86 - أرك : الثعالب الروسية : المجلد 1

الهواء كان أثقل من أن يُستنشَق، كأنّ اللهاث نفسه أصبح تهمة.

‎رماد يتطاير كثلوج سوداء فوق رؤوسٍ أنهكها الصراخ...

‎أبنية مشتعلة تُشبه أطلال حضارة أُبيدت في ليلة واحدة.

‎شارع بورقيبة تحوّل إلى كفنٍ مفتوح، والمارّة... أشباحٌ يجرّون جثثهم، لا يعلمون إن كانوا أحياءً أم ناجين بالخطأ.

‎لم يكن أحدٌ يعرف من أين بدأت الضربة.

‎البعض قال إن الانفجار الأول جاء من تحت الأرض.

‎آخرون أقسموا أن السماء انشقت، وأن شيئًا لم يكن بشريًا هو من أمطر النيران.

‎لكن الحقيقة؟

‎لا أحد أراد أن يعرفها.

‎لأن من يعرف... يُطارد

‎في قلب الركام،

‎صوت أنينٍ ضعيف لطفل يبحث عن أمّه،

‎وعجوز تتكئ على جدار نصفه مكسور،

‎تردد بعيون فارغة:

‎"قالوا إنها حرب أودجين..

‎لكن من الذي جلس، ومن الذي أُحرق؟"

‎ إحصائيات الدمار:

‎64٪ من وسط المدينة تحوّل إلى أنقاض.

‎خطوط الكهرباء اختفت كما لو أنها لم تُبنى يومًا.

‎الجيش انسحب بعد ساعات، وترك المكان بلا قيادة.

‎الصمت أصبح أكثر صوتًا من الرصاص.

‎لكن ما لم يره أحد…

‎هو ذلك الظل الذي مرّ بين الخراب، ينظر دون ندم، يمشي دون صوت،

‎وفي عينيه…

‎انعكاس أودجين.

‎بعد ساعات من المجزرة...

‎لم يعد هناك ما يُخفي الحقيقة.

‎أصبحت السماء فوق تونس رمادية من الدخان… أما الإنترنت، فكان أكثر اشتعالًا.

‎في أقل من خمس ساعات:

‎هاشتاغ #العدالة_لتونس تصدّر ترند 42 دولة.

‎صور من القصف انتشرت بسرعة البرق، بعضها كان من هواتف سكان نجوا بأعجوبة.

‎فيديو لطفلة تخرج من تحت الأنقاض صار أيقونة الثورة الرقمية الجديدة.

‎ تويتر، فيسبوك، إنستغرام، تيك توك...

‎"لماذا لا أحد يحاسب؟ من سمح للمنظمة الأفريقية باستفزاز الشيطان؟"

‎"منظمة أودجين مجرمة، نعم... لكن من فتح فمها أولًا؟"

‎"نحن ضحايا في حرب لا نعرف أسماءهم حتى."

‎"هم يتقاتلون، ونحن نموت."

‎ شخصيات عامة تدخل:

‎ناشطة حقوقية فرنسية:

‎"حين يُداس المدنيون تحت أقدام التنظيمات، فهذه ليست حربًا، بل مذبحة دولية."

‎سياسي إيطالي:

‎"ما حدث في تونس هو دليل جديد على أن اودجين يظنون أنفسهم فوق الإنسانية."

‎صحفي تونسي عبر بث مباشر:

‎"أنا أنقل هذا من وسط الدمار... لا يوجد جيش، لا توجد حكومة، فقط رائحة الموت، والحقيقة؟

‎الكل يعرف أن المنظمة الأفريقية هي من بدأت بإثارة غضب أودجين."

‎ ثم بدأت النظرية تُزرع:

‎> "هل كان الهجوم فعلًا مجرد رد؟"

‎"، أم كانت هذه خطة من البداية لاستفزاز أودجين؟"

‎"لماذا لم تتدخل أي جهة؟ هل الكل متواطئ؟"

‎ وفي منشور شاركه ملايين:

‎> "ربما المنظمة الأفريقية كانت تريد حربًا...

‎لكنها لم تحسب ثمنها."

‎في أقل من 72 ساعة على مجزرة تونس، لم تعد المنظمة الأفريقية فقط متّهمة...

‎بل صارت منبوذة.

‎بدأت البيانات تتساقط كأوراق خريف سياسي لا يرحم:

‎أول بيان رسمي من حكومة إسبانيا:

‎> "نُدين بشدة التصرفات غير المسؤولة للمنظمة الأفريقية، والتي ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في استفزاز تنظيم أودجين، وخلق صراع دموي راح ضحيته الآلاف من المدنيين الأبرياء. نُعلن رسميًا قطع كافة أشكال التعاون مع المنظمة حتى إشعار آخر."

