هذا هو الفصل الثاني الذي أنشره لهذا اليوم

أستمتعو....

تنهدت، ثم ألقيت نظرة على سماتي التي تتلألأ في الظلام. كانت المعلومات تتدفق أمامي ككلمات مشفرة، لكنني كنت بحاجة لفهمها في تلك اللحظة الحرجة.

[الاسم: إيثان سكارليث]

[السمات: سيف الشيطان، الرؤيا، ???، خاتم الظلال، الانتقال الآني، خطوات الظل]

[العيوب: التشويه.]

نقاط الروح:[68/2000]

"اللعنة، كيف سأصل إلى 2000؟ أليس هذا كثيرًا؟" تساءلت، بينما كانت أفكاري تتقافز بين الأمل واليأس.

فجأة، شعرت أن الأرض تهتز من تحت قدمي، لكن هذه المرة كان الاهتزاز أقوى بكثير. "ماذا هنالك مجددًا؟"

ألتفت لأرى مئات من حشرات الأربعة وأربعين رجلًا تتجه نحوي. "ماذا؟" كانت الدهشة تسيطر علي، بينما صرخت في داخلي، "اللعنة!"

بدأت أركض بكل ما أملك، مستعينًا بخطوات الظل التي تضاعف سرعتي إلى الضعف. لكن على الرغم من كبر حجمها، كانت تلك الحشرات سريعة بشكل مذهل. "اللعنة على هذا المعدل، سينفذ مخزوني من نواة الروح!" كان قلبي ينبض بشدة، وأنا أبذل كل ما في وسعي للهروب.

تقدمت بين الأشجار، محاولًا الهرب، بينما كنت أسمع صوت تحطم وسقوط الأشجار من جانبي. كان المشهد يبعث على الرعب، وكأنني أعيش كابوسًا حيًا.

"أكل هذا لأنني ظننت أنني محظوظ؟ ماهذا الهراء؟" كنت أشعر باليأس يتسلل إلى أعماقي، لكن لم يكن لدي وقت للتفكير في ذلك.

بينما كنت أركض، رأيت ضبابًا كثيفًا أمامي. "أوه.. سحقًا، أفضل أن أقاتل آلافًا من هذه الحشرات على دخول هذا الضباب الملعون!"

غيرت اتجاهي إلى اليمين، بينما كانت الحشرات تلحق بي، تموء وتنتظر فريستها. كان من الواضح أنني في سباق مع الزمن، وعلي أن أجد طريقًا للنجاة.

تنفست بصعوبة، أقدامي بالكاد تلامس الأرض وأنا أواصل الهروب. الهواء من حولي كان مشبعًا برائحة التراب الممزوجة برائحة الحشرات العفنة، وصوت تحطّم الأشجار خلفي كان يملأ المكان بصخب مخيف. لم يكن لدي وقت للنظر إلى الوراء، لكني كنت أعرف أن الحشرات لم تتوقف.

"لا يمكنني الاستمرار بهذا الشكل!" فكرتُ، وعقلي يعمل بسرعة لإيجاد مخرج. كانت خطوات الظل تستهلك نقاط الروح بسرعة، وإذا استمررت على هذا النحو، فسوف أستنزف كل طاقتي قبل أن أجد مهربًا.

نظرت حولي، بحثًا عن أي تضاريس يمكن أن تعطيني أفضلية، لكن المكان كان غابة مفتوحة، والأشجار المتساقطة زادت من صعوبة الحركة. وفجأة، لمحت من بعيد تكوينًا صخريًا مرتفعًا.

"هناك!"

غيرتُ مساري على الفور، مندفعًا نحو الصخور، وبينما اقتربت، استخدمت "الانتقال الآني" بحذر، قافزًا من ظل إلى آخر حتى وجدت نفسي فوق إحدى الحواف. استدرت بسرعة، متحضرًا للهجوم التالي، لكن ما رأيته جعلني أشعر بقشعريرة تجتاح جسدي.

كانت الحشرات قد توقفت. توقفت تمامًا عند حدود الصخور، وكأن حاجزًا غير مرئي يمنعها من التقدم. رفعت حاجبي في دهشة، أتنفس بصعوبة بينما أراقبها.

