episode 01 : He is back
قبل 8 سنوات
مطار العاصمة لبلد من الدرجة الثالثة الساعة 4:30
سار شاب متوسط الطول بشعر أسود كالفحم و عيون زرقاء بعمق المحيط مخبأة خلف نظارات شمسية داكنة مرتديا قميص أسود يظهر مدى بياض بشرته و يجر حقيبة سفر حمراء ورائه بينما يده الأخرى تعبث بهاتفه
في هذا الوقت حيث لم يكن هناك كثيرا من الناس في المطار و كان مظهر الشاب المشرق ملفت للنظر حيث تركزت معظم العيون عليه و مع ذلك أستمر بالسير بلا مبالاة مع ابتسامة خفيفة على شفتيه
وقف امام بوابة الخروج و نظر الى أولى خيوط الشمس في السماء بعيون لامعة أزال نظارته الشمسية و أخذ شهيق طويلا ثم زفر بأنتعاش وقد زينة وجهه إبتسامة راضية لقد مرت عشر سنوات منذ مغادرته و ها قد حان الوقت لعودته قشعريرة لا يمكن تفسيرها قد مرت عبر جسده و هو ينظر الى سماء وطنه بعد غياب طويل لقد عاد عاد لإكمال ما بدأه قبل عشر سنوات معلقا و لن ينكر ايضا انه عاد لينتقم
التقط هاتفه و قام بطلب اتصال و انتظر حتى النغمة الثالثة قبل ان يجيب الطرف الأخر بصوت نصف نائم
" أي وغد عديم الذوق يتصل في هذا الوقت حتى العصافير لا تزال نائمة أين إحساسك ؟"
ارتفعت زاوية شفت الشاب بتسلية وهو يسمع تذمرات النائم و قال و قد جعل صوته يبدو جادا و حادا
" الوغد عديم الأخلاق هو عمك هل تجرؤ على قولها مجددا نيلسون هاوريس "
سمع صوت سقوط و اصتدام ثم تأوه تلاه صمت قصير قبل أن يقول نيلسون بغضب
" اللعنة يوسكي لقد أخفتني أعتقدت أن علي أن أركع و أنتظر حكم إعدامي "
" انت الملام عزيزي نيلسون من يجيب على الهاتف نصف نائم ؟! بأي حال كان إرتطام قوي هل انت بخير ؟"
" تسألني أن كنت بخير كما لو كنت تهتم حقا ...بأي حال لما تزعجني في الصباح الباكر ؟ "
ضحك يوسكي
" اه هذا قراءة انك اذا إستيقظت مبكرا فستعيش طويلا قررت ان اجرب هذا عليك ايها الكسول ..هل تعتقد اني اهتم بك الان ؟"
صر نيلسون على اسنانه بغضب
" لقد قررت ان اموت مبكرا العيش طويلا مع صديق مثلك مرهق للأعصاب ....يوسكي من الافضل أن يكون لديك سبب مقنع لإيقاظي "
رد يوسكي بهدوء و إبتسامة خفيفة ترتسم على محياه
" لقد عدت نيلسون الا تريد ان تكون اول من يهنئني "
" عدت الى اين ؟ ما المزحة السخيفة التي تلعبها ؟"
" الوطن"
ظل نيلسون صامت لفترة طويلة قبل أن يهمس
" هل انت جاد يوسكي هل عدت حقا؟"
اغمض يوسكي عينيه و لم يستغرب رد صديقه هو نفسه لم يصدق انه قرر حقا العودة و انه الان يقف على الارض التي هرب منها لعشر سنوات اجاب صديقه بنبرة واثقة
" نعم لقد عدت "
رد نيلسون بسعادة لا يمكن إخفائها
" مرحبا بعودتك يوسكي مرحبا بعودتك يا صديقي "
" شكرا لك بالمناسبة تعال لصطحابي من المطار الآن "
" لكن لما قررت العودة فجأة؟" سأل نيلسون
شعر يوسكي بالبرد عندما كان واقفا امام بوابة الخروج وتجنب الرد على سؤال صديقه متحدثا بلهجة أمرة
" لا تضيع الوقت لديك عشرون دقيقة لتصطحبني نسمات الصباح باردة اذا تجاوزت عشرين دقيقة سأخبر عمك عن لعبك خارج البلاد أنت تفهم ما أقصده "
رد نيلسون بتوتر
" انتظر يوسكي عشرون دقيقة لا...."