‎🇮🇹 إيطاليا تلحق:

‎> "الحكومة الإيطالية لا تستطيع الاستمرار في دعم منظمة لم تُظهر أي التزام بالشرعية أو حماية أرواح المدنيين."

‎🇩🇪 ألمانيا:

‎> "المجزرة تُعد انتهاكًا لميثاق التحالف الدولي لمكافحة التنظيمات المستقلة. لن تكون هناك شراكة مع منظمة تُدار كمجموعة مقاعد مغلقة."

‎ وبدأ الانهيار...

‎تم سحب 11 سفيرًا من الدول الأوروبية.

‎أُغلقت 4 مكاتب دبلوماسية للمنظمة خلال 24 ساعة.

‎أوقفت بعض الدول تحويل الدعم اللوجستي والمالي.

‎الاتحاد الأوروبي يعقد جلسة طارئة تحت عنوان: "هل أصبحت المنظمة الأفريقية تهديدًا دوليًا؟"

‎ إعلامياً:

‎برامج حوارية تحوّلت إلى ساحات إعدام علني،

‎صحف وصفت المنظمة بـ"السفّاحة بربطة عنق"،

‎ووسائل الإعلام تسربت إليها وثائق سرية (أُشيع أنها من أحد المقاعد المنشقين)، تكشف أن المنظمة كانت على علم بتحركات أودجين... لكنها اختارت الاستفزاز.

-------

المكان: القاعة الكبرى للأمم الدولية – جنيف

‎الحضور: 42 دولة، بما في ذلك القوى الكبرى: أمريكا، الصين، فرنسا، اليابان، روسيا، الهند، و17 دولة من إفريقيا وآسيا.

‎لم تكن القاعة مزدحمة… بل كانت محاصرة بالتوتر.

‎الوجوه باردة، العيون مرهقة، والألسنة تتهيأ لسفك آخر: الشرعية.

‎عُلّق على الجدار شعار:

‎"نظام واحد... منظمة واحدة... لا فوضى بعد اليوم."

‎ كلمة الولايات المتحدة الأمريكية:

‎> "ما حدث في تونس ليس مجرد مأساة...

‎إنه دليل واضح على فشل نموذج المنظمة المتعددة الأطراف."

‎"العالم لا يحتمل منظمتين متنافستين، كل واحدة تتحرك بلا تنسيق، بلا قانون، وبلا محاسبة."

‎"ندعو إلى إلغاء الاعتراف بالمنظمة الأفريقية، وسحب دعمها، وتجريدها من الصلاحيات الدولية كافة."

‎"في مواجهة الإرهاب، لا يجب أن توجد منطقة رمادية.

‎إما أن تقف مع العدالة… أو مع الفوضى."

‎🇫🇷 فرنسا:

‎> "حان الوقت لوضع حد لهذه المهزلة.

‎نحن مع الولايات المتحدة… ولسنا مع من جعل المدن ساحة انتقام شخصي."

‎🇯🇵 اليابان:

‎> "كل منظمة تحمل سلاحًا دون رقابة، فهي مشروع كارثة.

‎لن نعترف بعد اليوم إلا بمن يلتزم بالقانون العالمي، والردع المسؤول."--

‎🇷🇺 روسيا (بخطاب مبهم... لكنه حاسم):

‎> "الاستقرار أهم من الهيبة.

‎من يريد فرض قوته، فليفعل... لكن دون أن يحرق مدن الأبرياء."

‎ ثم يأتي البيان الختامي – دعم مطلق:

‎> "نُعلن نحن، الموقعين أدناه، دعمنا الكامل للمنظمة الأمريكية بصفتها الكيان الدولي الوحيد المخوّل بالتحرك ضد التهديدات المنظمة.

‎وندعو إلى:

‎تجميد صلاحيات المنظمة الأفريقية.

‎حظر تمويلها دوليًا.

‎محاسبة قيادتها على التصعيد الأخير.

‎كما نؤكد أن أي منظمة تعمل خارج هذا الإطار، تعتبر كيانًا خارجًا عن الشرعية."

‎ ما بعد الاجتماع:

‎أسواق السلاح تُسحب صفقاتها من المنظمة الأفريقية.

‎بعض عملائها السابقين يختفون فجأة.

‎تظهر أولى إشارات التصدّع داخل القيادة.

‎ تعليق إعلامي سريع من محلل سياسي:

‎> "الاجتماع اليوم لم يكن عن العدالة... بل عن من يكتب القصة.

‎أودجين لم تُذكر، لكن الجميع يعرف أنها كانت الورقة التي قلبت الطاولة."

‎&&&&&&&&&

‎المكان: بث عالمي من العاصمة الأمريكية، الساعة الثامنة مساءً بتوقيت العالم.

‎يظهر رئيس المنظمة الأمريكية، السيد رجل طويل، بعيون ثاقبة وصوت هادئ لكن مشحون بالثقل. الكاميرات تركز على عينيه... كأنها تنقل شيئًا أكبر من الكلمات.

