رج عماد من بيت والده وقلبه يتمزق ، شعورٌ سيء كالشعور عندما تحترق يدك وبعدها ترش عليها عطراً، أو عندما تضع الملح على الجرح.

لايهم ، بعد أن عاد عقله المغيب فكر عما سيفعله بعد الآن، لا يملك أثاثاً ، لا يملك بيتاً، في تلك اللحظة لم يمتلك عماد أي شيء في العالم سوى بعض المال في محفظته و الملابس التي كان يرتديها.

عاد إلى المنطقة حيث يلقب بذو الألف فضل، طلب مِن من يسكنونها كل واحدٍ على حداً أن يسكن معه ، لكن كانت إجاباتهم جميعاً كانت بالمختصر هي الرفض.

من بعيد كان هناك رجلاً يقف ويراقبه ، حين انتهى عماد تبسم الرجل وقال جملة من أحد الأفلام الشهيره والذي نسيت اسمه: ياعيني على الحلو لما تبهدله الأيام.

بعدها وخلال شهر انتهت أموال عماد من التنقل هنا وهناك ، يسكن في الفنادق ، الأرخص فالأرخص.

خرج بهدوء في الليلة التي وجد أن امواله نفذت فيها، فعماد حتى لو كان مفلساً فهو لديه كرامته وكبرياؤه .

بعدها ظل يهيم في الشوارع والطرقات بحثاً عن مكانٍ ينام فيه، مضى اسبوعٌ وملابسه اتسخت قليلاً .

لم ينم إلا لثماني ساعات في أول أسبوعٍ لتشرده.

بعدها اعتاد على الأمر ، فأصبح ينام في أي مكان.

وبمرور شهر دون أن يأكل سوى البقايا ودون أن يجد ما يقية من الليالي البارده، فنحن الآن في نهاية الشتاء، أصبح كالموتى الأحياء(الزومبي) جسده متسخٌ جداً وملابسه بدأت تتمزق، صارت عظامه بارزة، وجسده لا يعرف للدفء معنى لدرجة أنك إذا لمسته قد تتجمد ، ونظراته صارت خاوية من الحياه.

منذ مدة لاحظ أن أحداً يراقبه، لكنه لم يبالي.

يراقبه باستمرار، من الصباح إلى المساء.

كلما كانت تأتيه ذكرى تلك المنطقة كان يلعنهم بكل ما علم من كلمات اللعن.

وفي نهار أحد الأيام كان يسير في احدى الشوارع بلا وعي ، كان يعبر الطريق وهو غير منتبه للسيارات التي تسير فيه ، كاد سيارة تصدمه لولا أن شخصاً ما سحبه قبل ذلك ، إلتفت عماد إليه وقال له: شكراً لك أيها المراقب.

نظر له بتعجب وقال: ماذا تعني؟

- ألم تكن أنت من ظل يراقبني طوال الفتره الماضية.

تبسم وقال: أجل هذا انا.

- لكن في الواقع أنت تذكرني بشخصٍ ما

- من؟

- صديقٌ كان أصغر مني بعدة سنين اسمه لؤي

ضحك وقال لعماد: لماحٌ كما عهدتك يا عماد

- اذن هل أنت لؤي؟

- أجل معك حق

- اذن هل ستظل تراقبني هكذا أم هل ستتركني لحالي؟

معيشته في الشهر الماضي والأحداث التي تعرض لها جعلت ردود عماد كصحراء جافة.

لكن لؤي أيضا كان يعلم قليلاً عما حدث له و لذلك حافظ على ابتسامته وهو يجيب على سؤال عماد: لا هذا ولا ذاك سوف آخذك معي إلى المنزل.

ظهرت ملامح الدهشة على وجه عماد، وذلك كان أول تعبير له منذ مده وقال للؤي: وما المقابل؟

- وهل في قاموس الصداقة شيء يسمى مقابل .

لم يكن عماد يصدقه وقد بدى ذلك جلياً على وجهه.

تنهد لؤي وقال لعماد: اعتبر ذلك الشيء الذي فعلته مقابلا لما سأفعله.

نظر عماد للؤي باندهاش وقال: أمازلت تتذكر.

- وكيف لي أن أنسى

- حسناً سوف أوافق على طلبك أيها العبد

- مظهر من فينا هو مظهر العبد يا عماد؟

ضحك الإثنان بشده.

وهكذا التقى الصديقان لأول مره منذ سنين.

غريب لا؟؟؟؟؟

2018/08/29 · 456 مشاهدة · 510 كلمة
aasdfa
نادي الروايات - 2024