في الصحراء الغربية، تمام الساعة السابعة مساءً.

وصل تاي وسون إلى الموقع المقصود.

السماء بدأت تتخلص من زرقتها، والليل ينسدل بهدوء كوشاح حزين.

الرياح لا تهب لتبرد، بل لتذكّرهم أن لا شيء في هذا العالم يبقى ساكنًا.

جلس الاثنان على صخرة ناتئة، وأطلق تاي نظراته نحو الأفق، ثم قال:

تاي:

> "قبل أن تتقن المهارة، يجب أن تفهم أصلها…

الكيريو ليست طاقة فقط، بل مرآة.

ثلاث فئات منها، وكل فئة تكشف شيئًا عن صاحبها:

الأحادي، المتعدد، والمتجانس."

سون:

> "أسماء تبدو بسيطة، لكنها لا تشرح شيئًا…"

تاي (ابتسم بهدوء):

> "لأن البساطة خدعة.

الأحادي… هو من لم يستطع أن يتجاوز نفسه.

لا يتقن إلا مهارة واحدة، لأنها كل ما احتمله كيانه.

إنه مقيد لا بقدراته… بل بخوفه من التشتت."

سون:

> "وهل التعدد قوة؟"

تاي:

> "المتعدد… هو من انفتح على احتمالات كثيرة.

يتقن مهاراتٍ متعددة، لكنه يظل مهددًا بالتفتت.

إن لم يعرف من هو، ستأكله مهاراته قبل أن يستخدمها."

صمت قليلًا، ثم أكمل:

تاي:

> "أما المتجانس… فذلك نادر.

هو من استطاع أن يقف على الحافة…

لم يتقيد، ولم يتشتت…

بل جعل من تباين داخله توازنًا.

إنه لا يستخدم المهارات، بل يُعيد تعريفها."

سون (وقد زادت حيرته):

> "كيم… ما تصنيفه إذًا؟"

تاي (بصوت خفيض كأنه يحدث نفسه):

> "كيم… مثال حي على التناقض.

يملك مهارة واحدة، لكنها تسمح له بسرقة كل شيء.

هو أحادي… لأنه لا يملك سوى مهارة النسخ.

وهو متعدد… لأن ما ينسخه، يعيش فيه مؤقتًا.

لذلك يُدعى متجانس… لكنه ليس مستقِرًا."

سون:

> "أيعني هذا أن الكيريو لا تُعرّف بالقوة، بل بالاتساق؟"

تاي:

> "بالضبط.

الكيريو لا تقول لك ماذا يمكنك فعله… بل من أنت حين تفعله."

صمتت الصحراء، كأنها تأملت الجملة الأخيرة.

وضوء القمر اكتمل، لكن لم يكن نورًا… بل شاهدًا.

سون (بصوت متردد، كمن يحاول الربط بين المعاني):

> "لم أفهم كل شيء، لكنني بدأت أستوعب…

ومع ذلك، الحياة لا تبدو عادلة.

إن كان أحدهم أحاديًا… فسيخسر حتمًا أمام المتعدد، أليس كذلك؟

فذاك يملك أكثر، وهذا أقل."

تاي (هز رأسه ببطء):

> "وهنا وقعت في أول خطأ فكري.

القوة ليست في العدد… بل في الجوهر.

مهارة الأحادي – إن كانت متقنة – تتفوق على ثلاث مهارات متوسطة لدى المتعدد.

لأنه ركّز كيانه بالكامل في مسار واحد، حتى صار ذلك المسار سيفًا لا يُصد."

توقف قليلًا ثم أكمل، بنبرة أكثر جدية:

> "أما المتجانس… فهو الأخطر إن لم تكن مستعدًا له.

لا يجمع فقط بين الكمية والحدة… بل غالبًا ما يملك مهارة نادرة.

والنادر… لا يُقاس بالمألوف."

سون (وقد شدّه المفهوم):

> "نادرة؟ كيف تعني؟"

تاي:

> "المهارة النادرة هي تلك التي لا تُولد إلا مرة بين كل عشرة ملايين.

