جاي-شِن:

‎ـ "تقدّموا أنتم أولًا، نريد أن نعرف من أنتم حقًا..."

‎قالها بصوت ساخر، وهو يفتح علبة علكة بهدوء.

‎أربعة رجال اندفعوا من جهة الباب،

‎ثلاثة منهم بأجسام متوسطة، والرابع ذو بنية ضخمة وعينين حادتين يلمع فيهما شيء غير مريح.

‎مين بصوت هادئ:

‎ـ "أغبياء... كانوا يراقبوننا ونحن من يجرّهم كالفئران."

‎ريكو تراجعت خطوة:

‎ـ "هاكو، أنت لك المسرح."

‎هاكو لم يجب.

‎تقدّم إلى منتصف الغرفة، وأغمض عينيه.

‎الهواء... تغيّر.

‎خفيف، لكنه ثقل فجأة.

‎كأن شخصًا ما ألقى ستارة من الرماد الرمادي في الأرجاء.

‎المهاجم الأول اندفع بسرعة،

‎لكن في منتصف الطريق...

‎توقف فجأة.

‎"آه... لماذا تدور الغرفة؟!"

‎ترنّح، كأنه ثمل.

‎ثم وضع يديه على رأسه، وصرخ:

‎ـ "ما هذا؟! كأن أحدًا يحفر في جمجمتي!"

‎الثاني لم يهتم، اندفع بغضب...

‎ضربات يده كانت سريعة، لكنه لم يصب شيئًا.

‎هاكو تحرّك بهدوء،

‎جعل خصمه يدور بلا هدف داخل مجال الدوامة،

‎ثم فجأة…

‎صفعه على مؤخرة الرأس.

‎سقط الثاني مباشرة، يتقيأ، فاقدًا التوازن تمامًا.

‎الثالث حاول التراجع، لكن قدماه خانتاه.

‎سقط وبدأ يتلوى:

‎ـ "لا أرى… لا أسمع… أين أنا؟!"

‎جاي-شِن يتمتم بابتسامة باهتة:

‎ـ "هؤلاء ليسوا سوى هواء… انتبهوا للرابع."

‎الرجل الرابع لم يتحرك مباشرة.

‎كان يُراقب.

‎ثم قال بنبرة ثقيلة:

‎ـ "مهارتك مزعجة... لكنني استعددت لها منذ لحظة دخولي."

‎أغمض عينيه، ثم فتحهما وقد احمرّ بؤبؤاه.

‎مين (بتوتر بسيط):

‎ـ "هذا الرجل أقوى منهم... لا تقاتله كما قاتلت أولئك، هاكو."

‎الرجل قفز للأمام بسرعة،

‎ضربات قوية، وركلات دقيقة.

‎هاكو تجنب الأولى، الثانية، الثالثة…

‎لكنه تلقى الركلة الرابعة على كتفه،

‎تراجع خطوتين.

‎ريكو بصوت مرتفع:

‎ـ "أول مرة أراه يتراجع!"

‎جاي-شِن (باردًا):

‎ـ "المشكلة ليست في قوة الخصم... بل أنه لا يتأثر بالدوامة."

‎الرجل ضحك:

‎ـ "تحصين عقلي. كنت أتعامل مع أوهام قبل أن أتعلم حتى القتال."

‎هاكو رفع يده،

‎أطلق موجة ثانية من الدوامة... لكنها لم تؤثر.

‎فجأة…

‎هاكو اختفى!

‎ظهر خلف الرجل،

‎وبضربة من كفه في أسفل الرقبة، أرسله يدور في الهواء.

‎الرجل توازن، حطّ على قدميه.

‎ـ "كنت أعلم أن مهارتك لا تكتفي بالتأثيرات... أنت تضرب من خلال الجاذبية نفسها، أليس كذلك؟"

‎هاكو لأول مرة يتكلم:

‎ـ "أنت ذكي… لذلك سأجعلك آخر من يسقط."

‎رفع يده،

‎الدوامة بدأت تتكاثف، لونها ازداد سوادًا،

‎وبدأ الهواء يُسحب!

‎الرجل بدأ يتحرّك بصعوبة،

‎كلما اقترب من هاكو، شعر أن قدمه تُسحب للخلف.

‎ـ "مستحيل... ما هذا…؟"

‎جسده ارتجف.

‎في لحظة خاطفة،

‎هاكو انطلق أمامه،

‎وضربه بباطن كفه في بطنه مباشرة.

‎انفجار موجة هواء!

‎الرجل طار مترين،

‎سقط على الأرض، وبدأ يسعل دماً.

