"حسنًا، إذن… لنرَ كيف يمكننا إعادة مشاعر أميرتي إليها."
كان هناك شيء في كلماته…
شيء جعل قلبي، حتى في حالته الفارغة، ينبض بطريقة مختلفة.
ورغم أنني لم أفهم ذلك بعد…
إلا أنني كنتُ أعرف شيئًا واحدًا.
طالما كان سايلوس بجانبي… لن يكون هذا سهلاً.
لكن، بطريقة ما…
كنتُ ممتنة لذلك.
لكن الأمور لم تنتهِ هنا.
لأن، كما هو متوقع، سايلوس لم يكن مستعدًا للتوقف.
"أوه، و كايلب…" تمتم سايلوس، وهو يتكئ للخلف في مقعده، بينما كانت ابتسامته تحمل مزيجًا من التسلية والحدة. "أنتَ
تتحدث كما لو أن استعادة مشاعرها ستكون الحل السحري لكل شيء "
كايلب زفر ببطء، ملامحه مشدودة لكنه لم ينفجر بعد.
"لأنها كذلك." قال بثقة. "تونه لن تكون مكتملة بدون مشاعرها."
"وهل أنت متأكد من ذلك؟"
كان سؤالًا بسيطًا، لكنه أصاب نقطة حساسة.
رأيتُ كيف تصلّب كايلب للحظة، كيف توتر فكّه وهو يحدق في سايلوس، وكأنه أدرك تمامًا إلى أين يريد أن يصل بهذه
المناقشة.
لكن هذا لم يمنعه من الرد.
"أنا واثق."
"واثق؟" كرر سايلوس، مائلًا رأسه قليلاً، وكأن الفكرة تبدو مسلية بالنسبة له. "إذن، دعني أسألك شيئًا، أيها الفارس النبيل…"
وقف سايلوس فجأة، وضع كلتا يديه على الطاولة، وانحنى قليلًا نحو كايلب، عينيه الحمراوان تتوهجان بحدة.
"ماذا سيحدث عندما تستعيد مشاعرها وتغرق في الألم؟"
كايلب لم يرمش حتى.
لكنني شعرتُ بالتوتر الذي خيم على الأجواء.
"ذكرياتها ليست مجرد لحظات سعيدة." تابع سايلوس، نبرته أصبحت أكثر جدية. "إنها تحمل كل شيء… والدها الذي تخلّى عنها، التجارب التي جعلوها تمر بها قبل ذلك، العائلة المزيفة التي كانت تحبها لكنها لم تكن حقيقية… كل معاناتها، كل شيء حاولت نسيانه."
رفع حاجبه قليلًا، ابتسامة بطيئة تشكّلت على شفتيه، لكنها لم تكن سعيدة حقًا.
"هل تعتقد أنها ستنجو من ذلك؟ هل تعتقد أنها ستخرج كما لو أن شيئًا لم يحدث؟"
هذه المرة، كايلب لم يرد فورًا.
لكنه لم يكن بحاجة إلى ذلك، لأنني شعرتُ بالإجابة في صمته.
"أتعلم؟" قال سايلوس، متراجعًا ببطء، لكنه لم يبتعد تمامًا. "أنت تتصرف وكأنك تعرف ما هو الأفضل لها. لكنك لم تفكر
للحظة واحدة…"
التفت نحوي فجأة، عينيه مثبتتان عليّ، وكأن كل شيء قيل حتى الآن لم يكن مهمًا مقارنة بما سيأتي بعده.
"مالذي تريده هي؟"
توقفتُ للحظة، ثم، بصوت هادئ لكنه يحمل كل يقيني، قلتُ:
"إذا استعدتُ مشاعري وغرقتُ في الألم… لن أندم."
لم أكن أتوقع هذا السؤال.
لم أكن أعرف كيف أجيب عليه.
لكنني كنتُ أعرف شيئًا واحدًا.
كنتُ أريد استعادة مشاعري، حتى لو كانت تعني الألم.
