كان العداء بين سايلوس وعائلة تونه قد بدأ منذ اللحظة التي شعر فيها والدها، رئيس منظمة الأمن الفضائي، بتهديد وجودي من "الأونوكاينس" ومن سايلوس شخصيًا. لا شيء كان أكثر خطورة بالنسبة لعائلة تونه من تلك المنظمة المظلمة التي تسيطر على العالم السفلي. وكان والدها يرى في سايلوس تهديدًا محتملاً لأمن مجرة بأكملها. كان يراقب تحركاته عن كثب، ويخطط لتحركاته المضادة في صمت، بعيدًا عن الأنظار

لم يكن سايلوس يهتم كثيرًا لهذا الصراع في البداية. كان يراه مجرد فخًا من فخاخ السلطة، وسرعان ما سيخمد. لكنه لم يكن يعلم أن هذا العداء سيصبح أكثر تعقيدًا مما كان يتوقع. كان والد تونه يمتلك نفوذًا كبيرًا في مجالات عدة: من القوانين الفضائية إلى تقنيات الأمن المتقدمة، ما جعله الخصم الذي لا يمكن تجاهله. وعندما علم بأن ابنته تونه قد دخلت في عالمه، بدأت الأمور تتخذ منحى أكثر حدة. لم يكن مجرد قلق الأب على ابنته، بل كانت هناك أسئلة غامضة تحيط بماضيها، وارتباطاتها مع سايلوس بشكل خاص.

وكان سايلوس في تلك اللحظات محاصرًا بين رغبة في حماية تونه والتزامه العميق بعالمه المظلم. كان يعلم أن أي حركة خاطئة قد تؤدي إلى تعريض حياتها للخطر. فالعائلة التي ولدت فيها تونه، وهي عائلة قوية للغاية، تملك قدرة على تحطيم أي تهديد مهما كان قويًا. كان يعي جيدًا أن والد تونه، الذي يقف على قمة السلطة في منظمة الأمن الفضائي، لن يتركه بسلام.

مع كل خطوة كان يخوضها سايلوس في هذه العداوة، كانت الأمور تزداد تعقيدًا. كان يخشى أن يتورط أكثر من اللازم، لكن في الوقت ذاته كان يحاول حماية تونه من المصير الذي قد تلتقي به بسبب هذا الصراع العائلي. كانت ضغوطه تتضاعف. أما تونه، فقد كانت غارقة في صراعها الداخلي أيضًا. بينما كان قلبها يميل نحو سايلوس، كانت تتساءل عن الحقيقة التي خُبئت عنها طيلة حياتها.

صراعه مع والدها كان يشبه حربًا في الفضاء الواسع، حربًا غير مرئية، تتصارع فيها القوى الكبرى. كان كل طرف يحاول التفوق على الآخر بخططه السرية، وعيناه تتابعان كل خطوة. وبالرغم من أنه كان يعتقد أن انتصارًا قريبًا سيكون في متناول يده، إلا أن التوتر بينه وبين عائلة تونه كان يزداد اشتعالًا، مما جعله يعيد التفكير في الطريقة التي يجب أن يسير بها مستقبله.

كانت هذه الحرب تدور بين عالمين: عالمه المظلم الذي يطمح للهيمنة، وعالمها المضيء الذي يعبر عن الأمل والنقاء. وعندما يلتقي هذان العالمين، ستكون هناك لحظة حاسمة قد تغير كل شيء..

لم يولد سايلوس في القمة، بل وُلد في قاع العالم السفلي، حيث لم يكن للرحمة مكان، وحيث تُصنع الوحوش من الأطفال الذين يُتركون لمواجهة العالم بمفردهم. كان مجرّد طفل ضائع في أحد الأحياء الفقيرة التي تعجّ بالجرائم والاضطرابات، لا اسم له ولا هوية، مجرد ناجٍ في عالم يلتهم الضعفاء دون شفقة.

