في عمق الصحراء، بعيداً عن قصر "تيوانا" المحصّن، كان المكان شبه ميت، كأنه مقبرة رملية واسعة تعج بالصمت المريب. لا شيء يتحرك سوى الرياح التي تنثر الرمال حول قدمي "إيفا" و"توقاي"، اللذين كانا يقفان وجهاً لوجه. في عيون كل منهما، يظهر قرار مصيري وثقلٌ قديم يتصاعد مع زئير الرياح. ساد بينهما سكون لا يخلو من تهديد، وكأن الهواء الثقيل يحمل ذرات خوف غير مرئية.

هالة "إيفا" كانت قاتمة، محاطة بطبقة رمادية تخفي في طياتها سراً مرعباً، بينما "توقاي" وقف ثابتاً كتمثال، عينيه الحادتين خاليتين من أي أثر للرهبة، كأنما أُعطي وعداً قدرياً بالنصر. زمجر بصوت خافت، رافضاً أن ينحني أمام العائلة التي تعرف باسم "أودجين"، تلك السلالة الأسطورية الملقبة بأخطر قتلة في العالم.

توقاي: "أودجين... قتلة بمهاراتٍ تفوق البشر وبدقة تجعل الموت يبدو وكأنه فن. صحيح، لكن لا تظني يا إيفا أني فريسةً سهلة كأتباعي. أنا ليس كالباقين."

ضحكت "إيفا" ضحكة قصيرة، باردة كنسيم الصحراء الليلي. كانت تعرف أنها أمام خصم عنيد، لكنها نظرت إليه باستخفاف، وكأنها ترى فيه مجرد لعبة تنتظر أن تنتهي.

إيفا: "أوه، توقاي. يا لعظمة غرورك. ضعيفٌ أنت مقارنةً بأضعف أفراد "أودجين". لكن... سأعطيك هذه الفرصة، سأجعلك ترقص قليلاً قبل أن تلقى مصيرك، وسأعلمك درساً في آداب السرقة."

رفع "توقاي" حاجبه بتحدٍ ساخر، رافعاً صوته بنبرة جافة محملة بالاستفزاز.

توقاي: "سرقة؟ هه، لا يا عزيزتي. لم أسرق شيئاً، بل أنا فقط أحصل على أعضاء الناس منكِ وأبيعها. في الواقع، أنا أحررها من طغيانكم، حتى لا يتم استخدامها في مخططاتكِ الشيطانية."

ضحكت "إيفا" بصوتٍ عالٍ، ضحكة ملأت المكان بالرهبة وكأنها تثير خوفاً عميقاً خفيّاً في الصحراء من حولهم.

إيفا: "أنتَ؟ تحرر الأجساد الناس المقتولة؟ حسنًا، حاول أن تحرر نفسك أولاً من المصير الذي ينتظرك. وقل لي، ألا زلت تسعى للوقوف أمامنا رغم أنني منحتك فرصاً كثيرة للهروب؟ هل تشعر بالملل من حياتك، توقاي؟"

أخذ توقاي نفسًا عميقاً، مملوءاً بالعزيمة، وتقدم خطوة نحوها، مُشعلاً عينيه بقوة

توقاي: "أعلم أن العالم كله يرتجف خوفاً من اسمكم، يظنونكم الأقوى، لكن بالنسبة لي... أنتم لا شيء سوى شبحٍ خاوٍ. سأجتاز كل واحد منكم إن لزم الأمر."

عينا "إيفا" لمعَتا بشكلٍ مخيف، ونظرتها إلى "توقاي" كانت تعكس تهاوناً قاتلاً، وكأنها ترى فيه مجرد نملة تحت قدمها.

إيفا: "أنتَ نملة أمام "تشاي" و"إنزوي"، مجرد ذرة ضئيلة في طريقنا... ولكن لا بأس."

فجأة، بدأ الجو يتغير. السماء أصبحت مظلمة، وكأن ضوء النهار أُطفئ، واللون الأسود تسرب إلى كل شيء. ظهر ما يشبه مجالاً من العدم، فضاءً قاتمًا لامتناهيًا، وتجمعت وجوه هائلة في دوائر، أفواهها مفتوحة كأنها تدعو إلى الموت بصمت. جلست "إيفا" في وضعية تأمل هادئة، مغمضة العينين، تسبح في الهواء كأنها تحلق فوق الرمال. هذا كان مجالها الخاص، قوةً خارقة تُمكّنها من اختراق أفكار خصومها، تدرس خططهم قبل أن تخطر ببالهم

.

انفجر "توقاي" بقوة هائلة، هالته سوداء كالظلام المتربص في السماء، مندفعاً نحو "إيفا" وكأنه ريح من العدم. في تلك اللحظة، ابتسمت إيفا برزانة، وأخرجت من يدها أربعة أحجار سحرية، بحجم النرد، ورمتها نحو الأرض.

إيفا: "دومينو..."

مع هذه الكلمة، ارتفع أربعة شياطين، يتوهجون بهالات مرعبة، تحيطهم تعاويذ سحرية قديمة. تحركوا بسرعة تفوق البشر، متجهين نحو "توقاي" في تشكيل متزامن، تصادمت طاقاتهم، واشتعلت المعركة بشكل رهيب. كانت ضربة توقاي واحدة كافية لإسقاط محارب عادي، لكن الشياطين قاوموا بقوة. كل حركة، كل تقنية، كانت "إيفا" تقرؤها وكأنها تعرفها قبل أن ينفذها، وتمطر شياطينها بالمعلومات مباشرةً، حتى بدت وكأنها تسيطر على كل خطوة في القتال.

توالت الهجمات بسرعة رهيبة، وتكسرت عظام توقاي تحت قسوة الشياطين. في تلك اللحظات، عاد إليه شبح الماضي، مشاهد من ماضيه المرير حين قضى على عائلته، وبدت تعابير وجهه مشوشة، لكنها سرعان ما تحولت إلى ضحكة صغيرة.

اندفع توقاي بكل قوته، وفعل تقنية "مثلث الشلل"، محيطاً المكان بمثلثات خضراء تتراقص كدوامات في الهواء، محاولاً دفع الشياطين إلى الخلف.

لكن "إيفا" لم تبتسم وحسب؛ بل كان لديها خطوة متقدمة، فقد استخدمت شياطينها لتقلد مهارته، ولكن بقوة مضاعفة، ما أدى إلى عكس التأثير عليه. فجأة، بدأت عظامه وأشلاؤه تتفكك، وتناثرت خلايا جسده في الهواء وكأنه تلاشى في طوفانٍ من الظلام.

2024/11/03 · 20 مشاهدة · 628 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025