لأن العيش في الفراغ… لم يكن حياة حقيقية.
ساد الصمت المشحون بالتوتر.
كايلب كان ينظر إليّ بجدية، بينما كنتُ أشعر بثقل نظرات سايلوس وهو يراقبنا من الجانب، وكأنه يترقب اللحظة المناسبة
للتدخل.
رغم أنني لم أعد أملك مشاعر واضحة، إلا أنني كنتُ أعلم أن هذا الموضوع حساس.
أعلم أن استعادة مشاعري ليست بالأمر البسيط.
لكن… هل أنا مستعدة لما سيأتي بعدها؟
"أنتِ واثقة من هذا؟"
صوت كايلب كسر الصمت، عينيه الزرقاوان كانتا تتفحصان وجهي، يبحث عن أي أثر للتردد.
"نعم." أجبتُ بلا تردد، رغم أنني لم أكن متأكدة تمامًا من السبب.
"حتى لو عاد الألم؟"
"حتى لو عاد الألم."
أطلق كايلب زفرة قصيرة، كما لو أنه لم يكن متفاجئًا بإجابتي لكنه لم يكن سعيدًا بها أيضًا.
أما سايلوس؟
كان يبتسم… لكن تلك الابتسامة لم تكن مطمئنة.
"حسنًا، حسنًا…" قال ببطء، وهو يميل بظهره إلى الوراء في مقعده. "إذن، قررتِ أنكِ تفضلين العيش بكل معاناتكِ بدلاً من الراحة اللطيفة التي لديكِ الآن؟"
"الراحة؟" كررتُ الكلمة، غير متأكدة مما إذا كان جادًا أم ساخرًا.
"أجل، الراحة." قال بابتسامة كسولة. "لا ألم، لا خوف، لا معاناة… فقط الهدوء المطلق. أليس ذلك أفضل من أن تغرقي في دوامة الألم من جديد؟"
لم أجب فورًا.
لأن جزءًا مني… كان يدرك أن لديه وجهة نظر.
"لكنها ليست الحياة التي أريدها." قلتُ بهدوء، وأنا أواجهه مباشرة.
"أوه، وهل أنتِ متأكدة مما تريدينه، أميرتي؟"
"أعلم أنني لا أريد أن أكون مجرد قوقعة فارغة."
رأيتُ كيف تغيرت تعابير سايلوس للحظة.
وكأن كلماتي لامسته في مكان لم يكن يتوقعه.
لكن ذلك لم يدم طويلًا، لأن ابتسامته المعتادة عادت على الفور.
"حسنًا، حسنًا، إذن قررتِ أنكِ ستخاطرين؟"
"إنها ليست مخاطرة، إنها استعادة لما هو لي."
"أتمنى أن تبقي على رأيكِ هذا عندما تستيقظين في ليلة ما، غارقة في ذكريات لا يمكنكِ تحملها."
قالها بصوت هادئ، لكنه كان يحمل شيئًا أكثر ظلمة مما كنتُ مستعدة لمواجهته الآن.
"إن حدث ذلك، فسأواجهه."
عمّ الصمت لثوانٍ، قبل أن يطلق سايلوس ضحكة قصيرة، لم تكن ساخرة بالكامل، لكنها لم تكن خالية من التحدي أيضًا.
"كما تشائين، أميرتي."
أما كايلب؟
كان لا يزال يحدق بي، لكن هذه المرة، كان في عينيه شيء مختلف.
شيء يشبه… القبول.
لم أكن متأكدة متى اتخذتُ قراري.
ربما كان منذ اللحظة التي نظرتُ فيها إلى سايلوس، ورأيتُ في عينيه شيئًا لم يلاحظه أحد غيري.
الخوف.
رفعتُ يدي ببطء، أصابعي تلامس أصابعه، قبل أن أقبض على يده بإحكام.
كانت يده دافئة… ثابتة.
لكنني شعرتُ كيف تجمّد للحظة، كيف لم يكن مستعدًا لهذه الحركة.