"لماذا لا تهاجم؟"

لكن لم يكن لدي وقت للتفكير في ذلك. فجأة، شعرت بشيء غريب. الهواء أصبح أثقل، وكأن المكان نفسه ينبض بطاقة غير مرئية. نظرت حولي بحذر، ثم رأيت ما جعل الدم يتجمد في عروقي.

هناك... في عمق الصخور، وسط الضباب المتصاعد، كان هناك ظل يتحرك. لم يكن مجرد ظل عادي، بل كان شيئًا ينبعث منه حضور طاغٍ، قاتم، ومخيف. لم أستطع رؤية ملامحه، لكنه كان هناك، يراقبني.

ابتلعت ريقي، وأدركت الحقيقة المريعة.

"لقد هربتُ من الحشرات... فقط لأدخل إلى فخ أكبر."

وقفْتُ بلا حراك، عيناي معلّقتان بذلك الظل الغامض وسط الضباب. لم أكن أرى سوى هيئة مشوّشة، كأنها تمزج بين أشكال عدة، تتلوى وتتشكل ثم تتلاشى في الضباب مجددًا. لكنني شعرت به... لم يكن مجرد كائن عادي، بل كان شيئًا يتجاوز إدراكي، حضورًا يثقل الهواء من حولي.

تحركتُ ببطء، ممسكًا بسيفي الأسود، لكن يدي كانت ترتجف رغمًا عني. "لماذا؟" لم يسبق لي أن شعرت بهذا القدر من الرهبة، حتى عندما واجهت مخلوقات الكابوس الأخرى.

فجأة، انبعث صوت هامس، عميق ومتداخل، وكأنه يخرج من أعماق الأرض نفسها.

"أنت... لستَ منهم."

اتسعت عيناي. من كان يتحدث؟ نظرت حولي بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد سواي وذلك الظل المتحرك في الضباب. كان الصوت ينبعث منه.

"مَن... أنت؟" نطقت بصوت متردد، رغم أنني لم أكن متأكدًا إن كنت أريد معرفة الإجابة.

لم يجبني، لكنه بدأ يقترب. لم يكن يتحرك كالمخلوقات العادية، بل كان ينساب كالدخان، دون صوت، دون ثقل، وكأنه ليس جزءًا من هذا العالم. شعرتُ بقشعريرة حادة تخترق جسدي، كل حواسي تصرخ بأن هذا الشيء ليس طبيعيًا.

حاولتُ التراجع، لكن قبل أن أتمكن من الحراك، شعرت بشيء يلف قدمي. نظرتُ للأسفل، ورأيت ظلالًا سوداء تتسلل كالأفاعي، تلتف حولي وتمنعني من الهروب.

"أنت..." عاد الصوت يهمس، هذه المرة أقرب، وكأنه يتحدث داخل رأسي. "تحمل لعنةً... لكن ليست لعنتي."

شعرتُ بضيق في صدري، وكأن الهواء قد سُحب من حولي. كيف عرف؟ كيف استطاع رؤية التشوّه الذي أحمله؟

رفعتُ سيفي محاولًا قطع الظلال، لكن قبل أن أتمكن من الهجوم، امتدت يد سوداء من الضباب وأمسكت بمعصمي. كانت باردة، كأنها قطعة جليد، لكن ملمسها كان غريبًا... أشبه بشيء غير حقيقي، شيء لا ينتمي لهذا العالم.

"دعني أرى..."

وفي لحظة، اندفعت رؤى غريبة داخل عقلي. صور متداخلة، أماكن لم أرها من قبل، أصوات مشوشة، وعيون... عيون كثيرة تحدّق بي من الظلام.

صرختُ، لكن لم يكن هناك صوت. كل شيء أصبح صامتًا، عدا ذلك الهامس العميق الذي قال:

"لقد وجدتك."

أحاطتني الصور المتداخلة، تحاصر ذهني كأنها سكاكين تغرس في عقلي مباشرة. لم أعد أميز الواقع من الوهم، الأرض من السماء، وحتى جسدي بدأ يفقد إحساسه بالمكان. كنت عالقًا داخل شيء لا يمكنني فهمه، وكأنني غارق في محيط بلا قاع، مجرد وعي ممزق في ظلام مطلق.

لكن وسط كل هذا، كان هناك شيء واحد مؤكد... الضباب كان يقترب.

