء كمن يلعن الجنون نفسه: "اللعنة على هذه الغابة!"، لكن صدى صوتي ارتطم بشيء لم يكن هناك... ورجع إليّ مشوهًا، وكأن الغابة تُعيد صياغة كلماتي بطريقتها.
ثم بدأت السماء تبكي. لا، تبصق. أمطار كثيفة وباردة انهمرت فجأة، تخترق الأوراق، وتضرب الأرض بقوة. كل قطرة كانت تُحدث صوتًا وكأنها تصرخ: اهرب.
"كما تعلم... هذه الغابة تكوّنت من..." بدأ قط الظلال يتحدث بصوته الهادئ، لكن صوته انقطع. تجمد الهواء.
شيء خرج من الضباب.
كان رجلًا، أو شيئًا يشبه الرجل. المعطف الأسود الذي ارتداه لم يكن مجرد ملابس... بل كأنه ظِلٌ نُسج حوله. معطف من الحزن والموت. القناع الذي يغطي وجهه كان شيطانيًا، وكأنه قُطع من كابوس قديم. لا ملامح. لا ضوء. فقط وجه أسود يُحدق بك دون عيون.
كان يخطو بثبات، وكل خطوة منه كأنها تغرس شوكة في قلبي. لم أشعر بالخوف هكذا حتى عندما واجهت مخلوقًا من رتبة جبار. بل حتى ذلك المخلوق، بدا أمام هذا الرجل كطفلٍ يلهو في الحديقة.
توقف على بعد أمتار قليلة. رفع رأسه نحو السماء، والمطر يسيل على قناعه كدموع من سوادٍ سحيق.
ثم تكلم.
صوته كان هادئًا... لكنه لم يكن طبيعيًا. كان كأنما تتحدث الأرض القديمة نفسها، أو صوت يُسمع فقط في الحُلم قبل أن تستيقظ على صرخة.
"من كان يعلم... أن أسوأ شيء توقعته... كان أسهل شيء مررت به؟"
كنت أرتجف. ليس فقط من كلماته، بل مما وراء كلماته. شيء في صوته يخبرني أن ما قاله لم يكن موجهًا لي وحدي، بل لشيءٍ في داخلي لا أعرفه.
"مـ-من أنت؟" قلتها كمن يُسلم روحه، ولساني أثقل من الحديد.
نظر إليّ... لا، لا يمكن أن أقول "نظر". لم تكن هناك عيون. ومع ذلك، شعرت بشيء يخترق روحي. شعرت أنني عارٍ بالكامل.
"القد..." قال بصوتٍ يكاد يهمس، لكن السماء صمتت لتسمعه، ليس مسارًا مستقيمًا، بل هو نسيج معقد من الخيوط المتشابكة. بعضها واضح ومحدد، والبعض الآخر خفي وغامض. لكن في النهاية، كل خيط يؤدي إلى نقطة النهاية المحتومة. سواء سرت فيه بخطى واثقة أو تعثرت فيه بخوف، فإن القدر سيجد طريقه إليك."
ثم... ابتسم. لم أرَ الابتسامة، لكنني شعرت بها. كأن القناع نفسه ابتسم.
"وأيضًا... أستمتع."
نظرت إلى قط الظلال، الذي بدا للحظة وكأنه تمثال. عيناه الحمراوان تراقبان الرجل... لا، تراقبان كيانًا لا يُفترض به أن يكون هنا.
ثم اختفى. تبخر كما ظهر. لا صوت، لا أثر. وكأن الطبيعة تنفست بارتياح بعد زواله.
واختفى الضباب. وتلاشى المطر. وتبدلت السماء.
لم تكن مجرد تغير في الطقس. كان الأمر أشبه بانقلاب في قوانين العالم نفسه. القمر تبخر. الشمس سطعت. الطيور غردت وكأن شيئًا لم يحدث.
لكنني عرفت. عرفت... أن شيئًا ما حدث.
"ماذا... كان هذا؟" سألت، وصوتي بالكاد خرج.
هز قط الظلال رأسه ببطء، كمن رأى شبحًا لا اسم له. "لا أعلم... هذا ليس من هذه الغابة."
لم أرَ في عينيه الخوف من قبل. الآن... رأيته.
سرت بصمت، قلبي ينبض بعنف، وعقلي يدور في دوامات لا تنتهي.
ذلك الرجل... لم يهاجمني.
