"أخبريني، عزيزتي… أين هو سايلوس الآن؟"
شعرتُ بتوتر خافت يسري في ظهري، لكنني لم أظهر أي رد فعل.
"سيأتي." قلتُ بثقة.
"أوه، بالطبع." قال بابتسامة واسعة، لكنه لم يكن مقتنعًا.
ثم، فجأة، رفع يده ببطء، وحرك أصابعه في الهواء، وكأنه كان يرسم شيئًا لا أستطيع رؤيته.
وفي لحظة…ظهرت أمامي مرآة مائية ضخمة، تعكس انعكاسي أولًا، ثم تشوهت الصورة لتكشف شيئًا آخر.
رأيتُ سايلوس.
رأيتُه جالسًا في قلعته، رأسه مائل للخلف، كأس من النبيذ الأسود في يده، نظراته ضائعة في السقف، بينما ظلال خافتة تحيط به.
كان يبدو…
هادئًا.
هادئًا جدًا.
لم يكن غاضبًا، لم يكن يبحث عني، لم يكن يشن حربًا على البحار، لم يكن حتى يبدو مختلفًا عما كان عليه دائمًا.
فقط… كان هناك.
نظرتُ إلى رافاييل، الذي كان يراقب تعابيري باهتمام واضح، ثم قال بصوت ناعم لكنه كان كفخ محكم:
"أنتِ هنا منذ أربعة أيام، تونه."
شعرتُ بأن الهواء أصبح ثقيلًا حولي.
"أربعة أيام، ولم يأتي 'عزيزكِ' سايلوس. لم يقتحم أبواب البحر، لم يدمر المدن للبحث عنكِ، لم يشعل العالم السفلي بأكمله غضبًا عليكِ."
اقترب أكثر، صوته أصبح أخف، لكن كلماته أصبحت أكثر خطرًا.
"في الواقع… لم يتحرك على الإطلاق."
لم أصدق ذلك.
"أنت تكذب." قلتُ، لكنني لم أكن واثقة كما أردتُ أن أكون.
"أنا؟ أكذب؟" قال بنبرة مدهشة، وكأنه صُدم باتهامي له.
ثم أشار إلى المرآة المائية مجددًا، التي لا تزال تعرض صورة سايلوس.
"ها هو أمامكِ، قديستي."
رأيته يأخذ رشفة من شرابه بهدوء، دون أي اهتمام واضح بما يحدث.
"هل يبدو لكِ كمن يبحث عنكِ؟"
لم أتكلم.
"هل يبدو لكِ كمن فقد شيئًا لا يستطيع العيش بدونه؟"
أغمضتُ يدي ببطء، وشعرتُ بالألم الذي لم يكن جسديًا، بل كان شيئًا أعمق… شيء لم أكن مستعدة للتعامل معه الآن.
لكن رافاييل لم يرحمني.
"أوه، وتذكير بسيط آخر…" قال بصوت منخفض، وكأنه كان يلقي القنبلة الأخيرة.
"كايلب لم يبحث عنكِ أيضًا."
رفعتُ عيني نحوه فورًا، لكنني لم أجد أي أثر للكذب في تعابيره.
"لقد اختفيتِ لمدة أربعة أيام، وتوقعتُ أن يرسل أحدهم جيشًا لإنقاذكِ، أن يهتز العالم لغيابكِ، أن أجد القلاع تنهار بحثًا عنكِ…"
ثم ابتسم ابتسامة بطيئة، وأكمل بصوت أكثر نعومة:
"لكن لا شيء من هذا حدث، أليس كذلك؟"
كانت هذه اللحظة التي أدركتُ فيها شيئًا…
أنني وحدي هنا.
لكن......
لم أكن بحاجة إلى سايلوس.
لم أكن بحاجة إلى كايلب.
لم أكن بحاجة لأحد لينقذني.
رافاييل كان مخطئًا… إن كان يعتقد أنني سأقبل بهذه المكانة فقط لأنني تُركت هنا وحدي.
إن كان يظن أنني سأستسلم لمجرد أن العالم لم يتحرك للبحث عني.
إن كان يظن أنني سأصبح قديسة المحيط… لمجرد أن الماء استجاب لي.
"تبدين شاحبة، عزيزتي."
كان لا يزال يقف هناك، ينظر إليّ بتلك النظرة المتعالية، كأنه واثق من أنني لن أقاوم.
لكنني كنتُ قد اتخذتُ قراري بالفعل.
أنا لا أنتمي لهذا المكان.
وقبل أن يتمكن من قول أي كلمة أخرى، رفعتُ يدي.
وانفجر الماء من تحتي بقوة.
الموجة التي أطلقتُها لم تكن عادية، لم تكن مجرد ماء يتحرك…
بل كانت إعصارًا مائيًا انفجر من الغرفة المقدسة، جارفًا كل من كان فيها، حتى رافاييل نفسه.
رأيته يطير للخلف، قبل أن يصطدم بجدار مائي آخر، لكنه لم يسقط بسهولة.
كان لا يزال واقفًا هناك، بين الضباب الناتج عن الدمار الذي سببته.
ثم…
ضحك.
"أوه، كم أنتِ رائعة." قال، بينما كان يمرر يده في شعره الأرجواني المبلل.
"هل هذا هو ردكِ على كرم الضيافة؟"
لم أجب.
لم أكن بحاجة إلى ذلك.
بل فقط، تحركتُ.
تحركتُ أسرع مما توقعتُ أن أتمكن من الحركة.
رأيتُ الحراس الذين بدأوا في التحرك لإيقافي، لكنني لم أعطهم الفرصة.
انطلقتُ نحوهم، ليس فقط بالماء… بل بجسدي.
ركلتُ الأول بقوة جعلته يطير للخلف، قبضتي اصطدمت بالثاني قبل أن يتمكن حتى من استيعاب ما يحدث، قذفتُ الثالث بموجة مائية حطمت الأرض تحته.
كنتُ أقضي عليهم واحدًا تلو الآخر، بسرعة، بقوة، بلا رحمة.
لم يكن هناك شيء يمنعني الآن.
لم يكن هناك شيء سيوقفني.
بدأتُ في الجري عبر الممرات، تحطمتُ عبر الحواجز المائية التي حاولوا إغلاقها أمامي، دمرتُ الجدران، قلبتُ الأرضيات، لم أترك أي شيء يقف بيني وبين حريتي.
وأخيرًا…
وصلتُ.
_____
اهلا 🍀🍀
1. هل تتوقعون أن سايلوس فعلاً لم يهتم؟ أم أنه كان يُخطط لشيء أكبر؟
لو كنتم مكان تونه، ماذا كنتم ستفعلون بعد رؤية المرآة؟
هل بدأنا نرى نسخة جديدة من تونه؟ أم أنها فقط تحاول النجاة؟
. إلى أين ذهبت تونه؟ ومن سيكون أول من يقابلها؟