لم أعد أرى الظل المتحرك بوضوح، لكنه لم يكن بحاجة إلى الظهور. كان في كل مكان. كان الضباب نفسه جزءًا منه، وكان يلتف حولي ببطء، كما لو كان يختبرني، يتلاعب بي، ينتظر اللحظة التي أسقط فيها تمامًا داخل فخه.

"كل هذا... مجرد وهم؟"

شعرت بقشعريرة تسري في جسدي. المكان، الصخور، الظلال التي التفت حولي، الصور التي اجتاحت ذهني... كلها لم تكن حقيقية. كنت قد وقعت داخل نطاق مخلوق يستخدم الوهم، وحين أدركت ذلك، انفتحت عيناي على الحقيقة المروعة.

كنت على وشك أن أفقد نفسي بالكامل.

"لا... ليس الآن!"

بآخر ما تبقى لدي من إرادة، حركت يدي المرتجفة نحو مهارتي الأخيرة، "الانتقال الآني!"

انفجرت طاقة مظلمة من جسدي، مزقت الأوهام للحظة، ومنحتني فرصة للهروب. لم أفكر في وجهتي، فقط أردت أن أكون بعيدًا... بعيدًا قدر الإمكان عن ذلك الشيء.

وفي لحظة، اختفى كل شيء.

وجدت نفسي فجأة أترنح وسط الأشجار الكثيفة، أنحني وألهث كمن نجا من الغرق. ركبتاي لم تقويا على حملي، فسقطت على الأرض، وصدري يرتفع وينخفض بجنون.

كان قلبي يدق بسرعة مهولة، يطرق أضلعي كأنه يريد الهروب من صدري. لم أكن فقط متعبًا... كنت مذعورًا.

"لقد كنت... على وشك الموت."

لم يكن هذا كأي قتال خضته من قبل. لم يكن هذا مجرد وحش قوي أو خصم سريع. لقد واجهت مخلوقًا لم يكن من المفترض لأي بشري أن يقف أمامه.

حتى أقوى البشر... حتى من تفوقوا على كل من سبقهم... لم يتمكنوا من مواجهة هذا الشيء.

وأنا؟

لقد كنت مجرد لحظة أخرى من التردد، مجرد خطأ واحد، وسأكون قد اختفيت للأبد داخل ذلك الضباب.

نظرتُ إلى يدي، لأجدها ترتجف بلا توقف. حاولت قبضها، لكن أصابعي لم تستجب لي.

"لا أريد... أن أواجه هذا الشيء مجددًا."

أخفضت رأسي، أحاول استجماع أنفاسي، لكن فكرة واحدة لم تفارق ذهني.

"إن كان هذا مجرد وهم..."

ما زالت يداي ترتجفان، أنفاسي غير منتظمة، وقلبي يضرب بقوة وكأنه يحاول الفرار من صدري. كنت بحاجة إلى شيء يعيد لي توازني، أي شيء...

بيد مرتجفة، رفعت أصابعي إلى خاتم الظلال الذي يلتف حول إصبعي. كان هذا خاتم الرجل ذو القناع الشيطاني.

"الماء... أحتاج فقط إلى القليل من الماء."

استدعيت الزجاجة بلمسة خفيفة، فظهرت بين يدي على الفور، زجاجها داكن قليلاً، وسطحها مغطى بنقوش قديمة لم أفهمها قط. لم أهتم بأي من ذلك الآن، فقط فتحت الغطاء بسرعة، ورفعت الزجاجة إلى شفتيّ.

بمجرد أن لامس الماء لساني، شعرت كأن موجة من البرودة اجتاحت جسدي، لم تكن مجرد برودة مادية، بل شيء أعمق... كأنها تهدئ عقلي، تغسل بقايا الرعب الذي علق بداخلي.

شربت، شربت بشراهة حتى شعرت أنني قد أفرغت الزجاجة تمامًا.

لكن عندما أبعدتها عن فمي ونظرت إلى داخلها، تجمدت عيناي.

"ماذا...؟"

الماء لم ينقص.

بل كان لا يزال ممتلئًا، كأنني لم أشرب قط.

رفعت حاجبيّ بدهشة، قلّبت الزجاجة بيدي، نظرت إلى داخلها مرة أخرى، ثم شربت منها مجددًا، هذه المرة ببطء. شعرت بالماء ينزل عبر حلقي، شعرت بتأثيره البارد، ومع ذلك، عندما نظرت مرة أخرى... كانت الزجاجة لا تزال ممتلئة.

