أعدت تعديل حالتي قبل الخروج من غرفة نومي، كل التحضيرات التي جهزتها هذا الصباح ذهبت في مهب الرياح، أصبح الوشاح الذي إرتديته حول عنقي هذا الصباح غير صالح للاستخدام. لكن بذل تغير كل ملابسي، كل ما فعلته هو إستبعاد الوشاح من الزي الذي إخترته بعناية، و كل ما بيقت فيه هو قميصي الأبيض و السروال بالإضافة إلى الحزام حول خصري.
أخدت نفسا عميقا،
'يجب أن أركز'
أجل أنا لم أشفى بشكل كامل، في كل مرة كان يحدت معي هذا الأمر من قبل كنت أنام مباشرة، حفاظا على عقلي و مشاعري، أجل هذه هي طريقة وعيي لحمايتي من الألم، لكن هذه أول مرة أمر بهذه الحالة في هذا العالم و أول مرة أبقى مستيقضا، كل الفضل لإييو،.
'يجب أن أركز على ما أقوله و أفعله، لا يجب أن أرتكب أي أخطاء، لقد تدرب على هذا'
أطلقت تنهدا و توجهت إلى باب غرفتي.
ألقيت نظرة أخيرة على غرفتي قبل الخروج.
وجدت نفسي في الرواق خارج غرفتي، ممر ليس واسعا وليس ضيقا حياني، مزين بالمفروشات الجميلة. خيوطها تهمس بأناقة المصمم و أفكاره الإبداعية.
أمامي مباشرة وقفت إييو متإكة على حائط الرواق بشكل مسترخي و يديها خلف ظهرها، ضائعة في الأفكار بحيت لم تلاحظ حضوري إلى الأن.
أخدت خطوة إلى الأمام و ضغطت بإصبعي السبابة على جبهتها حتى انتبهت لي. بدت متفاجأة، يبدو أن أفعالي فاجأتها أكتر من حضوري.
"ما الذي تفكرين به"
سألت بداعي الفضول.
"اوه...إنه لا شيء"
صمتت لفترة و تابعت.
"هل سوف تُعلم السيد و السيدة"
أجل إنه تخاطب والدي كسيد و سيدة. يا لها من شابة محترمة. تعرف كيف ترد الجميل.
لكني لم أفهم سؤالها بشكل كامل.
'ربما هي تتحدت عن ما حدت قبل قليل'.
بما أنني لم أكن متأكدا إخترت أن أسأل بشكل مباشر.
"أعلمهم بماذا"
لقد نظرت إلي بتعبير مشوش، و قالت بصوت خافت و غير مؤكد.
بشأن... خروجنا للمدينة"
أجل، هذا.
"حسنا، سوف أخبرهم بعد الإفطار"
هزت رأسها في إمائة موافقة، و يبدو أن ليس لها أي خطط لترك الرواق.
لم أستطع إلا أن أغيضها.
"إذن، هل سنبقى واقفين هنا"
قلت بنبرة مرحة.
يبدو أنها لاحظت الأن ما كانت تفعله، خفظت رأسها في إماءة تفاهم أو إحراج و قالت.
"سأقود الطريق"
لقد فعلت ذلك بالضبط، سارت أمامي ببضع خطوات، لقد حاولت بأقصى جهذي أن لا أحدق، لكن إنتهى بي الأمر بفعل ذلك بالضبط.
'طالما أنها لن تلاحظ'
قلت لنفسي.
لقد وصلنا الدرج، إستدارت نحوي.
بعد التأكد من أنني أتبعها، بدأة تنزل الدرج إلى الطابق السفلي.
لقد تبعت خلفها مباشرة.
الدرج مصنوع من الخشب الصلب لم يصدر أي صوت مع أنه يحمل وزني و ووزنها، الحوامل ملساء من قبل أيدي لا تعد و لا تحصى.
وصلت إييو إلى أسفل الدرج، إستدارت مجددا لتتفقدني.
يبدو أنها خائفة من أنني سوف أنهار في أي لحظة.
'لطيف'
لم أستطع إلا الإبتسام.
رؤيتها لي أبتسم تجاهها، حاولت أن ترد بإبتسامة خاصة بها أو على الأقل حاولت.
أستطيع أن أشعر بالإرتباك في إبتسامتها، بالرغم من ذلك.
'مازلت إبتسامة جميلة.'
إستدارت و أكملت طريقها.