لِم؟
هل كان يراقبني فقط؟ يختبرني؟ أم أنه كان جزءًا من شيء أكبر... شيء بدأ للتو في التحرك؟
كان علي أن أعرف. مهما كلفني الأمر.
بدأت أسير مجددًا، لكن الأرض بدت أكثر هشاشة، والهواء أكثر سمّية. كانت الغابة صامتة، لكن عيونها لم تغمض.
"هيا بنا." قلت لقط الظلال، وأنا أشد قبضتي على سيف الشيطان.
قدري تغيّر.
ولن أتركه يأخذني دون قتال.
...
...
تابعتُ السير بصمت، خطواتي تغوص في الطين اللزج تحت قدميّ، والطيور التي كانت تغرد قبل لحظات تلاشى صوتها فجأة، وكأن الحياة نفسها قررت التراجع بصمت عن هذه الرقعة من الغابة. كنت أسمع أنفاسي... وأسمع أنفاس قط الظلال بجانبي، لكنها كانت ثقيلة، بطيئة، ومشحونة بشيء خفي.
لم أعد أستطع كتمان الأسئلة التي تمزق عقلي، فخرج صوتي أخيرًا، منخفضًا لكنه مرتجفًا:
"قلتَ من قبل... أنني لا أتذكّر... ما الذي تقصده بحق الظلال؟"
توقف قط الظلال عن المشي، التفت إليّ ببطء، وعيناه الحمراوان بدتا أعمق من أي وقت مضى... وكأنهما تحملان تاريخًا قديمًا... تاريخًا يُثقل الأرواح.
اقترب مني خطوة، ثم جلس على الطين دون اكتراث، رفع رأسه ونظر إلى الغابة أمامه قبل أن يقول بصوته الهادئ المشوب بنبرة عميقة:
"النسيان... ليس ضعفًا يا حامل الظلال... بل هو سيفٌ ذو حدين. في بعض الأحيان، يُنقذ روحك من الجنون... وفي أحيانٍ أخرى، يُلقي بك في هاوية أعمق من الموت."
صدى كلماته ارتطم بجدران عقلي مثل مطرقة صدئة. شعرت بقشعريرة تتسلل إلى عمودي الفقري، وتوقف الزمن للحظة، كأن العالم انتظر مني أن أفهم تلك الجملة... لكنني لم أفهمها.
"ما الذي تهذي به بحق الجحيم؟" صرخت، والغضب يمتزج بالخوف، "هل تتحدث بالأحاجي فقط؟ سحقًا... هل تحاول التهرب من الإجابة؟ أم أن كل ما تقوله... مجرد هراء؟!"
نهض القط من مكانه ببطء، كأن وزنه أضحى أثقل مما يبدو، وقال دون أن ينظر إليّ:
"لقد نسيت شيئًا... شيئًا لا يجب أن تتذكّره بسهولة. ما إن تتذكره، سيتغير كل شيء. العالم... أنت... الغابة... وحتى ذلك الرجل ذو القناع... كل شيء."
"ما الذي... نسيتُه؟!" صرخت مرة أخرى، لكن صوتي بدا باهتًا، وكأنه يُبتلع في عمق الغابة.
كان الهواء قد تغيّر مجددًا... الضباب لم يعد، لكن الظلال بدت وكأنها تتحرك وحدها، تتمدد وتنسحب في تراقصٍ صامت لا يخضع لأي منطق. أغصان الأشجار تصدر طقطقات خفيفة، كأنها تهمس بأسرار لا تُقال.
قط الظلال استدار نحوي أخيرًا، وقال بصوت هامس لكنه محمّل بثقل ألف سنة من المعرفة:
"حين تُكسر الأختام... سيعود كل شيء. الذكريات، الحقيقة، الدماء، واللعنة."
تراجعت خطوة بلا وعي، قلبي ينبض بجنون، "أختام؟ أي أختام؟!"
لكن القط لم يُجِب هذه المرة. بدأ يسير بصمت من جديد، وكأن المحادثة قد انتهت في ذهنه. تركني وحدي مع الصدى... مع خوفي... ومع آلاف الأسئلة التي تزداد وزنًا في صدري.
مشيت خلفه وأنا أرتجف، ليس من البرد هذه المرة، بل من إحساس مرعب بأنني شيء آخر... شخص آخر... وأن هناك شيئًا ينتظرني في نهاية هذا الطريق... شيء لا يمكنني الهرب منه.
