يا له من واقع مرهق و غير مريح.

هناك سبب لكرهي مغادرة السرير كل صباح، جزء من ذلك هو الكسل، صحيح لن أنكر ذلك، لكن هناك سبب أخر أكتر إقناعا، و هو أنني لا أحب الألم، أجل هذا صحيح، أنا لا أحب الألم، من يفعل على أي حال.

كل صباح هو بمتابة تعذيب بالنسبة لي، ذلك الشعور بالتقل الشديد في رأسي و كأنه يزن طنا، الصعوبة الكبيرة في التركيز و التفكير بوضوح، و أجل هذا يحدت فقط عندما أنهظ من السرير، لذلك أفضل أن أبقى في الفراش و عدم القيام بأي شيء، جزء من ذلك هو الكسل، لكن معظمه هو حفاظ على الذات.

لماذا يصعب على الناس فهم هذا، أليس الأمر منطقيا، ألم أجعله منطقيا كفاية ليتركني الأخرون و شأني، لكن لا، عليهم إرسال طفل صغير بحيت لا تنفع معه الكلمات، مما لا يترك لي خيار سوى أن أتحمل الألم و أنهض من سريري.

أخدت نفسا عميقا وحاولت أن أركز على ما أفعله،

أجل كنت أحاول أن أرتدي ملابسي، لكن لسبب ما، ما زلت أقف أمام المرآة عاري بالكامل.

أطلقت تنهدا،

كل خطوة أو حركة تبدو صعبة و معقدة و كأنني أحاول المشيء في عالم مليء بالضباب.

أعدت تركيزي بالقوة لإنعكاس صورتي العارية أمامي، لم أستطع إلا أن أتمعن فيه لوقت أطول، أنا أبدو مختلف بالكامل عما كنت أبدو عليه من قبل، لقد ظننت أنه سيكون من السهل علي التعود على كيف أبدو الأن، لكن تبين أن الأمر ليس بتلك السهولة، في كل صباح أنظر فيه إلى المرآة يجعلني أشعر بالغرابة، هل سأتعود على هذا الشكل الجديد يوما ما؟ هل سأنسى ما إعتدت على النظر إليه من قبل؟

هذا الفكر جعلني أشعر بالغرابة و عدم الإرتياح، ليس و كأنني أحببت ما كنت أنظر إليه من قبل، لكنه كان شيئا، شيئا أستطيع أن أسميه خاصتي مع أنه لم ينتمي لي وحدي، إن كنت تظن أنك تنتمي لنفسك فقط، لا يمكن أن تكون مخطئا أكتر مما أنت عليه بالفعل . الأن كل ما أشعر به هو الغرابة و البعد و بشكل مفاجئ الراحة و الهدوء. لا يمكنني أن أصف لما أشعر بهذه المشاعر، أنا نفسي لا أعلم بعد، لكن على غير المتوقع، مع كل يوم يمر في هذا العالم يزيد شعوري بالهدوء.

أعدت تركيزي لما أبدو عليه الأن.

واقفا أمام المرآة، أتأمل انعكاسي بنظرة منفصلة. جسدي ليس مثيرًا للإعجاب ولا ناقصًا، فقط... هناك.

أرى هيكلًا نحيفًا، خاليًا من أي تعريف عضلي ملحوظ. ليس هناك عضلات بطن تتباهى بها، فقط منحنى ناعم حيث ينبغي أن تكون معدتي. أكتافي ضيقة، وصدري متواضع.

ساقاي نحيفتان ورشيقتان، لكنهما لا تستدعيان الانتباه. ووركاي، حسنًا، مجرد وركين - لا شيء لأكتب المنزل.

عموماً، أنا لست سعيداً أو مستاءً مما أرى.

إنه فقط هناك، لا أكثر ولا أقل.

لكن على عكس مظهري الجسدي فإن ملامح وجهي أكتر لفتا للنظر.

إن الانعكاس الذي يحدق بي مألوف وغامض في نفس الوقت، وهو عبارة عن نسيج من الضوء والظل.

عيوني ذات لون بني ذهبي آسر، لا تحمل أي دفء بداخلها. إنها باردة وجوفاء، مثل توأمين من الأجرام الجليدية. تخترق نظرتهم حجاب الواقع، وتبقى أعماقها غير قابلة للفهم.

خصلات شعري بنية فاتحة، ليست طويلة ولا قصيرة، تسقط في حالة من الفوضى، بالكاد تخفي أذني. تهمس الخيوط بحياة أقل تأثراً بضوء الشمس، ويذكرني لونها بالألوان الطبيعية للأرض.

بشرتي شاحبة، لوحة قماشية خالية من دفء الشمس، تتحدث عن الوقت الذي قضيته في الأماكن المغلقة ذات الإضاءة الخافتة والزوايا المظللة في مملكتي.

شفتاي نادرًا ما تكون مقلوبة عند الابتسامة، وهي عبارة عن خط مستقيم، وهو انعكاس للبرودة و الهدوء التي غالباً ما أظهرهم على ملامح وجهي. ومع ذلك، حتى في سكونهم، هناك جاذبية، ولمحة من عمق العاطفة التي أحرسها بشدة.

مجموعة من شعري البني الفاتح تحجب جبهتي، ولا تسمح إلا بلمحات من الجلد تحتها بالظهور. أحب أن أظن إن هذا يلمح إلى عقل غالبًا ما يكون محاطًا بالأفكار، مخفيًا عن العالم تمامًا كما تكون جبهتي مخفية عن الأنظار.