كما شققت طريقي أيضا إلى أسفل الدرج، رحبت بي مساحة مفتوحة، مطبخ كبير ينتظر - كهف من الدفء والغذاء. النار المشتعلة، تلقي ظلالًا راقصة على الأرض الخشبية. و أمام نظري مباشرة تتواجد طاولة طويلة من خشب يبدو عليه المتانة و الأناقة.
و مع تسلل ضوء الصباح الأول إلى الغرفة، جلس إلدريك على رأس مائدة الإفطار، وجهه انعكاسًا للحياة التي عاشها - حياة التفاني والحكمة والحب. عيناه البنيتان الذهبيتان، بلون أوراق الخريف، تحملان عمقًا من الفهم و الهدوء تتحدث عن رجل عاش جيدًا.
كان وجهه، الذي تحيط به لحية قصيرة مشذبة جيدًا ومع لمسات من باللون الأبيض، بمثابة خريطة رحلته. و الأخاديد الموجودة على جبينه تتحدث عن الأوقات التي تحمل فيها ثقل عالمه بقلب ثابت.
كانت ملابسه تمثيلًا رائعًا لحالته واليوم التالي. لم يكن قد ارتدى قفازاته ومعطفه بعد، لأن دفء المدفأة ورفقة عائلته كانتا كل وسائل الراحة التي يبدو أنه يحتاجها.
كانت ملابس إلدريك بمثابة شهادة على دوره في هذا العالم . كان يرتدي سترة حمراء داكنة، لون التوت الأكثر نضجًا في الغابة، مع أنماط معقدة تتحدث عن التقاليد القديمة وفن شعبه. كان الدرع الجلدي الذي كان يرتديه مرنًا وقويًا، مما يدل على استعداده لمواجهة تحديات اليوم.
حول خصره، كانت هناك أحزمة متعددة تحمل أدوات تجارته، مثل الحقائب والقوارير والأدوات الصغيرة التي تهتز بهدوء مع حركاته. كان لكل عنصر مكانه، وكل قطعة من اللغز كانت تمثل حياته اليومية. كانت الأحزمة نفسها بمثابة عرض للحرفية، مع تصميمات منقوشة تحكي قصصًا صامتة عن أفعال أسلافه.
كانت يداه، العارية الآن بدون قفازاته، تستقر على الطاولة بجو من السلطة الهادئة.
بجانبه جلست فتاة صغيرة في الرابعة من عمرها على الطاولة،إلوين، كان حضورها رقيقًا ومبهجًا مثل أول نسمة من الربيع. كان شعرها البني الفاتح، لون محصول الخريف، يتطاير في أمواج لطيفة على ظهرها، ليلتقط أشعة الشمس ويحولها إلى سلسلة من الأضواء الذهبية.
كانت عيناها، الواسعتان والمليئتان بالدهشة، تعكسان الألوان البنية الذهبية لوالدها، وهو إرث تناقلته سلالتهما. لقد تألقوا ببراءة الشباب والأذى الهادئ الذي رقص داخل روحها.
أجل هذه هي الفتاة التي جاءت لتوقظني هذا الصباح.
جلست هناك، بالطريقة التي لا يستطيعها إلا الأطفال الجلوس بها، بنعمة لم تمسها هموم العالم. كانت قدماها الصغيرتان تتأرجحان بشكل مرح فوق الأرض، غير قادرين على الوصول إلى الأرض، وكانت ضحكتها بمثابة لحن ينسج في الهواء، نقيًا وعذبًا مثل أغنية القبرة.
كان ترتدي فستان أخضر مطحلب ناعم، مطرز بخيوط حريرية من النسيج، يعانق إطارها الصغير. كانت الأكمام، المنتفخة والمتجددة الهواء، ترفرف مع كل حركة، وكانت حاشية تنورتها مزينة بأحجار صغيرة متلألئة تتلألأ مثل قطرات الندى في ضوء الفجر.
وبينما كانت تنتظر انضمام بقية أفراد أسرتها إليها على المائدة، لعبت يداها بالأدوات، فحولت الملعقة إلى فارس والشوكة إلى جواد.
وجلست هناك، أصغر أفراد العائلة، نجمة ساطعة في كوكبة أقربائها، روحها منارة الفرح والعجب التي تحملها الطفولة.
عاد إنتباهي إلى إلريك، وحدت أنه كان ينظر إلينا مباشرة.
أخدت بضع خطوات إلى الأمام.
