استيقظت ولم اذكر متى اخرجت تلك الاطياف من داخل عقلي فقد اقامت حفلة استرجاع واستحضار لكل الذكريات ؛نظرت الى وجهي لارى هالات سوداء غزت جفناي ؛ خرجت علني اصل للمطبخ لاحضر الفطور ولكن عندما شققتُ الباب بخفة نزلت على الدرجات بهدوء ، سمعت صوته يتحدث مع احدهم اقتربت من غرفة المعيشة نطق بتلك الكلمات :

" لا ، يجب ان اقتلها "

اخترق سمعي صوت انوثي قد اجاب لوكاس :

" لوكاس تحكم في اعصابك ، انت إن قتلتها ستضيع علينا كل ما فعلناه "

هل هم يتحدثون عني! هل هو يريد قتلي ؟ ولكن لما يريد قتلي بعد شرائي ودفع المال علي ! لما ابدئ ذلك اللطف والحماس ؟ يبدو كما قلت يضع ذلك القناع ليجعلني مطمئنة ولكن مهلاً لحظة لما فؤادي قد تسارعت نبضاته وكأن إعصارا قد بعثر كل تلك البرودة ! هل كنت اتوقع منه شيئاً! يبدو انني جننت لاثق بإنسان ! ابعدت تلك التفاهات عن راسي وخرجت من المنزل مسرعة اريد الاختفاء عن الانظار ، اريد الاندثار بين تلك الاشجار هل اقتحم الخوف قلبي مرة اخرى ! هل عاد إلي بعد غيابه كل تلك السنين ! ولما عاد؟ ليزلزل اركاني ويجعلني تحت رحمته ؟ وها انا اهلوس مرة اخرى واتفوه بكلمات لا معنى لها ، بدأت اقدامي بالبطء شيئا فشيئا رأيت شبحها باستقبالي عند شجر صنوبر كبيرة هل كانت بانتظاري ! اشحت نظري عنها ولكن عينيها تخترقانني ، صرخت بقوة :

" لما تلاحقينني ! هل تريدين حمايتي ؟ ان كنتِ كذالك فلا اريد تلك الكلمات الكاذبة منك ، فهي ليست الا احرف غبية قد انطلقت من فمك ولكن بعد ماذا ! بعد ان اصبحت في سوق سوداء يعرضونني كالبضاعة النادرة ارحلي عني انت وتلك الجملة التي حاولت انتزاعها من سمعي ولكن هيهات فهي دخلت وكتبت بالنيران داخل اذني "

اخترقت تلك الذكرى عيناي ؛ طفلة صغيرة لا تتجاوز السابعة من العمر تمسك بيد امها والثلج يتساقط من حولهما ابتسمت لامها وهي تقول :

" امي ان الثلج جميل وقد تزين باللون الابيض ليصبح نقي طاهر ؛ اريد ان اصبح كالثلج "

ضحكت الام لبراءة تلك الطفلة والتي هي انا ! في ذلك العمر لم يتبادر إلي ان للثلج سيئات ايضا بارد ومن الممكن ان يقتل بسبب القسوة ، اردت ان اصبح مثله فلم اخذ سوى تلك البرودة ،اخفيت وجهي بين كفاي اردت ابعاد تلك الاضواء التي تعيق نظري ولكن اي اضواء وقد حجبت الغيوم اشعة الشمس اشعر بتلك الاغلال القذرة تعانق ساقاي ويداي ، اردت اي صوت اي احد ان ينتشلني من مستنقع تلك الذكرى الموحلة جثيت على الارض وجعلت من صدى صوتي يتردد بين الاشجار، عل اي شجرة تخرج من صمتها لتاخذني بين اغصانها ولكن ما اعادني للواقع صوته قائلاً:

" باتريس! ماذا تفعلين هنا ؟ ولما تبكين ؟"

ابعدت يداي عن جمجمتي وقد تناثرت خصلات شعري على الارض ، احسست بتلك القطرات تتساقط من ضفة عيناي ابتسمت باستسلام :

" إن كنت تريد قتلي فاريدك ان تجهز علي الان"

انزلت راسي وتلك الدموع برفقته ولكن الوجوم طغى المكان اعدت نظري اليه لارى علامات الاستغراب تطفو حوله ، نطق بدهشة :

" ماذا !"

نهضت بتثاقل واقتربت منه بشجاعة صفعته بتلك الكلمات :

" هل صدمت لانني اكتشفتك ! "

رد علي وقد قطب حاجبيه :

" عن ماذا تتحدثين !"

