في ساحة معركة تموج بطاقة قاتمة، اتخذ ألكس موقعه، عينيه الزرقاوتين تتوهجان كشرارات البرق في ليلة عاصفة، وشعره الأشقر يتطاير مع الرياح التي تكاد تنفجر تحت ثقل هالته. كانت خطواته واثقة، لكنه لم يبدُ كمن يستعرض قوته؛ بل كمحارب أعد نفسه لقتال لا يتكرر. في المقابل، وقف كيم بوجه هادئ، ملامحه المظلمة أشبه بظلٍ متحرك، وعيناه الباردتان تُخفيان براعة غير طبيعية. خلفه، هالة رمادية كأنها دخان يتصاعد من رماد معركة سابقة، ترسم حوله صورة قاتل لا يعرف الحدود.
اندفع ألكس كوميض برق، تاركًا وراءه أثرًا من الغبار والرياح المندفعة. كانت حركته خادعة؛ انسيابية ولكنها تحمل قوة جبارة، وسيفه يشق الهواء بنغمة كأنها تمزق الصمت نفسه. كيم، بهدوء قاتل، نسخ سيف ألكس في لحظة خاطفة. لم تكن نسخة عادية، بل انعكاسًا مثاليًا يُحاكي كل تفصيل في السيف الأصلي. بدأ الاثنان بتبادل الضربات في وتيرة تفوق إدراك العين البشرية. الحلبة تحولت إلى ميدان يتراقص فيه الشرر والدمار، حيث تلاشت الخطوط الفاصلة بين المهاجم والمدافع. كان المشهد جنونيًا؛ ضربات السيوف تتلاحق بسرعة، كأن الحلبة نفسها تُقطع وتمزق.
تراجع ألكس خطوة، ابتسم برغبة صريحة في القتال وقال بصوت مفعم بالتحدي:
"أنت جيد جدًا، كيم، لكن السيف الذي نسخته هو مجرد وهم. سيفي الحقيقي يحكي قصة مختلفة."
ضحك كيم بسخرية، صدى ضحكته يحمل تهكمًا قاتلًا:
"لا يهمني أصل السيف يا ألكس. المهم هو النتيجة. ولكن، دع الكلمات جانبًا. ستكتشف الحقيقة قريبًا."
بهدوء غريب، رفع ألكس سيفه ورسم دائرة وهمية في الهواء. فجأة، انطلقت من الدائرة عشرات السيوف الرمادية كالمطر، تتجه نحو كيم بسرعة لا تُصدق. بدا الهجوم أشبه بعاصفة معدنية تُدمر كل شيء في طريقها. لكن كيم لم يتحرك. السيوف اخترقت جسده كأنه ظل، لكنها لم تُحدث أي ضرر.
فتح ألكس عينيه بدهشة، صوته يتقطع بغضب:
"ما هذا؟ كيف لم تُصب؟!"
رد كيم بنبرة هادئة ولكنها مشبعة بالغرور:
"هذه المهارة ليست لي. سرقتها من أحد المعلمين أثناء تدريبي. إنها مفيدة، أليس كذلك؟"
كانت بلاك داون، المراقبة للمشهد، تعض شفتيها بعصبية، ملامحها مليئة بالقلق. التفتت إلى راغنا وقالت بصوت بالكاد يُسمع:
"هذا الفتى... لا حدود له في السرقة. لكن، هل تبقى طاقة المهارة المسروقة بنفس القوة؟ أم تضعف؟"
ألكس لم يمنح كيم فرصة للاستهزاء أكثر. أغمض عينيه، رفع سيفه نحو جبينه، وأطلق همسة كأنها تعويذة:
"أسلوب التقطيع: الاندماج الروحي!"
مع هذه الكلمات، بدأ السيف يلمع وهجًا أزرق، وكأن أرواح المحاربين السابقين تحيط به. بدأ ألكس يلوح بسيفه في الهواء، لكن ضرباته لم تكن عشوائية؛ كانت أمواجًا من الطاقة القاطعة التي انطلقت نحو كيم، تحطم الأرضية وتخلق مجالًا من التقطيع أشبه بجحيم لا يُطاق. كل شيء في الحلبة تحول إلى هدف للضربات، وأصبحت المعركة أكثر دموية.
كيم، رغم الهجمات المتتالية، لم يتراجع. كان يستخدم مهاراته المسروقة واحدة تلو الأخرى للدفاع عن نفسه. موجات صوتية تحطم الهجمات، رياح عاتية تُشتت الشفرات، وأساليب تجسيد تصنع حواجز تحميه. كان الأمر وكأن الطبيعة نفسها انقلبت ضد ألكس.
سون، الذي كان يراقب من الخارج، تمتم بدهشة:
"قوة ألكس مذهلة. نحن لا نساوي شيئًا أمامه."
أما آلما، فقد أضافت بابتسامة مليئة بالحماس:
"رغم ذلك، كيم يتصدى لكل الهجمات بدقة. أعتقد أنه المنافس الذي أبحث عنه."
في لحظة حاسمة، أخرج كيم أربعة نرود صغيرة من جيبه، رماها على الأرض وقال بنبرة واثقة:
"دومينو."
تحولت النرود إلى أربعة نسخ من ألكس، كل منها يحمل نفس السيف ونفس القوة. بدأوا في الهجوم عليه باستخدام نفس أسلوبه السابق. تحول المشهد إلى فوضى مطلقة، حيث اصطدمت خمسة مجالات تقطيع بالحلبة، تُدمر كل ما تبقى منها.
بلاك داون، التي بدأت تفقد رباطة جأشها، نظرت إلى راغنا بعينين مليئتين بالخوف وقالت:
"ما هذا الجنون؟ من أين حصل على هذه المهارة؟ كيف يمكنه التحكم بهذا الشكل؟"
في لحظة مفاجئة، نجح ألكس في هجوم خاطف. استطاع أن يقطع رؤوس النسخ الأربعة بضربة قاضية، لكن قوة الهجوم استنزفت كل طاقته. سقط على الأرض، منهكًا، غير قادر على النهوض.
في المقابل، كان كيم بالكاد يقف على قدميه. ابتسامته الباهتة اختفت، ووجهه غطاه العرق. تراجع خطوة إلى الوراء، ثم سقط هو الآخر، منهكًا تمامًا.
الحلبة كانت ساحة خراب مطلق، مليئة بالشظايا وآثار الدمار. في مكانين متقابلين، استلقى ألكس وكيم، كلاهما غير قادر على الحراك، في مشهد يشبه نهاية أسطورة تركت الجميع في ذهول.