بعد فترة قصيرة من الوقت، تحولت المحادتات حول الطاولة إلى مجرد دردشة عائلية بسيطة.
معظم الوقت كنت فقط أستمع مع إضافة تعليق هنا و هناك،
بعد الإنتهاء، إرتدي والدي قفازاته و عبائته إستعدادا للمغادرة للعمل.
نهضت أمي أيضا من مقعدها لتجمع الطاولة، عرضت مساعدتي لكنها رفضت. في طريقها إلى المطبخ قالت من خلف ظهرها.
"و..نوي، لا تنسى أن تغير ملابسك قبل الخروج."
و إستمرت في طريقها. تبعتها أختي بخطواتها الصغيرة.
لم يكن لدي شيء لفعله، لذلك تركت أفكاري تتجول لبعض الوقت.
لم أستطع إلا أن ألاحظ العوارض الخشبية ذات الديكور الجميل المتشرة حول المنزل، المدفئة و أعمال الديكور الأخرى متل السجادات و الطاولات و الأرائك و مختلف الأشياء المنتشرة حول المنزل.
في البداية جعلتني أشعر بالغرابة. كان الأمر مختلفا عما إعتدت عليه من قبل، كلما إستكشفت أكتر زادت مشاعر التعقيد بداخلي.
مشاعر الغرابة التي إختبرتها في البداية جاءت من درجة الإختلاف بين بيئتي السابقة و الحالية، أستطيع أن أقول إلى هذا الحد.
كان هذا تفكيري تقريبا طوال الأسبوع الماضي،
إلى أن أصبح الأمر فجأة أكتر وضوحا، لقد كان الأمر متعلقا بالتصميم من البداية.
التصميم الجيد يتمحور حول خلق المشاعر.
يمكن قول الشيء نفسه حتى على الأرض.
في الماضي، كانت المنازل غالبًا ما تثير إحساسًا بالدفء والراحة، مع ميزات مثل العوارض الخشبية المكشوفة، وأعمال الديكور المعقدة، والمدافئ، مما يخلق شعورًا بالحنين والراحة.
ومع ذلك، في الحاضر، أصبحت العديد من المنازل تعطي الأولوية للأناقة والبساطة، مع خطوط نظيفة وألوان محايدة ومواد حديثة مثل الفولاذ والزجاج، بهدف الشعور بالكفاءة والرقي. مقارنة بالماضي، اليوم يتم تصميم الأشياء بحيت لا تشعر بأي شيء.
لقد كنت أنظر إلى سقف المنزل لبعض الوقت الأن، لم أستطع إبعاد عيني عن زخرفاته المعقدة.
في البداية كرهت كيف جعلني تصميم المنزل و طريقة تنظيمه أشعر، لكن الأن، أنا لست متأكدا.
فكرت في نفسي.
'ما هو الشعور الذي أريد أن أشعر به في مساحتي الخاصة.'
إذا كان علي أن أختار شعورًا بالمساحة الخاصة بي، فأنا أريدها أن تثير إحساسًا بالانسجام، ومزج عناصر جماليات التصميم الماضية والحاضرة لخلق جو متوازن وجذاب.
لقد كنت راضيا بما إستطعت الخروج به، التوازن.
أن البحت عن التوازن متل البحت عن عدم الإنتباه، و هذا نفسه شكل من أشكال السيطرة على النفس.
تركت إبتسامة راضية تظهر على شفتاي.
"نوح."
جاء صوت إييو من الجانب الأخر من الطاولة.
'هي لا تزال هنا.'
غيرت تركيزي من السقف إليها، و إستجبت لندائها.
"نعم".
لم أعلم ما تحاول قوله، لذلك إستمعت عن كثب.
"ما هو الوقت الذي سوف نخرج فيه...مم .. ليكون لدي وقت كاف لأجهز نفسي و أغير ملابسي."
نظرت إليها لبعض الوقت، و قلت بصدق.
"إن كان هناك أي شخص يحتاج إلى التغيير فهو أنا."
تابعت دون أن ألاحظ الطريقة التي كانت تنظر إلي بها.
"أما أنتي، فلا أظن أنكي تحتاجين للتغيير، مع أن ملابسك بسيطة فإنها تبدوا رائعة عليكي."
لم تستجب، بفقيت فقط تنظر إلي و كأنها لم تفهم.
و من أكون أنا إن لم أقدم تفسيرا يمكنها أن تفهمه.
"ما أعنيه هو أنكي تبدين جميلة في ملابسك الحالية، لا تحتاجين للتغيير."
نظرت إلي لبضع ثوان أخرى، و قالت.
"...حسنا."
هذه طريقة واحدة للإجابة، معظم الناس سيبتسمون، يشكرونك على المديح، أو يردوا بمديح خاص بهم. لكن يبدوا أن لديها رأي أخر، و أنا بخير مع ذلك، لم أكن أبدا شخصا يحكم على الأخرين بما أنني لا أستطيع حتى أن أحكم على نفسي، ليس لدي أي حق أن أحكم على أي شخص أخر.
