:

بعد 25 عام من يوم الهروب

وسط الزحام المتراص في السوق الشعبي، كان بيوم أودجين يتنقل بخفة كظل ينساب بين الناس، يحاول التواري عن الأنظار بينما يحافظ على حركاته الهادئة. كان الجو متلبدًا بأصوات المساومة، ونظرات الفضوليين، إلا أن بيوم بدا كمن يملك مفاتيح الاختفاء وسط هذا الصخب. فجأة، يلمح رجلًا ثريًا يتأمل بضاعته، فتلتقط عيناه المحفظة التي تتدلى من جيب معطفه الثمين، ليقترب بيوم بهدوء أشبه بملامح الذئب الذي يترقب فريسته، وفي غمضة عين يسحب المحفظة بخفة، دون أن يدرك الرجل أو يلحظ أحد.

لكنّ طفلًا متشردًا، وقف غير بعيد بعيون حادة، التقط المشهد، فأشعّ في داخله شعور بالتحدي. تبع بيوم بخفة، حتى وصل إلى زقاق ضيق بعيدًا عن ضجيج السوق. الجو هنا كان خافتًا، يملؤه إحساس عميق بالغموض والخطر، وكأن هذا المكان يحمل أسرارًا لا يجرؤ أحد على كشفها. توقف الطفل أمام بيوم، تحدق عيناه ببريق مفعم بالجرأة التي تبدو أكبر من حجمه.

الطفل (بصوت عالٍ يتحدى): "هاي، أيها المغرور! أعد محفظة الرجل. لا يحق لك أخذ ما ليس لك."

ارتسمت على وجه بيوم ابتسامة ساخرة، تعكس لامبالاة قاتمة، بينما تتعكر الأجواء من حوله بشعور بارد يزداد قتامة.

بيوم (يضحك باستهزاء، وعيناه تضيقان بحدة): "هه، هل تظنني سأعيدها؟ اغرب عن وجهي قبل أن أجعلك تندم وتنسى كيف تمشي على قدميك."

لكن الطفل لم يتراجع، بل ازداد تحديه، ممسكًا بقبضتيه بعزم كمن يقف أمام خصم رغم فارق القوة الواضح.

الطفل (بملامح أكثر جدية): "كنت سأسرقها أنا لو لم تسبقني، أيها الحقير!"

تفاجأ بيوم، لكنه لم يظهر ذلك على ملامحه. وفجأة، هاجمه الطفل بحركات سريعة ودقيقة، تنم عن مهارة غير متوقعة. لكن بيوم لم يتزحزح عن مكانه، متجنبًا الضربات بابتسامة ساخرة كمن يشاهد عرضًا سخيفًا.

الطفل (مصرخًا وهو يهاجم بعصبية): "ههه، ستلقى حتفك قريبًا، أنا من عصابة المتشرد ولن تنجو!"

في تلك اللحظة، انطفأت ضحكة بيوم، لتحل محلها نظرة باردة وابتسامة قاسية أشد برودة من الجو المحيط، فتسربت حوله هالة قاتمة كأنها ظل الموت.

بيوم (بصوت بارد وهو يتفادى الهجمات بمهارة): "وأنا من عائلة أودجين."

حين نطق بيوم بكلمة "أودجين"، شعر الطفل بارتجاف خفي، وكأن الجو أصبح خانقًا، باردًا كأنفاس الشتاء القارس. وبلمح البصر، كانت حياة الطفل قد انتهت، ليصبح كتلة ساكنة على الأرض كأنها ظلال مظلمة تحيطه، وسط بركة صامتة من الدم.

---

في مكان آخر، كانت آني تتحدث في هاتفها بصوت هادئ يخفي خلفه شوقًا صادقًا.

آني (بنعومة): "أين أنت؟ لقد اشتقت لك. متى ستأتي؟"

على الطرف الآخر، جاء صوت أكاي ببرود ينم عن انشغاله.

أكاي: "أنا مشغول الآن. سأأتي لاحقًا، إلى اللقاء."