شعرت وكأن الغابة كلها تراقبني، تتنفس بصوت خافت، وتنتظر لحظة الانقضاض.
"حين تُكسر الأختام..."
كان تكرار الجملة في رأسي كهمسات موتى، لا تتوقف، ولا تُجاب.
وبينما تابعنا التقدم، بدا الطريق أمامنا أكثر سوادًا، وأكثر ضيقًا... الأشجار صارت ملتوية أكثر، كأنها ملت من شكلها الطبيعي... والسماء، رغم أنها كانت صافية، بدأت تفقد لونها شيئًا فشيئًا، حتى تحولت إلى رمادية ميتة.
شعرت بشيء ثقيل على كتفيّ، كأن العالم ذاته يريدني أن أعود... لكنني لم أستطع. ليس بعد أن رأيت الرجل ذو القناع. ليس بعد تلك النظرة.
كان كل شيء بداخلي يتمزق بين شوقٍ مجنون لاكتشاف الحقيقة... وخوفٍ مميت من تذكّرها.
هل كنتُ من اخترت النسيان؟ أم أُجبرت عليه؟
وقفت فجأة، نظرت إلى قط الظلال بصوت مرتجف لكن حازم:
"إذا كنتَ تعرف ما حدث لي... فأخبرني. حتى لو كلفني ذلك عقلي."
لكن القط لم يجبني.
كان فقط ينظر إليّ... بعينين لم أرَ فيهما نظرة شفقة... ولا حكمة... بل شيئًا آخر...
خوف.
...
...
...قط الظلال لم يُجب. لم ينبس بكلمة، ولم يُبدِ أي إشارة تدل على أنه سمع سؤالي. كانت عيناه الحمراوان مثبتتين عليّ، لكن نظرته كانت غائمة، كأنه يرى شيئًا خلفي... أو شيئًا لا أستطيع رؤيته.
تسلل الشعور بالوحدة إلى قلبي، أشد وطأة من أي خوفٍ جسدي. كنت أسير بجانب هذا المخلوق الغامض، الذي يحمل مفاتيح ماضيّ المفقود، لكنه يرفض استخدامها.
"لماذا؟" همست، لكن صوتي تلاشى وسط صمت الغابة المريب. "لماذا لا تخبرني؟"
فجأة، اهتزت الأرض تحت أقدامنا. زمجرة وحشية شقت الهواء، أقرب مما ينبغي. انتفض قط الظلال، وعيناه اتسعتا فجأة، يملؤهما التحذير.
قبل أن أتمكن من استيعاب ما يحدث، قفز مخلوق كابوسي من بين الأشجار الكثيفة. كان مستذئبًا، لكنه أضخم وأكثر وحشية من أي مخلوق واجهته من قبل. فروه أسود كظلامٍ دامس، وعضلاته منتفخة بشكل مرعب، وأنيابه طويلة وحادة كسكاكين مذابح. عيناه الحمراوان المتوهجتان كانتا تنظران إلينا بجوعٍ متعطّش للدماء.
> [المخلوق: مستذئب ألفا]
[الرتبة: مستذئب]
"اركض!" صرخ قط الظلال، قافزًا إلى جانبي، مستعدًا للمواجهة.
لكن لم يكن هناك وقت للهرب. المستذئب ألفا كان سريعًا على نحو غير طبيعي. اندفع نحونا بخطوات قليلة، مخالبه الحادة تندفع للأمام كأنها خناجر ممزقة.
رفعت سيف الشيطان، واستعددت للقتال. لم يكن هناك مفر. كان عليّ الدفاع عن نفسي... وعن هذا المخلوق الذي يرفض الكشف عن أسراري.
اندلع القتال بعنفٍ مباغت. المستذئب ألفا كان وحشًا ضاريًا، يتحرك بخفة وقوة لا تصدق. كل ضربة من مخالبه كانت كافية لتهشيم العظام، وأنيابه سعت لتمزيقي دون رحمة.
كان قط الظلال يهاجم برشاقة، يقفز، يعض، ويخدش، محاولًا تشتيت الوحش ومنعه من التركيز عليّ. لكنه كان أضعف من أن يصمد طويلًا.
تلقيت ضربة قوية على كتفي، وألم حارق شق طريقه إلى عظامي. سقطت على ركبتي، لكنني نهضت بسرعة. لم يكن لدي خيار سوى الصمود.
