بعد 9 أشهر من التصميم و التجريب استطعنا أخيرا التوصل إلى النموذج الأول من بطارية التيار المتناوب و الذي كان بعيدا كل البعد عن توقعاتنا . و بعد 4 أشهر صنعنا النموذج 63 من البطارية , و التي يمكنها تزويد الخادم المركزي بالطاقة لمدة 3 ساعات , لكن حجمها كان كبيرا و تكلفتها كانت جد غالية , حسب المعايير التي وضعها المبدع 18 .

لم يهتم أحد منا بالتكلفة , أشك بأن أحدا من السماة يفقه هذا المفهوم , و لا أفهم لماذا يجب على الناس من العرق صفر أن يقيسوا قيم الأشياء بمفهوم معنوي كالنقود , لكن المبدع 18 أصر على جعلها أرخص ما أمكن .

احتجنا ل 5 أشهر أخرى لجعلها أصغر حجما , أخف وزنا و أرخص مع فقدان نسبة ضئيلة من قدرتها الطاقية .

أنهينا العمل على بطارية التيار المتناوب مع النموذج 75 , قرر المبدع أننا بحاجة لاستراحة مستحقة , لذلك انتظرنا أسبوعين قبل عرض المشروع .

لم تكن الأشهر الماضية خالية من الأحداث ففي أثناء عملنا على المشروع توصلنا إلى العديد من الاكتشافات لعل أهمها مواد معدومة المقاومة الكهربائية و ذلك في درجة حرارة أصغر بقليل من درجة حرارة الغرفة . و كذلك على مادة مركبة ذات خواص غريبة أشبه بأشباه الموصلات لكن تتفاعل مع التيار حسب اتجاهه .

لا نطلق عادة أسماء على المواد التي نكتشفها , لكن المبدع 18 , الذي أعجب كثيرا بهذه المادة , أصر على تسميتها ميلينيزيوم على اسم مكتشفها ميلا 191- 17 AE.

و خلال هذه الفترة كذلك تطورت الشيفرة و اعتدنا استعمالها فصارت أسهل و سمحت لنا بأن نبقى على اتصال معظم الوقت , لكن للأسف بقينا نحن الاثنين فقط .

كان أكثر ما أردت معرفته هو كيف الحياة في العالم الخارجي , و كان باستطاعتنا التحدث عن العالم الخارجي طيلة الوقت , لكن لسبب لا أفهمه كنا نتحدث فقط عن المشروع و مشاريع الفرق الأخرى و عن بعض النظريات في الفيزياء و الرياضيات و الاكتشافات الحديثة .

لكن بين الفينة و الأخرى كنت أستطيع أن أجعل المبدع 18 يبوح لي ببعض الأسرار .

لقد اكتشفت بأني أعرف الكثير عن العالم الخارجي , لكن هذه المعلومات بقيت أجهلها حتى لحظة أخبرني بها المبدع 18 , لقد كنت أعرفها منذ البداية , لكنها كانت مجلية بين صفحات السجلات .

أخبرني بأنه في الخارج قد ترك أسرة من أربعة أفراد , والديه و أخويه , و عائلة كبيرة لدرجة أنه يعتبر مضيعة للوقت احتساب عدد أفرادها .

هذه أمور لا مثيل لها بالمركز , لكني اكتشفت بأني كنت دائما أعرفها . كنت دائما أعرف بشيوع نظام الأسرة عند العرق صفر , رغم أني لا أملك أبوين غير المؤسس , و يصعب علي أن أناديه أبي , و نعم أملك إخوة و أخوات , أملك الكثير منهم , 300 أخا و 299 أختا , و نعم نتشابه في الكثير من الصفات الجسدية و السلوكية و في الشخصية , لكني لا أعرف حتى إن كنا نتشارك في رابطة الدم .

أتساءل كيف يكون شعور أن تكون فردا من عائلة , أن يحيط بك أبوين يشعرانك بحبهما , و يغمرانك بحنانهما , الحب و الحنان كذلك أمور أجهلها . لكن تلك أمور محرمة على العرق الأول.

أتساءل من يكون والداي ؟ أتساءل لماذا لا أملك أي ذكريات عنهما ؟ هل سبب ذلك أني قدمت للمركز حين كنت صغيرة ؟ هل مازالا يتذكرانني ؟ هل هما موجودان أصلا ؟

خلف التفكير في الأمر , طعما مريرا في حلقي .

2018/12/16 · 290 مشاهدة · 546 كلمة
yorozuya.band
نادي الروايات - 2024