اجبته بكل ثقة :

" الست تريد قتلي ! ها انا امامك وأسلمك نفسي، سمعتك وانت تقول الحقيقة انك تريد الانتهاء مني "

هزت ضحكته الارجاء وقال وهو يضحك:

" ايتها الحمقاء ، تلك المحادثة لا تخصك البتة ! "

انقطع عن الضحك وقال بجدية تامة :

" اقسم لك يا باتريس انني لا اريد ان امسك بسوء لذا هاتِ يدك الان ولنعد للمنزل فالسماء تنذرنا بكميات دموع قادمة "

دققت النظر به ، لم يكن بإي كلمة من كلماته انه يكذب بل ان الصدق يشهد على كل حرف نطق به ، لا ادرى لما امسكت بيده وما إن ضغط عليها لينبعث دفء انتشر بداخلي يبدو ان الاطمئنان قد اشفق عليّ لياتي ويزور جسدي وافكاري ، إلتفت بسرعة الى شجرة الصنوبر ولكن لا وجود لاثرها ! متى اختفت ؟ هل قررت الاعفاء عني هذا اليوم !

..... توماس .....

لم اعتقد ان باتريس سوف تستمع الى تلك المحادثة بل واساءت الفهم ايضا ، يبدو انني سادعها تعيش برفقتي بضع ايام دخلت الى المنزل وهناك مازالت جالسة قلت وانا اوجه الكلمات لباتريس:

" باتريس هذه تونيا "

نهضت تونيا بنعومة وصوت ذلك الكعب قد كسر السكون بخصلات شعر بنية اللون مصصفة بطريقة مريحة لتتناسق مع ذلك الزي الرسمي لعملها ، بدأت تونيا تتفحص باتريس ونطقت باستغراب :

" هذه باتريس التي تكلمت عنها البارحة ! لم اتصور انها ستبدو بهذا اللطف ايضا يبدو انها صغيرة ولكن عمر تعابيرها لا يبدو كذالك !"

كانت باتريس هادئة كالجليد ، ولكن ما هي الا لحظات وتسقط لتمسكها تونيا بخفة هرعت وحملتها بين يدايها وتوجهت بها الى السرير وضعتها ولحقت بي تونيا تحسستُ جبهتها لارى انها تحتضر من شدة الحرارة ، يبدو انني لم الاحظ ان ذلك الثلج قد لامس جسدها فترة من الزمن قلت لتونيا باستعجال :

" اعتني بها وغيري ملابسها سوف اذهب لجلب الملابس "

.....الراوية .....

انطلق لوكاس الى سيارته وبقيت تونيا برفقة باتريس نطقت بغيرة استوطنت قلبها :

" لما تعطي الاهتمام لها ! لا اعلم لماذا سلبت عيناك ، فانت عندما تنقذ اي طفل من تلك السوق تعطيه لاسرة تتبناه بسرعة كي لا يعيق مجرى ذكرياتك ولكن لما احتفظت بها للان !"

وهي تغير ملابس باتريس لاحظت شيئا غريباً على ظهرها ، وضعت يدها على ثغرها وقالت بصدمة :

" يجب الا يعلم لوكاس بهذا "

عاد لوكاس بعد دقائق برفقة الطبيب ، لم تكن الا حمى خفيفة قد اصابتها كتب لها بعض الادوية وانصرف ،جلس بجانبها على السرير ابعد تلك الخصلة عن عينها واطال التحديق لها لتمسك بمعصمه تونيا وتاخده خارج الغرفة قالت له بعصبية حاولت ان تغلفها بالاستفسار :

" لما لم تجد لها اسرة تاخذها !"

نظر لها وهو قلق:

" لا استطيع يا تونيا فالصدمات التي تلقتها قد القت بها جثة باردة بل آلة ، اريدها ان تمكث هنا بعض الوقت ريثما تعيد بناء ثقتها بالبشر "

الغيرة بدأت بنهش قلبها ببطء نطقت بتوتر :

" ولكن.."

قاطعها باصرار :

" عندما تخرج كلمة من ثغري لن اعيدها اليه مطلقا وانتِ تعلمين ذلك "

اومئت براسها والانزعاج اقام على أمارات وجهها لتعود الى مقر عملها وبين خلد عقلها تتولد الافكار رويداً

2017/09/28 · 268 مشاهدة · 1013 كلمة
wafaamahmoud
نادي الروايات - 2024