ليست مجرد اختلاف في الشكل… بل اختلاف في البنية، في التأثير، في النتيجة.

الأحادي الذي يملك مهارة نادرة، ويمتلك عقلًا حادًا…

يستطيع إسقاط متعدد يملك سبع مهارات، إن كانت كلها عادية.

لأن المهارة النادرة تغيّر قواعد اللعبة."

سون (وقد بدت عليه الحيرة):

> "لكن إن امتلك المتعدد مهارات نادرة أيضًا؟"

تاي (بتنهيدة ثقيلة):

> "هنا نصل إلى الاستثناء.

المتعدد الذي يملك ثلاث مهارات نادرة أو أكثر… يصبح تهديدًا يصعب مواجهته بالقوة وحدها.

لكن تذكّر دائمًا: النُدرة مكلفة.

جسده سيتعب بسرعة، وذهنه سينهار أسرع مما تظن.

وهنا… تبدأ لعبة العقل."

سون (بفضول حقيقي):

> "وكيف أعرف نوع الكيريو الخاص بي؟"

تاي:

> "عادة… يُجرى اختبار دقيق على مدار ثلاثة أيام تحت إشراف معلمين متخصصين.

يراقبون كيف يتفاعل جسدك، كيف تتجاوب روحك…

لكن أحيانًا، وإن كنت محظوظًا…

تلتقي بمن يرى ما في داخلك دون أن تنطق."

سون (ابتسامة خفيفة تتسلل إلى وجهه):

> "وهل أنا من المحظوظين؟"

تاي (أغلق عينيه قليلًا، كأنه ينصت إلى صدى داخلي):

> "ربما…

ركّز الآن… لا تتحرك."

جلس تاي على الرمل كمن يستعد للحديث مع شيء أقدم من الحياة.

أغمض عينيه… والزمن كأنّه توقّف ليراقبه.

ثم همس بصوتٍ لا يشبه صوته:

> "داشنكرت… عين النهار."

في اللحظة التالية، ساد الصمت.

و… ظهرت.

عينٌ هائلة خلف سون مباشرة.

ارتفاعها تجاوز السبعة أمتار، وعدستها سوداء قاتمة كأنها تبتلع الضوء.

حولها شُعيرات ضخمة تتحرك ببطء، وكأنها تتنفس.

الهالة المنبعثة منها… لم تكن مجرد طاقة.

بل إحساس، كأن شيئًا ما راقبك منذ ولادتك… وانتظر هذه اللحظة.

سون تجمد في مكانه.

ارتعشت أطرافه، ولم يفهم أكان خوفًا… أم إدراكًا.

> "ما هذا…؟!

أيعقل أن هذه قوته؟

إن كانت قوة أحد أفراد أوقا تبلغ هذا المستوى…

فكم من العمر أحتاج؟

وكم من الذات عليّ أن أتخلى عنها؟"

للمرة الأولى، لم يشعر سون بأنه يتعلم…

بل بأنه يُقاس.

ثم، كما بدأت، اختفت العين.

انكمشت الهالة في جسد تاي، وعاد كل شيء كما كان.

لكنه لم يعد كما كان.

تاي فتح عينيه وقال بهدوء كأنه يعلن حُكمًا:

> "أنت… أحادي الكيريو.

لكن، لحسن حظك، لديك نسبة 64% لتتعلم مهارة نادرة."

سون (بلهفة متوهجة):

> "هل يمكنني تعلم مهارتك؟"

تاي (أدار وجهه إلى الأفق):

> "للأسف، لا.

نسبة توافقك مع مهارتي… 51%.

والحد الأدنى لتعلّم أي مهارة هو 55%.

قد تبدو قريبة، لكنها في الحقيقة… بعيدة بعد السماء عن البحر."

سون (بقلق):

> "وماذا أفعل؟ ما المهارة التي سأتعلمها إذًا؟"

تاي:

> "السؤال خاطئ.

