ثلوج موسكو كانت تهطل كما لو أن السماء تحاول طمس كل أثرٍ على الأرض.
خطت أقدامهم فوق الأرض البيضاء، خمسُ ظلالٍ تقترب من نُزُل قديم قرب حافة المدينة.
البردُ لم يكن أقسى ما واجهوه، بل الصمت المشحون بين بعضهم البعض.
الفرقة تُدعى "بيغ وان"، اسمٌ يُثير الخوف في أعين العارفين، لكن من ينظر إليهم الآن سيشعر بشيءٍ آخر…
لا يوجد ترابط، لا يوجد دفء.
فقط فرقةٌ تمشي وكأن كل واحد منهم غريب عن الآخر.
الأسماء:
سيدة مين: امرأة في أواخر الثلاثينات، نظراتها حادة مثل شفرات جليدية.
ريكو: فتاة شابة في العشرين من عمرها، شعرها أحمر قاتم، وعينيها تُشعّ بالتحدي والرفض.
جاي-شِن: رجل طويل وهادئ، لا يتحدث إلا عند الضرورة، دائمًا ما يضع يديه في جيبه كأنه يخفي شيئًا.
هاكو: أكثرهم كلامًا، دائم الابتسامة، لكن ابتسامته لا تصل عينيه أبدًا.
كِرِن: أضخمهم جسدًا، وأقلهم صبرًا، يمشي وكأن الأرض تغضب من ثقله.
دخلوا النُزُل، وانتشروا كلٌ في زاويته، كما لو أن كلاً منهم يرفض أن يلامس ظلال الآخر.
ريكو (بصوت منخفض):
ـ "ثلاث ساعات في الطائرة بجانب كِرِن كانت أسوأ من أي مهمة قتل خضتها."
كِرِن (يرد ببرود):
ـ "كنتُ سأقول نفس الشيء، لكني قررت أن أُرحم آذانكم من نبرة صوتك."
جاي-شِن لم يلتفت، فقط أخرج سيجارة وأشعلها، ثم قال بنبرة خفيفة:
ـ "صوتكما كلاكما مزعج… لو تعلمون."
هاكو (ضاحكًا وهو يتكئ على الجدار):
ـ "أعشق هذا الصمت العدواني بيننا… يجعلني أشعر أني في عائلة حقيقية."
سيدة مين (بهدوء، دون أن تنظر إليهم):
ـ "اصمتوا جميعًا، لسنا هنا لنكمل مسلسلاتكم السخيفة. نُنهي المهمة ثم نعود. لا أريد عواطف، لا صراعات."
سكت الجميع، لكن الصمت لم يكن سلامًا…
بل كان سُماً يتسلل في الهواء.
مرّت دقائق طويلة قبل أن يتكلم هاكو مجددًا، وهو يحدق من النافذة إلى الشارع المكسو بالثلج:
ـ "أتعرفين، مين؟... رغم كل هذا الكره، لا أحد فينا غادر الفريق. لا أحد."
ريكو (بغضب):
ـ "لأنك إن خرجت من بيغ وان، تخرج من هذا العالم حيًّا بصعوبة. لا تجعل الأمر يبدو كأنه ولاء."
هاكو (بابتسامة باردة):
ـ "لكننا ما زلنا هنا. خمسة من أكثر القتلة كرهًا لبعضهم، نأكل على نفس الطاولة، ونتقاسم الرصاص ذاته."
سيدة مين نظرت إلى الجميع ثم قالت بهدوء:
ـ "نحن لسنا عائلة. لسنا أصدقاء. نحن شيء آخر… كالعنكبوت، إن قطعت أحد أرجله، سيتعثر، لكن إن حاولت قتله بالكامل… سيُهاجم بكل ما يملك."
سكنت الغرفة من جديد.
لكن شيئًا في قلوبهم كان يتحرك.
ربما لم يحبوا بعضهم،
لكنهم لم يتركوا بعضهم أيضًا.---
وفي الخارج، تحت عمود إنارة، كانت هناك سيارة سوداء تنتظر.
رجل بوجهٍ مُغطى، يُدخن بهدوء، يُراقب النُزُل بعينين نصف مغلقتين.
وفي جهاز اللاسلكي قال:
ـ "الفرقة وصلت. تمامًا كما توقّعنا سيد أكاي سنمدهم بالمعلومات اللتي لدينا .. سيبدأ كل شيء قريبًا."