قابلت عينيه وقلت بإبتسامة صغيرة على وجهي.
"صباح الخير"
أعطى إيماءة برأسه، وقال.
"صباح الخير،... و أنت متأخر"
لم يقل ذلك بنبرة توبيخ، بل كملاحظة،
في الجهة المقابلة، أخدت إييو مقعدها بجانب إلوين.
أعدت تركيزي إلى إلريك.
"أنا أسف، لقد ذهبت للنوم بوقت متأخر."
أجبت بنبرة إعتذارية.
يبدو أنه قبل إعتذاري، بحيت أومأ برأسه.
"لن يتكرر ذلك، و اعتني بصحتك"
إبتسمت على رده المراعي، و أعدت إنتباعي إلى إييو و إلوين.
الأولى كانت تنظر إلي بطرف عينها، و التانية منغمسة في عالمها، بحيت لم تلاحظني إلى الأن.
توجهت في إتجاهها و نقرت على جبهتها.
رفعت رأسها بطريقة كوميدية جلبت الإبتسامة إلى شفتاي.
أعطيتها أيضا تحية صباح.
"صباح الخير"
التي إستجابت لها بتحية خاصة بها بصوتها الطفولي.
"مم...صباح الخير"
أعادت إنتباهها إلى أدوات المائدة، و أنا توجهت إلى المطبخ لأغسل وجهي و أشرب بعض الماء، حلقي لا زال جاف بل زاد جفافا فقط.
في قلب هدوء الصباح، بينما كانت رائحة الإفطار تفوح في الهواء، وقفت أيلين، سيدة منزلها. تم سحب شعرها الداكن، الغني مثل سماء منتصف الليل، من وجهها، مما سمح لعينيها الفضيتين المذهلتين بالتألق مثل القمرين التوأمين في ضوء الفجر. لقد كانت عيونًا تحمل أسرار عالم أعمق، وهي انعكاس للأراضي الغامضة التي تسميها وطنها.
كانت ملابسها عبارة عن مزيج من البساطة والوظيفة، حيث كانت تتحرك برشاقة في المطبخ. كانت ترتدي قميصًا أبيض قصير الأكمام، وتم فك الأزرار العلوية لتكشف عن لمسة من الجلد، وهو تذكير دقيق بالمرأة التي كانت تتجاوز دورها كأم وزوجة. كان القميص مدسوسًا بشكل أنيق داخل تنورة سوداء تصطف بشكل مثالي مع ركبتيها، وتتباين لونها بشكل حاد مع ضوء الغرفة.
حول خصرها، تم ربط مئزر أبيض، أصلي وعملي، لحماية ملابسها من البقع والانسكابات الناجمة عن مساعيها في الطهي. لقد كان ثوبًا يتحدث عن تفانيها تجاه عائلتها، ورمزًا للحب الذي كانت تصبه في كل وجبة تعدها.
تحركت أيلين برشاقة تناقض قوة هيكلها. و بينما كانت تتحرك، تمايلت تنورتها قليلاً، لتتوافق مع إيقاع خطواتها. لقد كانت رقصة الحياة اليومية، حياة مليئة بفرحة اللحظات البسيطة وراحة الروتين.
بينما كنت أقترب منها، أدارت رأسها تجاهي مع إبتسامة يمكن أن يفوق إشراقها ضوء الفجر.
أحسست بشفتي تشكلان إبتسامة من تلقاء نفسهما،
و قلت بشكل مشرق،
"صباح الخير"
لكنها ردت بشكل أكتر إشراقا.
"صبااح الخير.."
نظرت إلي لفترة و أضافت،
"أنت متأخر،... مجددا، لقد إنتهيت بالفعل من إعداد الفطور، إغسل وجهك بسرعة."
قالت بنبرة إستعجالية
"لا تتأخر، و تعال قبل أن يبرد الفطور"
أضافت من خلف ظهرها بينما تتوجه نحو طاولة الفطور، في يديها صينية ممتلئة بمختلف المأكولات.
لم أجد الوقت الكافي للإستجابة، لقد ذهبت بالفعل.
أستطيع أن أرى طاولة الإفطار من هنا و الأشخاص المتواجدين حولها و هم يستطيعون رؤيتي أيضا، كان هذا طبيعي فمطبخ هذا المنزل هو مطبخ مفتوح.
أخدت نفسا عميقا و توجهت إلى الحوض لأغسل وجهي، عقلي مليء بالأفكار المختلفة.