رفعتُ نظري إليه، همستُ بصوت منخفض لكنه واضح:
"أنا أفعل هذا لأجلك."
رأيتُ كيف اشتدت أصابعه حول يدي فورًا، وكأنه كان بحاجة إلى شيء يتمسك به.
لكن رغم ذلك، لم يعلّق.
"إذا بقيتُ هكذا، بلا مشاعر، فما الذي سيبقى من علاقتنا؟" تابعتُ، نبرتي كانت هادئة، لكنها تحمل يقينًا لم أشعر به منذ وقت طويل. "إذا استمررتُ فارغة، فهذه العلاقة لن تعني شيئًا في النهاية، أليس كذلك؟"
رأيتُ كيف شدّ فكّه قليلًا، كيف توترت ملامحه للحظة، لكنه لم ينكر كلماتي.
لأن كلايْنا كنا نعرف الحقيقة.
"تونه…" نطق اسمي أخيرًا، لكن صوته كان مختلفًا هذه المرة.
كان منخفضًا، مليئًا بشيء لم أستطع تحديده تمامًا.
"أنتِ تعرفين أنني لا أهتم بذلك، أليس كذلك؟"
ابتسمتُ نصف ابتسامة.
"لكنني أهتم."
رأيته يشيح بنظره للحظة، كما لو أن كلماتي أصابته بشيء لم يكن مستعدًا لمواجهته.
لكنني لم أكن أنوي التراجع.
"أنا أعرف أنك خائف، سايلوس."
عاد بنظره إليّ فورًا، تلك النظرة الحادة، التي تحمل كل شيء يحاول إخفاءه.
لكنني لم أتراجع.
"أنت خائف مما قد يحدث لي إذا عادت مشاعري." همستُ. "أنت خائف من أنني قد أؤذي نفسي، من أنني قد لا أتحمل كل شيء دفعة واحدة."
مرّت لحظة طويلة من الصمت.
ثم، فجأة، شعرتُ بيده التي كانت تمسك بيدي تتشبث بي أكثر.
كان ذلك… إجابة كافية.
"لكنني لن أنكسر، سايلوس." قلتُ، وأنا أضغط على يده بخفة. "لستُ ضعيفة كما تعتقد."
رأيته يضحك بخفة، لكن تلك الضحكة لم تكن ساخرة كما اعتدتُ منها.
بل كانت أقرب إلى… شيء حقيقي.
"أعلم أنكِ لستِ ضعيفة، أميرتي." قال أخيرًا، بصوت خافت. "لكن هذا لا يعني أنني لا أخاف عليكِ."
في تلك اللحظة، شعرتُ أنني… رأيتُ سايلوس الحقيقي.
ليس الرجل الذي يسيطر على العالم السفلي، وليس الشخص الذي يخفي مشاعره تحت قناع من السخرية، بل الرجل الذي،
رغم كل شيء… لم يكن مستعدًا لخسارتي.
لكن بينما كنتُ غارقة في لحظتي معه، شعرتُ بنظرات أخرى.
التفتُ ببطء، عيناي تلتقيان بعيني كايلب، الذي كان يراقبنا بصمت.
لم يقل شيئًا.
لم يتحرك حتى.
لكنني رأيتُ شيئا في عينيه... حزن ربما .. ألم . لا اعلم
لكني تجاهلته .....
"إذن، اتفقنا."
نطقتُ بالكلمات ببطء، وأنا أنظر إلى الرجلين أمامي، إلى الوجهين المختلفين تمامًا في كل شيء، لكنهما يشتركان الآن في
سرّ واحد.
استعادة مشاعري… دون أن يعلم أحد . لا والدي . ولا رافاييل . ولا اي شخص اخر
مرّت لحظة صمت، حيث تبادلنا النظرات، وكأننا كنا نؤكد لبعضنا أن هذا ليس مجرد كلام عابر.
ثم، أخيرًا، انفرجت شفتيّ عن سؤال لم أستطع تجاهله أكثر.
