- آآآيــــــه ...
صوت بعيد يناديني .
- أيه , آآآآية ...
فتحت عيني بتثاقل , في تردد , لم أرد أن أستيقظ و أدرك بأن ذلك الكابوس قد صار حقيقة , لكني في نفس الوقت كنت شاكرة للذي أيقضني منه .
- استيقظي أية ... آية
فتحت عيني لأجد المبدع 18 بجانبي خاطبني بلغة العربية و كان صوته سلسا سهل الفهم . اعتدلت في جلستي , رأيت كذلك المبدع 1 في مكانه على بطنه و يداه مكبلتان للوراء .
سأل المبدع 18 , كان صوته هادء لم ألحظ فيه و لو ذرة من التوتر أو ... القلق :
- هل أنت بخير ؟
أشرت برأسي بالإيجاب , لكنه التفت قبل أن يرى ردي , و قال :
- ساعديني لنقل المؤسس إلى المشفى .
أشرت مرة أخرى بالإيجاب .
لم يدهشني ما قاله فلم أصدق قط أن المؤسس قد مات رغم أنه صرخ بها مرتين . أخذنا طاولة ذات عجلات ووضعنا عليها المؤسس ثم توجهنا لما أسماه المبدع 18 المشفى .
في الطريق تساءلت : أين يوجد هذا المشفى ؟ و هل حقا يوجد ؟ لم يسبق لي أو لأي أحد من إخوتي أن مرض , في مكان مثل المركز محمي من الجراثيم و الأمراض لا حاجة لأطباء أو مستشفيات , حتى قبل هذه الحادثة لم أعتقد بأن أبناء العرق السامي يمرضون أو يموتون , لم أدرك مدى ضعفنا و وهننا .
دفعت الطاولة مع المبدع وفق إرشاداته , من حسن حظنا أن الممرات كانت خالية عكس الممرات التي تركتها ممتلئة بأجساد إخوتي المغمى عليهم , صار هذا منطقيا عندما أخبرني المبدع 18 بأنها تؤدي إلى جناح المبدعين و الذين مثلهم مثل المبدع 18 و 1 لم يعانوا أي تأثير بسبب توقف عمل الخادم , أجسادهم كانت مستقلة بالكامل عن الخادم . أنا كذلك بأعجوبة قاومت التأثيرات بينما تساقط إخوتي الواحد تلو الآخر و استطعت أن أبقى واعية , أما السبب فلحد الآن لا أعرفه .
وصلنا مصعدا عندها توقف المبدع 18 و قال لي بحزم :
- لقد أوقفت عمل المفاعل و أعدت التيار لكي يعمل الخادم , و ...
توقف و وضع إصبعيه بالقرب من أذنه , أغمض عينيه , و التف برأسه 90 درجة ثم أكمل :
- أتلقى إشارة من 273 لا بل ... أصبحوا الآن 274 من السماة استعادوا وعيهم أريد منك أن ترجعي تكوني فريقا منهم و تساعدوا البقية , و آيا . . .
انتظرت منه أن يكمل , لكنه لم ينطق , فسألت :
- نعم ؟
تردد للحظات , ثم أرجع يده للوراء ليحك رأسه و قال :
للوهلة الأولى اعتقدت بأن المبدع 18 سيضيف شيئا لكنه , التفت و دفع الطاولة للمصعد ليختفي وراء أبوابه المعدنية .
عدت مباشرة و نفذت كلامه بالحرف و بعد نصف ساعة استطعنا تفقد معظم اخوتي , كان هذا سهلا لأنه عند مغادرتنا المحاضرة ننفصل إلى عدة جماعات تسلك كل جماعة طريقا محددا , لذلك انقسم الفريق الذي كوناه إلى عدة فرق كل فريق سلك إحدى الطرق .
بينما كنت أؤدي مهمتي رأيت المبدع 18 هو و المبدع 7 يحملان المبدع 1 الذي لم يستعد وعيه بعد , يفتح فمه بطريقة بلهاء . لما رآني ترك المبدع 7 مع المبدع 1 وجاء يقصدني , قال :
- هل الجميع بخير ؟
- نعم , لا إصابات في صفوف السماة .
- أوووه , الحمد لله , لقد اعتقدت بأن ...
قاطعته لم أرد سماع ما سيقوله كما لم أعتقد بأنه سيكون مريحا له قول ذلك :
- هل المؤسس بخير ؟
- إنه يتعافى , مازالت حالته حرجة لكن ... لا أعرف ما باستطاعتنا فعله بدون المؤسس .
لقد كان محقا , فالمؤسس كان هو المسؤول عن المركز , في غيابه قد تؤول الأمور إلى فوضى عارمة تعصف بكل شيء . لكن هذا الأمر صراحة لم يقلقني حينها . كنت أعتقد بأن خليفة المؤسس يقف أمامي , قد لا تكون سمته المميزة هي القيادة , لكن عندما ساءت الأمور كان هو من تحمل المسؤولية .
أشرت إلى المبدع 1 ثم سألت ؟
- ماذا ستفعلون بالمبدع 1 ؟
- سنقوم بحبسه حتى الغد , لا خيار آخر أمامنا . إذن سأتركك الأن , توجد أمور كثيرة علي فعلها .
أشار إلي بيده ثم انصرف ليساعد المبدع 7 .
راقبته يبتعد حتى التقى بالمبدعين 15 و 19 , أشار في اتجاهين , و هو يحادثهم بكلام لم أسمعه بسبب المسافة , ثم انطلق كل واحد منهم في اتجاه .
انتظرته تلك الليلة بأن يحادثني بالشيفرة , انتظرته حتى وقت متأخر من الليل , أردت أن أسأله عن حالة المؤسس , أردت منه أن يخبرني بكل ما حدث ذلك اليوم , لكنه لم يرسل و لو رسالة , كما لم يجب على أي من أسئلتي .
لم يكن هذا اليوم عاديا , و لم أكن لأقبل بأقل من تغيرات كبيرة جذرية في الأيام المقبلة , و صراحة لم يخب ضني .