أخدت نفسا عميقا و فكرت في نفسي،

'لقد أضعت ما يكفي من الوقت'

في هدوء الصباح، وقفت أمام المرآة، بدأت في مراسم اللباس اليومية.

مع أني بذلت بعض المجهود في إختياري للملابس، إلا أن غرضهم الوحيد كان الراحة و الراحة فقط، لن أرتكب نفس خطأ اليوم الأول، فأنا شخص أتعلم من أخطائي و أنتقل لأرتكب أخطاء جديدة. مهما نظرة إلى الأمر فأنا شخص يجب إتخاذه كقدوة، إن حياتي كلها أفضل من أي مرجع لما لا يجب عليك فعله.

على أي حال بعد إختياري للملابس بدأت أرتديها واحد تلو الأخر.

السروال الضيق كان أولاً، يلتصق بساقي النحيلة، شاهدًا على الرشاقة بدلاً من القوة.

يليها القميص الأبيض، نسيجه ناعم على بشرتي، ليس ضيقًا ولا فضفاضًا، بل مجرد وجود مريح. كان عاديًا مثل كتفي الضيقين وصدري المتواضع، ومع ذلك، كان يشعرني بالإنتماء.

ربطت الحزام حول خصري، يحتوي على بعض العناصر الصغيرة الضرورية للحياة اليومية. كانت يطلق صوت رنين لطيف كلما تحركت، مما يعطي صوتا مألوفًا ومريحًا يخفف من صداعي الصباحي.

وبعد ذلك، جاء العباءة، ليست العباءة التقليدية الطويلة التي قد يتوقعها المرء، بل قطعة أنيقة مصممة للأناقة بدلاً من الوظائف. انها تغطي رأسي ورقبتي وكتف واحد فقط، تاركة الكتف الآخر عاريًا. كان اختيارًا متعمدًا، بيانًا عن الجمال بدلاً من العملية.

رفعت يدي، شاحبتين ونحيلتين، لضبط العباءة الملفوف على رأسي و رقبتي، الحركة سلسة ودقيقة. في تلك اللحظة، لم تلتقط المرآة مظهري فحسب، بل أيضًا جوهر الرجل الذي يمثل لغزًا حتى لنفسه.

أخدت نفسا عميقا، و همست بصوت بالكاد مسموعا حتى بالنسبة لي.

'يجب أن أحاول'

أجل بالكاد صدقت ما قلته، الكلمات التي قلتها لم يبدو أنها خرجت من فمي، مهما حولت إنكارها أو تبريرها أو حتا تأجيلها، ستظل الحقيقة كما هي، هناك أشياء حتى أنا أعرف أنه علي فعلها، أو على الأقل سأحاول أن أفعلها.

'يجب أن أحاول'

هل هذا ما يعنيه أن تعقد العزم على شيء ما، أنا لا أشعر بالإختلاف، أشعر بالتردد، نعم، أنا متردد في فعل أي شيء في المقام الأول.

ربما أنا خائف من الفشل، هذا لا يمكن أن يكون صحيحا، الفشل يبدو كنتيجة محتملة بشكل يدعو للسخرية،

هل أنا خائف من النجاح، تبا هذا يبدو أكتر منطقية، إن نجحت، إذن ماذا بعد.

'اللعنة هذا مخيف أكتر مما ظننت'

أحسست بيدي ترتجفان بشكل خافت، لقد تجاهلتهم، و نظرت إلى إنعكاسي في المرآة.

'يجب أن أحاول'

أجل لقد حطمت للتو رقما قياسيا عالمي.

مع مرور التواني إزداد الإرتجاف الذي يمر عبر جسدي و تحول بسلاسة إلى برودة تنخر في عظامي.

أعلم تمام المعرفة أنه لا يحق لي أن أقول مثل هذه الكلمات، ليس لدي أي حق بالمحاول الأن، بعد كل الفرص التي تركتها تضيع و الأشياء التي تجاهلتها، أنا لا أستحق أن أحاول.

ومع طوفان الذكريات، بدأت الدموع تتجمع حول عيني، أصبح تنفسي غير منتظم، شعرت وكأنني أختنق. بدت الأوردة في رأسي بالإنقباض كما لو كانت تحاول اختراق جمجمتي، لم تتمكن عيناي من التركيز على أي شيء محدد. شعرت وكأنني سأفقد وعيي.

في اللحظة التي تسبق إنهيار جسدي، دخل صوت دافئ مشوب بالقلق سمعي، لم أتمكن من فهم محتوى الكلمات لكن القلق العميق في ذلك الصوت دفء قلبي البارد بطريقة لم أظن أنها ممكنة.

حاولت أن ألقي نظرة تجاه القادم الجديد، لكن يبدو أن هذا الخيار غير وارد، لا أستطيع حتى التفكير بشكل تابت ناهيك عن إستخدام أحد حواسي الستة.

حاولت أخذ نفس عميق لتهدئة مهما كان ما يحدت لي، هذه المرة يبدو أن الأمر ينجح.

أحسست بيد تدعمني من الجانب و أخرى فوق صدري تمنعني من الإنهيار أرضا.

إستعدت تباتي و معه استعدت هدوئي.

أخدت نفسا عميقا، و ألقيت نظرة للقادم الجديد.

2024/06/23 · 14 مشاهدة · 1175 كلمة
Loreem
نادي الروايات - 2025