20 - عند قبر والدته

الساعة 4:21 عصراً في اليوم التالي

قال عماد بعد رحلة في السيارة دامت لساعاتٍ طويلة: أخيراً لقد ظننت أنني سأموت قبل أن أصل إلى هنا.

قال له والده: ألم تكن أنت من أصر على أن تذهب إلى هنا

- نعم ولكني لم أظن أن هذا سيأخذ كل هذا الوقت.

في وقت سابق:


استيقظ عماد من نومه بعد أن رأى والدته في الحلم، في العادة كان سيترك رسالة لأبيه تفيد المكان الذي سيذهب إليه لكنه حتى لا يعرف أين دفنت أمه، بالتفكير في ذلك فقد مرت إحدى عشرة سنة على تلك الحادثة اللعينة.

أيقظ أباه وأخبره بما حصل وظل يلح عليه حتى وافق


الوقت الحالي:


قال الوالد لعماد: ما رأيك أن نمر على أعمامك وجدك.

قوبل الإقتراح بالموافقة الشديدة من طرف عماد.

كانا قد نزلا عند قرية ريفية بسيطة وفي أطرافها كانت المقابر، لم يعد والد عماد يتذكر لماذا دفن زوجته ، ظل عماد يتبع والده الذي كان يعرف تلك القرية كما يعرف شكل يده .

ظل يمر من حارة إلى أخرى ومن شارعٍ إلى آخر حتى وصلا إلى المكان الموعود.

رن الوالد الجرس وحين فتح الباب كان من فتحه رجل على ما يبدو أنه في منتصف الثلاثينات شعره أسود تخللته شعيرات بيضاء، كانت قامته متوسطة وبشرته سمراء قليلاً.

حين فتح الباب حياه عماد مبتسماً ، فوجده وجهه تقلب وقال بجفاء: إذن لقد أتيت يا سيد


ماذا؟ ما هذا الذي يحصل؟ لقد كان سعيداً منذ لحظة !!، هل يمكن أنه قد حصل شيء في الأحد عشر سنةً الماضية؟؟؟

كان عماد سيسأله عن سبب ذلك لكن والده منعه وقال بجفاء كبير جداً للرجل الواقف أمامه: ماذا؟ هل ستمنعني من دخول بيتي؟

شعر عماد أن ذلك الرجل - الذي هو عمه- تم غمسه في برميل من المزلة من تلك الكلمات البسيطة التي قالها والده وذلك بالإستناد لردة فعلة.

وبالفعل فتح لهم الباب، كان عماد يشعر نوعاً ما بالإختلاف يشعر بأنه غريب، طرد تلك الأفكار من رأسه عندما جلس على الأريكة بحجة فارغة.

لكن.......شكوكه تأكدت عندما لاحظ نظرات أعمامه ناحيتهم وطريقة كلامهم الغير ودودة .

مكث عماد في غرفة خاصة به بالرغم من أن كل ثلاثة ينامون في الغرفة الواحده فقد كان معظمهم عزاباً صغير السن فقد كان معظمهم قد ولد قبل عماد بفترة قصيرة أو بعده بفترة قصيره لأن والده قد تزوج في سن صغيرة.

لكن هناك شيء لم يفهمه عماد.... ما معنى أن هذا المنزل هو منزل والده وما تلك المعاملة التي عامل عمه بها أباه.

مرت تلك الليلة، وفي الصباح التالي افطر عماد ووالده مع أهل الدار -أقاربهم- وكانت المحادثات عادية تماماً بلا شيء لكنهم كانو يضحكون كلهم فيما عادا عماد.

بعد الإفطار خرجا يمشيان إلى حيث دفنت أم عماد.

في الطريق تكلم عماد: لا أدري يا أبي أظن أنك غير متوافق معهم قليلاً....

- أتظن ذلك؟

- أجل

- سأخبرك سراً لم أقله لأحد حتى الآن

- ما هو

- أنا لست أخاهم ولا أمتلك دماً من تلك العائلة

تفاجأ عماد وقال: حقاً!!!، كيف لم ألحظ ذلك؟

- لمجرد أنك لا تدقق في الأمور فقط، سأوضح لك عندما كنت في المدرسة ألم يكونو ينادوك فقط ب(عماد سيد)؟

- صحيح

- ألم تكن الشهادات الدراسية تكتب بذلك أيضاً؟

- أ....أجل

في تلك اللحظة شعر عماد بأنه كان أحمقاً طوال السنين الماضية

تابع والد عماد قائلا: ألم تفكر حتى لماذا؟

واستمرت المحادثة طويلتً حتى وصلا إلى المقابر.

