#قبل بداية الاختبار #
داخل قاعة التدريب الواسعة، حيث تصطف أدوات التمارين بإتقان، وتنير أشعة الشمس النافذة العالية التي تعكسها المرايا المنتشرة على الجدران، جلس سون وحده على الأرض، يتفحص المكان بعينين حذرتين. كان اليوم الأول له في المنظمة، وكانت الأجواء مشحونة بالمجهول، كما لو أن كل حركة أو نظرة تحمل اختباراً خفياً.
بينما كان يحاول التعود على هذا العالم الجديد، اقترب منه شاب ذو ملامح ودودة وشعر بني غير مرتب، وابتسامة مائلة مليئة بالفضول. قال الشاب بصوت مرح:
"هاي، أنت جديد هنا، أليس كذلك؟"
رفع سون عينيه وتفحصه للحظة قبل أن يرد بهدوء:
"نعم، أنا جديد."
جلس الشاب بجانبه بلا استئذان، وكأنه يريد كسر الجليد بأي ثمن.
"سمعت أنك ابن السيد موريس. الجميع هنا يتحدثون عنه، ويقولون إنه إنسان بلا قلب. هل هذا صحيح؟"
تغيرت تعابير وجه سون للحظة، لكنه أجاب بصوت مفعم بالثقة:
"أنا ابنه بالتبني. السيد موريس ليس كما يظن الناس. إنه إنسان طيب وحنون، يمتلك قلباً أبيض، لكنه يتعمد الظهور بمظهر صارم ومتقلب المزاج كي لا يستغل الآخرون طيبته."
ابتسم الشاب وقال بنبرة دافئة:
"أفهم. هل تمانع إن جلست هنا؟"
رد سون بإيماءة خفيفة:
"بالطبع، تفضل."
استند الشاب إلى الحائط ووضع يديه خلف رأسه، كما لو أنه استعد لحديث طويل.
"بالمناسبة، اسمي ماريو. لماذا قررت الانضمام إلى وحدات التدخل؟"
تنهد سون، وأجاب بصراحة:
"لم يكن قراري. السيد موريس هو من رأى أن هذا الطريق يناسبني."وأنت ما هدفك
ابتسم ماريو وهو يومئ بتفهم:
"من الجيد أن شخصاً مثله يرشدك. أما أنا، فلدي أسبابي الخاصة. هل ترى هؤلاء الشباب والشابات من حولك؟ نصفهم إما أيتام أو متشردون. بعضهم حتى باعهم آباؤهم. عندما لا يكون لديك خيار، فإنك إما تنضم إلى العصابات أو تجد طريقك إلى المنظمات. وأنا كنت واحداً من المتشردين."
أخفض سون رأسه قليلاً، وقال بصوت يفيض بالندم:
"آسف إذا كان سؤالي أزعجك."
ضحك ماريو بخفة، وقال:
"لا بأس، لست منزعجاً. على العكس، أعتقد أن الحديث معك لطيف. لذا، هل تريد أن نصبح أصدقاء؟"
نظر سون إليه للحظة، وشعر لأول مرة أن الوحدة التي ترافقه منذ فترة طويلة قد بدأت تتبدد. أجاب بابتسامة خفيفة:
"بالتأكيد."
منذ ذلك اليوم، أصبحت صداقة سون وماريو رمزاً للتآخي في هذا العالم القاسي. تشاركا الطعام، وتعاونا في التدريبات، وقضيا ساعات طويلة في الحديث عن كل شيء، من أحلامهما الصغيرة إلى مخاوفهما الكبرى. كان كل منهما يجد في الآخر الأمان الذي افتقده في حياته السابقة.
الأجواء في القاعة لم تعد مجرد مكان للتدريب، بل أصبحت شاهداً على ولادة رابطة لن تُكسر بسهولة، حتى في أحلك الظروف.