كان الجو مشحونًا بالتوتر، الهواء ثقيلًا كأنما يحمل معه أسرارًا ثقيلة لا يريد الإفصاح عنها. القاعة ، تُلقي بظلال مشوهة على الوجوه المتوترة. كان صوت الأنفاس المتقطعة ورائحة العرق تختلط برائحة دماء قديمة، كأنما المكان نفسه شهد مذبحة منذ لحظات.
جلس الجميع في صمت مشوب بالريبة، إلى أن قطع راغنا الصمت بصوته العميق والحاد، الذي بدا كأنه يخترق أرواحهم مباشرة:
"كيم... من دربك قبل التحاقك بالمنظمة؟"
رفع كيم رأسه ببطء، نظراته هادئة ولكن فيها بريق التحدي، شفتيه ترتعشان بخفة كأنه يختار كلماته بحذر. ألقى نظرة خاطفة على آلما، التي بدت وكأنها تقرأ أفكاره قبل أن تنقل بصرها إلى غاندي، كأنها تبحث عن دعم صامت.
"لم يكن لدي والدان،" بدأ كيم بصوت خافت، لكنه يحمل ثقلًا غريبًا، "عشت حياتي في ميتم، مكان بائس مملوء بالألم والجوع. إلى أن جاء السيد آلان... الرجل الذي لا يمكن أن يُنسى. كان يبحث عن أطفال ليضمهم إلى المنظمة."
بدت كلمات كيم كأنها ترسم صورة مشوهة للماضي، ولكن الأثر الحقيقي كان على وجه بلاك داون. تقلصت ملامحها فجأة، عيناها اتسعتا بانزعاج واضح، وكأن ذكر اسم آلان أشعل نارًا خفية في داخلها.
"آلان؟!" قالت بصوت متحشرج يحمل خليطًا من الخوف والدهشة، "تقصد آلان... أحد أفراد فرقة أوقا؟"
هز كيم رأسه بثبات، وكأن إجابة السؤال كانت أمرًا مفروغًا منه.
"نعم، هو بعينه."
ارتعشت يد بلاك داون، وبدت كأنها تصارع نفسها لتصدق أو تنكر ما تسمعه.
"هذا مستحيل... أنا في المنظمة منذ سنوات، ومع ذلك لم أره ولو مرة واحدة. كيف لك، وأنت مجرد طفل حينها، أن تقابله بهذه السهولة؟"
ارتسمت على شفتي كيم ابتسامة جانبية خبيثة، كأنه كان ينتظر هذا النوع من الردود.
"ربما كنتُ مميزًا."
ساد الصمت، ولكن التوتر في الغرفة ازداد ثقلًا. تحول الجميع بنظراتهم إلى آلما وغاندي، اللذين كانا جالسين في الظل وكأنهما يحاولان تجنب الأنظار. كانت ملامح آلما جامدة كالصخر، بينما غاندي كان يلعب بسكين صغير في يده، وكأنه يحاول أن يشتت انتباهه عن السؤال القادم.
بعد لحظات ثقيلة، تحدثت آلما بنبرة متماسكة، ولكن باردة:
"ما يقوله صحيح. السيد آلان كان موجودًا. لم نره فقط، بل دربنا أيضًا. قضينا ثلاثة أشهر تحت قيادته قبل أن نأتي إلى هنا."
"ثلاثة أشهر؟" همس أحدهم، ولكن لم يُجرؤ أحد على قول المزيد.
"لماذا؟" سأل راغنا فجأة، عيناه متوقدتان كأنهما تنفذان إلى أعماق روح آلما.
"لأنه لم يكن يريد أن نموت في الاختبار."
تبادلت النظرات في الغرفة، والخوف بدأ يتسلل إلى الجميع كأنهم استشعروا شيئًا أعمق من مجرد كلمات.
---
سون، الذي كان جالسًا في الزاوية، انحنى نحو سيبرو وهمس بصوت خافت:
"هل هذا الشخص قوي إلى هذا الحد؟ حتى أن بلاك داون ترتعب من مجرد ذكر اسمه؟"
ابتسم سيبرو، ولكن كانت ابتسامته مريرة، كأنه يسخر من سذاجة السؤال.
"أنت جاهل كما توقعت. آلان ليس مجرد شخص قوي. إنه أحد أفراد أوقا، أقوى فرقة في العالم. تلك الفرقة التي لم تستطع أي عائلة، مهما كانت عظمتها، الوقوف في وجهها. حتى عائلة أودجين... سقطت تحت قبضتهم منذ خمسة وعشرين عامًا."
---
عندما عاد النقاش إلى كيم، كان الجميع يحدقون به بفضول وريبة. بدا وكأنه يستمتع بجذب الانتباه. وقف ببطء، كاشفًا عن جسده النحيف المشدود، وعيناه تلمعان بشيء أشبه بالغرور.
"السيد آلان لم يكتفِ بتدريبي فقط، بل سمح لي بتعلم مهارة تعود إلى إيفا أودجين نفسها."
صُعق الجميع، وتوقف الزمن للحظة. حتى راغنا، الذي نادرًا ما يظهر مشاعره، بدا مذهولًا.
"إيفا؟" قال راغنا بصوت خافت ولكنه مشحون بالدهشة، "زعيمة عائلة أودجين؟"
---
اشتعلت القاعة بضجة، الجميع يتحدثون بصوت عالٍ وكأن ذكر هذا الاسم وحده كان كافيًا لإشعال فتيل الخوف. بلاك داون صرخت بصوت قاطع:
"اصمتوا!"
عندما عاد الهدوء، تابع كيم كلامه بابتسامة متعجرفة:
"نعم، إيفا أودجين. واجهها السيد آلان قبل خمسة وعشرين عامًا، وحكى لنا قصتها. قال إنها وحش حقيقي، تمتلك ثلاثة أساليب لا تُصدق: النسخ، قراءة الأفكار، وإحياء الأرواح."
ثم أضاف وهو يميل برأسه بخفة، كأنما يستفز الآخرين:
"ولكنني أخذت عهداً على نفسي أن أتعلم أحد هذه الأساليب. السيد آلان حذرني من المخاطر، و قال لي إن اخطأت فسينفجر جسدك ولكنه دربني بنفسه. استغرق الأمر ثلاثة أشهر فقط، والآن أتقن هذا الأسلوب تمامًا."
---
راغنا، الذي كان يراقب بصمت، تحدث أخيرًا بنبرة عميقة:
"والمهارة الثانية؟ كيف تعلمتها؟"
ابتسم كيم، وظهر الغرور واضحًا على ملامحه:
"السيد آلان قال لي إنني مميز. استطعت أن أتعلم أسلوبًا ثانيًا. ولقد أثبت له أنني جدير بثقته. مدحني... كثيرًا، كثيرًا."
---
نهضت آلما فجأة، عيناها تضيقان كأنها تستعد للهجوم.
"" على هذا النرجسي الفوز لانني أريد ذبحه بيدي ""