فعّلت خطوات الظل، محاولًا المناورة بسرعة حول المستذئب، أبحث عن ثغرةٍ في دفاعه الوحشي. لكنه كان يقظًا، يتفادى ضرباتي ويهاجمني بمكر.
قط الظلال تلقى عدة ضربات، لكنه ظل في القتال، يزأر بشراسة، يحمي نفسه... ويحميّني.
الإرهاق بدأ ينهش أطرافي، وجروحي تؤلمني بشدة. ومع ذلك، لم أستطع التراجع.
جمعت كل ما تبقى لي من طاقة. ركّزت النار السوداء في سيف الشيطان، واللهب المظلم بدأ يلتف حول النصل.
حين اندفع المستذئب نحوي من جديد، كنت مستعدًا. تفاديت ضربته، وانقضضت عليه، والسيف المشتعل بالنار السوداء يخترق الهواء.
اخترق النصل جلده وفروه وعضلاته، واستقر في صدره. زمجر المستذئب بألمٍ غاضب، وتراجع خطواتٍ قليلة، عيناه تبهتان شيئًا فشيئًا.
لكنه لم يسقط.
بضربة أخيرة يائسة، هاجم قط الظلال. لم يتمكن الأخير من تفاديها، واخترق المخلب جسده، ليسقط أرضًا يتلوى من الألم.
"لا!" صرخت، غاضبًا ويائسًا.
استغل المستذئب انشغالي، وانقض نحوي مجددًا، فمه المفتوح يكشف عن أنيابه المرعبة. لم يكن هناك وقت للتفكير.
لكن قبل أن تصلني أنيابه، قفز قط الظلال — رغم جراحه — على ظهر المستذئب، وعض عنقه بقوة مضاعفة.
زمجر الوحش، ثم خارت قواه وسقط أرضًا. جسده الضخم اهتز لآخر مرة... ثم سكن إلى الأبد.
كنت ألهث، أنفاسي متقطعة، وجسدي يرتجف. نظرت إلى قط الظلال. كان ملقى على الأرض بجانبي، يتنفس بصعوبة، وجرحه لا يتوقف عن النزف.
"أنت... لماذا؟" همست بصوت متهدج.
نظر إليّ القط بعينيه الحمراوين الباهتتين، وهمس بصوت بالكاد يُسمع:
"سلاحك... الحي."
ثم أغمض عينيه.
"لا!" صرخت، وشيء ما انكسر بداخلي. لم أكن أفهم هذا المخلوق الغامض، لكنني كنت مرتبطًا به. لقد أنقذ حياتي.
ظهرت رسالة أمامي:
> [لقد قتلت وحشًا - مستذئب ألفا]
[تم الحصول على 8 شظايا إضافية]
ثمان شظايا فقط... لكن الخسارة كانت أكبر من أي مكسب.
جلست إلى جوار جسد قط الظلال، ويدي المرتجفة تلامس فروه الناعم، البارد.
"لا... لا تفعل هذا." همست، لكن لم يأتِ أي رد.
الغضب اشتعل في داخلي، غضب على هذه الغابة اللعينة، وعلى هذه المخلوقات الكابوسية، وعلى الرجل المقنّع الذي أطلق هذا الجنون.
لكن... قبل أن يغمرني الغضب بالكامل، شعرت بشيء يتغير. طاقة خافتة انبعثت من جسد قط الظلال. نور أحمر خافت بدأ يتوهج من عينيه المغمضتين.
تراجعت ببطء، مذهولًا، أراقب المشهد.
الشقوق في جسده بدأت تلتئم، الفرو الأسود يستعيد بريقه. بعد لحظات، فتح عينيه الحمراوين، ونظر إليّ.
كان... حيًا.
"ماذا؟ كيف؟" تمتمت بدهشة.
همس القط، بصوتٍ واهن:
"تذكر ما قلته؟ كلما أصبحت أقوى... أصبحت أنا كذلك."
حدقت فيه مطولًا. كان لا يزال ضعيفًا، مجروحًا، لكنه كان على قيد الحياة. قوته... كانت مرتبطة بي.
شيء ما تغيّر بداخلي في تلك اللحظة. لم أعد وحيدًا في هذه الغابة الملعونة. كان لديّ حليف... سلاح حي. وربما... كان هذا هو المفتاح لفهم ماضيّ... ومواجهة مستقبلي.
نهضت، وسحبت الزجاجة السوداء من خاتم الظلال. شربت جرعة من الماء المتوهج، وشعرت بالقوة تنساب من جديد في عروقي.