اقفل يوسكي الهاتف في وجه صديقه بلا رحمة و عاد الى قاعة الانتظار
بالنسبة لنيلسون الذي اعتاد منذ فترة طويلة على اغلاق الخط في وجهه بهذه الطريقة نهض بسرعة وهو يفرك ظهره الذي يؤلمه نتيجة وقوعه من السرير و يشتم يوسكي "النذل" الذي يهدده دائما بعمه نقطة ضعفه الوحيدة
اتجه نحو الحمام و استحم في اقل من خمس دقائق ثم وقف امام المرآه لتجفيف شعره و هو يراقب انعكاسه شعر بني غامق و عيون خضراء كاليشم مع بشرة برونزية و جسد طويل القامة و عضلات لجسد رياضي من المؤسف انه ليس لديه الوقت للإعجاب بجمال انعكاسه فقد رمى مجفف الشعر بعد دقيقتين و ارتدى ملابسه بسرعة ثم التقط مفاتيح سيارته و غادر منزله متجه نحو المطار
ركن سيارته في موقف المطار و لم يكن هنالك زحام في هذا الوقت من اليوم اتجه بسرعة نحو بوابة الخروج و قد ارسل رسالة الى يوسكي ليجده واقفا بإنتظاره مع حقيبة سفر حمراء وراءه و لسبب ما بدت مألوفة جدا ؟!
توجه بسرعة نحو يوسكي الذي منحه ابتسامة مشرقة عندما التقت اعينهم و سرعان ما احتضنه بشوق
ربت يوسكي على ظهر صديقه وهو يهمس
" لقد اشتقت اليك حقا يا صديقي "
اجاب نيلسون بهمهمت قصيرة وهو يزيد من احتضانه
مزح يوسكي قائلا
" لم ارك منذ عامين فقط كيف انت اطول الان من المفترض انك توقفت عن النمو قبل عشر سنوات "
ابتعد نيلسون عن يوسكي و اصدر قهقهت خفيفة و عيناه محمرتان قليلا
" انت لا يمكنك ان تبقى جادا حتى في هذه المواقف يوسكي"
تنهد بأسف وتابع
"انت لا تتغير ابدا ... لم ارك منذ عامين و ما يشغل تفكيرك هو طولي لم يكن علي ان اتي لأرحب بك "
ضحك يوسكي و قال
" انسيت انك رحبت بي ( وغد عديم الذوق ) هذا ما قلته "
" انت لا تنسى الضغائن "
" بجدية كيف يزداد طولك "
تنهد نيلسون و أخذ حقيبة السفر الحمراء من يد يوسكي ثم بدأ بالسير نحو موقف السيارات
" لم يزدد طولي لديك مشكلة في النظر ايها القصير "
ركب يوسكي السيارة بجوار صديقه و تحدثا قليلا بعشوائية اثناء مغادرة المطار ثم اعاد نيلسون سؤاله السابق
" بجدية يوسكي لما قررت العودة فجاءة؟"
أجاب يوسكي بنبرة درامية و قد حاول الابتعاد عن المغزى الاساسي للسؤال
" لقد شعرت بالشوق الى وطني ماذا تسميها اجل استيقظ شعوري بالوطنية و دفعني لركوب اول طائرة و العودة للوطن لم أودع العجوز حتى أمل أن لا يصاب بسكتة قلبية " قال الجملة الأخيرة بتسلية خفية
رد نيلسون بسخرية بعد ان فهم ان صديقه يريد تضيع الموضوع
" فعلا ...من المؤسف ان وطنيتك تأخرت عشر سنوات قبل أن تستيقظ "
تحدث يوسكي بلا مبالاة
" ان تصل متأخر خيرا من أن لا تصل أبدا "
تنهد نيلسون ثم قال بنبرة جادة
" انا حقا لا أستطيع فهمك يوسكي لكن انا سعيد جدا لأنك عدت "