"حسنا، يجب أن أصعد لأغير ملابسي، ما الذي سوف تفعلينه في هذه الأتناء."
نظرت إلي و قالت بصوتها الهادئ.
"سوف أنتظر إلى أن تنتهي."
أومأت برأسي.
نهظت من مقعدي و توجهت إلى الطابق الأول، حيت توجد غرفتي.
اليوم يوم مهم، لا يجب أن تكون هناك أي أخطاء.
لا زال هناك بعض الوقت إلى أن يحين وقت الظهيرة، مع ذلك لم أستطع المخاطرة بالتأخر.
مع هذا في عقلي توجهت إلى مكان تغيير الملابس في غرفتي، و إخترت أفضل ملابس لدي، و وضعتها جانبا إلى أن يقترب الموعد.
ما كنت سوف أفعله اليوم هو شيء كان يجب علي فعله من البداية، لكن نظرا لطبيعتي الكسولة، و أقول كسولة لأنني أنا نفسي لا أعرف كلمات مناسبة لوصف ما أكون عليه، لقد أجلته لوقت طويل، أظن ما حدت في صباح اليوم أفادني بشكل مباشر. لأن حضور إييو أعطاني فكرة لأوقف هذه الدائرة المفرغة من عدم فعل شيء و إضاعة الوقت، طلبت منها الخروج معي لأضع نفسي تحت الضغط و أخرج في النهاية من المنزل، و إلى الأن الأمر ينجح.
في النهاية أنا شخص أعمل بجد تحت الضغط، لأنه إن لم أكن تحت الضغط، أنا لا أعمل على الإطلاق.
إن إنتهى هذا اليوم بفعل ما أريد فعله، سيكون لدي طريقة فعالة لأجبر نفسي على الأشياء التي يجب علي فعلها.
يا لها من طريقة تفكير غريبة، أجبر نفسي على الأشياء التي يجب علي فعلها'، إن سمع إنسان عادي هذا سيظن أنني شخص يحاول تحدت لغة أجنبية و أخطأ في تشكيله للكلمات. و أنا لن أحاول أن أصححه.
أوقفت قطار أفكاري و توجهت إلى مكان تغيير الملابس في غرفتي، و بدأت إرتداء الملابس التي إخترتها.
بدأت أرتدي ملابسي قطعة تلو الأخرى.
وقفت أمام المرآة أنظر إلى نفسي في هذا الزي خاص. ارتديت عباءة داكنة على كتفي ذات نقوش ذهبية تشبه قصص الزمن القديم. لقد تم تثبيتها بدبوس لامع عند رقبتي.
سترتي تناسبني جيدًا وتتحرك معي. إنها داكنة مع أنماط ذهبية تذكرني بالنجوم والمسارات في السماء.
ارتديت حزامًا جلديًا داكنًا يحمل سروالي، وهو ناعم ولامع وسهل الحركة فيه.
حذائي قوي ويبدو جيدا علي، ولا يصدرون أي صوت عندما أمشي.
بعد الإنتهاء كنت راضيا عن إختياري للملابس، هذا أغلى زي و أكترهم فخامة في خزانة ملابسي.
بعد التأكد من كل شيء في مكانه توجهت إلى الطابق السفلي لألتقي بإييو و نذهب في طريقنا.
لكن ما وجدته أمامي كان والدتي تنظر إلي بابتسامة واسعة.
إقتربت مني و قالت.
"أنت تبدوا وسيما،.... بالطبع فأنت إبني بعد كل شيء."
قالت ذلك و ضحكت على مزحتها.
لم أستطع إلا أن أبتسم على تقتها بنفسها العالية.
"شكرا،.... أين إييو."
سألت والدتي بما أن إييو لم تكن في الطابق الأول.
فجأة أصبح تعبيرها جاد و قالت بنبرة لا تحمل أي محال للإعتراض.
"يجب أن تكون لطيفا تجاهها...هل تفهم."
إبتلعت جرعة من اللعاب من هذه الإفادة الجادة.
لما لا أكون، أنا لطيف تجاه الجميع، هذا جزء من فلسفتي للعيش بسلام.
لكن يبدوا أن أمي تنتظر إجابة مني، لذلك قدمت واحدة.
"سأكون لطيفا تجاهها."
بدا أن هذا هو الجواب الوحيد الممكن، و أيضا الجواب الذي أرادت أمي سماعه.
أعطتني إبتسامة كبيرة وقالت.
"لقد كانت تنتظر في الخارج لفترة الأن، إذهب أو ستتأخر."
قالت ذلك بنبرة إستعجالية و كأنها لم تكن الشخص الذي كان يؤخرني من البداية.
"حسنا."
قلت ذلك، و توجهت إلى الباب الأمامي لمنزلي.
هذه أول مرة سوف أخرج فيها من هذا المنزل إلى العالم الخارجي.
أخدت نفسا عميقا و فتحت الباب.