جلست الفرقة حول طاولة خشبية بالية، في بهو النزل الصامت، يعلوها ضوءٌ أصفر خافت لا يكشف كل شيء.
بدت نظراتهم متوترة، كلٌّ منهم يغرق في أفكاره، حتى قطعت ريكو الصمت بنبرة مترددة:
ريكو:
ـ "أتساءل… لو كانت سيدة بلاك داون هنا… هل كانت ستحتمل رؤية روسيا بهذا الجليد؟ كانت تكره البرد، أليس كذلك؟"
سكتت للحظة، ومرّ شريط ذكريات عابر في ذهن الجميع.
ثم ردّ هاكو بنبرة ساخرة ممزوجة بالأسى:
هاكو:
ـ "كانت تكره البرد… وتكره الخيانة أكثر. لكنها في النهاية خانت قبل أي شيء."
جاي-شِن تدخّل ببرود:
ـ "لا زلت أرى وجهها تلك الليلة… حين واجهها هاكو بنفسه. كانت ليلة مضحكة "
انكمشت ملامح ريكو، وصوتها اختنق:
ـ "لم أتوقع منها أن تسقط هكذا. بلاك داون كانت قدوتي في بعض الأحيان… لم أصدق أنها ساعدت شيماء لتنفيذ خطتها ضد المنظمة "
تنهد كِرِن، وضرب الطاولة بقبضته الثقيلة:
ـ "وراغنا؟… ذلك الوغد… ضحك معنا، أكل معنا، خطط معنا… ثم طعن آكاي في الظهره."
قال هاكو بابتسامة باهتة:
ـ "ما أغرب هذا العالم… أقرب الناس إليك، يزرع خنجرك في قلبك. ومع ذلك… أشتاق لهما، لا أنكر ذلك."
رفعت سيدة مين رأسها، كانت عيناها مثل جليدٍ صافٍ:
ـ "نشتاق لهما لأننا عشنا معهما أكثر مما عشناه مع عائلاتنا. هذه هي حقيقة فرق القتلة… يجتمعون على الدم، ثم يفرقهم الخداع."
أشاح ريكو بوجهها:
ـ "أكاي… حين قتلهم، شعرت للحظة أن قلبه تحطم أكثر منّا جميعًا. كان يثق ببلاك داون. كان يعتبر راغنا يده اليمنى."
جاي-شِن تمتم وهو يراقب سيجارته تحترق ببطء:
ـ "أكاي لم يكن يملك خيارًا. من خان مرة… سيخون ألف مرة. هذا قانوننا."
ساد صمت ثقيل، كأن الجدران نفسها تستمع لآلامهم.
ثم أكملت سيدة مين:
ـ "صدقوني… أكاي سيقتلنا جميعا نفس مصير بلاك داون ههههههههههه كلنا سنتبع قلبنا في الاخير ، بلاك لم يكن لها اي خيار غير مساعدة صديقة طفولتها و راغنا كان يحب بلاك داون كثيرا لذالك ساعدها ."
هاكو ابتسم ابتسامة حزينة، وقال:
ـ "لكننا ما زلنا نذكر ضحكتها… ضحكة بلاك داون… وطريقة راغنا في تقطيع الورق حين يشعر بالملل. هذه الذكريات تقتلني أكثر من رصاص العدو."
ريكو (تنظر إلى يديها):
ـ "أنا أيضًا… كلما غفيت، أراها. أراها في كل زاوية، وأكره ذلك، وأشتاق في ذات الوقت. ما هذه اللعنة؟"
اقترب جاي-شِن قليلًا، وصوته منخفض جدًا:
ـ "ربما نحن فقط لا نعرف كيف نمضي… فقدناهم، ولا نملك الحق حتى في الحزن عليهم."
انكمش قلب الجميع مع تلك العبارة، وبدا أن البرد في الخارج أقل قسوة من البرود الذي اجتاح أرواحهم.
رفعت سيدة مين كوب الشاي أمامها، شربت رشفة صغيرة، ثم قالت بهدوء صارم:
ـ "يكفي. هؤلاء ماتوا، انتهوا. نحن من بقي، ونحن من سيكمل. لا مكان للحنين في قلوبنا."
لكن رغم ذلك، كان في عيونهم شيء لا يمكن محوه…
اشتياق ملوث بالخيانة،
وحبٌّ موجوعٌ لا يستطيع أن يموت.