"بالمناسبة، كايلب…" قلتُ، وأنا أميل قليلاً نحوه. "ماذا حدث مع رافاييل؟"
رأيته يحدّق بي للحظة، وكأنه لم يكن يتوقع أن أسأل ذلك الآن.
لكن قبل أن يتمكن من الرد، تحرك سايلوس على الفور، مستلقيًا للخلف في مقعده براحة تامة.
"أوه، هذا سؤال جيد، أميرتي." قال بخفة، بينما عيناه تتألقان بشيء يشبه التسلية. "أنا أيضًا أود أن أعرف ماذا حدث
لصديقنا الأزرق الدرامي."
كايلب لم يتحرك، لكنه رمق سايلوس بنظرة تحذيرية واضحة.
نظرة تقول: اصمت.
لكن بالطبع، سايلوس لم يكن من النوع الذي يلتزم الصمت.
"لا تقل لي أنه لا يزال على قيد الحياة؟" تابع، مائلًا رأسه ببطء، وكأنه كان يحاول قراءة تعابير كايلب.
"للأسف، نعم." تمتم كايلب، وهو يمرر يده على وجهه بإرهاق.
"أوه، هذا محبط." قال سايلوس بنبرة لا تدل على أي إحباط حقيقي. "كنتُ آمل أن تختفي تلك الهالة الزرقاء من حياتنا
أخيرًا."
"اختفاؤه ليس بهذه السهولة، كما تعلم." قال كايلب بجفاف.
"أوه، أعلَم." ابتسم سايلوس، لكنه لم يكن سعيدًا حقًا. "لكن كان سيكون من اللطيف لو تخلصنا منه دون الحاجة لمزيد من
الفوضى."
"هذا يقودني إلى موضوع آخر، بالمناسبة." قال كايلب فجأة، وهو يغير جلسته، نظرته أصبحت أكثر برودة.
ثم التفت نحو سايلوس، وحدّق به للحظة طويلة، قبل أن يقول ببطء:
"أنت مدين لي بتعويض عن الخسائر."
سايلوس لم يتحرك، لم يرمش حتى.
ثم، بعد ثانية، أمال رأسه قليلاً، وكأنه لم يفهم.
"عفوًا؟"
"المبنى الرئيسي للمنظمة." قال كايلب، وهو يشبك أصابعه ببطء أمامه. "الذي دمرته أثناء معركتك مع رافاييل؟"
"أوه، هذا." قال سايلوس ببساطة، وكأنه لم يكن موضوعًا مهمًا.
رأيتُ كيف توتر فكّ كايلب، وكيف أن تلك الأعصاب في رقبته بدت واضحة للحظة.
"نعم، هذا." قال ببرود.
"ماذا عنه؟"
كايلب زفر ببطء.
"عليك أن تدفع تعويضًا عن الأضرار التي تسببت بها."
.....
مرحبا 🍀
1. لو كنت مكان تونه، هل كنتِ ستختارين استعادة مشاعرك حتى لو كان ذلك يعني الألم؟ ولماذا؟
2. سايلوس يبدو وكأنه يخاف من عودة مشاعر تونه.. برأيك، ما هو السبب الحقيقي وراء هذا الخوف؟
3. كيف تتخيل علاقة تونه مع كايلب بعد هذه المواجهة؟ هل سيكون هناك تعاون أو توتر
أكثر؟
4 إذا حدث وصدم تونه بألم ماضيها، كيف تعتقد أنها ستتفاعل؟ هل ستنهار أم ستصبح أقوى؟
5. هل تعتقد أن هناك تحالفات أو خيانات ستحدث بين الشخصيات الثلاث في المستقبل؟ ولماذا؟
6. ما الذي تتوقعه أن يكون سرّ "الصديق الأزرق الدرامي"؟ ولماذا يظل سايلوس مهتمًا به؟
7. كيف ترى التوتر بين سايلوس وكايلب؟ هل هو فقط بسبب الماضي، أم أن هناك شيء أكبر يربطهم؟