مع نهاية هذه الجملة خيم الصمت على السيارة كان صمت مريح لم يرد اي منهما ان يكسره
نظر يوسكي من خلال نافذة السيارة نحو العاصمة التي لم يرها منذ عشر سنوات رغم انه ولد فيها لقد تغيرت كثيرا بالرغم من انها لم تصبح مزدهرة كعواصم دول الدرجة الثانية الا انها اصبحت افضل عن الوضع اللذي تركها فيه يبدو ان الحاكم روليس يقوم بعمل جيد و يبدوا ان الثمن اللذي دفعوه في ذلك العام لم يضع هباء
في هذا العالم تصنف الدول الى ثلاث مستويات حسب القوة و الموارد و التطور التقني و الإجتماعي بالنسبة لوطنه فهو دولة من المستوى الثالث لديها نظام اجتماعي مميز قليلا فبلإضافة للأسرة الحاكمة يوجد ثلاثة أنواع من العائلات الأرستقراطية يعرف النوع الأول بنبلاء الوردة البيضاء وهم نبلاء يمتلكون الأراضي و العقارات كالمستشفيات و البنوك و غيرها أما نوع الثاني فهو نبلاء الوردة السوداء وهم من يقودون معظم المافيا و العصابات و تعاملات مع المافيا الأجنية و كازينوها المقامرة تجارة الأسلحة و الممنوعات و ما الى ذلك من أعمال العالم السفلي
بطبعة الحال يوجد عداء كبير بين نبلاء الوردة البيضاء و السوداء يرجع لأسباب متعدة و رغم تفوق نبلاء الوردة البيضاء في العدد الا ان قوة نبلاء الوردة السوداء عادلة كفة الميزان
النوع الثالث هم نبلاء التحالف مجموعة من نبلاء الوردة البيضاء و السوداء يغطون و يدعمون أعمال بعضهم البعض
وهم أقوى داعم للأسرة الحاكمة بعد الجيش
يلي النبلاء في التسلسل الإجتماعي التجار ثم رجال الدين الذين يعد نفوذهم شبه غير موجود ثم طبقة العاملة من موظفي الدولة و اخيرا الفقراء و المعدمون و هم يشكلون اكبر نسبة بين السكان حتى في العاصمة و مع ذلك ما يميز هذه الدولة عن بقية دول العالم الثالث هو عدم وجود نظام عبودية فيها فقد قام الملك الاول بإلغائه و لم يعمل أحد على إعادته و مع ذلك قبل عشر سنوات كان الفقراء يعيشون حياة أسوء من العبيد و لم يتحسن وضعهم الا في السنوات القليلة الماضية
" بالمناسبة هل يجب ان نذهب الى منزلي ام شقتك ..شقتك لم تستعمل من وقت طويل من الافضل ان أقود الى منزلي "
خرج يوسكي من فوضى افكاره بعد سماع ما قاله صديقه و سرعان ما أجاب بهدوء
" بل قد الى مقبرة الوردة السوداء"
تجمد جسد نيلسون عندما فهم مغزى الاخر ثم همس بعصبية
" هل انت ؟... لقد عدت للتو...أ أنت واثق اعني انت .."
لم يكمل جملته و ظل يحدق بصديقه الذي يتكئ برأسه على النافذة و أجاب بعد بعض الوقت بنبرة حازمة دون ان ينظر اليه
" انا واثق حان الوقت لأواجه الأمر "
لم يقل نيلسون شيء و تابع القيادة بهدوء
.....................................