‎هاكو وقف فوقه،

‎ـ "أنت ستتحدث."

‎الصمت…

‎باقي أعضاء الفرقة ينظرون، لم يتدخلوا لحظة واحدة.

‎مين:

‎ـ "على الأقل، نعرف أن دوامتك لا تنفع مع الأغبياء… بل تحتاج خصمًا يستحق التلاعب به."

‎هاكو بصوت بارد:

‎ـ "وأنا أحب الخصوم الأذكياء… فهم يسقطون وهم يظنون أنهم ثابتون."

‎سُحِب الرجل الأخير إلى منتصف الغرفة، ودماء خفيفة تلطخ ثيابه. لم يكن مصابًا بجرح قاتل، لكن عينيه كانتا ممتلئتين بالخوف… خوفٌ لا من الموت، بل من شيء آخر، أكبر من الموت نفسه.

‎مين جلست أمامه بهدوء، ووضعت بينهما منضدة خشبية قديمة.

‎ــ "اسمع... لن أكرّر الأسئلة. إن أجبت، قد تنجو. وإن كذبت… فأنت تعرف ما سيفعله هاكو بك."

‎رفع الرجل عينيه المرتعشتين نحو هاكو، الذي كان واقفًا خلفه، لا يتكلم، لا يتحرك… فقط ينظر.

‎ــ "حسنًا… سأقول ما أعرفه، فقط أبعدوا هذا الرجل عني..."

‎قالت مين بنبرة حادة:

‎ــ "ماذا كنتم تفعلون قرب الشاحنة؟ ومن هو الرجل الذي دخلها؟"

‎تنفس بعمق، ثم قال:

‎ــ "الشاحنة... كانت محمّلة بشيء ما، لا نعرف بالضبط. نحن فقط ننقل ونؤمن المكان."

‎تدخل ريكو بحدة:

‎ــ "لا تُمثّل الغباء. ماذا كانت تحمل؟"

‎ــ "أقسم أنني لا أعرف كل التفاصيل... لكنها غالبًا مواد تخص المختبر."

‎رفعت مين حاجبها:

‎ــ "مختبر؟"

‎ــ "نعم… هناك مجموعة تعمل تحت الأرض، عندها معدات وتحاليل... ونحن نؤمّن الشحنات التي تصلهم."

‎تقدّم كاجي فجأة وقال:

‎ــ "ولمن تعملون؟ هل أنتم من ثعالب الجليد؟"

‎هزّ الرجل رأسه بسرعة:

‎ــ "لا، لا… لسنا منهم. حتى أننا لم نرَهم قط."

‎صمت، ثم تابع:

‎ــ "نحن نعمل تحت أوامر شخص اسمه دالين… رجل صامت، لا نراه إلا نادرًا، لكن على عنقه وشم... ثعلب أبيض يختبئ خلف زهرة سوداء."

‎تبادل أعضاء الفرقة النظرات.

‎مين بصوت خافت:

‎ــ "الثعلب..."

‎ريكو:

‎ــ "يعني دالين واحد من…؟"

‎قاطعهم الرجل:

‎ــ "لا! هو فقط تابع من الدرجة الثانية أو الثالثة. هو نفسه يتلقى الأوامر من أحد يسمونه "الظل الثالث". وكل هذا… مجرد نقطة في بحر ما تفعله عصابة الثعالب."

‎سكت قليلًا، ثم أكمل:

‎ــ "ما فعلناه هذا الأسبوع فقط... هو العملية رقم مئة. وكلها عمليات لا نعلم مصدرها النهائي… فقط ننفّذ ونرحل."

‎تقدم هاكو خطوة بطيئة للأمام وقال بنبرة هادئة تخفي غضبًا:

‎ــ "وأين مركزكم؟"

‎ــ "لا يوجد مركز. نحن فقط نتحرك بالشاحنات، وكل فرقة لا تعلم بوجود الأخرى. وحتى الاتصالات مشفّرة… من يفتح فمه يُمحى."

‎مين قالت:

‎ــ "وماذا كان يفعل الرجل الذي كان في الشاحنة؟"

‎ــ "كان يسلّم الشحنة الأخيرة... قال إنها ستكون نهاية هذا الفرع من العمليات. بعدها، سنختفي. قالها وهو يبتسم بثقة... كأنه يعلم أن أحدًا لن يلحق به."

‎صمت للحظات، ثم أضاف بصوت منخفض:

‎ــ "لكنه لم يكن يعلم... أن هناك مَن لحق."

2025/08/03 · 4 مشاهدة · 871 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025