في أحد أركان منظمة سرية تُحيط بها أسرار لا يعرفها إلا القليل، جلس "تاي" على كرسي متحرك قديم، عجلاته تصدر صوتاً أشبه بطقطقة العظام في مكان صامت كالقبر. الغرفة كانت مظلمة إلا من شعاعٍ خافت يتسلل من مصباح مكسور في الزاوية، يكشف عن الجدران المتهالكة التي تحمل آثار الزمن. الهواء كان ثقيلاً، كأنه يحمل معه عبق التاريخ المظلم لهذه المنظمة.
كان المكان يبعث الرعب حتى في الأرواح التي اعتادت الخوف. صوت الكرسي المتحرك عندما تحرك "تاي" للخلف قليلاً، كان كافياً لجعل أي شخص يشعر بأن أشباح الماضي تطوف بالمكان. فجأة، كسر صوت هاتف قديم هذا الصمت المشؤوم. رنينه كان حاداً، كأنه صوت إنذار في غرفة إعدام.
نظر "تاي" إلى شاشة الهاتف، وعندما رأى الرقم، ابتسم تلك الابتسامة التي تجمع بين المكر والجنون. رفع الهاتف ببطء إلى أذنه وأجاب بصوت هادئ لكنه يحمل نغمة مخيفة:
"أهلاً."
جاء الرد بصوت امرأة عجوز، صوتها كان عميقاً ومتعباً، كأنها تحمل تاريخاً طويلاً من الألم والتخطيط. "ما الجديد؟"
ابتسم "تاي" أكثر، لكنه لم يتخلَّ عن نبرته الغامضة. "غداً... سيُعقد اجتماع فرقة موريس. سيحللون خطتي ويناقشونها بدقة. وبعد ذلك..."
قبل أن يكمل جملته، أُغلق الخط من الطرف الآخر. لم يكن هناك حاجة للتوضيح. في هذا العالم، الكلمات القليلة تحمل معانٍ كثيرة. أسند "تاي" ظهره إلى الكرسي المتحرك، يراقب الظلام من حوله، وابتسامته لا تزال مرسومة على وجهه.
---
في مكان بعيد عن المنظمة، وعلى قمة جبل شاهق تعانقه الغيوم الداكنة، كان "تشاي" و"آني" يستعدان لتحدٍ جديد. المطر كان يتساقط بغزارة، كأن السماء قررت أن تصب جام غضبها على الأرض. الرياح كانت تصرخ، تتلاعب بالأشجار كأنها دمى هشّة. الأرضية كانت زلقة، وصوت الماء الذي يتسرب بين الصخور يضيف طبقة أخرى من الفوضى الطبيعية.
"هل أنت مستعد لتخسر؟" قالت "آني" بصوت متحدٍّ، شعرها المبلل يتطاير بفعل الرياح، وعينيها تلمعان بحماس التحدي.
"تشاي" وقف بثبات، على الرغم من الرياح العاتية، وابتسامة ساخرة ترتسم على وجهه. "هاهاها، دائماً تقولين نفس الكلام. وفي النهاية، تخسرين دائماً."
ضربت "آني" الأرض بحذائها كأنها تعلن عن غضبها. "أنا واثقة أنك كنت تغش في كل التحديات السابقة، لكن هذه المرة؟ لا، هنا لن يكون هناك مجال للغش!"
لم يجب "تشاي" بشيء. بدلاً من ذلك، نظر إليها نظرة عميقة، كأنها تخفي أكثر مما تظهر. ثم، دون سابق إنذار، انطلق الاثنان معاً.
كانت البداية عنيفة. الرياح تضرب وجهيهما، والأرض الزلقة تشكل تحدياً لكل خطوة. لكن بالنسبة لـ"تشاي"، كان الأمر أشبه بنزهة. حركته كانت خفيفة كأن الرياح تدفعه للأمام، بينما كانت "آني" تكافح للحفاظ على توازنها.ولكن آني لا تدرك انها تنافس اخطر قاتل مأجور
في غضون ثوانٍ، اختفى "تشاي" عن الأنظار. الرياح والمطر حجبت كل أثر له. "هل هذا إنسان أم شبح؟" تمتمت "آني" وهي تلهث، تحاول اللحاق به، لكنها سرعان ما أدركت أنها تواجه مستحيلاً.
عندما وصلت "آني" إلى منتصف الطريق، توقفت للحظة، مذهولة. المسافة التي قطعها "تشاي" كانت خارقة للطبيعة. "لا يمكن أن يكون بشرياً،" قالت بصوت خافت، تنظر إلى الظلام الذي ابتلعه.
بعد ربع ساعة، وصلت "آني" إلى أسفل الجبل، المطر ما زال يهطل، والرياح لم تهدأ. هناك، كان "تشاي" ينتظرها بجانب مبنى صغير، مبتسماً كعادته، وكأن كل هذا لم يكن سوى لعبة بسيطة.
"أهلاً وسهلاً،" قال بسخرية. "لقد هزمتكِ كالعادة."
"آني" نظرت إليه بعينين تملؤهما الدهشة. "هل أنت إنسان عادي؟ كيف تفعل هذا؟ سرعتك... إنها غير طبيعية.هل هذا هو اسلوبك
"تشاي" هز كتفيه بلا مبالاة. "لا، ليس هناك شيء خاص. لم أتدرب أبداً على القتال، ربما... إنها موهبة."
قبل أن تجيب، قاطعها وهو يدير ظهره: "كفى حديثاً عن هذا. أنا جائع. لنذهب لتناول البيتزا."
ابتسمت "آني" رغم كل شيء. حتى في أكثر اللحظات غرابة،
كانت بساطة "تشاي" تضفي نكهة خاصة على حياته.