الساعة الآن الثالثة بعد منتصف الليل.
الحي يغوص في ظلام تام.
حتى الثلج توقف عن السقوط، وكأن السماء تحبس أنفاسها.
في أحد الأزقة الضيقة داخل "ليسنوفا"، تقف فرقة "بيغ وان" أمام بناية من أربعة طوابق، بلا أضواء، بلا نوافذ سليمة، بلا أي علامة على الحياة.
سيدة مين همست وهي تشير بيدها اليمنى:
ـ "هدفنا: الطابق الثاني. الغرفة التي تحرّكت فيها الستارة."
ـ "لا نُطلق نار. لا نُصدر صوت. لا نترك أثر.
نحن لسنا هنا."
انطلق الفريق بهدوء.
كِرِن استخدم عتلة صغيرة لكسر قفل الباب الخلفي بصمت.
الأبواب صدئة، لكن لا أحد يسمع في هذا المكان.
دخلوا واحدًا تلو الآخر…
وما إن دخلوا، حتى اصطدمت أنوفهم برائحة غريبة.
ليست عفنًا… بل أقرب إلى الكحول والمطهّرات.
ريكو (تغطي فمها):
ـ "رائحة تعقيم... قوية جدًا."
هاكو (يفحص الجدران):
ـ "طلاء جديد هنا… شخص ما طلى هذا الجدار مؤخرًا لإخفاء شيء."
جاي-شِن اقترب من الباب الأول، وضع أذنه… لا صوت.
ثم أشار، وفتح الباب بسرعة.
الغرفة الأولى:
فارغة… إلا من كرسيين قديمين، وطاولة عليها علبة معدنية صغيرة، عليها بقايا سائل شفاف.
سيدة مين أخذت العلبة، شمّت:
ـ "إيزوبنتان… نفس المادة التي وجدناها في قضية التجميد."
هاكو (يفتش بسرعة):
ـ "لا أدوات، لا أوراق… المكان نُظّف بعناية."
كِرِن (من الغرفة المجاورة):
ـ "هنا شيء آخر… تعالوا."
دخلوا الغرفة الثانية.
كل شيء مغطّى بأغطية بيضاء، مثل غرفة جراحة قديمة.
لكن ما لفت انتباههم كان الكرسي الأوسط…
كرسي طبي، مثبت بالأرض، وحوله بقايا أربطة جلدية ممزقة.
ريكو (بقلق):
ـ "هل هذا... لربط أشخاص؟"
جاي-شِن (ينظر إلى الأرض):
ـ "آثار كفوف… طينية، غير بشرية. صغيرة… لكنها ليست لأطفال."
سيدة مين (تحذّر):
ـ "أوقفوا البحث. هناك كاميرا هنا."
نظروا جميعًا إلى الزاوية العليا.
كاميرا صغيرة جدًا، بالكاد ترى، لكن تعمل… مصباح أحمر صغير يلمع بخفة.
هاكو (بهمس):
ـ "نحن مكشوفون."
سيدة مين (بهدوء):
ـ "انسحبوا. لا نُظهر أننا رأيناها. غادروا ببطء، وكأننا لم نجد شيئًا."
بدأ الفريق بالانسحاب.
كل خطوة محسوبة، كل نفس بارد.
لكن عند الباب…
توقّف كِرِن فجأة.
وأشار نحو الجدار…
رسمة صغيرة جدًا، محفورة بمسمار:
"الثلج يُخفي ما لا تريد أن تراه."
هاكو (يقرأ):
ـ "رسالة… مَن كتبها؟ لنا؟ أم للضحايا؟"
سيدة مين (تمشي للخارج):
ـ "ربما الاثنين."
خرجوا من البناية، وعادوا إلى موقع المراقبة.
الكل كان صامتًا، يفكر.
لقد دخلوا… وخرجوا دون صوت،
لكن الآن، هم على الرادار.
وثعالب الجليد… بلا شك، عرفت أنهم ليسوا من سكان الحي.
كان الصقيع قد عاد، يغزو الشوارع من جديد، والريح تصفر من بين نوافذ المباني المهجورة.
في غرفة المراقبة الصغيرة، جلس أعضاء فرقة "بيغ وان" يراجعون ما جمعوه... حين انطفأت الأضواء فجأة.
ريكو (بهمس وهي تجهّز سلاحها):
ـ "انقطع التيار."
هاكو اتجه نحو النافذة بحذر، أزاح الستارة قليلاً، ثم قال بنبرة باردة:
ـ "ليست صدفة… لدينا ضيوف."
في الخارج، توقّفت ثلاث سيارات سوداء بلا لوحات.
خرج منها رجال يرتدون معاطف سميكة، ووجوههم مخفية بأقنعة رمادية.
كلهم بنفس الطول تقريبًا، نفس الحركة… وكأنهم نسخ.
سيدة مين وقفت ببطء، وسحبت وشاحها عن عنقها:
ـ "ليسوا ثعالب الجليد… بل عبيدهم.
التابعون الذين يُلقون بهم في الأمام ليُقتلوا أولاً."
كِرِن (بتوتر):
ـ "وهم يعرفون أننا هنا."
خطوات ثقيلة تصعد الدرج…
واحد… اثنان… ثلاثة… خمسة.
طرق على الباب.
ثم صوت خشن، منخفض:
— "فرقة بيغ وان... لم نظن أنكم ستحضرون بهذه السرعة."
— "أنتم أذكياء. أكثر مما توقّعنا."
جاي-شِن (يضرب قبضته بكفّه):
ـ "نخرج لهم؟ أم ننتظر أن يدخلوا؟"
سيدة مين تقترب من الباب، لا تفتحه، فقط تردّ بصوت هادئ:
— "جئنا باكرًا... أردنا فقط أن نكشف أكثر عن رائحة القمامة."
— "لكن يبدو أن القمامة سبقتنا."
ضحكة خفيفة صدرت من خلف الباب، ثم:
— "ما زال أمامكم وقت للهرب... أو للاحتراق."
مين التفتت بهدوء إلى الفريق:
ـ "تحركوا."
ـ "إذا دخلوا… لن يخرجوا."
الصمت يعمّ المكان.