السكون... ليس سكونًا.
بل شيء يشبهه… شيء لا يتنفس.
الأرض كانت تمشي، ثم توقفت.
كأن شيئًا نزل عليها… لا يُرى… لا يُعرف… لكنه أثقل من الجبال.
السحب تجمّعت فوق نقطة واحدة.
كأنها خائفة… أو تُراقب.
وتحتها، ساحة واسعة… بيضاء.
لا شقوق. لا حياة. لا صوت.
ثم…
خطوة.
كأنها طرقة على نعش السماء.
أرض الساحة اهتزت بخفة.
خطوة ثانية.
هذه المرة... شيء انكسر. لم يكن حجرًا. بل شيء داخلك.
أدرك أن هذه الخطوات ليست قادمة فحسب… بل تحكم الزمان ذاته.
الضوء خافت.
الصوت صامت.
لكن هناك من يقترب.
بان حرّك يده اليمنى، فقط قليلاً.
لكن…
انقلبت الأرض تحت موريس.
ليس انفجارًا… بل تحوّل كامل:
مكان موريس استُبدل بصخرة…
وموريس ظهر فجأة فوق رأس غينيا!
غينيا اختفى.
بان اختفى.
لكن الضربة نزلت على شيء لا يُرى…
وصدر صوت "خطف" الهواء من رئتيك.
بوووف!
كأن ضربةً لم تُسجّلها العيون،
ولكن الجسد فهمها.
عظم في مكان ما في الكون… انكسر.
موريس هبط أرضًا… ويده تقطر.
لكن الدم ليس له.
غينيا فوق صخرة أخرى، يكتب شيئًا بإصبعه في الهواء…
ويختفي من جديد.
بان يظهر خلفهم… لكن سرعان ما يتشظّى إلى 3 نسخ…
ثم يختفي كأن الزمان رفضه.
هذه ليست معركة.
هذه خطايا تتجسد.
ثلاثة رجال… كل واحد منهم يستطيع كسر جيش،
والآن... هم لا يقاتلون بعد.
لكن الهواء يتمزق، والسماء تنحني،
وكل من يشاهد من بعيد... لا يستطيع أن يصرخ.
لأن الصراخ هنا ممنوع.
الصمت ما زال مستمرًا.
لكنّه لم يعد يشبه الهدوء.
إنه أشبه بـ حبلٍ مشدودٍ فوق نار،
كل لحظة تمر، تزداد الحرارة تحته، ويزداد صوت الاحتراق حوله…
لكن لا أحد يجرؤ على أن يتحرك أولًا.
ثم… حدث ذلك.
موريس لا يهاجم عادةً أولاً.
لكن بان لم يتحرك.
وغينيا لم يرمِ أمره بعد.
ففعلها موريس.
قطر دم صغير انزلق من يده.
بدا كجرح بسيط في راحة كفه…
لكن القطرات لم تسقط.
بل تجمّدت في الهواء.
ثم، ارتجف كل شيء.
فجأة!
القطرات تمددت، تشكلت، وتكاثفت.
واحدة صارت خنجرًا.
أخرى صارت رمحًا.
أخرى… صارت يدًا!
ثلاث شفرات دموية، خرجت من موريس مثل نوايا القتل، وانطلقت نحو بان بسرعة تتجاوز الحُكم، لا تُصدر صوتًا، لا تُخلّف ظلًا.
بان لم يتحرك.
قبل أن تقترب الشفرات،
رفع بان إصبعه السبابة فقط…
ثم نَقَر الهواء.
"تك!"… مجرد صوت نقرة خفيف.
لكن كل شيء تبدّل.
الصخرة التي كانت خلف بان قبل لحظات،
ظهرت مكانه.
وبان؟
ظهر خلف موريس.
في وضع الهجوم.
يده ممتدة، سكينه في يده.
لكن السكين لا تلمع.
بل تمتصّ الضوء.
طعن.
موريس شعر بها… بعد فوات الأوان.
لكن الطعنة لم تدخل.
لماذا؟
موريس؟ لا.
غينيا.
ظهر بين الاثنين، حاملاً سيفه مقلوبًا،
صدّ الضربة بحافة اليد، لا بالسلاح.
لكن كيف وصل؟
لا أحد رأى حركته.
ولا أحد سمع الأرض حين لمسها.
لكن بان توقّف.
موريس تراجع.
الضغط تصاعد.
الهواء أصبح ثقيلاً لدرجة أن العشب البعيد خارج الساحة بدأ يحترق من الاحتكاك.
لم ينطق غينيا بكلمة.
فقط هزّ رأسه جهة موريس.
وفجأة…
بان تأخر.
شيء في جسده لم يعد يعمل.
ركبته انحنت.
كتفه ارتعش.
ثم!
بوووم!
انفجار غير مرئي حدث داخل صدر بان.
ضربة لم يرها أحد، لم يشعر بها أحد،
لكن غينيا كان قد وجهها منذ ثوانٍ… دون أن يبدو كأنه فعل شيئًا.
"انفجار التوقيت."
بان يبتسم
سقط بان على ركبة واحدة، يده على صدره.
الضربة أثّرت.
لكنّ وجهه… لم يحمل ألمًا.
بل… ابتسامة خفيفة.
"أها..."
همس بان كأنّه أدرك الآن شيئًا،
شيئًا صغيرًا… لكنه قاتل.
نهض ببطء، مسح الدم عن فمه،
ثم… فتح يده.
وظهر شيء صغير.
قطعة حجر…
لكنها نفس الصخرة التي بدّلها سابقًا.
ثم رفع عينيه نحو موريس وغينيا وقال:
> "أعتقد... أنكم لم تدركوا بعد.
هذه ليست ساحة قتال…
إنها رقعة شطرنج.
وقد بدأتم أنتم أولاً."
موريس يرفع يده… ودمه يعود للتحرك.
غينيا يعدّل موضع قدميه… وشيء ما ينفصل عن الأرض.
بان يقف مستقيمًا… والهواء من حوله يبدأ بالذوبان.