يوم التالي
موريس اقترب بخطوات سريعة، ملامحه متوترة، وعيناه تراقبان الشاشات.
موريس (بقلق):
"سيدي أكاي… وصلت معظم الفرق إلى النقطة المحددة. لكن… لم يُرصد أي أثر لفرقة أوقا حتى الآن."
أكاي كان واقفًا أمام الطاولة الهولوجرافية، ذراعيه مشدودتان خلف ظهره، ظهره مستقيم كنصل سيف. لم يلتفت.
أكاي (بصوت منخفض وبارد):
"لا يوجد اتصال. آخر إشارة منهم انقطعت قبل خمس ساعات."
موريس (يقطب حاجبيه، يتقدم خطوة):
"حتى فرقتك الخاصة… لا وجود لها هنا."
أكاي أدار رأسه ببطء، نظرته جامدة كالجليد، صوته لا يحمل أي نبرة عاطفة.
أكاي:
"في مهمة. يطاردون ’ثعالب الجليد‘. حالياً، في الجو."
موريس (بتنهيدة حادة، يضغط على شاشة عرض جانبية):
"لكن هذه المحاصرة كانت خطتك… هدفنا واضح: إسقاط قاتل أودجين وإنهاء بقايا تلك العائلة. العصابة الروسية خطر، نعم، لكنك جمعت كل هذه الفرق… فقط له."
أكاي تقدم ببطء نحو الطاولة، عيونه تركزت على نقطة حمراء يومض حولها مربع تنبيه.
أكاي (بصوت مشحون بالغموض):
"العملية سرية… لكن ما نعرفه أن ’ثعالب الجليد‘. لهم ارتباطات مباشرة مع أودجين… أشياء لا يمكن كشفها الآن."
موريس (يعقد ذراعيه، يهمس كمن يحذر):
"...وماذا عن تشاي؟ متى نتحرك ضده؟"
أكاي (يركز نظره على الخريطة):
"ما إن نحدّد موقعه بدقة، نهاجمه فورًا. لا مجال للتأخير."
موريس (ينظر نحو النافذة، :
"وإذا قبضنا عليه؟ ماذا عن أفراد العائلة؟ إن تحركوا… قد يُشعلون المدينة."
أكاي (يستدير إليه، ملامحه جامدة، وصوته حاد كالسيف):
"سيُشعلونها. ووقتها… المجلس نفسه سيتحمل اخطاء ما اصدروه ."
-----------
{باريز }
بان (بابتسامة مشروخة ونبرة محمّلة بالمرارة):
"إيفا... لم تتغيري قط. نفس الملامح، نفس البرودة التي رأيتها قبل خمسة وعشرين عامًا. هل هو سحر الزمن؟ أم لعنة الشياطين التي تسكن داخلك؟
أعترف... بدأت أغار. أود أنا أيضًا أن أتعاقد مع شياطين مثلك."
إيفا (تنظر إليه دون انفعال، نبرتها هادئة لكنها قاطعة):
"لا يمكنك. وحده من يحمل ختم كيريو لاستدعاء الأرواح... هو من يُسمح له بربط مصيره بالعالم السفلي."
بان (يضحك بخفة، صوته يخفي ألماً قديماً):
"آه، صحيح... كنت قد نسيت تلك التفاصيل.
لكن، دعيني أسألك، بما أن الماضي عاد إلينا:
كيف هربتم من القضاة؟ وكيف تحوّلت عائلتكم من درع مسالم إلى خنجر مأجور؟
أتذكر جيدًا... كنتم تحتقرون طريقتي، ترفضون حتى أن تُنصتوا لصوتي."
إيفا (تخفض رأسها قليلاً، كما لو أن عبء الذكرى أثقل من حملها):
"هربنا بفضل كي تاي... لقد قدم جسده كقربان، فتح لنا بوابة النجاة بينما ظل هو خلفها، يحترق في الجحيم.
أما التحول... فقد كان من اختياري. أقنعتهم أن نصبح قتلة. في ذلك الوقت، لم يكن أمامنا سوى أن نذبح أو نُذبح.
ربما كنت مخطئة... لأني الآن أرى أطفالي يتعذبون من اختياراتي.
لكن...
عندما سُميت أيامنا بـ عصر الأودجيني... العصر الكارثي الثالث
رأيت القوة في عيني عائلتي، رأيت السيطرة، ولم أعد أُبالي."
بان (بصوت خافت، يسأل وكأنه لا يريد أن يعرف الجواب):
"وأوقا؟ لم توقفكم؟ على مدى هذه السنوات؟"
إيفا (تبتسم بسخرية):
"همّ أوقا كان دائمًا أنت. وقد انتهت مهمتهم منذ أن أعدموك قبل خمس وعشرين عامًا.