بدا الجو وكأن هالة من البرود تحيط بكلماته، تخفي وراءها عزلته عن العالم، وتركت آني تتنهد بهدوء، وكأنها كانت تعلم أن الإجابة لن تكون سوى صدى من الفراغ الذي يعيشه أكاي.

---

في قاعة كبرى مليئة بأعضاء رسميين، تعالت الأصوات وتوترت الأجواء كأعمدة متنافرة، كل صوت يحمل في طياته شعورًا بالقلق والخوف، ليصبح المكان كتلة مشحونة تنتظر شرارة الانفجار.

رجل من المجلس (بصوت غاضب): "لقد سئمنا من تكرار هذه المشكلة، ولكن الداخلية تريد حلاً لهذه السلسلة من الجرائم التي تقودها عائلة أودجين."

عضو آخر (بغضب مضطرب): "أودجين؟ أودجين! يجب أن يتدخل العالم الآن، كل خطوة خاطئة قد تؤدي إلى مأساة كتلك التي شهدناها في إنجلترا." (مجزرة انجلترا!!؟؟؟)

التفت الجميع إلى أكاي الذي جلس صامتًا، تنبعث منه هالة من البرود المتحدي، كأن حضوره وحده يبعث رعشة في قلوبهم.

رجل من المجلس (موجهًا حديثه إلى أكاي، بنبرة اتهام): "أنت يا أكاي صامت منذ 25 عامًا... يبدو أنكم متعاقدون مع أودجين."

ابتسم أكاي، وارتسمت على وجهه ملامح لامبالية تهكمية، وكأن كلمات الرجل لم تلامسه أبدًا.

أكاي (ببرود، تملأ صوته ثقة باردة): "لنكن واقعيين، أودجين الآن ليست كما كانت قبل 25 عامًا. حينها كانوا مجرد عائلة متواضعة، واليوم... هم أقوى عائلة في العالم. التضحية بأي فرد من فرقة التدخل الآن أشبه بإرساله إلى الموت."

عضو من المجلس (بانفعال متزايد): "الآلاف يموتون يوميًا، وأنت ترفض المخاطرة؟ يجب أن تنفرق وحدات التدخل لهذه المهمة."

أكاي (بهدوء متسلط): "حسنًا، سأكلف فرقة موريس، لكن تذكروا أن النتائج قد تكون واضحة منذ الآن." ثم يغادر المجلس ببطء، مخلفًا خلفه صمتًا ثقيلًا كأن كلماته قد شلت الجميع.

---

وفي مزاد مغلق، كان تشاي أودجين يجلس أمام الباب بملامح هادئة، وعيونه تغرق في ذكريات قديمة، تشع منها نظرات حنين هادئة وهو يسترجع لقاءه الأول بـآني. كان العالم حوله ينبض بالضجيج، إلا أن هالته أضفت سكينة خطرة تميز بها كقاتل محترف لا يبالي بما حوله، عازمًا على إنهاء مهمته القادمة.

كان أمام الباب ستة حراس كالسد المنيع، وحين اقتربت العصابة التي استأجرته للقيام بالمهمة، وقف أحدهم ووجه حديثه إلى تشاي.

تشاي (بهدوء واثق): "ادخلوا بعدي بثانية."

عضو من العصابة: "نعتمد عليك."

في لحظة خاطفة، وبسرعة تفوق العين المجردة، انطلق تشاي نحو المزاد، تاركًا خلفه أثرًا يشبه غيمة غامضة. حتى كاميرات المراقبة لم تلتقطه، وكأن وجوده لم يكن إلا نسمة مرّت. تبعت العصابة خطاه بعد لحظات، ليجدوا الحراس واقفين في أماكنهم بلا حراك، كأنهم غارقون في سبات، ولكن الحقيقة سرعان ما تكشفت أمامهم، فقد كانوا مذبوحين، و بخيوط الأيليون ( اسلوب تشاي) جعلهم تشاي يظهرون وكأنهم أحياء للحظة، قبل أن يسقطوا كدمى بلا حياة

2024/10/29 · 105 مشاهدة · 797 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025