‎الخطاب:

‎> "أيها العالم...

‎كثيرون ينتظرون منّا أن نقضي على العصابات… أن نعتقل، نعدم، نزيل، نمحو…

‎لكن مهلاً...

‎هل نعيش في عالمٍ نقيّ إلى هذه الدرجة؟

‎هل سبق أن وجدتم عدالة لا تشوبها المصالح؟ قوة لا يشوبها الغرور؟

‎أنا لا أؤمن بذلك."

‎"كل جريمة في هذا العالم، ليست سوى عرضٍ لمرضٍ أعمق:

‎الفوضى.

‎الفوضى لا تموت بالقمع.

‎الفوضى… تُنظَّم."

‎"نعم، نحن لا نقضي على القتلة.

‎نحن نضع القتلة في طوابير… نُعطيهم أرقامًا…

‎نحدد لهم متى يقتلون، ولماذا، ومن."

‎"نحن لا نُطفئ النار،

‎بل نرسم لها طريقًا… ونجعلها تحترق حين نريد، وبالقدر الذي نحتاجه."

‎"هذا ليس انحرافًا… هذا ما يُسمى: الحُكم.

‎فالسلام ليس غياب العنف.

‎السلام هو احتكار العنف.

‎وحدها منظمة قوية، بعيون في كل الزوايا، بصفقات مع كل الوحوش،

‎يمكنها أن تمنع أن يتحول العالم إلى ذئاب تنهش بعضها."

‎"من يرفض التعاون معنا، يختار أن يمشي وحده…

‎ومن يمشي وحده، سيصبح طريدة…

‎وصدقوني… في عالمنا هذا…

‎لا أحد ينجو وهو طريدة."

‎"أنا لا أطلب منكم أن تحبوني…

‎ولا أن تحبوا طريقتنا…

‎فقط، تذكّروا هذا:

‎عندما يهدأ كل شيء…

‎وعندما لا تسمعوا صوت رصاصة…

‎فاعلموا أن خلف هذا الصمت...

‎كان هناك من رسم القتل بدقّة، حتى لا يصل إلى باب منزلكم."

‎"هذا هو السلام.

‎وهذا هو عملنا."

‎– رئيس المنظمة الأمريكية.

‎ التأثير الفوري:

‎ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي:

‎"هل نحن نعيش في ظل منظمة قاتلة؟"

‎"الشر منظم... لكن هل هذا يُبرر وجوده؟"

‎نُشر على صفحته الرسمية بعد ساعة واحدة من انتهاء الخطاب المتلفز، ولاقى أكثر من 40 مليون تفاعل في أول 3 ساعات فقط.

‎> **"كم هو جميل أن تتحدث عن المبادئ بينما تغرق مدينتك في الدماء.

‎كم هو نقيّ أن تصرخ من أجل العدل، وأنت تحمي من بدأ المجزرة.

‎يا منظمة أفريقيا…

‎هل تتذكرون حين طالبنا بتوحيد النظام؟

‎هل تتذكرون كيف قلتم إنكم تعرفون الأرض أكثر؟

‎الآن انظروا… الأرض لم تعد موجودة."

‎"أمامكم خياران:

‎1. تنسحبون بهدوء، وتتركون الملف لنا، كما يجب أن يكون.

‎2. أو تستمرون بالمقاومة، وسنعتبركم جزءًا من المشكلة.

‎هذا ليس تهديدًا…

‎بل إنذارًا قانونيًا… مدعومًا من كل دولة تبحث عن النجاة.

‎أغلقوا منظمتكم… قبل أن يُغلق التاريخ عليكم صفحته الأخيرة."

‎— R.O.A. (رئيس المنظمة الأمريكية)

‎ ردود الفعل العالمية:

‎وسائل إعلام:

‎"هل أصبحت المنظمة الأفريقية عبئًا عالميًا؟"

‎"مطالبات أممية بإعادة تنظيم قوى الردع الدولية بعد كارثة تونس."

‎"واشنطن: 60 دولة تدعم إعادة هيكلة المنظمات وتوحيدها تحت قيادة واحدة."

‎هاشتاغات عالمية تنتشر:

‎#أغلقوا_الأفريقية

‎#نريد

قائدكم

يتحدث

‎#من

سبب

المجزرة؟

‎ ضغط شعبي على المنظمة الأفريقية:

‎داخل المقر الرئيسي للمنظمة الأفريقية، الاتصالات لا تهدأ، القنوات تطالب بتصريح عاجل، والناس… تريد إجابة.

‎كل العيون تتجه إلى الرجل الذي كان صامتًا طوال الوقت…

‎رئيس المنظمة الإفريقية.

2025/08/02 · 7 مشاهدة · 1438 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025