منذ ذلك اليوم، لم تصلنا أي خطوة منهم."
بان (يتقدم خطوة، صوته يقطر بسخرية ممزوجة بالحيرة):
"صحيح... لماذا أرادت اوقا اعدامي بنفسها يا إيفا؟
أعيدي لي هذا الجزء المفقود... ذكّريني، ؟"
إيفا (تتراجع قليلاً، وعيناها تتصلّبان):
"تلك الذكريات... أنا من محوتها.
كانت مرتبطة بتشاي.
لم أُرد له أن يعرف شيئًا. لا أريده أن يتلوّث بالعواطف، أو أن يُلعن بما عشته أنت.
أردته قاتلًا... بلا قلب، بلا ماضٍ، بلا ندم."
بان (ينظر نحو الفراغ، صوته يتهدج فجأة بمشاعر مختلطة):
"تذكّرت...
تذكّرت ابنتي، أنزوي.
كم كانت ترفض أن تسير على خطاي...
وأنظري إليها الآن…
قتـ...ـالة بارعة، مثل والدها تمامًا.
هاهاها... يا للقدر الساخر." اين هي الان
دخلت إنزوي الغرفة، والجو من حولها توتر كأنّ الهواء قد اختنق فجأة. قالت بصوتها الجارح كالسيف:
– أيّها العجوز الأحمق... عدتَ من الموت؟ يا لك من كلبٍ لا يموت.
بان ضحك بخفة، عيناه تحدقان بها كما لو كان يرى انعكاسه في مرآة معتمة:
– هكذا ترحبين بوالدك؟ هاهاها... جسدك مشدود، ووجهك أصبح قاسيًا، والهالة التي تحيط بك تُشبه الظلام النابض. يبدو أنكِ أصبحتِ قوية.
– بسببك، كل شيء انقلب... حياتنا تشوهت. لم أعد أحتمل. لو كان الأمر بيدي... لقطّعتك إربًا.
– أظنّك واثقة من نفسك؟ لنجرب. وسأجعلك تتذوقين الهزيمة مرة أخرى. صرخت إنزوي دون أن تلتفت:
– إيفا، خذي دميتك المهرّجة، واسكتيها قبل أن تموت من الرعب. إيفا بصوت ثابت كالصقيع:
– بان، اصمت. إنزوي قادرة على سحقك بثوانٍ. حتى أنا لن أستطيع التدخل لحمايتك. ابتسم بان، وكأنّه يتذوق كلماتها:
– رائع… ابنتي أصبحت وحشًا حقيقيًا. هذا جيد... جيد جدًا.
قالت إيفا وهي تقترب:
– اسمعني يا بان. هناك أزمة داخل المنظمة. تشاي يريد القضاء على أكاي. في ظل الفوضى الحالية، قرّر المجلس القضاء علينا جميعًا، وجمعوا كل الفرق. وقد علموا أن تشاي موجود في تونس. سيفتعل مجزرة قريبة من مقر المنظمة لتشتيتهم، ثم يدخل ليقتل أكاي.
بان عبس قليلًا:
– لمَ لا يذهب معه أفراد عائلتك؟ أليست قوتهم تُرعب حتى الموتى؟
– رفضوا. لا يريدون إشعال الفوضى الآن
. ضحك بان، ثم قال بنبرة يتخللها الحقد:
– رائع... لدي رغبة قديمة في تمزيق تلك الفرق، وخنق أوڤا بيديّ حتى يختفي صوته للأبد. لكن قبل كل هذا... لماذا أُحييتُ؟ ما هدفك، إيفا؟
رمقته إيفا بنظرة خافتة ثم قالت بهدوء:
– لتشاهد ما زرعته ينضج. ألم تكن تحلم بعائلة من القتلة العظماء؟ إذًا، انظر إليهم...
ثم التفتت نحو إنزوي، وحدّقت فيها طويلًا. ساد صمت، ثم تقاطع المشهد بلقطة من ماضٍ بعيد...
قالت إنزوي حينها:
– إيفا... سؤال ظلّ يحاصرني. لماذا أعدتِ بان؟ لا أظنّ الأمر يتعلق بتشاي ولا عائلته. أنت تخفين شيئًا أكبر... ما هو هدفك الحقيقي؟
نظرت إيفا بعيدًا وقالت بصوتٍ خافت:
– لن أكذب عليكِ. بان... كان أول تجربة ناجحة في الإحياء. أردتُ أن أرى إن كنت قادرة على التحكم به، تعديل قوته، توجيه أفكاره... لأنني قريبًا، سأُعيد شخصًا أقوى من بان. وسيكون لي بالكامل.
شهقت إنزوي، وهمست:
– ومن يكون؟
إيفا ابتسمت دون أن تفتح شفتيها تمامًا، وقالت:
– هذا... سر.