لطالما إعتبرت نفسي شخصا صادقا، لكن عندما يستدعي موقف الكذب فأنا كاذب بارع، قوتي في الكذب تكمن في الإقناع. أستطيع إقناع الأخرين عن طريق نشر معلومات كاذبة أو مضللة بهدف تغيير أرائهم بشأن مختلف الأشياء.
يمكن أن يتضمن الكذب بالإقناع تشويه الحقائق أو استخدام التلاعب العاطفي لتحقيق أهداف معينة.
عن طريق تضليل أراء الأخرين أنت تأخد و بشكل مباشر قدرتهم على التمييز بين الحقيقة و الكذب، و بالتالي تتحكم في النقاش ككل.
يقولون أن أفضل كاذب تعرفه هو ليس أفضل كاذب تعرفه.
نظرت إلى إنعكاسي في المرآة، إلى نفسي الكاذبة.
أجل أنا شخص منافق.
و أجل أنا أحب نفسي، حسنا أنا لا أحب نفسي، أنا أحب الحياة كمفهوم.
عندما يتعلق الأمر بحفظ الذات، أنا لا أمانع الكذب.
حتى لو إخترت قول الحقيقة، أي يمكن أن يقودني ذلك، مع كترة الإحتمالات، النتيجة واحدة.
لن يقودني إلى شيء.
إن أخبرتهم أن إبنهم مات و أنا أخدت جسده ليس بإختياري، هناك إحتمالان، قد يصدقون كلامي أو يتهمونني بالكذب. إن صدقوا كلامي ليس و كأنهم لن يفعلوا شيئا بشأني، على الأرجح ستنتشر الأخبار بشأني و أتلقى إنتباه غير ضروري، و هذا وحده يفتح مختلف الإحتمالات، من يعرف إن كان هناك حالات أخرى متلي. و إن قرروا أنني أكذب، أفضل سيناريو هو أن يقتلوني، لا يمكنني حتى تخيل الأسوء.
لذلك إخترت عدم قول الحقيقة، أجل أنا الأن هو نوح قلبا و قالبا، أو سأقنع نفسي إلى أن أصبح نوح.
في النهاية الحقيقة لا تهم، الشيء الوحيد الذي يهم هو ظهور الحقيقة.
و سوف أتأكد أن الحقيقة الظاهرة هي أنني نوح، بدون أي مجال للشك.
"ن....نوي؟"
من خلفي جاء صوت مزيج من المودة و القلق العميق.
إستدرت ببطأ، و من كان ورائي هي أيلين، لا إنها أمي.
"نعم، أمي."
رددت على سؤالها بإبتسامة.
لقد إبتلعت جرعة من اللعاب، يبدو القلق في وجهها يزداد مع كل ثانية.
"هل أنت بخير."
لم أفهم لما سوف تسألني مثل هذا السؤال، لما لا أكون بخير.
قبل أن أجيب، تابعت بصوت متردد و قلق.
"لقد كنت واقفا أمام المرأة لفترة من دون فعل شيء."
'تبا'
لعنت تحت أنفاسي، هذا ما يدور عليه الأمر، أخدت نظرة تجاه طاولة الإفطار، الكل كان يحدق تجاهي بقلق، حتى إلوين، أعني أختي الصغيرة بدا عليها الفضول من سبب حصولي على كل هذا الإهتمام.
أعدت توجيه نظرتي إلى أمي و قلت بصوت إعتذاري و مطمأن.
"أنا أسف... أنا فقط أواجه مشكل في إتخاذ قرار."
هذا أفضل ما خرجت به في هذا الوقت القصير، لم تكن هذه كذبة بالكامل، هناك قرار يحب علي إتخاذه، و إلى الأن لا أعرف ما الذي أفعله أو ما سأفعله، لذلك أخذ الأمور بروية، للأن.
يبدوا أن أمي هدأة قليلا.
"حسنا، إغسل وجهك بسرعة و تعال، الطعام قد برد بالفعل، يمكنك أن تخبرني كل شيء على طاولة الإفطار."
أردت أن أستجيب، لكنها تحركت بالفعل عائدة إلى طاولة الإفطار.
'إنها سريعة'
يبدوا أن موهبتها الخاصة هي أن تترك الكلام معلق في أفواه الأخرين.
لكن للأن فعلت ما قالته، غسلت وجهي و يدي، و مسحته بالمنشفة.
بعدها توجهت إلى طاولة الإفطار.
'اللعنة لقد نسيت أن أشرب الماء'
لم أستطع أن أعود الأن، سأبدوا مثل المختل العقلي.
سأكتفي فقط بالمشروبات على طاولة الإفطار.
أخدت مقعدي أمام مائدة من الطعام الصباحي. على الطاولة يكمن دائرة من المخبوزات الذهبية الدافئة، مغطاة بشرائح من الحلوى الحمراء والصفراء، بالإضافة إلى شراب لامع. اللفائف المقرمشة والحلقات الناعمة على جوانبها تدعو إلى التذوق.
هناك أيضًا مربعات من مختلف المخبوزات، مزينة بحلوى صغيرة وداكنة. كوب مبخر يرسل تجاعيدًا ملتفة، تحمل رائحة مريحة. صحن يحمل مزيجًا قويًا من الأطعمة الصباحية المختلفة، قطع دائرية ساخنة؛ لقمات مطولة؛ ملعقة من كريم غني ومالح؛ ولقمات سميكة وعصيرية.
الطاولة تقدم أيضًا مجموعة من اللذائذ الطازجة وكأسًا طويلًا من سائل متجدد ومنعش. الأواني الصغيرة تحتوي على مربى حلو لتكملة الوليمة.
لم أستطع إلا أن ألعن من الدهشة.
'اللعنة، هل في هذا العالم يحتفلون بكل يوم جديد.'
