اخيرا لقد عدت. أتمنى ان تستمتعوا في الاحداث القادمة

—————-

" هيا انهض ايها الكسول".

استيقظ فينسينت على صوت راندولف الخشن وهو يصرخ فيه، وهو لم يكن شيء جيد بالنسبة له.

كان فينسينت متعب من الامس، ايضا مع حلمه عن عالمه السابق مرة أخرى، كان وكأن جسد بلا روح الان.

" هل سوف تدمر الغابة إذا لم توقظني في الصباح".

"هل انتهيت من التذمر؟"

كان صوت راندولف عميقًا وخشنًا وهو ينظر إلى فينسينت الذي كان يتذمر على السرير.

"لم أكن أتذمر... كنت فقط أفكر بصوت عالٍ."

نهض فينسينت من السرير ببطء، يدلك عينيه النعستين، ويمد عضلاته من اليوم السابق.

"فكر بصوت أقل، وأتحرك أكثر. لدينا عمل لننجزه."

كانت كلمات راندولف قصيرة كعادته. خرج من الكوخ قبل أن يضيف كلمة أخرى.

تنهد فينسينت وهو يراقب الباب الذي أغلق خلف الرجل.

"رائع، بداية يوم جديد مليء بالعجائب... والتعب."

بعد لحظات قصيرة، خرج من الكوخ ليلحق براندولف.

" على اي حال ماذا سوف نفعل".

" من اجل ان تصبح اقوى، عليك اولاً ان تعتاد على القتل والقتل، وأفضل طريقة لتفعل هذا هنا هو الصيد".

تحدث راندولف بطريقة موجزة.

الغابة في الصباح كانت مكانًا نابضًا بالحياة. الطيور تغرد بين الأشجار، وأوراق الشجر تلمع تحت أشعة الشمس، والهواء مليء برائحة الأرض الرطبة. سار فينسينت خلف راندولف، الذي بدا وكأنه جزء من الغابة، مشيته ثابتة وصامتة، خطواته بالكاد تترك أثراً خلفها.

"أتعلم، راندولف؟ لو أخبرتني في البداية أن كل شيء هنا يتعلق بالجري خلف الحيوانات، لكنت فكرت مرتين قبل موافقتي على المجيء معك."

توقف راندولف فجأة والتفت إليه، وجهه جامد كالصخر.

"وهل تعتقد أن الحيوانات أقل خطورة من البشر؟"

تفاجأ فينسينت بنبرة السؤال، لكنه رد سريعًا.

"لا، لكن... إنها مجرد حيوانات، صحيح؟"

ابتسم راندولف ابتسامة صغيرة، نادرة، لكنها كانت مليئة بالمعنى.

"ستتعلم قريبًا، فينسينت، أن الوحوش ليست دائمًا كما تبدو."

بعد ساعة من المشي، توقف راندولف وأشار نحو بقعة مفتوحة في الغابة.

"هذا هو المكان."

نظر فينسينت حوله. كانت الساحة محاطة بأشجار كثيفة، وهناك آثار أقدام على الأرض تشير إلى أن المكان مليء بالحياة البرية.

"ماذا سنفعل هنا؟"

أخرج راندولف قوسًا صغيرًا وسهامًا من حقيبته وألقاها باتجاه فينسينت.

"سوف تصطاد."

"أوه، بالطبع، لأنني محترف في استخدام القوس..."

"تعلم." قاطعه راندولف ببرود.

"القوس أفضل خيار لك الآن. لن تعتمد على القوة، بل على الصبر والمهارة."

"وإذا أخفقت؟"

"ستتعلم أسرع."

أخذ فينسينت القوس، مترددًا، وبدأ بالتجربة. في البداية، لم يتمكن حتى من تثبيت السهم بشكل صحيح. ضحك راندولف بصوت خافت، لكنه لم يقل شيئًا، فقط راقبه من بعيد.

مرت ساعة، ثم ساعتان، وفي النهاية تمكن فينسينت من إطلاق السهم بطريقة صحيحة، وإن كان الهدف لا يزال بعيدًا عن الإصابة.

"أحسنت."

"حقًا؟!"

"لا. لكنك لم تكسر القوس، وهذا تقدم."