ليس الأمر كما تظن…

أنت لا تختار المهارة.

بل تُولد بمجموعة محدودة مما يمكنك تعلمه،

وما نسميه الاختيار… ليس إلا وهمًا ضمن حدودك."

سون (باندفاع):

> "ومع هذا… قلت إنني أملك ثلاث مهارات ممكنة! هذا جيد، أليس كذلك؟"

تاي (نظرة صارمة، فيها حنان مستتر):

> "جيد… نعم.

لكني أنا من سيختار لك المهارة."

سون (باندهاش):

> "لماذا؟ أليس هذا قراري؟"

تاي (بصوت منخفض لكنه حاسم):

> "لأن الحماسة تضلّل…

ولأن بعض المهارات، إن دخلت قلبًا لم يُهيأ لها،

تحوله إلى عدو لنفسه… قبل أن يصبح خطرًا على العالم أعلم أنك تسعى إلى كيم.

وهذا أمرٌ قد حُسم، سواء نجحت أو فشلت.

لكن ما لا تدركه… أن كيم سيموت بعد عام، وهذا أقصى ما يمكن لجسده أن يصمد عليه."

سون (يتفاجأ):

> "ماذا؟"

تاي (بهدوء وكأنه يُخبر بحقيقة كونية):

> "عائلة أودجين أخذته، وسيُشكّلونه كآلة…

يزيلون منه كل إرادة، ويملؤونه بطاعتهم العمياء.

سيكون خصمًا لا يشبه الإنسان… لكن لا تنخدع.

أودجين لها أعداء يفوقون ما واجهته أنت حتى الآن…

وكيم، وسط هذا العالم… لن يصمد طويلًا."

ثم حدّق في سون وقال بثبات:

> "ولهذا…

تحتاج إلى مهارة تُنفّذ بسرعة، تُتقن بسرعة،

لكن تفتح لك مجالًا للتعمق مع الوقت… حتى تبلغ الإتقان الكامل."

سون (بجدية):

> "كم سيأخذ ذلك من وقت؟"

تاي (بصوت أكثر قسوة مما اعتاد سون):

> "قلتُ لك: ثلاثة أيام.

لكن لا تنخدع بلين العبارة.

التدريب الطبيعي… يحتاج عامًا، أو حتى عامين، لإتقان 20٪ من المهارة.

أما أنت… فستصل إلى 20٪ في ثلاثة أيام فقط."

توقف لحظة، ثم أكمل بنبرة صارمة:

> "أنا آسف يا سون…

لن أرحمك."

سون (بثقة رغم كل شيء):

> "لا بأس…

لست خائفًا. لن أتراجع."

تاي (ابتسامة خفيفة تمر على وجهه ثم تختفي):

> "جيد.

مهارتك… ليست نارية، ولا جسدية، ولا وهمية.

بل لحن."

سون (بتعجب):

> "لحن؟!"

تاي:

> "نعم.

اللحن في يدك… ليس صوتًا فقط، بل موجة قاتلة.

كل لحن… يطلق موجة سُمّية مختلفة.

إنها مهارة لا تظهر خطورتها من أول وهلة.

بل تعمل في الصمت… كما يعمل الزمن."

سون (بغموض):

> "أظنها ضعيفة… لا سيوف فيها، ولا نار."

تاي (نظر إليه كمن يعلّم طفلًا لمس شيئًا ناريًا دون أن يشعر):

> "أنت أحمق.

إنها من أكثر المهارات سُمًّا.

من يملكها لا يُشهرها، بل يُفعّلها من تحت جلده.

حتى لو نسخها أحد، فلن يستطيع استخدامها كما تفعل…

لأنها تعتمد على تكوين جسدك، على نوع مقاومتك.

وهذه ميزة لا تُنقل بالنسخ."

سون (أغمض عينيه ببطء):

> "إذاً… فلنجرب."

تاي (بصوت منخفض):

> "استعد… منذ الآن، لم يعد بإمكانك العودة كما كنت."

2025/08/01 · 5 مشاهدة · 1192 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025