كانت ذكرياته الأولى مشوشة، لكنها كانت تحمل طعم الدم والدخان. والداه؟ لم يعرفهم أبدًا. الشيء الوحيد الذي كان يملكه هو البقاء، مجرد غريزة خام جعلته يسرق ويقاتل ليحصل على لقمة العيش. لكنه لم يكن طفلًا عاديًا، كان يرى العالم بطريقة مختلفة، بطريقة أكثر حدة، أكثر دهاءً.

في سن العاشرة، وقع في يد إحدى العصابات، حيث تحوّل من مجرد صبي جائع إلى أداة قاتلة. تعلم كيف يستخدم السكين قبل أن يتعلم القراءة، وكيف يقتل قبل أن يفهم معنى الحياة. لم يكن له خيار، فإما أن يصبح أداة أو أن يكون الضحية التالية. لكن سايلوس لم يكن ليقبل أيًا من هذين المصيرين.

كان يتعلم بسرعة، يتسلل بين الظلال، يراقب ويدرس، وعندما سنحت له الفرصة، قتل زعيم العصابة التي كانت تحتجزه، ليس بدافع الانتقام، ولكن لأنه كان يعرف أن القواعد لا تنطبق على من يصنعونها. كان ذلك أول انتصار له، لكنه لم يكن الأخير.

بعد تلك الليلة، بدأ اسمه ينتشر في عالم الجريمة. ارتقى في الرتب بسرعة، لم يكن الأقوى جسديًا، لكن عقله كان سلاحًا لا يُضاهى. لم يكن يقتل لمجرد القتل، بل كان يصنع طريقه إلى القمة بحذر، يزرع الولاء، ويستغل الأعداء قبل أن يقضي عليهم.

لكن التحدي الحقيقي لم يكن في الوصول إلى القمة، بل في الحفاظ عليها. حين أصبح زعيم "الأونوكاينس"، لم يكن ذلك فقط بسبب قوته، بل لأنه استطاع أن يحوّل منظمة فوضوية إلى قوة لا تُكسر، عالمًا يخصّه، حيث القوانين تُكتب باسمه، والولاء لا يُمنح إلا لمن يثبت استحقاقه.

أما والد تونه، فكان في الجانب الآخر تمامًا. رئيس منظمة الأمن الفضائي،

رجل صنع نفسه فيعالم القانون والنظام. شخص يعتقد أن السلطة الحقيقية تكمن في السيطرة المنظمة، لا في الفوضى التي زرعها سايلوس في المجرة. منذ اللحظة التي بدأ فيها نجم سايلوس يسطع، بدأ التوتر يتصاعد بينهما. لم يكن مجرد صراع بين زعيمين، بل كان صراعًا بين فلسفتين متناقضتين تمامًا: النظام مقابل الفوضى، السلطة الشرعية مقابل القوة غير المقيدة.

يعرف أن القضاء على "الأونوكاينس" يعني القضاء على سايلوس، لكنه لم يدرك أن هذا الفتى الذي نشأ في الظلام قد أصبح أكثر من مجرد زعيم عصابة. كان يعرف كيف يتحرك بين الخطوط، كيف يختفي حين يُلاحق، وكيف يضرب حيث لا يتوقعه أحد.

ورغم ذلك، كان هناك شيء آخر يجعل هذا الصراع أكثر خطورة: تونه. لم يكن والدها يعلم أنها كانت يومًا ما جزءًا من عالم سايلوس، أنه كان أكثر من مجرد عدو، بل كان شيئًا لا يمكن إنكاره في حياتها. لكن عندما عرف، لم يكن ذلك مجرد صدمة، بل كان إعلان حرب حقيقية.

وبالنسبة لسايلوس، لم يكن هذا الصراع مجرد معركة قوة، بل كان جزءًا من ماضيه، من طفولته التي حوّلته إلى ما هو عليه الآن. كان يعرف أن الماضي لا يموت أبدًا، وأن الأشباح التي تلاحقه لن تختفي إلا عندما يقرر هو مواجهتها.

وهكذا، في ظل هذا الصراع العميق، لم يكن سايلوس يقاتل فقط من أجل السلطة، بل كان يقاتل من أجل شيء آخر... شيء لم يفهمه تمامًا بعد...

2025/05/15 · 3 مشاهدة · 886 كلمة
Fatima
نادي الروايات - 2025