تنهد فينسينت، لكن قبل أن يتمكن من الرد، أشار راندولف فجأة نحو غزال صغير كان يقف على مسافة بعيدة.

"هدفك الأول. كن هادئًا."

رفع فينسينت القوس بيدين مرتجفتين. كانت عيناه تراقبان الغزال بعناية، بينما قلبه ينبض بسرعة. أخذ نفسًا عميقًا، حاول تثبيت يديه، وسحب السهم ببطء.

لكن قبل أن يطلق، حرك الغزال أذنيه وقفز بعيدًا.

"الرياح. لم تحسبها." قال راندولف بنبرة هادئة.

"كيف من المفترض أن أحسب الرياح؟!"

"بالإحساس. توقف عن التفكير كالصبيان وابدأ بالتصرف كالصياد."

استمر الصيد حتى حلول المساء. أصاب فينسينت أهدافًا صغيرة في النهاية، أرانبًا وعصافير، لكنه لم يكن راضيًا.

"هذا يكفي لليوم." قال راندولف، بينما كان يجمع أدواته.

"لكنني لم أصب غزالًا واحدًا!"

"الغزال لن ينتظرك حتى تتعلم. عندما تكون جاهزًا، ستعرف."

نظر فينسينت نحو الغابة المظلمة، عازمًا على أن يكون جاهزًا قريبًا جدًا.

مع حلول الظلام، عاد فينسينت وراندولف إلى الكوخ، وأشعة القمر تتخلل الغابة الكثيفة، مضيفةً سحرًا غامضًا إلى المكان. كان فينسينت يحمل حصيلته الصغيرة من الصيد، بينما بدا راندولف هادئًا كعادته، يحمل فقط صمتًا ثقيلًا يملأ الفراغ بينهما.

جلس فينسينت أمام النار التي أشعلها راندولف، يراقب اللهب يرقص أمامه. كان يشعر بخليط من التعب والإحباط، لكنه لم يكن قادرًا على التخلص من شعور غريب بالرضا الداخلي. كان يعلم أنه، وإن كان تقدمه صغيرًا، فقد خطا خطوة نحو القوة التي يسعى إليها.

"لماذا تصر على هذا الأسلوب في التدريب؟" سأل فينسينت بصوت هادئ وهو يحدق في النار.

راندولف لم ينظر إليه، بل كان يحدق في الظلال التي تتحرك على جدران الكوخ. "لأن الصياد الجيد لا يقتل من أجل البقاء فقط. بل يقتل بعقل متيقظ وقلب ثابت. القتل ليس مجرد فعل جسدي، إنه اختيار."

ابتسم فينسينت بمرارة. "أظن أنني لست مستعدًا لتلك الخيارات بعد."

نظر إليه راندولف أخيرًا، عيناه الباردتان تحملان شيئًا أشبه بالاحترام. "لكن اليوم أثبت لي أنك قادر على التعلم. وهذا يكفي كبداية."

صمت الاثنان للحظات، بينما كان صوت طقطقة النار يملأ الغرفة. ثم تحدث راندولف مرة أخرى، لكن بصوت أخف: "فينسينت، الغابة تعلّم أكثر مما تتخيل. الوحوش، الفرائس، حتى الأشجار... كل شيء هنا يحمل درسًا. إذا أردت القوة حقًا، فعليك أن تكون مستعدًا للاستماع."

لم يكن لدى فينسينت رد. بدلًا من ذلك، مد يده نحو النار، شعر بدفئها يخترق برودة الليل. كان يدرك أنه أمام رحلة طويلة، رحلة ستختبر كل جانب من كيانه.

عندما أطفئت النار في النهاية، واستلقى كل منهما على سريره البدائي، لم يكن فينسينت قادرًا على النوم. حدق في السقف الخشبي، وأفكاره تدور حول ما ينتظره. في مكان ما في أعماق الغابة، كان هناك غزال ينتظر، وربما شيء أكبر من ذلك بكثير.

وبينما أغلق عينيه أخيرًا، كان يعلم أن الغد لن يكون أسهل، لكنه كان مصممًا على مواجهة كل تحدٍ، مهما كان صعبًا.

________

رأيكم في الفصل

2024/12/16 · 24 مشاهدة · 848 كلمة
Ashura
نادي الروايات - 2025