"هذا مستحيل..."

"ماء لا ينتهي؟"

بلعت ريقي ببطء. هذه لم تكن مجرد أداة مفيدة، بل كانت شيئًا يمكن أن يغيّر الكثير بالنسبة لي. في عالم حيث الموارد شحيحة، والماء يمكن أن يكون أكثر ندرة من الذهب في بعض الأماكن، امتلاك زجاجة كهذه... كان بمثابة كنز حقيقي.

أغلقت الزجاجة وأعدتها إلى الخاتم، ثم أخذت نفسًا عميقًا. رغم أن الخوف لم يختفِ تمامًا، إلا أن جسدي بدأ يستعيد قوته، وأفكاري بدأت تعود إلى نصابها.

لكن بينما كنت أجلس هناك، محاولًا استيعاب ما حدث، لم أستطع تجاهل شعور غريب تسلل إلى داخلي.

بعد أن هدأت أنفاسي أخيرًا، شعرت أن جسدي ينهار تحت وطأة الإرهاق. لم أعد أملك طاقة للتحرك، ولم يكن لدي مكان آمن أذهب إليه. كنت في قلب غابة مجهولة، مطاردًا من مخلوقات لا يمكنني هزيمتها، وبعد أن كنت على وشك الموت، وجدت نفسي أمام لغز جديد لم أفهمه بعد.

"الراحة... مجرد لحظات فقط."

استندت إلى جذع شجرة، أغمضت عيني، وتركت جسدي يستسلم للنوم رغم أنني كنت أعلم أنني لا أملك هذا الحق.

لكن ما إن غُصت في الظلام حتى بدأت الرؤيا.

وجدت نفسي واقفًا وسط ساحة واسعة، والهواء من حولي كان يعبق برائحة الدم. نظرت إلى الأسفل، فرأيت الأرض مغطاة بجثث لا حصر لها، وجوههم مشوهة، أعينهم فارغة تحدق في اللاشيء، وكأن الموت لم يكن كافيًا ليحررهم من الرعب الذي عانوه.

رفعت رأسي ببطء، وهناك... على بُعد مسافة ليست ببعيدة، وقفت القلعة السوداء.

لم تكن مجرد مبنى، بل كانت كيانًا ينبض بالرهبة، جدرانها مظلمة كأنها التهمت الضوء نفسه، وأبراجها تمتد نحو السماء مثل مخالب شيطان يحاول اختراق العالم. كانت هناك أصوات تهمس، أصوات ليست بشرية، تتردد في الهواء، كأن القلعة نفسها تتحدث بلغة لا يمكن لعقل بشري فهمها.

تقدمت خطوة للأمام دون أن أدرك، وكأن قوة خفية تجذبني نحوها. كنت أعلم أنني في حلم، ومع ذلك، شعرت بكل شيء كأنه حقيقة.

بينما كنت أقترب، رأيت البوابة العملاقة للقلعة تنفتح ببطء، بلا حراك، بلا صوت صرير، فقط ظلام يمتد خلفها. كان هناك شيء بانتظاري هناك، شيء لم أكن متأكدًا إن كنت أريد مواجهته.

لكن فجأة، سمعت صوتًا خلفي.

التفت بسرعة، وعيناي اتسعتا لرؤية شيء جعل الدم يتجمد في عروقي.

كانت هناك جثة... تتحرك.

أحد الموتى الملقون على الأرض بدأ يرفع رأسه ببطء، وجهه ممزق، عيناه غارقتان في السواد، ثم بدأ يهمس بصوت أجش، كلمات لم أفهمها، لكنني شعرت بها تتسلل إلى أعماق روحي.

لم أستطع التحرك، لم أستطع التنفس.

ثم، انقلب كل شيء إلى ظلام دامس.

استيقظتُ فجأة، شهقتُ بقوة وأنا أفتح عينيّ، قلبي يدق بعنف، والعرق يتصبب من جبيني. أخذت لحظة لاستيعاب أنني ما زلت في الغابة، لا قلعة، لا جثث، لا أصوات هامسة.

يتبع...

2025/02/13 · 84 مشاهدة · 1721 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025