طالما أن الأمر في صالحي، فأنا لا أمانع.
بينما كنت أكل جاء صوت أمي من الطرف المقابل للطاولة.
"؟إذن...نوي، ما هو القرار الذي تواجه مشكلة في إتخاده."
فجأة كل العيون أصبحت علي.
أخدت نفسا عميقا أفكر في إجابتي.
"أنا لم أقلب العملة بعد."
أعطيتهم إجابة لن يفهموها، بهدف تضليلهم عن الأمر.
لأنني أنا نفسي لا أعرف قراري بعد، لا أستطيع إرغام مثل هذا القرار.
"ما الذي تعنيه؟."
قالت أمي بصوت مرتبك، أستطيع أن أرى الإرتباك في كل من أبي و إييو، أما أختي الصغيرة، لم تهتم على أي حال.
"ما أعنيه بذلك، هو أنني لم أتخذ قراري بعد. ألم تسمعو بمصطلح لم أقلب العملة بعد؟"
أنا أعلم أن السؤال الأخير ليس له أي داع لكنه مهم للتحكم في سير هذه المحادتة.
الأن لا أحد سيقول شيئا ك ما القرار الذي تواجه صعوبة في إتخاذه، أخبرنا و قد يمكننا المساعدة.
سوف يسألون بشأن الأشياء التي لا يعرفونها، هذه طبيعة البشر، يرودون أن يعرفوا ما يعرفه الأخرون و ما لا يعرفونه هم.
و كما توقعت، قالت أمي بصوت فضولي.
"لا لم أسمع به من قبل، ما الذي يعنيه."
أنا كنت سعيدا بالإجابة، بهذا أكون قد أبعدت تركيزهم بشكل شبه كامل عن ما هو هذا القرار. الأن كل ما تبقى هو تقديم شرح طويل لما يرودون سماعه الأن و قبل أن يعلقو على الأمر، سوف أغير الموضوع لشيء سوف يتير إهتمامهم.
"ما يعنيه، هو أن كل قرار تواجه صعوبة في إتخاذه، أنت قد إتخدته بالفعل داخل عقلك، أنت فقط لم تعرف بعد قرارك، و جملة لم أقلب العملة بعد، هي فقط طريقة لتعرف ما هو ذلك القرار. على سبيل المتال، إن حاولت إتخاذ قرار بنتيجتين مختلفتين، عقلك الباطن يعرف بالفعل النتيجة، العملة تساعدك على رؤية النتيجة بشكل أوضح، إن قلبت هذه العملة و إتجاه صقوط العملة هو القرار الذي إتخذه عقلك الباطن بالفعل، لن تواجه مشكلة بتتبع ذلك القرار لأنك تعرف أنه صحيح. و لكن إن صقطت العملة في الإتجاه المعاكس للقرار الذي إتخذه عقلك الباطن، ستشعر بعدم الإرتياح و التردد، و ستحاول تأجيل هذا القرار. و تلك اللحظة من التردد إن أجدت إستغلالها ستجد أن كل الأجوبة كانت بداخلك من البداية."
لقد سقطوا كلهم في تفكير عميق، بإستناء أختي الصغيرة، بشكل واضح.
إستغللت هذه اللحظة بالضبط، و ألقيت عليهم هذه الأخبار.
"بالمناسبة، سأخرج اليوم إلى البلدة."
في اللحظة التي تحول إنتباههم إلي أضفت.
"سأذهب أنا و إييو."
و الأن كل إهتمامهم بما هو القرار الذي يجب علي إتخاذه قد إختفي، بالنسبة لهم هناك موضوع أكتر أهمية.
ما أنجزته للتو هو كذبة كبيرة قائمة على الحقائق، أقنعتهم أنهم لا يحتاجون إلى معرفة القرار الذي يحب علي إتخاذه.
أجل كان بإمكاني أن أنجز الأمر بشكل أكتر عدوانية، متل رفض الإجابة عن أي سؤال، التظاهر بالغضب، أو إتهامهم بإنتهاك الخصوصية.
لكني إنسان مسالم، أفضل أن تكون علاقتي بالأخرين سليمة، لا أريد أن أسبب أي رد فعل سيعود علي بالندم مستقبلا.
الأن حان وقت إستقبال الأسئلة، خاصة أمي.
لكن ردها كان مفاجئا، ليس بالنسبة لي فقط، حتى إييو بدت مصدومة أكتر مني.
"حسنا، إستمتعوا بوقتكم."
قالت بإبتسامة كبيرة على وجهها،بينما تنظر إلى كلينا، إزدادت إبتسامتها مع مرور التواني.
"لكن لا تبقوا لوقت متأخر."
أضافت بنبرة مرحة.
إن لم يكن هذا غريبا، حتى والدي قليل الكلام، كان لديه ما يضيفه.
"لا تسببوا أي مشاكل أتناء تواجدكم في البلدة."
أنا حقا لم أتوقع هذا النوع من الإجابات، لقد توقعت فيضان من الأسئلة خاصة من أمي.
لكن هذا لم يحدت.
ليس الأمر وكأنني لا أعرف من أين يأتي هذا، لكنه ما زال يشعرني بالغرابة.
لقد قابلت عيني إييو، لقد كانت تحدق بي لفترة، إبتسمت لها إبتسامة صغيرة، إلى أن خفظت رأسها.
و إستجبت على طلبات والدي.
"ليس هناك داعي للقلق لن نتأخر، و لن نسبب أي مشاكل."
قلت بنبرة مطمئنة.
طوال هذه المحادتة، إييو لم تنطق بكلمة واحدة.
'ما الذي يدور في رأسها.'
أبعدت هذه الأقكار من رأسي و أعدت تركيزي إلى طعامي.