دخل عماد ووالده ، كان عماد يتفحص أشكالها كان معظمها كصندوق كبير من الرخام ولم يدري كيف توضع الجثث فيها، ومقابر أخرى موضوع عند طرف مكان دفن الجثة قطعة من الرخام أو الجير لم يستطع عماد التحديد ،كانت تلك القطع مكتوبٌ عليها أسماء من يسكن في النعش تحت تلك الأرض.

عندما وصلا إلى منتصف المقابر رأى عماد مكان دفن أمه ، وقف هو وأبوه يقرآن الفاتحة على روح تلك المرأة التي كانت تعيش معهما وحين ماتت علقا في الجحيم.

وبعدها ظلا يدعوان لها، حتى إذا انتهيا قال والد عماد أنه سيستريح قليلا.

لكن عماد ظل واقفاً ينظر إلى مكان دفن أمه حتى قال: هكذا كان مصيرك وسيكون مصيري وأبي، كان موتك شيئاً لا بد منه لكن لماذا تلك الليلة تحديداً هل تكرهينني لتلك الدرجة؟ هل كنتِ تظنني أنني سأقتلك بعدها؟ لا أفهم ما كنت تفكرين به، دائماً لم أستطع فهمك.

أتعلمين يا أمي أنا الآن تصالحت مع أبي، سيكون لدي زوجة قريباً وسيكون لدينا أطفال سأحكي لهم عنكي حتى لو لم أتذكر شيئاً ، سأقول لهم أنك من اخترتي أمهم لي، سأقول لهم كم كانت جدتهم عظيمة حتى بعد مماتها.

لم يستطع إمساك دموعه فانهمرت أنهاراً، كأنها شلالات ، لا زال لا يريد تقبل حقيقة موت أمه حتى بعد أحد عشرة سنه.

تابع قائلاً: كم كنت أتمنى لو كنتي بجانبي الآن، تمنيت أن تعيشي إلى الأبد لكن....لكن لم يتحقق وبدلاً من ذلك فقدتك وأنا صغير، هل أذنبت؟ أجيبيني هل كانت تلك الأمنية خاطئة.

جثى على ركبته باكياً وهو يقول: كم تمنيت من الأمنيات لم يتحقق منها شيء، حتى أنت.... رحمك الله يا أمي رحمك الله.


بعدها بدقائق هدأ عماد وجاء والده وقال له أنهم سيعودون.

عادا إلى المنزل وكانت الشمس على وشك الغروب، دخلا إلى المنزل وجلس كل واحد على كرسي ليستريح قليلاً.

قال عماد لوالده بعد دقائق: قلت لي من قبل أنك تملك تلك الرواية التي كتبتها وأنا صغير أهذا صحيح؟

تبسم وقال مفتخراً بنفسه: أجل أأحضرها لك؟

- بلى أريد أن أرى ما كنت أفكر به وأنا صغير

قام الوالد وأحضر دفتراً قد تغبر غلافه الذي كان مقطوعاً قليلاً .

فتح عماد وقرأ كانت تلك الرواية تجري أحداثها حول شخص تحصل له أشياء غريبة، أو بمعنى أصح هناك شخص يتعذب من شيء غريب لا يعرف ما هو.

كان قد كتب فيها ثلاثة فصول فقط.

الفصل الأول وجد البطل نفسة في قرية تحترق و الثاني كان بيته يحترق فحاول الهرب منه لكنه يتم سحبه من قبل وحش، في أول فصلين كانت ردات فعل البطل ضعيفة والثالث كان عبارة عن تدمير لعقله يرى هلاوس وأشياء من ذاكرته وألوان تنفجر.

بعد أن قرأ عماد ما كتبه وهو صغير قال لوالده: هل كنت أكره الفتى بطل الرواية ؟

وضحك. ثم قال: أعني أن يجد البطل نفسة في قرية تحترق......لحظة .

إستوعب عماد أن طرق تعذيب البطل كانت نفس الطرق التي يعذبه بها الظل، قال ذلك لوالده وشرح

له عن الظل من البداية، فقال له والده: ماذا يعني أن يتشابه الإثنان في طرق التعذيب أتعرف؟

- هذا يعني...... لحظة ما الذي يعنيه هذا؟

2018/08/30 · 436 مشاهدة · 1005 كلمة
aasdfa
نادي الروايات - 2024