كان المشهد يقطر دموية وتعبًا، ساحة المعركة غارقة في رائحة الحديد المختلطة بالعرق، والأرض ملوثة بآثار الأقدام الغائرة وبقع الدم الطازج. .
في وسط الساحة، كان ألكس يقف بصعوبة، جسده مُنهك وملطخ بالكدمات والدماء. عيناه، رغم الإرهاق، كانتا تلمعان بشيء أقرب إلى التحدي العنيد. بيدين مرتجفتين، ألقى سيفه أرضًا بصوت معدني ثقيل اخترق الصمت.
"لقد خارت قوانا، كيم،" قال بصوت متقطع، كأن الكلمات نفسها كانت معركة أخرى يخوضها، "لكننا لم ننتهِ بعد. دعنا نُكمل هذا النزال بأيدينا العارية."
كاد أن ينحني من التعب، ولكن كبرياءه منعه. في اللحظة نفسها، انطلق كيم نحوه دون تردد، خطواته ثقيلة كأن الأرض نفسها تحاول جذبه للأسفل. تقابلا في المنتصف، حيث بدأ الاشتباك.
---
لم يكن القتال قويًا كما كان في البداية، بل كان أضعف من أن يُسمى نزالًا. لكمات عشوائية، تكاد لا تحمل من القوة إلا ما يكفي لتخدش الجلد. لكن ما كان مروعًا هو الإصرار خلف كل ضربة.
لكمة ألكس الأولى أصابت عين كيم، الذي لم يتراجع بل رد بقبضة ضعيفة إلى معدة ألكس، ليقع كلاهما على ركبتيهما للحظة قبل أن ينهضا من جديد. كان الدم يتناثر مع كل حركة، قطرات صغيرة تزين الرمال القاسية تحت أقدامهما.
كان وجه ألكس مليئًا بالكدمات، شفته السفلى مشقوقة ودماء تجري منها نحو ذقنه. أما كيم، فقد كان أنفه مكسورًا، يتنفس بصعوبة، وعيناه شبه مغلقتين بفعل التورم. ولكن مع ذلك، لم يتوقفا.
كانت نظرات الحاضرين تتنقل بينهما وبين راغنا، الذي ظل صامتًا، يراقب كأنما كان يختبر شيئًا أعمق من مجرد القوة الجسدية.
---
"كفا الآن."
خرج صوت راغنا أخيرًا، كأنه صوت قاضٍ يقطع على المتخاصمين فرصة إنهاء نزاعهم. لم يكن صوته مرتفعًا، ولكنه حمل معه سلطة لا يمكن تجاهلها. توقف ألكس وكيم في مكانهما، أنفاسهما متقطعة كأنهما يلتقطان الهواء من بحر غارق.
رفع راغنا يده بإيماءة حاسمة، قبل أن يُكمل:
"كلاكما فائزان في هذا الاختبار."
---
كانت هذه الكلمات كافية لتشعل الفوضى في الساحة.
"لا! ليس عدلًا!" صرخ أحد الأطفال، وبدأت الأصوات تتعالى من كل اتجاه.
"يجب أن يموت أحدهما!"
كانت الغيرة واضحة على وجوه الجميع، الغضب يتسرب من عيونهم كأنهم لا يستطيعون تقبل الفكرة. كان الأطفال الآخرون يحدقون في ألكس وكيم بامتعاض واضح، مزيج من الحسد وعدم التصديق.
ولكن راغنا لم يتراجع، وجهه ظل جامدًا، كأنه منحوت من حجر. نظر إلى الحاضرين نظرة باردة، ورفع صوته:
"كلاهما قويان، وهذه القوة هي ما نحتاجه. لذا سينتقلان إلى الاختبار الثاني."
---
على الجانب الآخر، كان ألكس وكيم يقفان في حالة من الصدمة. لم يستوعب أي منهما كلمات راغنا فورًا. مرت لحظة قصيرة قبل أن يبتسم ألكس بخفة، تبعتها ابتسامة مشابهة على وجه كيم. تقدما نحو بعضهما البعض، رغم آلامهما، وعانقا بعضهما بحماس كأنما كانا أصدقاء منذ الأزل.
الدماء التي تغطيهما لم تخفِ مشاعر الارتياح التي ملأت المكان فجأة. كان الأطفال الآخرون يراقبون هذا المشهد، تعابير الحسد ما زالت تغطي وجوههم، ولكن كان هناك شيء آخر... شيء أقرب إلى الاحترام المختلط بالغيرة.
---"
في نهاية يوم ، تقدمت بلاك داون، ملامحها أكثر جدية من أي وقت مضى، عيناها الحادتان مسلطة على الجميع. بصوت صارم، قالت:
"لقد اكتمل الاختبار الأول. تهانينا للفائزين."
توقفت لحظة، ثم أضافت:
"سنعود إلى المنظمة الآن. أمامكم يومان للراحة قبل أن تبدأوا الاختبار الثاني. استعدوا، لأن القادم سيكون أكثر صعوبة."( لقد نجح غاندي و آلما ايضا )
---
مع انحسار الشمس خلف الأفق، بدأت السماء تتحول إلى سواد عميق. الأطفال كانوا يغادرون الساحة، بعضهم يهمس لبعضهم البعض، وآخرون يحدقون في ألكس وكيم بغضب مكتوم. كان المكان كله
يحمل شعورًا بالرهبة، كأن ما حدث للتو كان مقدمة لشيء أكبر بكثير.